القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
كشفت تقارير اسرائيلية، امس الثلاثاء، ان جهاز الموساد الإسرائيلي (جهاز الاستخبارات الخارجية) تمكن من زرع أجهزة تنصت في مكتب محمود عباس (أبو مازن)، في عام 1993، عندما كان يشغل منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ،كما كشف عن الخلافات ما بين عباس والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وتتحدث التقارير عن العميل عدنان ياسين الذي زوده الموساد بأجهزة تنصت متطورة جدا، وبعضها مثل الذي زرع في مكتب عباس يمكن أن يعمل لخمس سنوات دون تغييره.
وفي تقرير كتبه المحلل للشؤون الإستراتيجية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" د. رونين بيرغمان، وهو صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، سوف تنشره الصحيفة العبرية يوم بعد غدٍ الجمعة، اعتماداً على مصادر أمنية وصفها بأنها رفيعة المستوى، فإنه في عام 1993 تم توجيه الدعوة لعدد من كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية لحفل في إحدى غرف مقر الموساد، الكائن بحسب المصادر الأجنبية بالقرب من مدينة تل أبيب، حيث كشف رئيسه في ذلك الحين، شبتاي شابيط، عن أن إسرائيل تمكنت من إدخال جهاز إلى قلب هدف مركزي، وإلى مكتب المسؤول الثاني في هذا الهدف.
وزاد المحلل الإستراتيجي قائلاً إنه بفضل هذه العملية، بدأت تتدفق إلى إسرائيل معلومات استخبارية تستند إلى أجهزة تنصت متطورة. علاوة على ذلك، لفت د. بيرغمان إلى أن الحديث يدور عن فترة مصيرية، كونها تمت قبل ثلاثة أشهر من اتفاق أوسلو، الذي تم التوقيع عليه في أيلول (سبتمبر) من العام 1993، عندما كانت الاتصالات بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا تزال سرية، ولم يكن حتى الموساد يعلم بها، إلا حينما أصغى إلى التسجيلات.
وأضاف بيرغمان ان زرع أجهزة التنصت في مكتب محمود عباس جعل الكثير من نشاط منظمة التحرير مكشوفاً بالنسبة إلى إسرائيل، ووفر لها معلومات ثمينة جداً بشأن العلاقات المشحونة في قيادة منظمة التحرير، بما في ذلك بين الرئيس الحالي للسلطة الفلسطينية، محمود عباس، وبين الرئيس الفلسطيني، الشهيد ياسر عرفات.
بالإضافة الى ذلك، نوه المحلل الإستراتيجي في سياق تقريره المقتضب إلى أن من قام بزرع هذه الأجهزة في مكتب أبو مازن شكل إحدى أهم العمليات وأكثرها سرية في تلك الفترة، كما أن وحدة (تسوميت)، ومعناها بالعربية مفترق، وهي الوحدة المسؤولة في الموساد عن تجنيد العملاء نجحت في تجنيد شخصية مهمة في قيادة المنظمة، أُطلق عليها من قبل الموساد اسم الصوف الذهبي، وهو الذي تمكن من زرع الجهازين في مكتب أبو مازن: الأول في مقعد نائب الرئيس، والثاني في المصباح الموضوع على الطاولة. وبعد ثلاثة أسابيع ونصف، توقفت عملية (الصوف الذهبي)، وتم الكشف عن أجهزة التنصت، وقطعت جميع الاتصالات، كما كشف عن العميل الفلسطيني الذي جندته إسرائيل. ونجا من الإعدام بفضل الضغوط الشديدة التي مارستها إسرائيل، على حد تعبير المصادر عينها.
وكان عدنان ياسين يعمل في تونس نائبا للسفير حكم بلعاوي واعتقلته السلطات التونسية في 25 اكتوبر (تشرين الاول) 1993 بعد تلقيها معلومات من اجهزة امنية فرنسية عن نشاطاته ووضعه تحت المراقبة لفترة طويلة.
وترى مصادر ان فرنسا اكتشفت امره بعد التحقيق باغتيال المسؤول الامني الفلسطيني عاطف بسيسو عام 1992 في فرنسا. وكانت تقارير نشرت حينها قالت ان المنسق الامريكي للشرق الاوسط دنيس روس اكتشف وجود اجهزة التنصت بمكتب عباس من خلال جهاز في قلمه، وعلى الاثر طلب روس اجراء اللقاءات الفلسطينية الامريكية في سفارة واشنطن لدى تونس، لكن القيادة الفلسطينية رفضت.
واعترف ياسين بتجنيده للعمل لحساب الموساد عام 1991 اثناء وجوده في فرنسا برفقة زوجته التي كانت تعالج في المستشفيات الفرنسية من مرض السرطان.
ووفقاً لتوزيع العمل بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فإن الموساد يشغل عملاء بواسطة وحدة (تسوميت) المسؤولة عن تفعيل العملاء ووحدة (قيساريا) التي تنفذ عمليات عسكرية، إذ يتم تجنيد العملاء في دولة القاعدة ومنها يتم إرسالهم لتنفيذ مهام في دولة الهدف التي غالبا ما تكون دولة عدو أو منظمة إرهابية، طبعاً بحسب التعريف الإسرائيلي لهذه المنظمات والتي تستهدف بشكل أساسي الدول المحتضنة لحركات المقاومة إضافة إلى كل دولة قد تكون هدفاً مهماً، وتشغل (الوحدة 504) التابعة لـ(أمان) عملاء، وبموجب توزيع العمل بين هذه الوحدة والموساد فإن (الوحدة 504) مسؤولة عن تفعيل العملاء في المناطق الحدودية لإسرائيل مع كل من سورية ولبنان ومصر وفي مناطق السلطة الفلسطينية.
ويقول يوسي ميلمان المحلل في موقع (WALLA) إنه برزت هذه الظاهرة بشكل حاد في لبنان خصوصا أنه في سنوات معينة دخل إلى المعادلة جهاز ثالث هو الشاباك، أي جهاز الأمن الداخلي.
لكن دراسة جديدة صدرت عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، ألقت الضوء على تنظيم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وانتقدت بشدة أداء هذه الأجهزة وخصوصا مسألة انعدام التنسيق فيما بينها.
وأعد الدراسة الدكتور شموئيل إيفن والدكتور عاموس غرانيت، في إطار برنامج الاستخبارات والأمن القومي، وأشارت الدراسة، التي حملت عنوان (أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية - إلى أين؟ تحليل، اتجاهات وتوصيات) إلى أنه ينبغي إجراء تغييرات على شكل هذه الأجهزة لتتمكن إسرائيل من مواجهة التحديات الإستراتيجية.
وأكدت الدراسة على أن البنية التنظيمية لأجهزة الاستخبارات واهية، وليست مناسبة بصورة كافية لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة لدولة إسرائيل، أي أنه لا يوجد لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مركز أو رئيس أو مدير وليس لديها منظمات للإشراف عليها باستثناء لجنة رؤساء الأجهزة، وهي هيئة تطوعية ولا تملك صلاحيات ونظاماً للحسم، ونتيجة لذلك فإنه لا يوجد لدى الأجهزة خطة عمل مشتركة، ولا يوجد تنسيق في مجال بنية القوة بين أجهزة الاستخبارات المختلفة ولا توجد نظرة شاملة لرصد الموارد لهذه الأجهزة. والأمر البارز الذي أشارت إليه الدراسة هو أنه لا يوجد لأجهزة الاستخبارات جهاز مركزي وموجه لنشاطاتها ويشرف عليها، وإدارة أجهزة الاستخبارات تتم على مستوى الجهاز، كل جهاز يدير نفسه بنفسه، ولا توجد للأجهزة خطة عمل.