في الوقت الذي تتسارع فيها تداعيات الأزمة السورية ، حيث بدأت الدول الاستعمارية القديمة تاريخيا والحديثة منها تقرع طبول الحرب، بدعوى تخليص الشعب السورية وتخليص البشرية من طاغية استمرا القتل في صفوف بني شعبه ، مستخدما كافة أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الكيماوية ، وتعكف الدوائر الأمريكية والبريطانية عن البحث ولو عن ذرة من هذا السلاح الكيماوي في سوريا لكي يثبتوا أن الرئيس الأسد قد استخدمها ضد شعبه ، لتكون تصريحا صريحا باقتحام آلاف الجنود عبر الحدود ومع الأسف حدودا في اغلبها عربية لاحتلال سوريا كما احتلت العراق من قبل ، وسوف يكون هذا الاحتلال بلا شك إيذانا بانتهاء ما عرف عنه بالقومية العربية ، ولتختفي أحلام الوحدة العربية لكي نستفيق على واقع التجزئة والشرذمة على أساس طائفي وعرقي وربما ديني ، ولتختفي معها خريطة الأمة العربية لتحل معها خرائط جديدة لدول قزميه تحت حماية السيد الأمريكي .
في هذا الوقت بالذات وفي ظل هذه الظروف تتلكأ الفصائل الفلسطينية في لملمة بعضها البعض ، من اجل توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة العواصف القادمة ، وليكون لنا موقفا واحدا موحدا ، أمام ما يجري ، ترى مع من سنكون إذا ما غزا الناتو أو بريطانيا وفرنسا سوريا بدعم أمريكي ، مع من سنكون إذا انطلقت صواريخ كروز الأمريكية لتضرب سوريا ، مع من سنكون إذا انطلقت قاذفات أل B52 لتقذف وتحرق أبناء الشعب السوري العربي الأصيل ، ترى ما هو شكل خريطة دولتنا في ظل تغير الخرائط ، كل هذا ينتظرنا ونحن ما زلنا في طور هل للرئيس الحق في بدء مشاورات تشكيل الحكومة أم لا ، كل هذا ينتظرنا ونحن ننتظر المصالحة التي لن تأتي ، كل هذا ينتظرنا ونحن كما يبدو ندفع بان يكون لنا أكثر من لون على الخريطة السياسية القادمة للمنطقة .
يبدو أن قيادتنا لم تلاحظ التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة ، بمجرد إعلان الرئيس عن البدء في مشاورات تشكيل حكومة التوافق ، لم يلاحظوا التصعيد الإسرائيلي الأخير في الضفة الغربية وإطلاق قطعان المستوطنين ليعيثوا في الأرض فسادا ، أن إسرائيل تخشى عود اللحمة الفلسطينية ، تخشى إنهاء الانقسام لأنها تدرك انه عقبة كبرى في تنفيذ مخططاتها التي لا تنتهي إلا بانتهائنا ومغادرتنا لأرضنا .
كل هذا يجرى والمشهد السياسي الفلسطيني كما هو لم يتغير ، نفس المواقف ، المناكفات ، التخوين ، عدم الصلاحية ، وترسيخ الانقسام بقرارات وإجراءات على الأرض ، لماذا ، أين فلسطين منكم، أين مصلحة الشعب الفلسطيني ، أين الثوابت الفلسطينية التي ما نفتأ بذكرها ليل نهار ، أين حق العودة ، الم تعلموا بأنه بعد أيام قليلة سيكون قد مر على اغتصاب فلسطين 65 عاما هذا يعني أن الغالبية العظمى من الجيل الذي شهد النكبة قد غادر هذه الحياة قبل أن يرى العودة وقد تحققت .
إن على شعبنا وقياداتنا بكل أطيافها وألوانها وخصوصا قوى اليسار الفلسطيني ، الدور الأكبر بسرعة العمل على تدارك الموقف والدفع بسرعة نحو إنهاء مهزلة الانقسام ، وذلك بضرورة تشكيل لوبي وطني بسرعة ليمارس دورة الضاغط على كل القوى المعطلة ، أتمنى أن أرى مؤتمرات وطنية كبرى تناقش إنهاء الانقسام ، أتمنى إن أرى مسيرات عاجلة من كل طوائف الشعب مطالبة بإنهاء الانقسام ، اعتقد أنها فرصتنا الأخيرة ، لأنه إذا اشتعلت الحروب من حولنا فلن نكون بعيدين عنا وسوف نكون أول المصابين فيها ، وأول الخاسرين .
لتفادي ما هو قادم ، وما له من تأثيرات سلبية على قضيتنا وتاريخها ، لا بد من العمل وبسرعة على الحفاظ على ذاتنا ، على كينونتنا ، على شخصيتنا التي ستكون هي مظلتنا التي سنحمي أنفسنا مما هو آت من عواصف عاتية ،
يمكننا فعل ذلك بقرار واحد من قادة كل الفصائل ألا وهو لتتوقف كل المهاترات الإعلامية ، لتتوقف عن ذكر مصطلحات أكثرنا منها يجوز أو لا يجوز ، يحق أو لا يحق ، لدينا أسس وقد سبق الاتفاق عليها ، تشكيل حكومة توافق ، الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني ، ويمكن الخروج بسرعة بصيغة مؤقتة لمنظمة التحرير لنمضي في طريقنا ونتابع ما يجرى حولنا ، ونفكر ونستعد كيف نواجه ما يجري سياسيا وماديا الخ ، وبعدها لدينا الوقت للحديث عن الإصلاح ، بعد أن نكون قد وضعنا أنفسنا على الطريق الصحيح ، فالمطلوب هو شيء من الثقة في بعضنا البعض في إننا شعب واحد وكل منا لا يريد إلا رفعة ونهضة هذا الوطن وتحريره من رجس الاحتلال ليأخذ مكانه تحت الشمس ليسهم في بناء الحضارة الإنسانية كما أسهم في بنائها الآباء والأجداد ، عبر التاريخ .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
1/5/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت