بصراحة لم أقرأ هذا المصطلح أو هذه التسمية إلا حديثا ومنذ عدة أيام فقط ، عندما قرات خبرا عن تنظيم ندوة حول شيطنة الفلسطينيين في مصر، حضرها لفيف من الكتاب والمهتمين بالشأن الفلسطيني مصريين وفلسطينيين وعرب ، والمقصود بشيطنة الفلسطيني هنا: هو تصوير الفلسطيني بأنه سبب كل المشاكل التي تتعرض لها الدول العربية المضيفة للفلسطينيين ، فهم أسباب تأخر هذه الشعوب عن ركب التنمية ، وهم السبب في الفقر المدقع الذي ترزح فيه معظم شعوب هذه الدول ، وهم السبب في تكميم الأفواه والحرمان من الحريات ، بالإضافة إلى أن الفلسطينيون يسعون إلى استيطان الدول العربية ونهب أراضيها وخيراتها ، لذلك يجب ملاحقة هذا الفلسطيني أينما وجد لأنه آفة تستحق القضاء عليها .
ومع الأسف فإن من يقومون بهذا العمل ، من كذب وافتراء وتهم يتم تلفيقها للفلسطينيين الهدف منها تأجيج الرأي العام العربي في تلك الدول ، ومع الأسف مرة أخرى فإن هذه الأكاذيب تجد من يستقبلها على أنها حقيقة واقعة حتى من قبل الكثير من الذين لا تربطهم أية علاقة بأي فلسطيني ، والسبب في نظري أن معظم الشعوب العربية تقف حتى الآن موقف المتلقي ، فما تقوله وسائل الإعلام في بلدانهم فهو صحيح بدون أي تدقيق أو تمحيص أو حتى مجرد تفكير ، وهنا الطامة الكبرى إذ ينعكس ذلك مباشرة على حياة الفلسطيني في هذه الدول ، وربما هذا ما يفسر لنا ما يتعرض له الفلسطينيون في العديد من الدول العربية ، في العراق ، وفي الكويت ، وفي ليبيا ، وألان في سوريا ,. وربما مستقبلا في مصر وغيرها من الدول .
قضية خطيرة تواجه شعبنا آن الأوان للتصدي لها عبر العديد من الوسائل، خاصة إذا عرفنا أن من يقودوا عمليات التحريض ضد الفلسطينيين هم مجموعة من الكتاب والأبواق الإعلامية المأجورة دون وازع من ضمير أو أخلاق ، وهم أنفسهم يعلمون تمام العلم أن ما يقولونه هو محض افتراء لا أكثر ولا أقل ، وإنما هم يستفيدوا من لحظة الأزمة التي كثيرا ما يضيع فيها حسن التفكير، ويسود فيها التشنج والاحتقان .
حملات اقل ما يقال عنها أنها قذرة ، تأخذ طريقها كلما نشبت أزمة علاقات مؤقتة بين الجانب الفلسطيني ودولة عربية ما ، حيث كثيرا ما يكون هناك خلاف في وجهات النظر أو إختلاف المواقف السياسية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو بأي قضية عربية عربية .
أود هنا ذكر بعض الأمثلة حول افتراءات وأكاذيب بحق الفلسطينيين، وإذ اذكرها هنا لا لشيء إلا لمساعدة من يقرا مستقبلا أي كذبة أو افتراء على الفلسطينيين فليقراها بشكل جيد ويتفحصها جيدا ، كنت في المملكة العربية السعودية أثناء أزمة الخليج في أعقاب الغزو العراقي للكويت ، حيث أصبح معظم أبناء الخليج حكاما وشعوب ، على درجة كبيرة من الاحتقان ليأتي من يحاول صب الزيت على النار ، حيث نشرت احد الصحف العربية لا أريد ذكر اسم هذه الصحيفة ، وبالعنوان الكبير على صدر صفحتها الأولى 40 ألف جندي فلسطيني يتوجهون إلى الكويت لمساعدة الجيش العراقي هناك ، عندما قرات هذا الخبر المضحك بحق قلت نحن من أين نملك 40 ألف جندي أن كل ما لدينا هو بضع مئات من رجال المقاومة تم تشتيتهم في أصقاع الأرض بعد إجبارهم على الخروج من لبنان ، وكان تفاصيل الخبر الكبير لا يتعدى بضع كلمات فقط مبدوءة ذكرت مصادر مطلعة أن ..... ولكم أن تتصورا هذا الخبر، خبر آخر على صحيفة أخرى وكان على صدر الصفحة الأولى الفلسطينيون يغادروا القاهرة إلى عمان لاستيطان الكويت ، وعندما قرات فحو الخبر أدركت أن مجموعة من الفلسطينيين انتهت صلاحية أقاماتهم في مصر واجبروا على المغادرة إلى الأردن .
في الأيام الأخيرة آثرت بعض وسائل الإعلام في مصر تلفيق أخبار حول الفلسطينيين مدعية بان الفلسطينيون يخططون لاستيطان سيناء ، وتخريب مصر ، وهم يعلمون تماما أن الفلسطينيون رفضوا رفضا قاطعا استيطان سيناء عندما كانت الظروف مهيأة خاصة في خمسينات القرن الماضي ،وهناك من كان يسعى إلى إيجاد وطن بديل ، والفلسطينيون في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لم يخرج مواطن واحد خارج قطاع غزة ، علما أن قطاع غزة كان يتعرض إلى مجزرة حقيقية وتدمير هائل رآه العالم اجمع ، فالفلسطينيون لم ولن يرضوا بوطن غير فلسطين.
هذه مجرد أمثلة نذكرها وهناك الكثير ، ونقوم بالتذكير ، إن الشعوب العربية هي التي تعرف الفلسطيني على حقيقته، الفلسطيني الذي عاش معها وعمل في مؤسساتها، ونشأت علاقات النسب والمصاهرة بينهما ، والعلاقات الاجتماعية المختلفة لايمكن أن يضمر شرا لاخية العربي الذي عرفه وتعايش معه فترات طويلة من الزمن ، الشعب العراقي عرف الفلسطينيين ، الشعب المصري والشعب السوري والليبي كلهم يعرفون الفلسطيني جيدا ، ومع ذلك تعرض الفلسطيني إلى الذبح والتشريد والتنكيل والاضطهاد في العديد من الدول بفعل الحملات الإعلامية المغرضة .
نحن هنا لسنا ضد شعوبنا العربية فهؤلاء إخوة لنا ، ولكننا ناسف للذين يسحرون أقلامهم وأدواتهم للإضرار بالعلاقات العربية العربية وخاصة العلاقات العربية الفلسطينية ، فالفلسطيني اليوم لاهم له إلا مشروعة الوطني ومواجهته مع عدوه ، وما وجوده في الدول العربي إلا وجودا قسريا سينتهي آجلا أم عاجلا .
إن ما يقوم به هؤلاء المغرضون أو ما يمكن تسميتهم بالطابور الخامس في الدول العربية لا بد له من وقفة قوية وجادة ، وقفة فلسطينية أولا ، تبدأها وسائل إعلامنا المسموعة والمرئية والمقروءة ، لتوضيح الصورة الحقيقية للفلسطيني، ومحاربة هذه الأكاذيب والافتراءات ، ثم يأتي دور السفارات الفلسطينية والممثليات ومكاتب الفصائل ، والاتحادات والنقابات الفلسطينية إن تلعب دورها جيدا لإظهار الفلسطيني وقضيته ، ثم يأتي دور القيادات بتجنب المواقف المعادية لأي طرف من أطراف الأزمات والصراعات العربية ولنرفع شعارنا نحن مع الشعوب وإرادتها ، وما تقرره الشعوب نحن معه وفي انتظار ما تقرره هذه الشعوب ، حتى لا نترك فرصة لأبواق الدعاية والإعلام المأجورة للنيل من شعبنا المظلوم المكافح المكابد .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
4/2/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت