يتصارع الفلسطينيون والاسرائيليون منذ 65 عام, كان هناك اشكال وانواع واساليب وطرق وتخطيطات للإسرائيليين منذ بداية الصراع, ولكن ما لم يفهمه جيدا الفلسطينيين هو ادارة الإسرائيليين للصراع, والمتابع للصراع عن بعد يجد ان اسرائيل هي من تحدد متى يكون الصراع واين يكون وبأي شكل يكون, حتى لو قام الفلسطينيين بنشاط معين في مكان معين لا يتوافق مع مخططات الاحتلال, تسعى اسرائيل الى تحويلة واستغلاله حسب رغبتهم.
ألا يستوجب هذا من المفكرين والكتاب الفلسطينيين البحث عن واقع هذا الصراع والبحث والتحليل في كيفية إدارة اسرائيل لهذا الصراع, والكشف عن مدى تحكم اسرائيل بهذا الصراع, فبدلا من هذا يهتم بعض الكتاب الفلسطينيين بالتخمينات والتحليلات حول المؤامرات والابعاد الخيالية للأحداث.
يعتبر تحديد مكان وزمان وشكل الصراع احدى الطرق التي تتبعها اسرائيل في ادارة الصراع, وتعتبر هذه الطريقة السمة الغالبة على الصراع, ولتوضيح هذه الطريقة في ادارة اسرائيل للصراع يجب ان نتعرف على صور هذه الطريقة وهي كالتالي:
• من اروع صور هذه الطريقة عندما كانت اسرائيل تعلن الحرب على منطقة واحدة في قطاع غزة مثلا (في حي او مدينة) وباقي قطاع غزة لم يكون داخل هذا الصراع, فمثلا يكون اجتياح لمنطقة واحدة مثل المغازي او شرق جباليا, وتكون الحياة تسير بشكل عادي في كافة انحاء فلسطين.
• في صورة اخرى نجد ايضا نفس الشيء في الضفة الغربية, وهي جعل المقاومة في مدينة واحدة او قرية واحدة او حتى شارع واحد, لا ننكر ان اخر فترة كان هناك بعض التعاون بفتح جبهات المقاومة في بعض المناطق في وقت واحد, ولكن ايضا اسرائيل سيطرت على هذا التعاون, فهي تقوم بممارسات وحشية في القدس في محاولة لتجميع الصراع في هذه المدينة فقط.
• جعل الصراع بين اسرائيل والتنظيمات فقط, فمثلا يكون هناك احداث فقط بين اسرائيل وحماس او اسرائيل والجهاد, فكانت لتطبيق هذه الصورة تقوم بعدة اغتيالات في تنظيم معين والكارثة ان التنظيم وحدة من يرد على هذه الاعتداءات, فهذه هي اكثر الصور مأساوية للفلسطينيين, ومن اروع ما انتجة التخطيط الاسرائيلي بالنسبة للإسرائيليين.
• محاولة التقسيم بين عناصر الصراع, فنجد اسرائيل في فترة معينة تصب تركيزها على قضية الاسرى, ونحن ننجر ورائهم ونصب تركيزنا معهم في اي قضية يطرحوها, واحيانا يصبون تركيزهم في قضية الاستيطان ونحن ايضا نلهث ورائهم, وفي فترة اخرى يركزون على الحرب في غزة, ونحن ننسى كل قضيتنا ولا نتذكر سوى ما يطرحوه من قضايا.
• حديثاً, اصبح الصراع ينتقل بين المدن نجد حرب على غزة فقط, وبعدها في الضفة الغربية, وبعدها في القدس, وكأن الاحتلال يحاول الفصل بين اجزاء الوطن وتعزيز الانقسام, وكأنه يحاول القول بان فلسطين ما هي الا مجرد جماعات متبعثرة تحاول التمرد داخل اسرائيل, واسرائيل تقوم بمعالجة كل جماعة بوقت معين وطريقة معينة.
• الفصل بين اشكال المقاومة في المدن الفلسطينية, نجد في غزة الصراع يقتصر على المقاومة المسلحة فلا يوجد اي طريقة سوى المقاومة المسلحة, ونجد في الضفة الغربية المقاومة السلمية ولا سواها, وفي القدس مقاومة اقصائية واقتصادية وحقوقية, يقول الفلسطينيين انها تضعف اقتصادهم وتحاول سلب حقوقهم لإجبارهم على الهجرة من المدينة, ولكني اقول ايضا انها تستخدم لاجبار المواطنين في القدس على المقاومة من اجل البقاء فقط ومن اجل الحصول على الحقوق, وليس المقاومة من اجل فلسطين.
بعد طرح صور طريقة الاسرائيليين في إدارة الصراع يجب ان نذكر كيف يتضرر الفلسطينيين من هذه الطريقة وما هي الفائدة التي تعود على الاسرائيليين من هذه الطريقة وهي كالتالي:
1- بهذه الطريقة لا يحقق الفلسطينيين اي هدف من اهدافهم, فعندما يقتصر الصراع على الحرب في غزة يبقى التركيز في هذه النقطة وفي النهاية لا نحقق سوى ايقاف الحرب, وليس الهدف من الحرب هو ايقافها, الهدف هو الحصول على الحقوق الفلسطينية ورفع الظلم.
2- زرع شعور لدى الفلسطينيين بأن كل منطقة وكل فئة تقاتل لوحدها, وبهذا يدب اليأس داخل كل فئة لإيمانها المطلق انها لوحدها لن تستطيع مقاومة اسرائيل.
3- لا يستفيد الفلسطينيين من كافة اشكال المقاومة, فكل منطقة تقاوم بشكل معين, وتكون اسرائيل الاقوى في كل حالة, مثلا غزة مقاومة مسلحة اسرائيل هي الاقوى, وغزة لا تستفيد من المقاومة السلمية والحقوقية وغيرها.
4- تسليط الضوء على مكان واحد في قضية معينة, لا يلفت انظار الدول والمنظمات والرأي العام العالمي, لذلك اسرائيل تمارس قوتها دون قيود.
5- تعزيز الانقسام والانفصال بين الفلسطينيين, من خلال فصل بين المناطق وفصل بين عناصر القضية وفصل بين اشكال المقاومة وفصل بين التنظيمات.
هذه بعض من صور الطريقة الاسرائيلية لإدارة الصراع, وبعض من مساوئها, وادعو الباحثين والكتاب الى البحث عن صور اخرى ومساوئ اخرى والبحث عن الحلول.
بعد طرح هذه الصور والمساوئ يجب ان نعطي حلول, يجب على الفلسطينيين توحيد جهودهم وتوحيد مقاومتهم, ويجب عليهم استخدام كافة اشكال المقاومة وبتزامن في كل المناطق وفي فترة واحدة, فتكون المقاومة المسلحة بالتزامن مع المقاومة السلمية والحقوقية والدبلوماسية وفي الامم المتحدة والمنظمات, وبالتوحد مع كافة الفصائل, وعندما تكون تهدئة تكون في كل المناطق وعندما يكون تصعيد يكون في كل المناطق وفي كل القضايا, بهذه الطريقة فقط يمكن الرد على المخططات الاسرائيلية وتحقيق بناء دولة فلسطين والحصول على حقوقنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت