الصحافيون الفلسطينيون يدفعون الثمن باستمرار

بقلم: أحمد محمود زقوت


يواجه الصحافي الفلسطيني تهديدات مزدوجة من كل حدبٍ وصوب, تارة من الاحتلال الإسرائيلي و أخرى من جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي التابع لحكومة فتح في الضفة وجهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة حماس في غزة.
ولم تكتفِ "قوات الاحتلال الإسرائيلية" بسياستها المبرمجة التي اعتمدتها لتكميم الأفواه والتضييق على الصحافيين ومنع تغطية جرائمه بأشكالها المختلفة, بل واصلت أيضاً سياستها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني واستهدفت طائراتها الحربية مقار المؤسسات الإعلامية بالصواريخ، ناهيك عن استهدافها للطواقم الميدانية للصحفيين وتدمير مركباتهم المدنية.
ودفع الصحافيون أثماناً باهظة نتيجة مشاركاتهم في تغطية الأحداث السياسية، فقد كلف البعض منهم أرواحهم وسببت الإعاقات للبعض الآخر منهم, ولم يعد الصحافيون الفلسطينيون قادرين على مُـمارسة عملهم إلا في نطاق ضيق للغاية؛ خوفًا من تعرُّضهم للاعتقال والسجن ,فمنع الحركة والتنقل بين مدن الضفة و المنع من السفر هو عمل ممنهج ومبرمج ضمن الأجندة اليومية للاحتلال الإسرائيلي .
إلا أن ممارسات الاحتلال الإجرامية وقتله للصحفيين لا تنسينا الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في فلسطين .
فمن ليس معنا فهو ضدّنا كثيرة هي التهم التي تطلق جزافا للصحافي الفلسطيني،عند كتاباته لموضوع أو مقال ما، أو حتى عند تحليل وإبداء آرائه التي ينتقد فيها سلوك الحكومتين، فقد أضحى الصحافي بنظر تلك الحكومتين انه "فوضوي", فبمجرد التواصل مع المسئولين يشن أصحاب السلطتين هجمات تُصنف فيها الصحافيين أصحاب الميول التنظيمية في خانة العملاء والخَـوَنة ( التخابر مع رام الله أو التخابر مع غزة )، فيما أصبحت الخيانة للوطن وتلفيق التهم جاهزة تجري المحاسبة والمحاكمة عليها لمجرد أنهم عملوا وفق معايير المهنية.
في ظل هذا الواقع المؤلم لا تتوقف الممارسات التي يرتكبها جهازي الأمن الوقائي والمخابرات بالضفة وجهاز الأمن الداخلي في غزة بحق الصحافيين, فقد بدا لافتاً في الآونة الأخيرة كثرة الاعتداءات والممارسات بحق صحافيي غزة و الضفة, فلا تمضي أيام إلا ونسمع فيها تهديد , ووعيد لآخر ومنعه من السفر ناهيك عن مصادرة معداته الصحفية.
كما انكشف الوجه القبيح لبعض المسئولين الذين يحاولون الاستقواء بأجهزتهم العسكرية التي ما زالوا يغتصبونها للانتقام من السلطة الرابعة التي كان لها الدور الكبير في نقل معاناة المواطن الفلسطيني بفعل جرائم الاحتلال .
وتلقى عددٌ كبير من الصحافيين والكتاب الفلسطينيين تهديدات بالقتل من أرقام خاصة مجهولة وعبر رسائل نصية وأخرى بواسطة البريد الالكتروني حملت الكثير من الشتم والتهديد والوعيد لهم , وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الذين يمارسون تلك التهديدات يعلمون علم اليقين أنهم فوق القانون وأن لا أحد أو جهة بإمكانها الاقتصاص منهم أو معاقبتهم.
كما يعي مرتكبو تلك الانتهاكات أنهم ينفذون أعمالهم في الظل تحت أسماء مجهولة، وأن التحقيقات حول الجهة التي تقف خلفها تبقى طي النسيان، وغالباً لا يتم فتح ملفات لها ولا تتم أي ملاحقة قانونية لمرتكبيها.
إن هذا الاستخدام السافر ضد الصحفيين سبب قلقاً كبيراً لدى الوسط الصحافي, متسائلين جميعاً عن مستقبل الصحافة في فلسطين, وبات ملحاً الآن بضروة تطبيق قانون الصحفي الفلسطيني والذي يميز الصحافيين عن غيرهم ويحدد كيفية ممارسة حريتهم ,ويحمي الصحافيين والحق العام معاً كذلك يحاسب على التشهير كما يحاسب على تقييد حرية الإعلام وحق التعبير .
في الختام أطالب كل من (الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب ومنظمة مراسلون بلا حدود والمنظمات والهيئات العاملة في مجال الحريات الإعلامية وغيرهما من المؤسسات الدولية) بضرورة اتخاذ موقف حازم من التهديدات التي يتعرض لها الصحافي الفلسطيني والعمل لوقف الاعتداءات والاستهدافات التي ترتكب بحق الصحافيين بشكل متعمد والتي تعرض حياتهم للخطر، وتحديد موقف واضح وجريء لوضع حد لتلك الممارسات التي شجعت الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة أمن فتح بالضفة وحماس بغزة على التمادي في انتهاكاتهم بحق الصحافيين الفلسطينيين.


الصحافي / أحمد محمود زقوت
غـــــزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت