القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
عندما انتهى درور موريه من تصوير أكثر من 70 ساعة من المقابلات مع ستة من الرؤساء السابقين لوكالة المخابرات الإسرائيلية شين بيت، اكتشف المخرج الإسرائيلي أنه يملك "ديناميت في يدي"، على حد قوله.
هذا "الديناميت" فجره المخرج في الفيلم الوثائقي "حراس البوابة" الذي رشح لجائزة الأوسكار. وهو فيلم مدته 97 دقيقة وأثار ضجة عندما عرض في إسرائيل في صالات كاملة العدد في كل عرض.
الفيلم يعرض روايات جمعها المخرج من فراهام شالوم وعامي أيالون ويعقوب بيري ويوفال ديسكين وآفي ديختر وكرمي جيلون.
عن فيلمه، قال موريه لجريدة "الأوبزرفير" البريطانية "رأيت أنه لو أمكنني جمعهم كلهم ليتحدثوا علنا عن تجربتهم في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن ذلك سيحدث هزة أرضية". ويستطرد "كنت على حق، لقد خلق عاصفة ضخمة."
وحسب تقرير نشره موقع "سكاي نيوز عربية" الفيلم عبارة عن تجميع لذكريات وتأملات الرؤساء الستة السابقين، وهم يسردون أنشطة الشين بيت على مدى 46 عاما من الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
لكن أقوى ما في الفيلم هو الدروس التي يستخلصونها من حياتهم التي أمضوها في توجيه ضربات قاتلة للفلسطينيين، والتي تظهر في بعض الأحيان على أنها بداية مراجعة للذات. وفي البعض الأخر تبدو أنها إصرار على أنهم فعلوا الصواب، حتى وإن أدى ذلك إلى مقتل مدنيين أبرياء.
يقول كارمي جيلون "نحن نجعل الحياة لا تطاق" بالنسبة للفلسطينيين، بينما يقول أبراهام شالوم "لقد أصبحنا قساة"، ويقر آفي ديختر أنه "لا يمكنك تحقيق السلام باستخدام الوسائل العسكرية. أما عامي أيالون فيقول "نحن نفوز في كل معركة، ولكننا نخسر الحرب".
ويقول المخرج "لقد فوجئت بطريقة تفكيرهم. إنهم يقولون جميعا: كفى إحتلالا ويقرون أنه ليس من السهل التوصل إلى حل، لكنهم يجمعون على أهمية مصلحة إسرائيل في محاولة الوصول إلى ذلك" الحل.
وهذه المرة هي الأولى التي يمنح فيها الرجال الستة، الذين أداروا العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية لنحو 30 عاما، مقابلات مطولة ومتعمقة لأي جهة كانت.
يبدأ الفيلم بلقطات لعملية اغتيال هدف محدد مسبقا، يفترض أنه تم تصويرها من طائرة عسكرية إسرائيلية بدون طيار. وتظهر اللقطات تعقب سيارة فلسطينية قبل أن يدمرها انفجار.
ويقول يوفال ديسكين، فيما يوحي بأنه نوع من مراجعة الذات إن السؤال الملح هو هل "تفعل ذلك أو لا تفعله". لكنه يرد على نفسه ليؤكد صحة قرار القتل، فيقول إن عدم القيام بذلك "يبدو أسهل، لكنه في الغالب يكون أكثر صعوبة."
في وقت لاحق يشرح الفيلم كيفية اغتيال يحيى عياش، عضو حركة حماس الفلسطينية المعروف باسم "المهندس" وصانع المتفجرات التي استخدمتها الحركة في عمليات عديدة في تسعينيات القرن الماضي.
رؤساء الشين بيت يناقشون أيضا المعضلات التي يقولون إنهم يواجهونها عند القيام بعمليات قد تؤدي إلى مقتل أفراد الأسرة الأبرياء أو المارة بالقرب من الشخص المستهدف.
في بعض الأحيان، كما يقول ديسكين، "تكون العملية فائقة النظافة فلا يصاب أحد باستثناء الإرهابيين. لكن حتى في هذه الحالة تقول لنفسك فيما بعد، عندما تتوقف للحظات سواء في الليل أو بينما تحلق أو أثناء عطلتك: حسنا، لقد اتخذت قرارا وقتل عدد من الاشخاص، الذين كانوا بالتأكيد على وشك شن هجوم كبير. لم يصب أحد بقربهم بأذى، وكانت العملية نظيفة قدر الإمكان". ويضيف ديسكين أنه حتى حينها تفكر أن "هناك شيء غير طبيعي، وهو قدرتك على سلب حياتهم في لحظة".
يستخدم المخرج تسجيلات واقعية فعلية ومشاهد أعيد تصميمها على الحاسوب لتصاحب وصف المسؤولين السابقين الستة لأساليب السيطرة على الفلسطينيين وجمع المعلومات الاستخبارية وتقنيات الاستجواب المستخدمة.
ويظهر الفيلم كيف أن اغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين على يد مسلح يهودي معارض لعملية السلام شكل أزمة كبيرة للجهاز بسبب الفشل في حماية قائد البلاد.
أزمة أخرى يلقي الفيلم عليها الضوء، هي عملية اختطاف "الحافلة 300" عام 1984، التي تعرض فيها اثنان من النشطاء الفلسطينيين للضرب حتى الموت بينما هم في عهدة الاستخبارات. ورفض شالوم، المسؤول في ذلك الوقت، مناقشة الامر، قائلا انه لا يتذكر تفاصيل هذه الواقعة التي اضطرته إلى الإستقالة.
لكن شالوم يضيف بدم بارد تقشعر له الأبدان "لقد كانوا شبه ميتين. فقلت لنضربهم مرة ثانية وننهي الأمر. أعتقد انه أخذ حجر وحطم رؤوسهم ". ويقر بأن ذلك كان بمثابة "إعدام خارج عن القانون"، لكنه يعود إلى بروده ليضيف "في الحرب ضد الإرهاب، يجب أن ندع الأخلاق جانبا".
عندما سئل موريه كيف تمكن من اقناع الرجال الأكثر صمتا وسرية في إسرائيل على الكلام باستفاضة، قال إنه لم يطلعهم مسبقا عما ستكون عليه رسالة الفيلم لأنه لم يكن يعرف هو ذاته ماذا ستكون هذه الرسالة. "قلت فقط إني أريد أن أحكي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من وجهة نظر من لديهم خبرة في صنع القرار".
بعد عرض الفيلم في إسرائيل، إتهم موريه بالتحرير الانتقائي. وقال موشيه يعلون، وزير الجيشالحالي، إن "الفيلم منحاز ويقدم المادة من وجهة نظر واحدة، فقد انتقى موريه من المقابلات الطويلة التي حصل عليها ما يخدم وجهة نظره فقط".
قبيل نهاية "حراس البوابة"، تعرض لقطات من غارة للشين بيت على منزل فلسطيني، بينما يصف بيري عمليات تتم في جوف الليل يجذب خلالها ناشطون فلسطينيون وسط بكاء أسرهم التي ملأ قلوبهم الرعب.