رحم الله فقيدكم

بقلم: فايز أبو شمالة


رحم الله فقيدكم، وخفف عنكم ألم الفراق، ولكن لماذا يا أهل الميت تنصبون بيت العزاء وسط الشارع، وتغلقون حركة المرور؟ نحن نتعاطف معكم، ونقدر مصابكم، ونستغفر لكم ولمن فقدتم، فلماذا لا تتعاطفون مع الناس، وتقدرون حاجتهم إلى الشارع؟ لماذا لا تفكون أسر الممر الوحيد الواصل بين مصالح الناس؟ لماذا تفرضون حزنكم على سكان المنطقة؟
من مساوئ السلوك الاجتماعي في قطاع غزة، أن يلجأ أهل الفرح إلى إغلاق الشوارع الرئيسية مساءً، ينصبون المنصات، ويرفعون الرايات، يرقصون ويغنون حتى منتصف الليل، وقد لا يكتفي أهل الفرح بالشارع الصغير القريب من بيتهم، بل ينتقلون إلى أوسع الشوارع، كي يكون الطبل والزمر على مستوى المنطقة، وكي يقع الضرر على أكبر عدد ممكن من الجيران، وكي تعرقل حركة السيارات والمارة إلى أبعد مدى، ورغم كل هذه المساوئ الليلية، يعود الشارع في الصباح لسابق عهده، ولكن في حالة الحزن، يبقى الشارع مغلقاً لمدة ثلاثة أيام بلياليها، رغم معرفة أهل الميت أنهم يضيقون على الناس، ورغم معرفتهم أن بيت العزاء يقع في منتصف الطريق الوحيد، ومع ذلك لا يكلفون أنفسهم بوضع إشارة على مدخل الشارع تشير إلى وجود بيت عزاء، مما يضطر السائق للعودة أدراجه بعد أن يكون قد عبر نصف المسافة.
قد يقول البعض: الناس في ضائقة، وأيام العزاء ثلاثة وتنتهي، ويجب أن نتحمل بعضنا، وإن أهل الميت منشغلون بحزنهم لحظة الفراق، ويظنون الأرض قد توقفت عن الدوران لفقدانهم عزيز. وهذا كلام صحيح، ولكن الأصح منه؛ أن الناس قد ازداد عددها، والسيارات طفح كيلها، ولا تكاد تخلو بعض الشوارع الرئيسية من بيوت العزاء الذي يتجدد أسبوعياً.
قد يتفهم المواطن حالة الحزن التي تصيب أهل الميت لمدة يوم واحد، ولكن أن تظل رايات الحزن ترفرف على الشارع لثلاثة أيام، فهذا لا يحتمل، وهذا يستوجب أن تتدخل الجهات المسئولة لفتح الشارع، وعدم الصمت على إغلاقه لمدة ثلاثة أيام.
العائلات المثقفة لا تقيم بيت عزاء في وسط الشارع، فهم يترحمون على فقيدهم، ويحترمون من جاء لمواساتهم، أما من اضطر لإقامة بيت عزاء في طريق الناس، فليخفف عنهم البلاء، وليرحم حاجتهم لمواصلة حياتهم، وعليه ألا يحتل كل الشارع، وأن يكتفي بوقت المساء لتقبل العزاء، وأن ينهي المراسم بعد صلاة العشاء، ولا داعي لثلاثة أيام من الانتظار على قارعة الطريق، لكي يأتي أحدهم، ليقول لكم: عظم الله أجركم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت