الفنان محمد عساف.. سفير لفلسطين بامتياز

بقلم: ندى الحايك خزمو


انا لست من محبي متابعة برامج الفن، ولا المسابقات الفنية كـ"برنامج محبوب العرب" أو "الصوت" أو ... وليس لي إلمام بالمغنين وحتى لا أعرف معظمهم، ولكن عندما سمعت صوت محمد عساف، الفلسطيني أبن غزة، وهو يغني لفلسطين، لم أستطع منع نفسي من الاستماع اليه ومتابعة أغانيه في برنامج محبوب العرب..

وجدت نفسي أصفق له بشدة، وأتهلل فرحاً كلما تقدم خطوة الى الأمام ليصل الى المراحل النهائية وكلنا أمل وبهمة الجماهير أن ينال اللقب ليرفع اسم فلسطين عالياً.

هذا الكلام سيعجب الكثيرين ولكن ربما لن يعجب البعض، وسيقولون وهل الفن كان يوماً يرفع اسم بلد ما.. وأقول: ولم لا ؟! فالفن المتزن الملتزم ، والفنان الذي يحترم نفسه هو سفير لبلده في كل مكان في العالم، والفنانون أمثال محمد عساف ومن قبله عمار حسن، وهيثم الشوملي ومراد السويطي.. استطاعوا أن يرفعوا اسم بلدهم عالياً عندما فرضوا احترامهم على الجميع، لأنهم حملوا رسالة فنية وطنية واضحة جلية.. والله عز وجل أعطى المواهب لأصحابها، والفن أحد هذه المواهب، وصاحب الصوت الذي يصدح فيجعل الجميع يستمع اليه ويحبه يستطيع من خلال صوته أن ينقل هموم شعبه ومعاناته ربما أكثر من أكبر سياسي في بلده.. فالناس، وبخاصة جيل الشباب الذين لا يرغبون في الاستماع الى السياسة ستجذبهم أغنية من مغني قدير، وسيستمعون اليه ويحفظون أغانيه، وبالتالي سيستمعون الى أية رسالة ينقلها من خلال أغانيه.

ومحمد عساف ابن خانيونس الذي خرج من الحصار، ومن بين الدمار والقصف، جعل كل من لم يكن يكلف نفسه عناء متابعة أخبار فلسطين وما يتعرض له شعبها من معاناة تحت الاحتلال، جعل كل هؤلاء يجبرون، بل ويتلهفون لأن يستمعوا الى ابن فلسطين ويحبونه، ويكفي بأن يشار اليه بأنه محمد عساف من فلسطين لتذكير من نسي أو تناسى بأن شعب فلسطين ما زال محتلاً.. وبأن هناك معتقلين في السجون ، وبأن هناك مقدسات تنتهك وقدس تهود و...

عساف الذي استطاع، وبمشقة بالغة، أن يخترق الحواجز والحصار ليصل الى قلب بيروت، والى قلب كل الذين استمعوا اليه وأحبوه وأعدادهم بالملايين .. الذي غنى وهو يلتحف الكوفية الفلسطينية، تألق واستطاع لفت نظر الجميع الى بلده ووطنه ، فلسطين الغالية على قلبه وقلب كل فلسطيني، نقل رسالة واضحة للجميع بأن قطاع غزة ما زال تحت الحصار، فمن خلال تجربة خروجه ليشارك في البرنامج الفني أظهر لكل من سمعه كيف هي معاناة أبناء غزة في تنقلهم من غزة الى الخارج ، وكذلك من خلال تلهف محبيه للاستماع الى أغانيه، وحتى تلك التي غناها قبل ظهوره في البرنامج ، وقد امتلأ "اليو تيوب" وصفحات التواصل الاجتماعي بتلك الأغاني التي حازت على اعجاب الملايين، والتي هي أغانٍ وطنية ملتزمة، تتحدث عن وطنه ومآسي شعبه، عن الأمل بالتحرر والاستقلال، ويكفي أغنية "علي الكوفية " ، والتي حتى الأطفال الصغار يحبون الاستماع اليها، وأغانيه الأخرى التي تميز بها ، فقد غنى للشهيد "زفينا الشهيد" وللمعتقلين "بكرة من سجنك"، وللوطن "شدي حيلك يا بلد" ، و"يا وطنا وإحنا اصحابو"، و "يا طير الطاير يا رايح عالديرة"، ودينية مثل "يا رسول الله"، وللنضال "بيمينو غصن الزيتون وبشمالو سلاح"، وللأمل بالتحرر "خانيونس مجدك حيعود"، وراجعين يا وطن، وأغان وطنية أخرى كثيرة .

هذا هو ابن فلسطين الذي تألق واستطاع انتزاع الاعجاب به وتسميته ببطل برنامج "محبوب العرب" من قبل لجنة التحكيم لتفوقه وابداعه في أدائه، .. هذا هو ابن الوطن الذي استطاع أن يفرض اسم فلسطين على البرنامج ليسمعها كل العرب وكل الملايين المتابعين له.. وقد استغل الأغنيات ليسبقها بمووايل عن فلسطين وعن شعبه، كما فعل في أغنية للفنان القدير وديع الصافي "قتلوني عيونا السود" بدأها بموال لفلسطين أثار به مشاعر كل من سمعه.

حتى الكثير من المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال يتابعون أخبار محمد عساف بكل لهف وشوق ويدعمونه دعماً كاملاً، وأشاروا الى أن هنالك جمهورا كبيرا وخاصة من أوساط فصائل منظمة التحرير في السجون يتابعون بشغف أدائه والذى استطاع، كما قالوا، أن يوظف مسرح البرنامج لايصال رسالة فلسطين للعالم من خلال الأغاني الوطنية التي أداها.

وأكد الأسرى أن عساف شاب فلسطينى ووطنى بامتياز، الأمر الذي اتضح من خلال مسيرته الفنية الوطنية التى تجسدت من خلال أغانيه، وتمنى الأسرى أن تتوج مسيرة عساف بلقب "محبوب العرب" وأن يبقى صاحب الرسالة الوطنية التي أداها منذ الصغر، وأن تكون قضية فلسطين والأسرى حاضرة في أعماله الفنية المستقبلية .

ونحن نضم صوتنا الى صوت الأسرى وكل من يشجعونه وكلهم أمل في أن يواصل رسالته، وكلنا ثقة بأن عساف الذي رضع مع حليب أمه حب الوطن، لن يتخاذل عن مسيرته الوطنية وعن العمل بكل جهوده من أجل قضايا الوطن، وسيكون بفنه الملتزم سفيراً لفلسطين بامتياز ..

كاتبة وصحافية في مجلة البيادر المقدسية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت