بين النابليونية الفرنسية ،والنجاتية الإيرانية..!!

بقلم: حامد أبوعمرة


لما قامت الحملة الفرنسية على مصر كانت تعليمات القيادة النابليونية ،لاستمالة عطف الشعب المصري ،وكسب مودتهم عبر الدعوة إلى مراعاة تقاليد أهل مصر ،وعاداتهم وشعائرهم الدينية وتبجيل الشيوخ واحترام أهل الرأي منهم ،ليس لما كان يدعي ذاك البونابرت الماكر لأن هؤلاء العلماء أصحاب مكانة كبيرة عند المصريين ،وإنما لأنه عند السيطرة بدهاء على أمثال أولئك العظماء ،وواجهة المجتمع ،سيسقط الجميع بكل بساطة ،عندما تدك الرأس ،تتراخى كل الذيول على عجالة فتسقط صريعة بلا حراك كأجساد الموتى ،ما أشبة الليلة بالبارحة ،وهكذا يعيد التاريخ نفسه من جديد تغيرت الحملة إلى الحملة الإيرانية الكبرى ،وتغيرت القيادة إلى الأحمدية النجاتية والهدف هنا أخطر لأنه يسكن في أحشائنا ،ولا جدول زمني لنهايته إلا بتحقيق أهدافه الأكثر دناءة وهي الدعوة إلى التشيع ،ونشر الشيعية لا الشيوعية ولا فرق بينهما في الضياع والضلالة ..فرنسا كانت غزوتها وأطماعها محدودة مجرد نهب خيرات المقهورين ،وامتصاص دماء الفقراء على ضفاف النيل الذين تحملوا الكثير والكثير من بطش وتدمير !!،أما اليوم فإيران قد توسعت أذرع أهدافها وامتدت كالأخطبوط لتلتف حول أعناق خريطتنا العربية مغتالة كل القيم والأخلاق والشموخ والرجولة ،ومحاولة دغدغة جذور العقيدة الصلدة من وجداننا ،تفتت كل شيء فينا ،وبقيت العقيدة الإسلامية تأبى الانكسار والتفكك والانحلال ..بقيت العقيدة ثابتة ،لكننا نحن الذين بعدنا ،وازدادت فجوة المسافات ،ولذلك ضعفنا ،وأصابنا الوهن ،ولما تحجرت قلوبنا فصارت كالصخور النارية الخالية من الأحافير أي بقايا المخلوقات النباتية أو الحيوانية ،والتي تحرق كل من يدنو منها ،ولما علمت إيران أن مشاكل الشرق الأدنى وليس الأقصى تصب في بوتقة واحدة هي الفقر ،والجوع لذلك لم تتوانى على أن تمد يدها ،حاملة في إحداهما صنبور تتدلى منه خراطيم ضخمة لا ليتدفق منها المياه لتروي أراضينا العطشى بل تتدفق منها الدولارات لتنفخ أمعاؤنا وجيوبنا الخاوية تحت شعار ، المخلصة لكل الهموم وكل القضايا ، وباليد الأخرى عصا سحرية ،تضرب بها الأرض فتخرج ثورات هائجة كألسنة بحرية ممتدة بكل تمرد عبر المصبات الطائفية لا النهرية وعبر خلجان الفتن وتأجيجها لا عبر خلجان بحرية ،وكأن في الثورات المزعومة استقرار وطمأنينة وأمان ،وهكذا انكشفنا وتعرينا بعدما سقطت كل الأوراق ،نجحت الدولة الفارسية الحديثة والمعاصرة في تفجير الرؤوس ليست تلك الرؤوس النووية وإنما القيادية العربية،وقطافها رويدا ..رويدا في تونس الخضراء وفي اليمن ومصر وليبيا ما عدا رأسا واحدة بقيت تحت وصايتهم وحمايتهم رأس الأفعى السورية بشار الأسد وأعوانه، لأن العلوية ترعى مصالحهم ،ولأنها بطن من بطونهم لذلك قالوا مرارا لن تسقط سوريا !!،ولكن أليس الله بقادر على أخذهم أخذ عزيز مقتدر ؟!! ، بلى وربي سيندثرون وينقشعون ..ولما تطايرت الرؤوس في بلاد العُرب أوطاني ورغم احترامي وتبجيلي لإرادة الجماهير ،وحقوقها إلا انه ارتفع الغطاء ،والوقار والسيطرة والدكتاتورية المستبدة ففرحنا وهللنا ،وزغردنا ،ولكننا نسينا أننا ظهرنا على حقيقتنا المؤلمة ،فعندما يغيب الحاكم ،يتراءى كل شيء على أصوله وينكشف فأي مشاعر تلك التي أصابتنا ،وأي سلوكيات تلك التي نتبعها اليوم ،وأي أخلاقيات قد اغتالتنا ..اغتالت فينا البساطة ..بساطة العيش والألفة والمحبة ،لتطفوا على سطح قلوبنا حقدا دفينا وانتقاما ليس فقط من أبناء مجتمعنا بل من انتقاما من أنفسنا ،تصورنا أن في ثوراتنا أرض الحليب والعسل ،تصورنا في ثوراتنا أرض الكفاح والبناء والأمل ،خابت تلك الثورات بما تحمله ،فخبنا وما عدنا ندرك أترى ثورات من اجل الحياة الكريمة ،والتغيير أم ثورات من اجل القتل والتخريب وتأجيج الفتن ،وسرقة السولار ،بل وصل الأمر إلى سرقة الأماكن الحقيقة الوحيدة في حياتنا وهي سرقة بوابات المقابر الحديدية لبيعها في سوق الخردة،بدلا من الاتعاظ بالقبور والموتى ..!! وكذلك اغتصاب النساء والنهب ،والسلب ..ولو فتشنا عن حقيقة تلك الدراما الهزلية التي تجتاح بلداننا العربية لتيقنا أن وراء الكاميرا ..0كاميرا الفقر والضياع والانحراف أصابع إخراج إيرانية بارعة خفية ،وكومبارس أمريكي داعم،وجماهير غربية مشجعة..!! ولما لا يتفق هؤلاء جميعا ونقطة التقائهم واحدة وهي إذلال المسلمين ،ورضوخهم وانسلاخهم عن الدين ،ليس المهم أن تتحول مجتمعاتنا العربية والإسلامية إلى قرى حسينية شيعية واحدة يحكمها عمدة فارسي !!أو تنتحر أجواءنا العربية على عتبات إحياء الفكر الشيوعي بقيادة ماركس أوباما أو لينين بوش المهم هو العداء الأزلي القديم ضد العروبة والإسلام ،وإلا كيف يمكن أن ننعم بالأمن والأمان ونحن نرتمي بكل خذلان واستجداء في أحضان الذين يسبون صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ،الذين يسيئون إلى عمر وعثمان رضوان الله عليهم ،بل حتى أم المؤمنين ،السيدة عائشة رضي الله عنها والتي برأها الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات لم تسلم من عدوانيتهم ،والتي أُنزل فيها قرآنا يُتلى إلى يوم القيامة من قوله تعالى عز وجل في سورة النور قول الله عز وجل: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" (النور: من الآية11) وكيف ننعم بالحرية ،والرخاء والاستقرار،وكيف نطمئن على نسائنا وأولادنا وبيوتنا ، وقد ارتضينا ورضينا بكل إذلال وهوان بقبول طلب مد يد العون من أحفاد الصليبين من باب الضروريات الملحة ،فأولئك أليسوا هم الذين قاموا بحملاتهم الهجومية ،والهمجية نحو الشرق تحت رداء الدين المسيحي وشعار الصليب من أجل الدفاع عنه وذلك لتحقيق هدفهم الرئيسي وهو غزو الشرق ونهب خيراته وليس السيطرة على الأراضي المقدسة كبيت المقدس أو غيره!! حقيقة أني أرى أنه لايمكن أن نستشعر حلاوة النصر ولا نجاح الثورات الفاشلة ولا الأمن ولا الأمان إلا بتذوق لذة الإيمان إذا الحل يكمن باقتضاب في العودة إلى الله القائل في محكم التنزيل ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ( 96 )

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت