القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء
تجاوز رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في نهاية الأسبوع، مأزق تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، بعد أن افلح في اقناع السياسي جديد العهد، وزعيم حزب "يش عتيد" (يوجد مستقبل)، يائير لبيد، بأن يقبل بمنصب وزير المالية مقابل انضمام حزبه الذي حصل على 19 مقعدا في الانتخابات الإسرائيلية إلى حكومة يرأسها نتنياهو. واتفق محللون في إسرائيل على أن لبيد اختار بداية صعبة لمسيرته السياسية التي تنادي بالتغيير، وأن نتنياهو سيرأس حكومة جديدة لم يطمح إليها.
وحصل الاختراق في الطريق إلى تشكيل حكومة جديدة بعد أن تنازل لبيد عن مطلبه أن يشغل منصب وزير الخارجية مكان أفيغدور ليبرمان، المرشح للاستمرار في المنصب بعد أن يصدر القضاء الإسرائيلي الحكم النهائي في قضيته. وفسّر أعضاء من حزب "يش عتيد" قبول لبيد حقيبة المالية أنه وفاء بوعد الحزب أن يحقق عدالة اجتماعية في إسرائيل، وفي ذلك مواجهة القطاعات التي تشكل عبأ على موازنة الدولة.
أما فيما يتعلق بالحزب المحوري الآخر الذي سينضم إلى الائتلاف الحكومي، "البيت اليهودي"، والذي تحالف زعيمه، نفتلي بينت، مع يائير لبيد، فقد أفادت وسائل الإعلام أن بينت مرشح لرئاسة وزارة الصناعة والتجارة، وأن الرقم الثاني في حزبه، السياسي المتطرف أوري أريئيل، سيحصل على حقيبة البناء والاسكان. وتحدث الإعلام عن أن لبيد وبينت سيستوليان على الوزارات الاقتصادية والاجتماعية في الدولة، وأن تحالفهم كان مفاجأة الانتخابات الكبرى، حيث أنه شكل تحديا كبيرا في وجه هيمنة نتنياهو السياسية، دافعا به إلى التخلي عن شركائه الطبيعيين، وهم الأحزاب المحسوبة على "الحريديم" (المتزمتون دينيا).
وانقسم المحللون بشأن وظيفة لبيد المستقبلية، بين مُشيد وبين ناقد، فهنالك من قال إن لبيد لا يملك الخبرة اللازمة للمنصب المرموق، وأنه لم يشغل في السابق مناصب تدل على قدراته الإدارية. وأشار بعضهم إلى الجانب السياسي في قرار لبيد أنه بدأ يتنازل عن مطالبه، أولها مطلب تولي منصب وزير الخارجية، وأن نتنياهو سيستدرجه إلى المزيد من التنازلات وأهمها مسألة عدد الوزراء في الحكومة المرتقبة، خصوصا أن لبيد يطالب بحكومة لا يتجاوز عدد وزرائها ال18 وزيرا، وعلما أن الحكومة السابقة ضمّت 29 وزيرا. وقال المشيدون بقرار لبيد إنه يوفي بالتزاماته اتجاه الناخبين، خاصة أنه رفع راية العدالة الاجتماعية والمساواة في إسرائيل، وآخرون أشاروا إلى جراءة لبيد، مع الأخذ بالاعتبار أنه لا يملك خبرة في الإدارة المالية، أنه لا يهاب أن يدخل إلى "جهنم" سياسي.
ولم تنتظر الصحف الاقتصادية في إسرائيل الاعلان الرسمي عن الحكومة الجديدة، ولا سيما هوية وزير المالية القادم، وقد طرحت تساؤلات عديدة حول قدرة لبيد على تحقيق برنامجه السياسي في ظل سياسات التقشف المتوقعة في موازنة الدولة. وقال محللون إن لبيد لن يبقى السياسي "اللطيف" والمقبول على الجميع، إنما سرعان ما سيصبح شخصية يحيطها أعداء كثيرون. وأشار بعض إلى أن لبيد سيخوض معركة قاسية مع جهات كثيرة في حال اتجه إلى خطة تقليص الميزانيات لجمهور "الحريديم"، والمستوطنين.
وفي غضون ذلك، يُتوقع أن يتولى موشيه يعلون (الملقب ب "بوغي" في إسرائيل) منصبا رفيعا آخر في إسرائيل، إن لم يكن الأرفع، وهو منصب وزير الجيش. ويُعرف بوغي برؤيته الأمنية الحازمة، ودعمه لمحاربة المنظمات "الإرهابية" بلا هوادة، وقد كان من المعارضين للانسحاب الإسرائيلي من غزة، حيث قال آنذاك "إنها مكافأة للإرهاب، وعلى رأسه حركة حماس، وأن هذه الخطوة من شأنها أن تعرقل مسيرة السلام مع الفلسطينيين بدل أن تنفعها."حسب ما جاء في الإعلام الاسرائيلي، وشغل يعلون في عام 2002 منصب رئيس هيئة الأركان، وهو خبير لا نظير له بالقضايا الأمنية.
وأعرب أعضاء من حزب "ليكود – بيتنا"، وهو التكتل الحاكم في إسرائيل حسب نتائج الانتخابات الأخيرة، عن خيبة ظنهم من نتنياهو الذي أهمل، حسب قولهم، رجال حزبه كي يرضي شركائه في الائتلاف الحكومي، وقد صرح بعضهم دون ذكر الأسماء أن الائتلاف الحكومي لن يستقيم كثيرا، وأن نتنياهو سيواجه معارضة قوية داخل حزبه. ونقلت وسائل الإعلام أن جدعون ساعر، القطب في حزب "ليكود"، طلب من نتنياهو أن يبقى وزير التربية والتعليم، خاصة أن لحزب "يش عتيد" مرشح لهذا المنصب، وهو عضو الكنسيت شاي فيرون.
وواصل إيلي يشاي، وزير الداخلية في السابق وزعيم حزب "شاس"، أمس، هجومه على تحالف لبيد وبينت، والذي دفع بحزبه خارج الحكومة القريبة، مصرحا أن انتخابات 2013 " ستذكر بأنها انتخابات تم في أعقابها مقاطعة جمهور كبير من المتدينين، المعتدلين والمتزمتين، بسبب عقيدته ورؤيته". وعبّر رجال حزب "شاس" عن أنهم سيناضلون إلى جانب حزب "العمل" في المعارضة، وأنهم لن يمكنوا الحكومة القادمة المساس بالطبقات الضعيفة وبالمجتمع "الحريدي".