"كلما اهتزت جوارحي أقول" أبو محمود الضميري ... لسانه يحاكي صميم قلبه

طولكرم – وكالة قدس نت للأنباء
جاثماً يتمترس وراء عربة الخضار خاصته ... يراقب رغبة الزبائن في شراء الفجل، أو البقدونس، ومؤخراً اللوز الأخضر ... يمازح رفاق دربه وأبناء جلدته ... يسمعهم ما ينطقه صميم قلبه ليحاكي لسانه ... حسنين الضميري "أبو محمود" 60عاماً.

هناك من على كرسي عرشه الذي يدر دخلاً لأسرته في سوق مدينة طولكرم ... يقول أبو محمود "أنا من مواليد مخيم طولكرم، كبرت وترعرعت فيه، ودرست في مدارس الوكالة".

ويكمل الضميري "أنهيت دراستي الثانوية في مدرسة الفاضلية، ولم يتسنَ لي إكمال دراستي الجامعية، إذ كنت شغفاً بالرياضة وكرة القدم وَلَكم تمنيت إكمال مشواري فيها، لتحول ظروف الحياة من ذلك".

بكلمات موزونة مسجوعة أقرب إلى الأشعار بدأ وأنهى مقابلته معنا، ليضيف أبو محمود "منذ عام 1976 وأنا أعمل ولمدة سبع سنوات في شركة الصناعات الوطنية بالكويت برتبة ملاحظ أول، إذ درست هناك محاسبة الكميات تخصص المباني الجاهزة، غير الموجود في بلادنا".

بابتسامة ممزوجة بطعم الكد ... والعرق يتصبب من جبينه ... صمت قليلاً وسرح في ذاكرته ليفصح عما يجول في خاطره للأيام "زوجتي شامية وبالتحديد من مخيم اليرموك، أقمنا 15عاماً في الأردن ولنا من الأبناء ثلاثة وابنة واحدة".

ثم نأتي للصميم إذ يقول أبو محمود "ربما يكون ما أقوله خواطر وربما أشعار فأحياناً تكون عمودية وأخرى خطابية، فحسب المناسبة والحالة النفسية أرى لساني ينطلق".

ويوضح أبو محمود أن "شفافية الحس لها أثر وتأثير في الكلمة، ففي أي لحظة تأثر تخرج خواطره، وكلما اهتزت جوارحي ونفسي أقول ...".
ليشدوا لنا وبنبرة رنانة "فلسطيني أنا من الشرق ... ومن الشرق الشمس تشرق بنورها ... وزنود سمرا وبالسمار ... يشتد عودها ... والغرب ناعم ملس ... ولشمسنا يتمنى وجودها ... وفلسطين وسط الأرض ... وللأرض هي عروسها ... والقدس قلب العروس ... والعروس الكل يتمنى يبوسها ... شرقي أنا غيرة وشرف ... والشرف هو نموسها ... ماضيك عزة وشرف وما زال ... وللتاريخ ما تنسى دروسها ... سيج دارك بالعلم والدين ... وبالدين المصائب ما تشوفها ... بحبك إلها يا ابني ... ترد جزء من معروفها ...".

ومن جانب آخر يقول أبو محمود قدمنا إلى الضفة مع بداية الانتفاضة الثانية أي منذ عام 2000 وذلك عندما حصلت زوجتي على "لم الشمل" ومن حينها وأنا أبيع على البسطة، لأقاطع حديثه وأبادره بالسؤال لماذا لم تذهب للعمل في إسرائيل فحسب اعتقادي ربما تجد عمالاً يناسب دراستك وتخصصك؟ ليرد عليّ بحزم لن أعمل في إسرائيل أبداً فالحال ميسور والحمد لله، وقد درّست أبنائي الأربعة من بيع الخس والفجل.

لم يترك أبو محمود مناسبة وطنية ولا فلسطينية إلا ونالت نصيبها من خواطر قلبه ليسمعنا عن الأسرى " الأسرى مصابيح لنا تنير ... والعيساوي مريض ينام على السرير ... زاده الملح والماء بالتقطير ... من هو خارج السجن في نفسه أسير ... ومن في السجن طائر يحلق في السماء يطير ... يا الله يا عليّ يا قدير كن لهم نصير ... الكل منا متهم لهم بالتقصير ... ".

ويكمل أبو محمود على مسامعنا وسط ضجة السوق كلمات عن نبض الشارع وهو غلاء الأسعار الذي يمس كل مواطن فلسطيني فيقول "كفاكم وجعاً للأسعار وجعتوني ... صدقوني من غير يمين بكيتوا عيوني ... سهرتوني ليالي أفكر بهمومي وديوني ... كأنكم ناويين من هالبلاد تهجروني ... لا من جوع أطعمتوني ولا من خوف أمنتوني ... كفاكم رفعاً للأسعار وجعتوني".

يوصي أبو محمود في نهاية حديثه المؤسسات التعليمية بالتركيز جيداً على العلم حتى لا نصل لمرحلة نكون في حالة جهل فالعلم أساس البناء.
وعلى حد تعبيره في الوقت الحالي ليس هناك أستاذ يعلم ولا طالب يتعلم، فالدهر كالسيف إنه لم نقطعه بالمعرفة قطعنا بالجه.

إعداد: سندس علي