غزة – وكالة قدس نت للأنباء
جلس المواطن الغزي كمال قديح "50 "عاماً، على أحد أرصفت شارع عمر المختار قبالة مركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة، مرتدياً "قبعة" على رأسه اعتاد ألا ينزعها كمال يقول، فهي تحميه من حرارة الشمس المرتفعة أثناء عمله.
قديح أحد العمال الذين جاءوا لمركز رشاد الشوا لإحياء يوم عيد العمال العالمي الذي يصادف اليوم 1 أيار/ مايو، فاختار أن يبقي خارج مبنى المركز بجانب "التوك توك" الذي يملكه ويعتاش من وراءه.
هذا العامل أب لثمانية أطفال، يملك بيت صغير في حي الفراحين بمدينة خان يونس، يعمل على "التوك توك" قرابة السبعة ساعات دون أن يتجاوز ما يجنيه "20" شيكل في أحسن الأحوال.
بدأ الرجل الذي تظهر على وجهه مشاق الحياة جلياً، في سرد فصول ما يعانيه، فهو نموذجاً لهذه الطبقة الكادحة ليل نهار في مقابل لاشيء حيث يقول لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" "لا احد يشعر فينا لا حكومة ولا مؤسسات نتعب ليل انهار وما في إشى بناخدوا، بطل الواحد يعرف كيف بدو يطعم أبناءه، الحياة قاسية".
قديح كان أحد عمال البناء داخل الخط الأخضر، التطورات السياسية ومجريات الأحداث التي حدثت منذ بداية انتفاضة الأقصى، جعلت الاحتلال يمنع عمال القطاع من العمل داخل الخط الأخضر فجلس منذ ذلك الوقت أي قبل قرابة عشرة سنوات.
ويكمل "أنا كنت أخد "200" شيكل باليوم داخل الخط الأخضر أنا معلم بناء، بعد قرار الاحتلال جلست عاطلاً عن العمل خمس سنوات، كنت عايش على "الكابونة" تبعت الأونروا شوية سكر وطحين ورز".
قديح نموذج من نماذج معاناة عدة عمال آخرون فيقول "حالياً بشتغل على التوك توك شو بدي أعمل، عمري 50 سنة وبنقل لناس مقابل عشرة شيكل بس، وكتير أوقات ما بدخل شيكل باليوم، وحال عمال غزة كله هيك".
اتجهنا يساراً فوجدنا المواطن مطلق جعرور"35" عاماً، يبيع "الكعك"، حاله ليس ببعيد عن سابقه المواطن قديح، فهو كان يعمل بمجال الخياطة بأحد مصانع غزة، لكن توقف مصانع الخياطة نتيجة الحصار الإسرائيلي على غزة، جعله يبحث على عمل آخر دون جدوى، فقام في شراء عربة صغيرة مما ادخره من عملة السابق، واتفق مع صاحب احد المخابز بغزة، بأن يقوم ببيع " الكعك " له مقابل نسبة يأخذها من مقدار ما يبيع يومياً.
ويقول لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" "بلف في العربة طول النهار على المدارس وفي الشوارع من الصبح وحتى الساعة سته لقرب آذان المغرب، عشان اطلع مصروف البيت لأولادي، أربعة أولاد بدهم مصروف مدرسة، والبيت بدو كهربا وبدو مصاريف للغاز واحتياجات شو طالع بإيدنا وما اعملناه".
رصدنا لأحوال العمال في عيد العمال، كشف لنا عن صعوبة وضعهم بكل ما تعنيه الكلمة، وقد تجمع المئات منهم في داخل مركز رشاد الشوا الثقافي، اليوم ، خلال حفل عقده الإتحاد العام لعمال فلسطين، وحمل عنوان "بناء وكسر الحصار".
حيث طالب سامي العمصي، رئيس الاتحاد العام لنقابة عمال فلسطين، بتحمل جميع الجهات والمؤسسات الرسمية والحكومية والخاصة، مسؤولياتهم تجاه هذه الطبقة المهمة والكبيرة في المجتمع، بتوفير فرص عمل وحياة كريمة لهم.
ودعا الحكومة في قطاع غزة إلى جعل العمال في سلم أولويات عملها، وضرورة مد يد العون والمساندة لهم وعدم تهميشهم، مشدداً على ضرورة تخصيص ساعات عمل للعمال عند أصحاب المهن المختلفة، واحترام شعور العمال ومراعاة قدرة طاقاتهم.
وناشد جمهورية مصر العربية بضرورة فتح المعابر المشتركة معها، وإدخال البضائع التي تساعد في دوران العجلة الاقتصادية بغزة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض منذ سبعة سنوات، داعياً المنظمات الدولية وجامعة الدول العربية إلى النظر عن كثب على وضع العمال، وتقديم ما يلزم لهم .
وجدد تمسك النقابة في الاستمرار في فضح كل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق العمال والمزارعين منهم والصيادين.
ويعاني قطاع غزة من أزمة خانقة ومتزايدة بسبب قلة فرص العمل وتدني الأجور، وانتشار البطالة، ووفق تقرير نشرة مركز الإحصاء الفلسطيني نشر في شهر أغسطس من العام الماضي 2012، أن نسبة البطالة في غزة تصل 40% ومن المتوقع أن تصل 50 %، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 105 ألف مواطن في قطاع غزة.
وأدى الحصار المفروض على القطاع منذ ما يقارب السبعة سنوات، إلى إفلاس الكثير من الشركات الخاصة وإغلاقها، بالإضافة لتوقف مئات المصانع عن العمل بسبب منع المواد الخام التي تحتاجها، كما وتأثر بشكل كبير القطاع الزراعي بسبب عمليات التجريف من قبل آليات الاحتلال، ومنع تصدير المونتاجات من خلال المعابر، ناهيك عن معاناة الصيادين المستمرة أثناء عملهم ومنعهم من الصيد من مسافة تزيد عن ثلاثة أميال بحرية من شاطئ القطاع، ما ينذر بكارثة إنسانية تتسع يوماً بعد يوم.
عدسة "وكالة قدس نت للأنباء" رصدت احتفال عيد العمال في مركز رشاد الشوا وأعدت التقرير التالي..