الحراك الفلسطيني بشأن قضية الأسرى ردات فعل وتعنت إسرائيلي

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
منذ ما يقارب العامين لوحظ أن قضية الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، تعيش حالة من الغليان الشديد ترتفع حدتها أوقات وتهدأ بأوقات أخرى، ويرى متابعون أن التصعيد الإسرائيلي ضد الأسرى بدأت ترتفع حدته منذ اتمام صفقة التبادل الاخيرة في 11 أكتوبر 2011 والتي أفرج خلالها عن 1027 أسير مقابل الجندي جالعاد شاليط.

وحسب المتابعون، إسرائيل أرادت أن تنتقم من الأسرى بعد الانتهاء من الصفقة، فشنت حملة اعتقالات ضد أسرى أفرج عنهم في التبادل، وصعدت من اجراءاتها القمعية ضد الاسرى في السجون، وعلى إثر ذلك كان الإضراب المفتوح عن الطعام الذي خاضه أغلب الأسرى وانتهى باتفاق وقع في 14 مايو العام الماضي، ثم جاء نبأ استشهاد الأسير عرفات جرادات قبل نحو شهرين، وتبعه استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية، ولا يزال الخطر قائماً، فهناك أسرى مرضى وأسرى مازالوا مضربين عن الطعام منهم سامر العيساوي المضرب منذ أكثر من 8 شهور وغيره...

ومن الملاحظ أيضا أن هناك خطوات تصعيدية من ادارة السجون الاسرائيلية لكسر إرادة الأسرى من خلال العزل الانفرادي والتعذيب وسياسة الإهمال الطبي ومنع ذوي الأسرى من الزيارات بجانب الاقتحامات المتكررة لغرف الأسرى واستخدام قوة القمع البوليسية في إنهاء احتجاجاتهم ، فيرد الأسرى على كل ذلك بالإضرابات المفتوحة عن الطعام، وحراك داخل السجون، في حين تدور تساؤلات عن الدور الرسمي والشعبي والفصائلي الفلسطيني من هذه المعركة..؟ ومدى جدوى هذا الدور..؟ وكيف يمكن تفعيل قضية الأسرى على نحواً أفضل..؟ وذلك مع احياء الفلسطينيين لذكرى يوم الأسير الفلسطيني التي تصادف السابع عشر من نيسان/ ابريل.

وبتقدير عبد الناصر فروانة الباحث الفلسطيني المختص بشؤون الأسرى، فان هناك تقصير واضح في مناصرة قضية الأسرى على المستوى الشعبي والرسمي والفصائلي رغم ارتفاع حالة التضامن في الفترة الأخيرة ، وبرأيه لو تجاوز الحراك الفلسطيني القصور الموجود لما إستمر الاحتلال الإسرائيلي بتعنته في التعامل مع قضية الأسرى، فالمشكلة بتقديره ذاتية بجانب أن هناك تعنت إسرائيلي واضح .

ويقول فروانة في حديث لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" يجب الضغط في كل الجوانب الرسمية والشعبية على الاحتلال ، بحيث تكون قضية الاسرى حاضرة في كل دوائر السياسية الفلسطينية" ويستدرك قائلاً "لا يمكن مقابلة مسئول سياسي مهم يرفض التعامل مع قضية الأسرى أو النظر فيها ويرفض مقابلة ذوي الأسرى "، بإشارة منه لرفض الرئيس الأمريكي باراك اوباما مقابلة ذوي الأسرى خلال زيارته الأخيرة للأراضي الفلسطينية .

ويتهم فروانة وزارة خارجية السلطة الوطنية الفلسطينية بعدم القيام بالدور المطلوب منها بخصوص قضية الأسرى، حيث لم تستغل وجود السفارات الفلسطينية في دول العالم لإبراز قضية الأسرى، ويشير إلى أنه يمكن التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمقاضاة الاحتلال والمطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين باعتبارهم أسرى حرب حسب اتفاقية جنيف الرابعة.

ويشدد الباحث والمختص بشؤون الأسرى، على أن للإعلام دور هام، مطالباً بضرورة العمل الجدي لاختراق الإعلام الأجنبي لدحض الرواية الإسرائيلية، وان تكون جميع البيانات والتصريحات والبوسترات الخاصة بقضية الأسرى والصادرة عن الموقف الرسمي والشعبي والفصائلي باللغة العربية والإنجليزية وتفعيل قضية الأسرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي ".

وفي نفس السياق يقول فروانة"مازال التعامل مع قضية الأسرى فلسطينيا بالفعل وردة الفعل والاحتلال الإسرائيلي يدرك هذا الأمر ، لذلك لا يعطي اهتمام لما يجري من حراك شعبي ".

ويتابع"إسرائيل تدرك أهمية الأسرى بالنسبة للقضية الفلسطينية وبالإمكان ان تحرج الفلسطينيين جميعهم ولذلك ربما تحاول الزج باتجاه معين عبر الانتقام من الأسرى، لان اى مساس بكرامة اى أسير مساس بكرامة الشعب ".

ورغم الوضع الصعب الذي يعيشه الأسرى إلا ان فروانه لم يخفي تفاؤله في المستقبل قائلاً " متفائل وما يزيدني تفاؤل الحراك الذي يخوضه الأسرى داخل السجون هناك خطوات وإجراءات جدية من قبل الأسرى متصاعدة وكذلك الأمر بالنسبة لحالة التضامن الرسمي والشعبي رغم أنني غير راضي عنه ، لكن بالتأكيد سيقود الحراك الجاري إلى وضع أفضل لقضية الأسرى، واى مفاوضات قادمة ستكون قضية الأسرى حاضرة فيها وخصوصا الأسرى القدامى ".

وحسب مدير مركز "حريات" الفلسطيني حلمي الاعرج فان عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وصل الى 4713 أسيراً من بينهم 14 اسيرة و198 طفل و106 اسرى من القدامى و169 اسيراً ادارياً و13 نائبا ووزيرين.

ويوضح الاعرج في حديث لـ"وكالة قدس نت للأنباء" بأن هناك ما يقارب 1000 اسير يعانون من امراض مختلفة وسط حالة من الاهمال الطبي ، ومن بينهم 147 حالة بحاجة الى رعاية طبية وعناية فائقة ويعانون من امراض صعبة بينهم 25 حالة مرض بالسرطان و18 حالة ممن يحتجزون في سجن "الرملة" لاسباب مرضهم بالقلب او الشلل او غير ذلك.

كما أن هناك أربعة اسرى يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام وهم (سامر العيساوي ويونس الحروب وايمن داود وسامر البرق)، وهذا الاضراب احتجاجاً على الاعتقال الاداري بحقهم أو اعادة اعتقالهم بعد الافراج عنهم في صفقة التبادل الأخيرة.

من جانبه يرى محمود الزق عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني وهو أسير سابق امضي 15 عاماً في السجون الاسرائيلية ، أن" الأسرى ليسوا بعيدين عن الفصائل الفلسطينية ، وهم الكادر الأول المناضل والمكافح وغالبيتهم ينتمون إلى فصائل فلسطينية مختلفة ، فدور الفصائل والحركة الأسيرة متواصل ومتصل طوال تاريخ القضية".

وعن دور الفصائل الفلسطينية في مناصرة الأسرى يقول الزق في حديث لـ "وكالة قدس نت للأنباء" هناك اهتمام كبير ملموس واعتبرها قفزة في العمل الشعبي والفصائلي للتضامن مع الأسرى خلال الفترة الأخيرة ، وقضية الأسرى على أجندة العمل الميداني لجميع الفصائل وتحظي بمتابعة مستمرة واهتمام بالغ ".

ويضيف أن المقاومة المسلحة أثبت ان لها فاعلية كبيرة بتحرير الأسرى وهذا واضح من خلال صفقات التبادل التي حدثت في تاريخ الحركة الأسيرة ويعدد منها " صفقة انصار ، صفقة الجليل ، صفقة النورس ، صفقة وفاء الأحرار أو " صفقة شاليط "، حيث أثبت المقاومة أنها تنتزع الأسرى من مخالب الاحتلال.

ويختم " النضال من اجل الأسرى ينطلق من أمرين مساندتهم من خلال الحراك الشعبي والإفراج عنهم من خلال المقاومة او العمل السياسي ويجب الاعتماد على هذا البندين ".

وعقد بالأمس مركز فلسطين للأبحاث والدراسات ورشة عمل بعنوان "كيفية تفعيل قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي..؟ وكيفية إدراج قضية الأسرى على جدول مناقشات مؤسسات الأمم المتحدة خاصة الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان..؟" .

وخلصت الورشة التي كانت بمشاركة فصائلية وجماهيرية واسعة بعدة نقاط يجب العمل عليها، أولها إقامة المعارض الفنية والتراثية وفتح مزادات خيرية لدعم الأسرى ودعم مؤسسات الأسرى من خلال عرض منتجات الأسرى أو متعلقاتهم، وإقامة مواقع إلكترونية بأكثر من لغة كالفرنسية والإنجليزية والأسبانية للتعريف بمعاناة الأسرى الفلسطينيين، وعرض المسرحيات والمعارض الفنية في الخارج للتعريف بالانتهاكات ضد الأسير الفلسطيني .

كما وأوصوا المشاركون بإقامة خيام الاعتصامات والإضرابات عن الطعام أمام السفارات الإسرائيلية في دول العالم ولو بشكل دوري، وبالإضافة للتواجد في الأماكن ذات المتابعة الإعلامية كالتواجد في مباريات ومناسبات ذات الحشد الكبير والمتابعة العالمية عبر الفضائيات كعرض لوحة دعائية تعرف بمعاناة الأسير الفلسطيني في مباراة نهائية دولية، وتوجيه رسائل لرئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسكرتير العام للأمم المتحدة وسفراء وقناصل الدول الأجنبية والعربية، ولجنة القدس التابعة للجامعة العربية ، وكذلك أمين الجامعة الدول العربية، وكذلك الأصدقاء الإسرائيليين من المعارضين لسياسات الاحتلال .