غزة- وكالة قدس نت للأنباء
أثارت الخطوة التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بقبول استقالة سلام فياض رغم الضغوطات الدولية التي مورست عليه لرفضها، عدة تساؤلات أحاط بها نوع من "القلق والتخوف" حول مدى ارتباط بقاء السلطة بفياض، في ظل الأزمات التي تعاني منها، وكذلك مصير المعونات المالية والاقتصادية الخارجية التي تتدفق للسلطة باسم فياض، والتي تُعتبر في نظر الكثيرين سيفاً مسلطاً على رقبتها.
وأنهى عباس مساء السبت الماضي، وفي أقل من 20 دقيقة الجدل بشأن مصير فياض بقبول استقالته ومطالبته بتسيير أعمال الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وتناولت الصحف العبرية خبر إقالة فياض بأهمية بالغة، وقالت صحيفة "هآرتس" نقلاً عن محافل سياسة رفيعة المستوى:" إن استقالة فياض هي مرحلة جديدة من مراحل انهيار السلطة الفلسطينية"، موضحةً أن تداعيات الاستقالة لن تكون فقط في المناطق المصنفة A بحسب اتفاق أوسلو وإنما ستصل إلى إسرائيل وستشكل محور اهتمام الإدارة الأمريكية والاتحاد والأوروبي.
وأوضحت صحيفة "هآرتس"، أن الاستقالة نوعٌ من الدراما التي سيعم تأثيرها على إسرائيل والمساعي الأمريكية لإعادة الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإعادتهما للتفاوض، فضلاً عن التأثير على التمويل الأوروبي لخزينة السلطة، أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" فرأت أن استقالة فياض جاءت عقب ضغوطاتٍ وانتقاداتٍ كبيرة وُجهت له خلال الفترة الماضية، وأنه ألقيت على كاهله أزمة السلطة المالية التي تعاني عجزًا من سنوات.
ويرى خبراء ومراقبون في الشأن الفلسطيني، أن استقالة فياض لن تؤثر كثيراً على وضع السلطة المالي والسياسي، ستبقى قائمة بوضعها الراهن وستمنع إسرائيل انهيارها.
حافة الانهيار ..
ويؤكد المحلل السياسي أكرم عطا الله أن انهيار السلطة الفلسطينية غير مرتبط كلياً برحيل سلام فياض عن رئاسة الحكومة في رام الله، كون الحكومة تابعة عملياً وإدارياً لقرارات رئيس السلطة محمود عباس.
وقال عطا الله:" الحديث عن انهيار السلطة بعد رحيل فياض عن الحكومة غير دقيق، كون بقاء السلطة في وضعها المتردي الراهن هو مصلحة أمريكية وإسرائيلية بحته ".
وأوضح المحلل السياسي، أن إسرائيل والدول الغربية الكبرى، تسعى وبكل جهد متوفر لها، لإبقاء السلطة على وضعها الراهن، من أزمات مالية وسياسية وإدارية، ولكن لن تسمح بانهيارها حتى أي سبب كان لحفاظ مصالح وأمن الاحتلال في المنطقة ".
وأضاف:" إسرائيل تبالغ كثيراً بملف استقالة فياض، وتحاول إدخال السلطة الفلسطينية في دوامة إدارية واقتصادية، لإلهائها عن دورها السياسي في ملاحقتها بالمحاكم الدولية والمؤسسات الرسمية ".
ورأى عطا الله، أن سياسة الحكومة والسلطة في المرحلة المقبلة أو الحالية لن تتغير كثيراً وستبقى أوضاعها المالية والسياسية صعبة جداً، لكن لن تنجر ناحية الانهيار وتسليم المفاتيح لـإسرائيل، لافتاً إلى أن الأخيرة لا تتحمل مسؤولية الضفة الغربية إن انهارت السلطة وانفلات الوضع الأمني فيها، وهي تسعى لأن تكون ضعيفة لتمرير سياستها.
وقالت مصادر إسرائيلية أخرى:" إن الأزمة المالية التي عصفت ومازلت تعصف بالسلطة الفلسطينية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، ذلك أن عباس والمحيطين به استغلوا هذه الأزمة لتوجيه الغضب الشعبي على ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة البطالة إلى رئاسة الوزراء، وإلى فياض بشكل شخصي".
وأوضحت، أن استقالة فياض من منصبه ستضع علامة سؤال كبيرة حول المعونات الاقتصادية الأوروبية التي تقدم للسلطة الفلسطينية، وأن إسرائيل ستتردد في العودة إلى طاولة المفاوضات وتطوير مشاريع اقتصادية مشتركة مع الفلسطينيين وأن الدول الغربية ستتوقف عن دعم السلطة مالياً، مشيرةً إلى أن هذا السيناريو إن تحقق فستتفاقم الأزمة الاقتصادية للسلطة وتتجه نحو الانهيار.
علاقة بعيدة ..
بدوره، المحلل السياسي نشأت الأقطش، وافق رؤية سابقه "عطا الله"، بالقول،:" إن السلطة لن تنهار بعد استقالة فياض"، مؤكداً أن انهيار السلطة في ظل الظروف المحيطة بها المحلية والإقليمية أمر مستبعداً حدوثه خلال الفترة المقبلة.
ورأى الأقطش، أنه لا توجد أي علاقة لا من قريب أو بعيد تربط فياض بانهيار أو بقاء السلطة، مشيراً إلى أن السلطة وبقائها مصلحة غربية وأوروبية وإسرائيلية وبقائها ليس له علاقة بشخص أو ورئيس حكومة.
وقال المحلل السياسي:" صحيح أن فياض له علاقات قوية بأمريكا ودول أوروبية كبرى، لكن الدعم المالي والاقتصادي والمساعدات لا تحول للسلطة الفلسطينية لوجود فياض، كون وجود السلطة مصلحة خارجية ".
وأضاف الأقطش، هناك قرار أمريكي واضح ببقاء السلطة على وضعها الحالي لثلاث أعوام مقبلة، دون أي محاولة فعلية لإنقاذها من أزماتها المالية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها.
واستدرك قائلاً:" الحصار المالي الذي تعاني منه السلطة والذي فرض عليها منذ سنوات، كان في ظل تواجد فياض في رئاسة الحكومة أو المالية، وبقائه أو رحيله لن يغير شيئاً".
يذكر أن فياض تولى رئاسة حكومتين متتاليتين في الضفة الغربية، وحصل على مقعدين في المجلس التشريعي عام 2006م (2.4 % من أصوات الناخبين)، وصعد إلى رئاسة الوزراء بعد الانقسام بين حركتي "حماس وفتح" عام 2007، وفشل طوال تلك المدة بكسب ود حركة "فتح" وباقي الفصائل، وأخفق في كافة البرامج "السياسية، والمالية والاقتصادية والاجتماعية" الذي وضعها طوال فترة حكمه.
من / نادر الصفدي ..