فلسطين كلها أسيرة ولا مخرج إلا بمواصلة النضال

بقلم: عباس الجمعة


تعجز الكلمات عند الحديث عن الأسرى في يوم الأسير الفلسطيني والعربي، ، لأن كل الكلمات تقف حائرة ونحن نعبر عن معنى السجن وعذاب السجان، وتعجز أكثر عندما تريد التعبير عن بطولات الأسرى وصمودهم وتحديهم، بمواجهة إدارة السجون التي لم تميز يوماً في تعاملها وقمعها بين معتقل وآخر ، فالكل مستهدف ، كما فلسطين كلها مستهدفة، والاسرى اليوم يستكملون مسيرة الدفاع عن كرامة وشموخ وكبرياء الشعب الفلسطيني والعربي خلف القضبان. ونحن نفتخر بلا حدود بهؤلاء الأبطال في يوم الأسير الفلسطيني والعربي، ونقول لا بد للقيد ان ينكسر ،رغم أنف السجان والاحتلال وغطرسته، ومن هنا يقف القادة المناضلين احمد سعدات الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورموز النضال محمد التاج وفؤاد الشوبكي وسامر العيساوي وباسم الخندقجي وعباس السيد والقادة وأعضاء المجلس التشريعي وكافة الاسرى والاسيرات بمواجهة الواقع المرير ، رغم تصاعد تلك الإجراءات بحقهم لتصل في مرحلة متقدمة إلى التصفية الجسدية ، كما حصل مع الشهيدين جرادات وابو حمدية ولهذا نقول بأن هناك خطر حقيقي على حياتهم .
وفي هذه الأيام الذي يؤكد الشعب الفلسطيني حملته التضامنية مع قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في كافة المدن والقرى والمخيمات وكل ارجاء الوطن العربي ومن أجل المطالبة بالإفراج عن اسرى الحرية، نؤكد ان قضية الأسرى تمثل واحدة من أهم القضايا التي تتصدر اهتمام كل بيت فلسطيني فهي تتطلب دون شك اهتمام بالغ يتمثل في حشد الطاقات الشعبية والرسمية على مختلف المستويات وعقد المؤتمرات الشعبية التضامنية مع قضية الأسرى والقيام بالمسيرات الحاشدة وتنظيم الاعتصامات وصولا إلى تحويلها إلى قضية رأي عام فلسطيني وعربي واممي ، كما يجب أن تبقى على رأس سلم أولويات كافة الفصائل والقوى أو على صعيد الحركة الدبلوماسية والسياسية على الصعيدين العربي والدولي.
ولهذا نرى في هذا اليوم العظيم ان استمرار اعتقال ابناء شعبنا لا مبرر له حتى وفقاً لقوانين الإحتلال الظالمة وما يتخذ ضدهم من اجراءات ، إنما هي بمجملها اجراءات سياسية انتقامية ثأرية بالدرجة الأولى تستهدف " اضطهاد شعبنا وابنائه واسراه " ونحن نقول بأن هذه الإجراءات لن تتوقف في ظل انحياز مجتمع دولي لمصلحة الاحتلال، وان عزل المناضلين واتخاذ اجراءات عقابية بأشكال جديدة بحقهم ، يجب ان ينقلنا من ردات الفعل الى العمل الممنهج المتواصل والمتراكم من أجل حرية كل الاسرى والاسيرات ، لأن هذا الإحتلال لا يميز في تعامله ما بين أسير وآخر ، فالكل مستهدف ، والكل يتعرض لصنوف مختلفة من التعذيب النفسي والمعنوي والجسدي ، وحقوقهم الأساسية تُنتهك وتُسلب على مدار اللحظة ، بدءاً من أشكال الاعتقال ومروراً بالتعذيب واستخدام القوة المفرطة وليس انتهاء بالحرمان من الزيارات والعزل الإنفرادي والتنصل من توفير الإحتياجات الأساسية للأسير من مأكل ومشرب وعلاج الخ .
من هنا نطالب بفضح تلك الإنتهاكات ، باعتبارها ترتقي إلى مصاف جرائم حرب ، وليس هناك من تشابه على الإطلاق ما بين الواقع المرير للسجون والمعتقلات الإسرائيلية من كافة النواحي وما بين نصوص المواثيق والإتفاقيات الدولية، وهذا يتطلب تدويل هذه القضية ، بما فيها استخدام آليات جديدة وأدوات نضالية ، ومنها التوجه الى محكمة الجنايات الدولية ، فهؤلاء اعتقلوا وأفنوا زهرات شبابهم في سجون الاحتلال، ومنهم من تحرروا بعد مضى عقود وسنوات من أعمارهم ، فيما لا يزال الالاف منهم قابعين في غياهب سجون الاحتلال.
ان هؤلاء المناضلين والمناضلات يشكلون بصمودهم عنوان القضية الفلسطينية ، وهم مفخرة لكل فلسطيني وعربي ، كيف لا وان فلسطين أنجبتهم ، ليثأروا بنضالهم لكل من هو فلسطيني وعربي عانى من الإحتلال وبطشه وبالتالي ان النضال من أجل حرية الاسرى ، هو واجب وطني وعلى الجميع العمل بهذا الإتجاه .
وامام هذا اليوم العظيم نتوجه بتحية الإكبار والإجلال والتقدير للحركة الأسيرة وشهدائها وقادتها وفي مقدمتهم الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية القائد الشهيد الكبير الاسير محمد عباس " ابو العباس " الذي استشهد في أقبية التحقيق ومعسكرات الاعتقال وهو يواجه الجلاد المحتل الامريكي الصهيوني الذي لم يتمكن من كسر إرادته حيث شكل باستشهاده شاهداً على حقيقته العنصرية الإجرامية ، والقادة الشهداء عمر القاسم ووليد الغول وقاسم ابو عكر وابراهيم الراعي وعرفات جرادات وميسرة ابو حمدية والعديد من الشهداء الذين رسموا لنا الطريق من اجل استعادة كافة حقوقنا بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس رغم كل الظروف المؤلمة التي نمر بها.
وغني عن القول نقول بكل وضوح ان هناك امانة يجب ان نمضي فيها من اجل الحفاظ على دور الحركة الاسيرة بكافة هيئاتها ومؤسساتها ولجانها باعتبارها تشكل من خلال تمسكها بارثها النضالي العريق ومسيرتها الرائدة نقطة تحول مضيئة بحمل الامانة في الدفاع عن كل الاسرى والمعتقلين.
ومن هذا الموقع نتوجه بالتحية لأسرى جبهة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتهم عميد الاسرى القائد الاسير محمد التاج ورفاقه الابطال القادة وائل سمارة ومعتز الهيموني ووائل ابو شخيدم وشادي ابو شخيدم وبقية رفاقهم والبحث عن آلية والعمل وفق خطة ممنهجة للتضامن معهم ومع كافة اسرى واسيرات الحرية هؤلاء الابطال الذين أمنو بأن النضال داخل قلاع الأسر ليس بأقل من خارجه وهم يخوضون معركة الحرية ، ويتطلعون الى تحريرهم وعدم ابقائهم رهينة في قبضة الإحتلال لعقود قادمة .
وامام كل ذلك ونحن نقف وقفة شموخ امام هؤلاء الأبطال الأسرى والاسيرات في سجون الإحتلال ، الذين هم بحاجة ماسة لوحدتنا وللعمل الجدي من أجل اعادة الإعتبار لقضيتهم على كافة المستويات وتجنيبهم آثار الإنقسام وتداعياته الخطيرة ، وتفعيل الأنشطة المساندة لهم ولقضاياهم العادلة وفق خطة استراتيجية متكاملة تعتمد على العمل التراكمي في الفعل ، وبالإستعانة بمؤسسات حقوق الإنسان وهي كثيرة ورائدة في فلسطين ، ففعلنا ضعيف لا يوازي حجم الجرائم التي ترتكب بحق أسرانا ، فلننفض غبار الكسل ولننطلق صوب الفعل المؤثر لدعم الأسرى البواسل الذين يتعرضون للقتل البطيئ من خلال منظومة من الإنتهاكات الجسيمة والقوانين التعسفية والجرائم متعددة الأشكال .
تحية وفاء وتقدير واعتزاز إلى الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال في فلسطين تحية إلى كل أسير والى ذوي هؤلاء الأسرى فردا فردا، وهم لن يكونوا بالنسبة لنا مجرد أرقام بل هم مناضلون كل له مكانته واسمه وشخصيته ولكل معاناته.
آن الوفاء لهؤلاء الأسرى هو متابعة الدرب الذي ساروا عليه وحملوا القضية التي اعتقلوا من اجلها، إن هؤلاء طلاب وقادة نضال نطالب بحريتهم مهما كان الثمن الذي يمكن آن يدفع في سبيل الأهداف التي امنوا بها وهي تحرير الارض والانسان،وليس تقديم التنازلات،فلسطين كلها أسيرة ولا مخرج إلا بمواصلة النضال.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت