من الوفاء ومن المجدي أن لا تقتصر مناسبة إحياء ذكري تأسيس أي فصيل سياسي فلسطيني على مظاهر احتفالية وإعلامية فقط، فبرغم أهمية ذلك، اعتقد أن الأكثر أهمية في مثل هذه المناسبات، أن تُعتبر كمحطات لتقييم الذات، وللتعامل بواقعية مع مجمل الأداء الداخلي والخارجي لهذا الفصيل او ذاك، وممارسة الانتقاد الجريء والموضوعي لكل ما يعيق تطوره السياسي والجماهيري والتنظيمي . وإن كان من شان مؤتمرات الأحزاب محاسبة الهيئات والأفراد على أدائهم، اعتقد أن مثل هذه المحطات تستدعي محاسبة المسئولين عن أي اخلالات قد تضعف دور الفصيل او الحزب، ومن تأثيره على المستوى الوطني. إن في ذلك وفاء لهذا الحزب ومسيرته التاريخية، كما هو فاء لبرنامجه السياسي، وللقيم التي يناضل من اجلها، ولأعضائه الذين قضوا نحبهم دفاعا عن قناعاتهم ومبادئهم التي هي قناعات ومبادئ الحزب .
وفي الذكرى الواحدة والثلاثون لإعادة تأسيس حزبنا " حزب الشعب الفلسطيني " سيكون من المجدي والمفيد - إلى جانب كافة الفعاليات التي تنطلق في كافة محافظات الوطن إحياء لهذه المناسبة المجيدة – أن تتوقف هيئات الحزب كافة أمام مسئولياتها، أن تقييم أدائها لتجيب على سؤال مركزي، هل حزبنا يتقدم ويحظى بالمزيد من ثقة الشعب بسياسته ودوره أم العكس ؟ إن الإجابة على هذا السؤال سلبا او إيجابا سيفرخ عشرات الأسئلة التي تحتاج لإجابات عديدة، لا سيما تجاه السلبي منها، وحتى لا أُفهم خطأ فان قيادة الحزب وبخاصة في المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب هي المطالبة بالدرجة الأولى بالإجابة على الأسئلة الكبيرة والإستراتيجية للحزب، ولا يكفي أن يقال أن الواقع صعب، وهذا هو المتاح.
إن نتائج الانتخابات المحلية في الضفة الغربية عكست تقدما ملموسا للحزب على المستوى الشعبي، وارتفاع مستوى الثقة الجماهيرية بتوجهاته، وهذا يعتبر احد المؤشرات الهامة التي لا يمكن إغفالها، مع ذلك فان نسب الاستطلاع التي تجريها بعض المراكز المتخصصة، لا زالت تعطي للحزب نسبا متدنية، تكاد في عديد الأحيان لا تصل بالحزب لنسبة الحسم الانتخابي كما حددها القانون الفلسطيني .. في كل الأحوال وبعيدا عن الجدل والاختلاف في تقيم مكانة الحزب الجماهيرية، فان المنطق يقول أن حزبا يطمح للتوسع والتأثير على الساحة الفلسطينية، لا يمكنه الاكتفاء بمستوى تقدم محدود، وسيسعى دائما للمزيد، وبالتأكيد لا بد أن يحاسب نفسه ألف مرة إذا ما كانت مستويات تقدمه محصورة او محدودة النطاق، او إن كان قد أصابه التراجع في بعض المجالات .
ليس من المنصف المزايدة على تاريخ حزب الشعب الفلسطيني برغم بعض النواقص والثغرات التي اعترت مسيرته، لكن علينا إدراك أن ذلك لا يشكل حماية مطلقة لوجود الحزب وقوة تأثيره الدائمة على الساحة الفلسطينية، إن تاريخ أي حزب يتآكل أمام الواقع المتجدد إذا ما تخلف هذا الواقع عن طابع ثوري يبرر دائما وجود الحزب ويعكس مستوى تأثيره الملموس على الساحة الفلسطينية، واعتقد ان حزبنا يمتلك من الرصيد النضالي والفعل الجماهيري ما يبقيه فاعلا بالحد المعقول على الساحة الفلسطينية ، برغم ما يواجه الكثير من المصاعب، ومن التأثيرات السلبية المحيطة به . هذا ليس دعوة للتبرير او الرضا عن الذات، الأمر الذي يستوجب طرح العديد من الأسئلة والمراجعات التي تطرح نفسها بقوة أمامنا جميعا كقيادة لهذا الحزب التاريخي . وبخاصة على المستوى الداخلي للحزب ومدي تفاعل هيئاته المختلفة ولجان اختصاصه؟ وإذا ما كانت الماكنة الحزبية تعمل بشكل متناغم وبروح الفرق الواحد؟ وهل يحكم كل ذلك مبادئ الشفافية والنزاهة والالتزام باللوائح الداخلية للحزب؟ وكذلك على مستوى التنظيم وعلاقات الحزب الخارجية ومدى الاستفادة منها بما يخدم الحزب وأفاق تطوره؟ وفي مجال توفر الإمكانات المالية للحزب، وقدرة قيادته على تامين حاجاته، وتمكنها من الحفاظ على استقلاليته السياسية ارتباطا بذلك ؟
أنا بكل تأكيد لست معفي من كل ذلك، لأنني ببساطه مسئولا مركزيا في هذا الحزب، وأي خلل يشوب أدائه أتحمل مسئوليته إلى جانب رفاقي في المكتب السياسي واللجنة المركزية، لكن واقع الحال يفرض علينا أن نفكر بصوت عال، أن نتحدث بما يمليه علينا ضميرنا الحزبي والوطني، لأننا ارتضينا أن ننتمي لهذا الحزب الذي وجدنا فيه مبادئ وقيم نبيلة، ارتضينا عضويته لإيماننا العميق بالنضال والتضحية من اجل الوطن والشعب، ومن اجل الدفاع الصادق والمبدئي عن مصالح الفقراء والكادحين وكافة الفئات المظلومة والمهمشة، نريد لحزبنا أن يضاعف من قدرته وتأثيره على الساحة الفلسطينية، وان يكون رقما متميزا في أي معركة قادمة وبخاصة في المعارك الانتخابية، ومن الوفاء في ذكرى إعادة تأسيسه المجيدة، أن نقف مع ذواتنا، وداخل هيئاتنا لنقول ولندافع عن كل ما يخدم ويطور هذا الحزب التاريخي، ويبقيه منارة أمل للجماهير الشعبية، حتى لو أصاب ذلك البعض، أو لم يعجب الكثيرين، لكن على قاعدة الحرص على مستقبل حزبنا ووحدته، وانطلاقا من مبدأ النقد الجاد الموضوعي والجريء بعيدا عن الحسابات الشخصية، أو ردود الأفعال الغير منطقية .
كل عام ورفاقنا وحزبنا وشعبنا بألف خير
غزة – 9/2/2013م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت