قراءة في خيارات الرئيس الفلسطيني الأكثر نعومة أمام طلبات أوباما الأكثر بياضا

بقلم: حسني المشهور


أيـاً كانـت تفسـيرات المراقبين لأسـباب ونتائـج زيارة الرئيـس الأمريكـي للمنطقـة وكـل مـا يصاحبهـا من هـذا النفـاق الأمريكي رئيسـاً وإدارة ، ومـا نـراه من ضجيج لأيتـامهـم على اسوار المحيط الفلسطيني فلـن يكـون اكثر من تضليـل لإشغال الناس برؤيـة الزيـارة ومظاهرهـا فقـط دون الغـوص في دوافعهـا الحقيقيـة ومضامين النتائـج المتوقعـة لهـا ، ومـا سـيترتـب على من يعنيهم الأمر من خطوات واجبة الإجراء .

وبعيـداً عـن كـل الـضجيـج الـذي نسمعه فـإن زيـارة أوبامـا للمنطقـة وبهـذه الإقامـة الطويـله لـه في الكيـان الصهيوني فلـن تخـرج عـن محـاولـة لتقليـل الخسـائر المؤكـدة للإمبراطوريـة الأمريكيـة التي أدركـت الولايـات المتحـدة أنهـا قـادمـة شـاء من شـاء وأبى من أبى ( مـع التقدير للشهيد أبو عمـّار أول من أطلق هذا الشعار ) وأن الحلـم ببدء القـرن الأمريكي ( ألــ 100 عـام القادمة ) لـم يكـن إلا سـرابـاً باعـه لهـم عمـلاؤهـم ، وأن هـذا الإدراك لحتميـة الخسارة القادمـة كان نتيجـة التحليل العميـق لآثـار القـرار الأحمـق بغزو العراق وما ترتـب عليـه من خسائر في الاقتصاد والسياسة والأخلاق ألحقـهـا بهـم نشامى العراق وبطولات أبنائـه ممن رفضـوا الغزو وقاتلـوه ... هـذا مـن جهـة ، وعـدم اليقيـن مـن قـدرة حلفائهـم الجـدد ممـن عقـدوا معهـم اتفاقـات الغرف المظلمـة وتـم تنصيبهـم زوراً وخداعـاً على حكومـات مـا يسمى الربيـع العربي ، وأصبحـت في الحقيقـة ليسـت سـوى حكومـات للدسـائـس على الأمـة العربيـة وإسلامهـا الحنيـف ، ومن جهـة أخـرى ما أسـموه بعـدم اليقيـن الـذي عـبرّت عنـه هيـلاري كلينتـون في آخـر زيـارة لهـا في المنطقـة ... بعـد أن ادركـت حقيقـة الأحـلام للشعوب العربيـة المخالفـة تمامـاً والنقيـض لكـل تعهـدات هـذه الحكـومـات .
ولأن الولايـات المتحـدة اليـوم والمثخنـة بالجـراح وبخزائـنها الخاويـة ليسـت هي الولايـات المتحـدة التي خرجـت من الحرب العالميـة الثانية وقـد استولت على ثـروات الإنجليز والفرنسيين والألمـان وورثـت مستعمـراتهم ، ولأن القـوى الجديـدة الناهضـة في الصين والهنـد وامريكا الـلاتينيـة والقوى المستعيـدة لحيويتهـا وعافيتهـا في روسيا ومعهـا منظومـة الدول المستقلـة التي استقلـت عن الاتحـاد السوفييتي ... هـذه القـوى لـم تعـد تكتفي بالإعـلان عـن نفسهـا بالبيانـات فقـط بـل بقـرارات الفيتـو ونشـر الأساطيل أو إعـادة نشـرها ... فلـم يكـن أمـام الإدارة الأمريكيـة إلا أن تحصي من بين حلفائهـا من لا خيـار لـه إلا الـولاء لهـا ... ولاء الحكومـة ، وولاء الأفـراد ... ، بحكـم طبيعـة التكـوين وعمـق وتشابـك المصـالـح ، ولا نقـول الحكـومـة والشـعب ... ولـم يجـدوا من هـو أكثـر ولاءً خيـاراً واضطـراراً إلا الكيـان الصهيـونـي ... رغـم إدراكهـم أن هـذا الكيـان يعيـق الكثير من مخططاتهـم في الإبقـاء على تحالفـات قويـة مـع العرب والمسلمين ... فجـاءت هـذه الـزيـارة للكيان الصهيوني بهـذه الإقامـة الطويلـة وبكل مظـاهـر النفـاق التي نـراهـا ... زيـارة لا يمكـن وصفهـا إلا زيـارة لمـذعـور من خسـارة قـادمـة إلى من هـو أكثر ذعـراً لنتائـج هـذه الخسائر ... وباختصـار هي زيـارة المتعـوس إلى خايب الرجـا .... في محاولـة لتبـادل شـد الأزر ، من جهـة وكيفيـة التعـامـل مـع الخسـائر القادمـة والواجبـة الأداء ، وكيفيـة التقليـل منهـأ من جهة أخرى ... وإذا تابعنـا التدقيـق في تصريحـات وأقـوال الطرفيـن هـذه الأيـام والأيـام القادمـة فلـن نـرى إلا ذلـك !!! ولا شـيء سـيكـون للفلسطينيين وللعـرب في هـذه الزيـارة إلا تعليمـات وطلبـات بوجـوب القبـول بنتـائج التنازلات الأمريكيـة القادمـة للقـوى الناهضـة !!!
وأمـام هـذا الـواقـع وهـذا السـلوك المنـافـق لأوبامـا الـذي نـراه اليـوم أكثـر بيـاضـاً من عتـاة المستعمرين من المهاجرين البيـض للأمريكيتين واسـتراليـا وعنصريتهـم مـع السكان الأصليين ومـع مـن اسـتجلبوهـم رقيقـاً من إفريقيـا وجـزر الهنـد وغيرهـا ... أمـام هـذا الـواقـع مـا هـي خيـارات الرئيـس الفلسـطيني عنـدمـا يسـتقبل أوبامـا ويسـمـع طلبـاتـه التي لا ولـن تنتـج إلا تمتين الاسـتطيان ... وتضييـع الحقـوق الفلسـطينيـة ؟؟؟
أســتطيـع الإجـابـة الـمسـبقـة وأقـول :
صـحيـح أن الـرئيـس الفلسـطيني أبـو مـازن أكثـر نعـومـة مـن الرئيـس الشهيـد أبـو عمـّـار ... ولكنـه عنـدج الحقـوق الفلسطينية وثوابتهـا ومتطلباتهـا لا يقـل عنـاداً عنـه ولا عـن أي طفـلٍ فلسطيني وخصوصاً أبنـاء مخيمـات الـلاجئين في الشتات المتحرقين شوقاً لفلسـطين الوطـن .... كـل الـوطـن ، ولأنـه أول مـن أدرك حقيقـة التحـول الجديـد لموازين القـوى ، وأدرك أننـا كفلسـطينيين قـادمـون إلى المستقبـل ، وأن الإمبراطوريـة الأمريكيـة وصنيعتهـا الكيـان الصهيوني هـم الـذاهـبـون إلى المـاضي ( التحيـة والسـلام على صمـودك يا سـوريا ) .... ولهـذا فلـن يسـمـع أوبامـا من أبـو مـازن سـوى لا ولا كـبيرة على كـل طلبـات أوبـامـا ... إلا نـعـم واحـدة هي الإبقـاء على التـواصـل دون عـداوة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت