رسالة مؤثرة من الأسير قعدان لشقيقته الأسيرة منى

القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
وجه الأسير الفلسطيني طارق قعدان المضرب عن الطعام منذ 86 يوما على التوالي رسالة مؤثرة إلى شقيقته الأسيرة منى قعدان لمناسبة رفض سلطات الاحتلال الاسرائيلي الإفراج عنها وتمديد اعتقالها.

وتناولت الرسالة جوانب إنسانية تعكس ما يختلج في نفس الأسير المضرب عن الطعام وتحمل روح التحدي والأمل، وهي تأتي ضمن سلسلة رسائل أرسلها الأسير قعدان لذويه خلال الأيام الماضية.

وفيما يلي نص الرسالة:

"شقيقتي الحرة الأبية منى قعدان... ما أقسى خياراتك وما أروعها لله درك يا منى، ما أعظمك وكم هي روعة تحديك، يا سنديانة هذه الطليعة ومدرستها في الصمود، ومعيارها وشارتها في العافية والحيوية والحياة.أعي تماما أن خياراتك مرة ومدهشة ولم تكن في يوم من الأيام إلا تاريخية وكبيرة وصعبة ومصيرية، ولا تقبل التراجع أو الالتواء أو الانحناء أو الرجوع للوراء او التراخي أو المواربة.

وأعي انك غدوت مركزا من التحدي ومشروع مواجهة، ولا تقبلين أنصاف الحلول وارباعها ولو قبل بها أنصاف الرجال، وانك لا تعترفين بمنطق الممكن والمتاح والآني ولو أعطيت جل المطالب والقضايا.

فنعم المجاهدة أنت يا منى، قلت عنك مرة إن جاز لي التعبير (تروتسكي) الجهاد صاحبة الثورة المستمرة والمتواصلة، فقالت الوالدة رحمها الله ورضوان الله عليها: "أنت تدمرها بتشجيعك".. فقلت لها: "يا والدتي العزيزة، هي هكذا جينيّاً، هكذا في الحمض النووي، وأنت مسؤولة أكثر مني عن هذا الأمر.. انظري إليها.. أنا على رأسها وأصغر منها بسنة ولا أملك جرأتها، فهي لا تنثني للتهديد ولو أزبد الأعداء وبالغوا في تهديدهم ووعيدهم، ولا تنطلي عليها المسائل، ولا تضعفها ولو غلفوها بالأكاذيب والأضاليل ولو أوعد الأعداء وبالغوا في وعدهم"..

وأنا هنا لست مبالغا ولست اقبل لنفسي الحديث في إطراء كاذب أو مجاملة مبالغة ولا مديح مختلق، ولكنها الحقيقة كما هي هكذا... الحقيقة بكل تجلياتها منذ اعتقالك الأول في 15/2/1999 وحتى اعتقالك الأخير في 14/11/2012 قبيل اغتيال القائد احمد الجعبري بيومين، وأظنهم يا أختي خبروك جيدا وعرفوا مدى التزامك بالمبادئ والتربية الحديدية والمحاذير والمحرمات، ولا أقول التنظيمية للأسف الشديد..... بل العائلية على الأقل.

ولا أنسى يا عزيزتي قصة زواجك من الأخ المجاهد إبراهيم حسن اغبارية المحكوم ثلاثة مؤبدات وخمسين سنة وهو معتقل منذ عام 1992، حيث انك وبكل قوة وجرأة قلتِ لي: يا أخي! أليس الأمر كله بيد الله؟ أوَليس الله بقادر على كل شيء؟ ألا يحق لإبراهيم أن تفتح له طاقة من أمل ونافذة من نور وكوّة من رجاء؟ فأفحمني ردها وقبلت بزواجها الذي تم في المحكمة الشرعية بالناصرة حيث كان كلاهما رهن الاعتقال.. وكان الأمر صعباً جدا عليها وقاسياً.. إلا أنه قضاء الله وقدره.

ثقي يا أختي بأنني لن أفكّ إضرابي إلا عندك بطرفك، وهذا وعد مني، بل وشرط لفك إضرابي بعد تحقق مطلبي بالحرية.. فاسلمي لي يا عزيزتي وغاليتي وشقيقتي الأبية ويا توأم روحي وشريكتي في المعاناة.. هذا قدرنا أن نحيا للواجب المقدس، وأن نعيش لطهارة الفكرة ولطهر المبدأ، وأن نتشاطر وجع القلب ومرارة النفس.

لكِ مني كل الحب والحنان والتقدير والاحترام والإجلال، لأخت ما انحنت إلا لله، ولهامة عصية على الانكسار، ولقامة عصية على الركوع إلا لله سبحانه، ولذكرى عصية على الاندثار.

وسلامي لروحك الكبيرة، وسلامي لعيونك الطاهرة، وسلامي لأخواتك حرائر شعبنا وشريفات أمتنا وضمير قضيتنا.. واعلمي أن النصر قادم والى نتيجة لا مناص منها.. "النصر أو النصر ولا شيء غير النصر".