غزة – وكالة قدس نت للأنباء
يحلم الطفل الفلسطيني نصر بكر(6 سنوات) بان يصبح بحارا ماهرا يمخر عباب البحر ويغني مع أمواجه أغنيات عذبة، ليعمل مع عائلته في مهنة الصيد التي توارثتها أبا عن جد ولازالت تمارسها إلى يومنا هذا، رغم أن تكلفة هذه المهنة باتت أكثر من مردودها المادي بفعل الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة .
ففي الساعة الرابعة من مساء كل يوم يتواجد الطفل نصر في ميناء غزة ليتابع بشغف حركة قوارب الصياديين، وأثناء مرورها من أمامه يصرخ بالصوت العالي على أقاربه من الصيادين ليشد انتباههم إليه، ويطلب منهم بان يسمحوا له بالصعود إلى قوارب الصيد.
ويقول الطفل نصر لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" إنه "يأتي كل يوم في هذا الموعد ليتابع عمل الصيادين الذي يحبه ويتمنى أن يتقنه رغم صعوبته ورغم المخاطر التي يتعرض لها الصيادين في عرض البحر"، وعندما سأله عن الدراسة أجاب " أنا في الصف الأول الابتدائي ومتفوق في المدرسة، وبعد الانتهاء من اليوم الدراسي آتي إلى هنا لأتعلم مهنة الصيد لأصبح بحارا ماهرا".
وأثناء حديثه انتبه الطفل ذو العينين السوداوين والشعر البني الطويل إلى إطار سيارة ملقى على ارض فأخذ يدحرج به ويركض خلفه إلى أن لاحظ احد قوارب الصيد قادم تجاه حوض ميناء غزة، وعلى الفور ترك الطفل نصر ما بيده وأسرع متجها نحو البحر ووقف على احد المكعبات الإسمنتية المتراصة بجانب بعضها البعض في حوض الميناء، لينادي على من يعتلون القارب بأسمائهم ويلوح لهم بيديه.
وعندما اقترب قارب الصيد الصغير من حوض الميناء استجاب الشاب الذي يقود القارب للطفل نصر واخذ بيده ليصعد إلى جانبه على متن القارب ودار بينهما حديث، ومن ثم غير الشاب وجهة القارب وبدأ يدور في البحر وهو يوجه كلامه إلى الطفل نصر.
وخلال متابعة مراسلنا للقارب وهو يبتعد شيئا فشيئا، رأى الطفل نصر يمسك بمحرك القارب ليصبح هو من يوجهه داخل البحر بمراقبة دقيقة من الشاب الذي يرافقه، ومن ثم ترك الطفل نصر المحرك وجلس على متن القارب يتمتع بملامسة قدميه لمياه البحر.
وبعد جولة قصيرة في عرض البحر عاد القارب إلى حوض الميناء وقد بدى على وجه نصر الصغير ملامح الفرحة والبهجة بما حقق من حلمه الكبير، ووقف على احد المكعبات الإسمنتية يتأمل الطيور المحلقة في السماء وهي تهوي لاصطياد الأسماك من البحر ليفاجئها بإلقاء الحجارة الصغيرة نحوها وكأنه يريد اصطيادها.
ولحظة اقتراب الشاب الذي كان يقود القارب من مراسل "وكالة قدس نت للأنباء" سأله على الفور، كيف استطاع الطفل نصر أن يتحكم بقيادة القارب في عمق البحر..؟ فرد" إن (نصر) يعشق البحر ويحب ركوبه وأحاول أن اعلمه قيادة القارب الصغير وأنا بجانبه".
وعن خطورة دخوله إلى البحر في هذا السن أجاب الشاب" أتعامل مع نصر بما يتناسب مع سنه الصغير وبما لا يشكل خطورة على حياته، وفي هذه المهنة الصغار يتعلمون أسرع من الكبار أحيانا".
كاميرا " وكالة قدس نت للأنباء" كانت حاضرة في المكان وتابعت الطفل نصر في تقرير بعدسة: محمود عيسى