القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
يُعتبر وزير الجيش الإسرائيلي في الحكومة الجديدة، الجنرال في الاحتياط، موشيه (بوغي) يعلون، من أشد الصقور في الحلبة السياسية في الدولة العبرية، فبالإضافة إلى مواقفه السياسية الرافضة لجميع الحلول مع الفلسطينيين، فإن تاريخه العسكري حافل بالعمليات ضد العرب والفلسطينيين، إذ أنه في كل المناصب التي تقلدها في الجيش كان يعلون يعيش بنفس مشاعر الكراهية ضد العرب التي كانت تسيطر عليه عندما كان طفلا يقتل القطط والكلاب.
وكان في حرب أكتوبر 1973 يتعمد إطلاق النار على الفلاحين المصريين الذين كانوا يقومون بفلاحة حقولهم، وقد قتل عددًا منهم جراء ذلك، بعد عام 1973 وعندما التحق بالقوات الخاصة في لواء (المظليين) أصبح القتل مهنة رسمية ليعلون، فمن خلال عمله في الوحدات الخاصة عهد إليه قادته قيادة فرق الاغتيال لعدد من قادة منظمة التحرير الفلسطينية في أوروبا، وبع بعد اجتياح لبنان في عام 1982 تخصص في تنفيذ عمليات الاختطاف، حيث قام باختطاف العديد من عناصر كوادر منظمة التحرير والمقاومة الإسلامية. من أشهر عمليات الاغتيال التي قام بها يعلون وخطط لها وأشرف عليها كانت في عام 1988، وكانت هذه عملية تصفية خليل الوزير (أبو جهاد) الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في بيته في العاصمة التونسية، إذ أنه، وفق المصادر الأجنبية، وصل إلى تونس قبل يومين من تنفيذ العملية بجواز سفر أجنبي.
راقب البيت وحجم الحراسة حوله، ورسم مخطط الاقتحام، بعد أن حصل على معلومات عن الأوضاع داخل البيت، من إحدى عميلات الموساد التي تقمصت شخصية صحافية وسبق لها أن أجرت عدة مقابلات مع أبو جهاد في بيته. بعد يومين وصلت وحدة (سييرت مطكال) النخبوية على ظهر سفينة تابعة لسلاح البحرية الإسرائيلي على الساحل التونسي، وكان يرافقهم نائب رئيس هيئة الأركان في ذلك الوقت الجنرال إيهود باراك.
كان يعلون أول من أطلق النار على ثلاثة من حراس أبو جهاد من أسلحة مزودة بكاتم للصوت، وانطلق هو وجنوده إلى داخل البيت برفقة الصحافية المزورة وقام احد الجنود بإطلاق ثلاثة أعيرة في صدر أبو جهاد، وقام يعلون شخصيا بإطلاق ثلاث رصاصات على جمجمته ورقبته للتأكد من وفاته، وقد اعترف يعلون في أكثر من مقابلة صحافية بقيادته لهذه العملية، كما قالت التقارير الصحافية في وسائل الإعلام العبرية في إسرائيل.
ويؤكد يعلون أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، قد استخدم اتفاق أوسلو محطة في طريقه لإبادة إسرائيل موضحاً أنه تبنى نظرية (خيوط العنكبوت) قبل السيد حسن نصر الله والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد. وكشف أن إسرائيل كرست جهوداً كبيرة لاستهداف الرئيس الراحل ياسر عرفات خلال اجتياح بيروت عام 1982، لكنها فشلت في رصده إلا في يومه الأخير وهو يستقل السفينة التي أقلته والمقاتلين الفلسطينيين إلى تونس.
ويشير يعلون في كتابه الجديد (درب طويل قصير) إلى أنه شارك في حرب لبنان الأولى قائدا للوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان (سييرت مطكال) التي أنيطت بها مهمة البحث عن ياسر عرفات. ويوضح أن الوحدة لم تتمكن من رصد عرفات في بيروت الغربية طيلة الحرب سوى في يومه الأخير في بيروت، ويتابع: رصدته بندقية قناص وهو يعتلي السفينة في ميناء بيروت عن بعد 180 متراً ما مكننا من استهدافه بشكل مؤكد، لكننا لم نحصل على مصادقة قيادة الجيش على إطلاق النار عليه.
يشدد يعلون خلال استعراضه لمسيرة الصراع مع الفلسطينيين ومحاولات التسوية معهم، على أن الرئيس الراحل ياسر عرفات لم يعترف بإسرائيل كدولة يهودية ولم يتخل عن خطته المرحلية للإجهاز عليها، معتبرا اتفاقية أوسلو مجرد محطة فيها. ويشير يعلون الذي شغل رئاسة الاستخبارات العسكرية (أمان)، إلى أن عرفات لم يتنازل عن ثقافة المقاومة ولم يدفع نحو تسليم الفلسطينيين بإسرائيل، ويتابع: لاحظت فرقا شاسعا بين الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي أراد التوصل لاتفاق وأعد شعبه وجيشه له، فيما واصل عرفات ببلاغته الجهادية فتحدث بالانجليزية عن سلام الشجعان وبالعربية تحدث عن مواصلة الكفاح والجهاد.
ويتهم عرفات بالتستر على ناشطي حركة المقاومة الإسلامية"حماس" واستخدام قدراتهم في استهداف إسرائيل بخلاف اتفاقات أوسلو. ويقول إنه أطلع رئيس الوزراء السابق اسحق رابين قبل اغتياله حول رؤيته لياسر عرفات، ولفت إلى أنه اقتنع بها وطلب تأجيل الضغط عليه ريثما ينتخب في انتخابات 1996 ،2001 لأنه رجح مواجهة مصاعب في مواجهة الحركات الإرهابية قبل انتخابه.
ويتابع يعلون: عقب الانتخابات رافقت رئيس الحكومة شيمون بيريس للقاء عرفات في حاجز إيرز وأطلعناه على قائمة المطلوب اعتقالهم، ولما ذكرت محمد ضيف كبير المطلوبين تظاهر عرفات بعدم معرفته. فسأل قائد الأمن الوقائي محمد دحلان: محمد شو؟ فكان واضحا أنه يغرر بنا.
ويتهم يعلون القيادة الإسرائيلية، ويقول إن المشكلة تكمن فيها بما لا يقل عن عرفات لأنها ترفض مواجهة الحقيقة لخوفها من الاعتراف بفشل أسلوبها.
ويشير يعلون الذي طالما دعا لكي وعي الفلسطينيين بالنار، إلى أنه قرأ كل كلمة حول عرفات وخلص لاستنتاج عميق بأن هدفه الاستراتيجي يتمثل بإقامة دولة فلسطينية من النهر حتى البحر، ولم يتنازل يوما عن كامل التراب الوطني، ويرى نفسه قائدا عربيا إسلاميا تاريخيا يقود شعبه نحو الانتصار على إسرائيل لا لتسوية معها من دون إعلان ذلك.
ورغم كراهيتي الشديدة له لكنني قدرته بعدما صار من لا شيء قائدا آمراً ناهياً تمكن من خدمة أهدافه بذكاء، واستخدم المال في تعامله مع الفلسطينيين والإسرائيليين. ويضيف: لكن عرفات ظل زاهدا ولم تعنه حياة الرخاء، مكرسا ذاته للقضية بشكل مطلق لا يمكن إلا أن تحترمه لأنه لم يفقد صلة العين بهدفه الاستراتيجي الأعلى طوال مسيرته حتى عندما انشغل بقضايا يومية عابرة. وفي كتابه الذي يسهب في تبيان خطورة تحول الإسرائيليين إلى مجتمع رخاء يبحث عن الملذات ويتهرب من التضحيات، يرى يعلون أن نظرية خيوط العنكبوت اعتمدت من قبل عرفات قبل تبنيها على يد الشيخ أحمد ياسين و نصر الله ونجاد والأسد الذين يواصلون حرب الاستنزاف نحو تدمير القلعة من داخلها، على حد تعبيره.