القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
قدمت جمعيتان حقوقيتان اسرائيليتان، يوم الأحد، التماساً إلى المحكمة المركزية في القدس المحتلة، للمطالبة بإبطال الاعتماد على "الخريطة الهيكلية القدس 2000″ في إصدار تراخيص وخطط بناء، باعتبارها خريطة غير قانونية وغير مُصادق عليها من قبل وزارة الداخلية الإسرائيلية حتى يومنا هذا.
وتقول "جمعية حقوق المواطن" وجمعية "بمكوم" – مخططون من أجل حقوق التخطيط، عبر الالتماس المقدم إن السلطات الإسرائيلية تتعامل مع "الخريطة الهيكلية القدس 2000" كـ"وثيقة سياسات" مُلزٍمة، وترفض أية مخططات بناء جديدة في حال عدم توافقها مع الخريطة الهيكلية، على الرغم من كون الأخيرة غير مصادق عليها ولا توجد لها أي صلاحية قانونية، ولم تتاح حتى الفرصة للسكان لتقديم الاعتراضات عليها كما يتطلب القانون.
وعليه تطالب الجمعيتان الملتمستان المحكمة بإصدار قرار يأمر اللجنة اللوائيّة للتخطيط والبناء، اللجنة المحلّـيّة للتخطيط والبناء في القدس بالتوقّف عن الاعتماد على تعليمات الخريطة الهيكليّة، والتوقف عن استخدامها كـَ “وثيقة سياسات".
ويدعي الالتماس أن الوضع التخطيطي في القدس قد تأثر بشكل سلبي بفعل الاعتماد على خطّة غير مصادق عليها، قد تجاوزت الإجراءات القانونية التي يجب إتباعها لضمان الشفافية ومشاركة الجمهور. وقد أدى هذا الوضع إلى إلحاق ضرر جسيم بسكان القدس وبالأخص الفلسطينيين في القدس الشرقية.
يتمثل هذا الضرر بالغياب الطويل لأي مخططات حضرية تلبي احتياجات السكان الفلسطينيين، وقد تكررت حالات قام فيها الفلسطينيون بتقديم خطّة لأحد الأحياء ويتم رفضها بحجة عدم ملاءمتها للخريطة الهيكلية 2000، الأمر الذي أدى إلى زيادة القيود على البناء، ونقص في المساكن، مما حوّل الأحياء الفلسطينية إلى أحياء مكتظة بالسكان، وأصبح البحث عن شقة مناسبة للعيش حديث الموسم في المجتمع الفلسطيني المقدسي. ومن تجليات تلك القيود غياب المباني العامة في هذه الأحياء، مثل المدارس ومراكز الصحة، والملاعب والساحات العامة نتيجة لهذه السياسة ولعدم التخطيط.
وعلى الرغم من إن الفلسطينيين يشكلون ما نسبته 39% من نسبة السكان في القدس، إلا أن المساحات المعدة للبناء في الأحياء الفلسطينية لا تتجاوز ما نسبته 14% من مساحة القدس الشرقية ( أي ما يعادل 7.8% من مساحة كل القدس. في ضوء الوضع التمييزي الصارخ هذا، تأتي الخريطة الهيكلية 2000 وتحدّ أكثر النمو الحضري للمقدسيين
من جهة أخرى، يلفت الالتماس النظر إلى إن الخرائط السارية في الأحياء الفلسطينية لا توفّر حتّى الحدّ الأدنى من احتياجات السكّان، بسبب احتوائها على عدد من مَكامن الضعف. على سبيل المثال هذه الخرائط تتعلق بمساحات ضيقة تم استغلال أغلبها، ولم يبق فيها مساحات كثيرة للبناء، كما أنها خرائط غير مفصلة بالحد الكافي، فلا يمكن في بعض الأحيان الاعتماد عليها لاستصدار تراخيص بناء.
إضافة إلى ذلك تحتوي هذه الخرائط على مساحات كثيرة معدة للمناظر الطبيعية المفتوحة وهي لا تمت بصلة للواقع الميداني ولا لاحتياجات السكان. إذ تبلغ نسبة هذه المساحة اليوم 30% من مُجْمَل المساحة التي خضعت للتخطيط، وهو رقم متطرف في منطقة سكنية حضرّية.ويمكن النظر إلى التخطيط بهذا الشكل إلى أنه مقصود بهدف الحدّ من تطوير وتوسيع الأماكن السكنية في القدس الشرقية.
أما إذا حالف المقدسي الحظ وحصل على رخصة بناء، فإن حقه في البناء مقلص للغاية، فالحد الأقصى للطوابق التي يمكن بناؤها وفق ما تحدد غالبية الخرائط هو اثنان، وتصل نسب البناء القصوى في أغلب الحالات إلى 20%-50% من مساحة المسطح المعد للبناء. مع العلم أنّ نِسَب البناء المتعارَف عليها في الأحياء الإسرائيليّة في القدس تتـراوح غالبًا بين 75% وَ 125%، وتبلغ في حالات معيّنة 50%.
إضافة إلى ذلك، فإن تلك الخرائط لا توفر بنايات عامة إلا المدارس في بعض الأحيان، ولا تولي اهتماماً بالبنايات العامّة الأخرى مثل الملاعب الرياضية أو المراكز الجماهيرية أو عيادات الأمومة والطفولة.
المهندسة "إفرات كوهين-بار" من جمعية "بمكوم" تقول تعليقاً على الالتماس:"نتيجة للقيود المفروضة على البناء في القدس الشرقية، أخذ السكان الفلسطينيون على عاتقهم مهمة إيجاد حلول لمشاكل التخطيط، فقاموا بتحمل تكاليف إصدار خرائط للأحياء، معتمدين في ذلك على الخريطة الهيكلية 2000 التي لم يصادق عليها قط. في المقابل قامت اللجنة اللوائية للتخطيط بتجميد قسم كبير من هذه الخرائط ولم تعترف بها مسببة بذلك فوضى تخطيطية في الأحياء الفلسطينية".
المحامية كيرين تسفرير- من جمعية حقوق المواطن - قالت إن "سلطات التخطيط الإسرائيلية على علم تام بالفخ التخطيطي الذي وجد سكان القدس الشرقية أنفسهم فيه، وعلى علم بالضرر الكبير الذي لحق بحق المسكن للفلسطينيين ولكنها لا تقوم بأي فعل حقيقي لحل هذه المشكلة، بل على العكس نراها تتحرك فقط عندما يتعلق الأمر بهدم البيوت بحجة عدم الترخيص".