لعل احد واهم صفات التخلف والتستر في اى مجتمع هي التستر على الخطأ حتى يتفاقم، لذلك من صفات المجتمع الغير متقدم في كل المجالات عدم الاعتراف بالخطأ والاستخفاف بعقول البشر، فالاعتراف بالخطأ دليل على احترام عقول الناس، لأن أعظم ما وهب الله للعبد عقلاً سليما، وفكرا ناضجا، وإدراكا للحقيقة واستيعابا للحق، هذا العقل كان أحد الضرورات الخمس التي اتفقت الشرائع على حفظها ولعظم منزلته، ولما للعقول السليمة مكانتها لدى القاعدة الفتحاوية العريقة الواعية الطموحة المثمنة لتلك الكنوز التي يمتلكها التنظيم بحجم حركة فتح فيكون همها الأكبر الحفاظ على هذه الكنوز واحترامها وتقديرها، والسعي ليل نهار على الاحتفاء بها والدفاع عنها، وتسخير كل القدرات لتطويرها وتفعيلها، وتُهيأ الأسباب والأجواء لتنتج الكثير، ولكن في هذه الأيام نرى العكس، فالعقول الفتحاوية الواعية الراكزة يتم محاربتها وتهميشها جانبا على حساب العقول المتزمتة، وما الاهتمام الفائق من قبل القيادة بحالة أصحاب العقول الضيقة والهزيلة في مواقع القيادة إلا نتاج ذلك.
ومن صور وأشكال الاستخفاف بالعقول في حركة فتح محاربة الأفكار والآراء الداعية لوحدة الحال الفتحاوي تمهيدا لاستحقاقات المرحلة القادمة، والطعن والتشكيك في المبادرات الشبابية الفتحاوية الذاتية التي تتماشي مع بساطة الأمور، وتصنيف أبناء فتح إلى تصنيفات مصطنعة للتشبث بموقع القيادة، ورفض حالة الإجماع الفتحاوي على تغيير الواقع التنظيمي إلى الأفضل، مما يدلل أن القيادة ما زالت مصابه بسطحية التفكير وضحالته، ومن هذه الصور أن القيادة في فتح تجيد التهرب من فشل أطروحاتها وخيبة أفكارها، وسذاجة تحليلاتنا، ومن ثَم تحمل هذا الفشل الذريع إلى فهم الآخرين له، وأن ما تقوله لا غبار له، وإنما أتى الخلل من هذا الفهم، ولإصرار القيادة على هذا الاستخفاف يصعب عليها الاعتراف بمجانبة الصواب، ومما يحزننا أن كثيرا ممن يتصف بهذا ممن يحمل شهادات علمية، وأيضا أن مثل هذا الطرح يلقي رواجا ممن يحمل مثل هذه الشهادات.
وللتطور الهائل في وسائل المعلومات والاتصال، حتى أصبح العالم كالقرية الواحدة، بدأ الوعي ينتشر في أوساط المجتمع، والقاعدة الفتحاوية جزء لا يتجزأ من هذا التطور وتمتلك الحرص على معرفة الحقيقة، وأنها ما عادت تنطوي عليها الأمور مثل ما كانت تنطوي عليهم في السابق، فمصادر المعرفة تيسرت، وتعددت، وأحبوا أن يعرفوا الأمور بأنفسهم لا أحد يملها عليهم، ولديهم أفكارهم وأرائهم الحاضرة والمستقبلية ليتحرروا من تبعية الغير، وأنهم لا يريدون السياسة الفرعونية أن تمرر عليهم، سياسة " فاستخف قومه فأطاعوه " .
إن حركة فتح مليئة بالعقول النيرة ومن حق هذه العقول الفتحاوية علي القيادة احترامها وتقديرها والاستفادة منها، وعدم الاستخفاف أو الاستهانة بها، أو الإسقاط من شأنها، ومن أشكال الاستخفاف والاستهتار بعقول الفتحاويين الشعارات البراقة، والوعود المطمئنة، ومصطلحات التغيير... الخ ، فاحترام العقول أولا أساس بناء الثقة في التنظيم نحو البناء والتطوير !!
بقلم: رمزي النجار
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت