قد يكون عنوان هذه المقالة مثيرا لاستغراب البعض !! وقد تثار نتيجة لهذا الاستغراب مجموعة من التساؤلات او الاستفسارات ، او الملحوظات والتعليقات منها على سبيل المثال لا الحصر :
1ــ كيف يمكن للكيان الصهيوني أن تكون تقترب من الهاوية وسط استمرار(العلو والإفساد اليهودي ) ؟؟؟
2ــ وأيضا وسط التقدم التكنولوجي والعلمي ؟؟
3ـــ وفي ظل الدعم اللامحدود لهذا الكيان الصهيوني الغاصب من الولايات الأميركية ، واوربا ، ودول غربية 4وشرقية ، وحتى عربية !! ( للأسف ) ؟؟
5ــ كيف يكون هذا الكيان في طريقه نحو الانهيار وهو يحقق كل يوم انجازات واختراقات عديدة ، وفي مجالات مختلفة ، خصوصا في المجالين العلمي والتكنولوجي ؟؟؟
6ــ وايضا يحقق الكيان الصهيوني مزيد من الاختراق والتوسع في السيطرة والتأثير والتغلغل في العديد من المناطق العربية والاسلامية والدولية ، وعلى وجه الخصوص والملحوظ التغلغل المقلق جدا والمريب في قارة افريقيا ؟؟
7ــ اضافة الى ذلك قدرته الكبيرة على التاثير والتضليل افعلامي وتساعدة في ذلك الماكينة الاعلامية الغربية وخصوصا الأميركية ن ومعها جوقة من الفضائيات ووسائل الاعلام العربية والشرقية ؟؟!!
8ــ وغيرها الكثير من التساؤلات والاستفسارات والملاحضات ، فكيف سينهار العدو وهو يحقق كل ذلك واكثر منه ؟؟
9ــ وفي ظل الدعم المادي ، والاقتصادي الغير محدود ، والتكنولوجي والعلمي والعسكري واللوجسيتي ، الأميركي والغربي والدولي ، و( للأسف الإقليمي !! ) للكيان الصهيوني ، ليبقى هو الدولة الأكثر تفوقا وتقدما وقوة ونفوذا في المنطقة ، فكيف يمكن ان ينهار ؟؟!!
10ـ وكيف ستنهار هذه الدولة الاستعمارية القوية ، والأمة الاسلامية والعربية ممزقة ،مشتتة ، ومجزأة ، والفلسطينيون أنفسهم أصحاب القضية الأم ، منقسمون على أنفسهم ، مابين حكومة في الضفة الغربية المحتلة ، وحكومة في قطاع غزة الذي لم يكتمل تحريره بعد ، ومازال يخضع لحصار ظالم منذ عام 2006 ، بينما يخضع الجزء الباقي من الفلسطينيين في القدس المحتلة ، والمناطق المحتلة عام 1948 لتمييز عنصري بشع لم يسبق له مثيلا ، عدا عن استمرار التهويد والاستيطان ومصادرة الأراضي ؟؟
فكيف يكون ذلك الانهيار ؟؟؟؟
ــ بالطبع الأسئلة كثيرة ، والاستفسارات والملاحظات والتعليقات كثيرة ، ولكن أيضا قد يشاركني الكثير الموافقة على هذا العنوان ، وقد يتحفظ البعض الآخر ...
وفي كل الأحوال فإنني أحترم جميع الآراء ووجهات النظر والملاحظات والتعليقات ...
وعليه اقول بمنتهى الثقة والإيمان بالله العلي القدير، ووعده المحتوم ، وبالنبي الكريم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ووعوده وبشائره المؤكدة ، وبالقرآن الكريم ، وإن الإيمان بالوعد الإلهي / النبوي / القرآني ،يجعلنا على يقين مطلق ان هذا الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا المباركة ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية ، ولحقوقنا التاريخية الثابتة المشروعة ، سوف يزول حتما ـ بإذن الله ــ من الوجود ، فما وجد هذا الكيان المسخ فوق ترابنا الفلسطيني المقدس ليبقى ويستمر ، إنما وجد ليزول ، نعم سيزول ، فلقد زال من قبله الاحتلال الصليبي لفلسطين وبيت المقدس واكناف بيت المقدس ، وهو الذي استمر سنوات عديدة ، وإن غرس الدولة الصهيونية في قلب الأمة الاسلامية والعربية / فلسطين ، لهوإمتحان كبير ، و إختبار وتمحيص رباني، ليس لأهل الشام وفلسطين فقط ، بل لكل الأمة الإسلامية والعربية ، انه تمحيص وابتلاء من نوع خاص ، والشعب الفلسطيني ومعه الأمة الإسلامية والعربية سيكافئهم الله سبحانه وتعالى بانتصارهم على العدو الصهيوني ومحوه عن الخارطة بالعودة الى سيادة العالم من جديد ، وبدء الدورة الحضارية الثانية للإسلام والمسلمين ، والتي يجمع كثير من المؤرخين والمفسرين والمفكرين والباحثين والفقهاء أنها ستنطلق من القدس والمسجد الآقصى المبارك ، او بالتماس معها ، نظرا لخصوصية الربط مابين المسجد الحرام والمسجد الآقصى ، في مقدمة سورة الإسراء ، وغيرها من المواضع القرآنية ، وأن الدورة الحضارية الأولى انتهت ليس فقط بإسقاط الخلافة الإسلامية ، وإنما اكتملت ملامح السقوط والانهيار الحضاري ، وانتهاء الدورة الحضارية الأولى للأمة الإسلامية باحتلال فلسطين ، وسقوط بيت المقدس والمسجد الآقصى المبارك ( ولن يتسع المجال هنا للاستزادة في هذا الموضوع ، ولكن بمشيئة الله سيكون لنا حديث آخر مستفيض وموسع حوله في كتابنا الذي سيصدر قريبا بعنوان : " درب الآلام ") ....
ولنتأمل معا الحديث النبوي الشريف ، الذي أخرجه الإمام أحمد بن حنبل ( رضي الله عنه ) في مسنده ، عن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال :
[ لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، ولعدوِهم قاهرين ، لايضُرهم من خالفهم ، حتى يأتي امر الله وهم كذلك ]
قيل : اين هم يارسول الله ؟
قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : [ بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ] .
وهذا الحديث النبوي الشريف وغيره مئات الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة بشرى نبوية عظيمة ، واما سورة الإسراء فهي بشرى إلهية / ربانية / عظمى ، وهي الوعد الإلهي القرآني للأمة الإسلامية بالنصر والتمكين والقضاء على علو وإفساد بني اسرائيل ، وتحرير المسجد الأقصى المبارك ، وازالة الكيان الصهيوني من الوجود :
[ فإذا جاء وعد الاخرة ليسئوا وجوهكم ، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ، وليتبروا ما علوا تتبيرا ].
وتمتلئ سور وآيات القرآن الكريم ، والآحاديث الربانية القدسية العظيمة ، والأحاديث النبوية الشريفة بالبشائر التي لاتعد ولا تحصى حول إساءة وجوه بني اسرائيل ، وحول نهضة الأمة الاسلامية من جديد ، وكذلك حول تفكك المجتمعات الصهيونية / اليهودية من الداخل ، والأمراض الإجتماعية والسياسية والأخلاقية والإقتصادية ، وحتى الصحية التي ستنتشر في صفوفهم !!
إضافة الى التناقضات المختلفة التي ستنتشر في أوساطهم وستدمر مجتمعاتهم ، وإذا ما ألقينا نظرة سريعة على صورة الكيان الصهيوني من الداخل خلال العام الماضي والفترة الأخيرة وحدها ، سلنحظ بسهولة حجم التفكك الاجتماعي والتراجع الاقتصادي والتناقض السياسي ، والانهيار الأخلاقي والقيمي ... وسنشاهد فعلا بعضا من ملامح الانهيار الشامل للعدو الصهيوني ، الذي نسأل الله سبحان وتعالى أن يكون عاجلا ، غير آجل .. وبدأت الكثير من اصوات المثقفين والمؤرخين اليهود الجدد والأكاديميين والباحثين والكتاب والمفكرين ،وحتى بعض السياسيين ، إضافة الى أولئك الذين تحولوا من جنرالات في جيش العدو الى ( دعاة للسلام) ، تعلوا وترتفع لتحذر قادة دولة العدو ، ومكوناته الإجتماعية بالتوقف فورا ، ومراجعة النفس وايجاد حلول عادلة للصراع العربي / الإسرائيلي ، وللقضية الفلسطينية ، بل إن أحاديث بعضهم عن طبيعة الصراع ومعاناة الفلسطينيين فوق أرضهم المحتلة ، والنكبة الفلسطينية تفوق بكثير مواقف ( بعض الفلسطينيين من أصحاب القضية !!! ) ولو أراد هؤلاء أن يتحدثوا عن النكبة والقضية الفلسطينية ، وتهجير الشعب الفلسطيني واحتلال أرضه ، لما استطاعوا أن يتحدثوا بأفضل منهم ، وفي هذا الصدد قال داعية السلام الإسرائيلي ميكو بيليد، ابن الجنرال الإسرائيلي السابق الذي تحول الى داعية للسلام ماتي بيليد وشقيق داعية السلام المعروفة البروفيسورة نوريت بيليد الحنان في كلمة له بعنوان :
« ما وراء الصهيونية، نموذج جديد للسلام في فلسطين / إسرائيل » في غرفة في مجلس العموم البريطاني بدعوة من ( مجلس تحسين التفاهم العربي - البريطاني (كابو) ) الاسبوع الماضي، وأدار الجلسة التي استمرت ساعتين النائب جون دينام: ( ان النكبة الفلسطينية لم تقع قبل 65 سنة. النكبة بدأت قبل 65 سنة وهي مستمرة حتى اليوم..) ... وأضاف : ( إن التقسيم أعطى أكبر جزء من أرض فلسطين للمجموعة الأقل عدداً ، فقد كان الفلسطينيون سنة 1947 ثلاثة أضعاف اليهود في فلسطين. غير أن الرواية الرسمية الإسرائيلية هي أن: العرب (لا يقولون فلسطينيين) رفضوا التقسيم وحاربوا ونحن انتصرنا ، وزعم أول رئيس إسرائيلي حاييم وايزمان قائلا: نحن طلبنا منهم أن يبقوا إلا أنهم رفضوا!) .
وأكد بيليد : ( أن مئات القرى والمدن الفلسطينية دمرت، والفلسطينيين هاجروا أو هجّروا بعد 12 شهراً من الهجمات الإرهابية عليهم التي انتهت بإعلان قيام إسرائيل ).
وحول حرب يونيو / حزيران 1967 التي أصبح والده الجنرال ماتي بيليد داعية للسلام بعدها، قال : ( إن الحكومة الإسرائيلية وجدت فرصة لتدمير الجيش المصري، وقتل في الحرب 15 ألف جندي مصري مقابل 700 إسرائيلي، وهي نسبة غير معقولة) ، وقال بيليدعن قطاع غزة الذي زاره قبل سنوات :( إن الفقر فيه لا يصدق، وهناك مجارير مفتوحة، والقطاع معسكر اعتقال من النوع النازي فيه مليونا شخص ) ...!!
وهوكشف أيضا عن محاولات الكيان الصهيوني لــ : ( اختراع تاريخ جديد فقد غيّرت الأسماء ودمرت الآثار، واستقدمت عشرات المؤرخين لتغيير التاريخ القديم المعروف. وهناك في إسرائيل ألوف المعتقلين خلافاً للقانون الدولي) .وأكد بيليد : ( إن الوضع الحالي في إسرائيل لن يستمر وهو شبيه بنظام أبارتهايد، أو التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا، وإن البيض هناك لم يهزموا في معركة ، إلا أنهم استفاقوا يوماً وقرروا أن الوضع الذي هم فيه لا يمكن أن يستمر ويجب التغيير. وسيأتي يوم يستفيق فيه الإسرائيليون على وضعهم ويقررون أنه لا يمكن أن يستمر) .وأكد بيلد أن : ( حركة السلام في إسرائيل باقية وأن أعضاءها لن يكلّوا أو يملّوا في طلبهم السلام ، وإن حركة السلام في إسرائيل ليست رجلاً وأخته، وإنما هناك ألوف يظلون أقلية في وجه موجة اليمين الحالية في السياسة الإسرائيلية، إلا أنهم نشطون جداً، ويضمون مثقفين بعضهم من أساتذة الجامعات وطلابها، ويساندهم يهود آخرون من دعاة السلام حول العالم) .
وكان بيليد ألف في السابق كتاباً بعنوان «ابن الجنرال: رحلة إسرائيلي في فلسطين» وألفت أخته كتابا آخر ردت فيه على تهم تشويه صورة اليهود في الكتب المدرسية العربية بإظهار كيف تشوه الكتب المدرسية الإسرائيلية صورة الفلسطينيين والعرب.
وأما على الجانب الآخر من المشهد الإسرائيلي وفي (الذكرى السنوية الـ 65 للنكبة الفلسطينية الكبرى )، بلغ استعراض العضلات لقادة العدو ذروته بحديثهم عن«قدرة الجيش الإسرائيلي على ضرب إيران بمفرده !! »، وتوجيه «ضربات قاسية تجاه لبنان وسورية !! »،وشن «حرب على غزة أشرس وأقوى من الحرب الأخيرة»، وتأكيدهم «لن نقبل بانتفاضة ثالثة».... وهذه المواقف والتصريحات العدوانية المتطرفة أطلقها اعضاء الحكومة اليمينية الصهيونية المتطرفة وقادة جيش العدو في اليوم الاحتفالي لما يسمونه ( عيد الاستقلال ) وفي الحقيقة هو ( ذكرى النكبة الكبرى في فلسطين ) إلى حد لم يتحمله الكثيرون من المؤرخين الجدد والأكاديميين والكتاب والصحافيين الاسرائيليين ، ووصف بعض الكتاب والخبراء والأكاديميين الصهاينة هذه المواقف بـ : «الأوهام التي قد تغرق إسرائيل» ،وأكدوا أنها : ( تنطلق من ضعف ومن حقيقة أن الدولة العبرية غير قادرة على قراءة واضحة وصحيحة للتطورات التي قد تشهدها المنطقة ، اضافة الى عدم قدرتها منفردة على ضرب إيران ) .
ووصفت الباحثة في ( المعهد الإسرائيلي للديموقراطية ) ، تمار هيــــرمان،التصريحات التي أطلقها بنيامين نتانياهو وموشيه يعالون، ورئيس أركان جيش العدو بيني غانتس، بـ «زئير أسد شائخ في فصل الشتاء».وقـأضافت : ( إن من تضعف مكانتهم مثل الأسود الشائخة أو الحكام الذين تبدو كراسيهم مترنحة، يشعرون بالحاجة إلى إطلاق صوت أعلى للإبقاء على صورة القوة والحضور، فضعف اللاعبين السياسيين يترافق غير مرة باستعراضات وخطابات ملتهبة، تجعل بعض المشاهدين ، بل وأحياناً اللاعبين أنفسهم يصدقون بأن هذه هي قوة حقيقية».
ورغم أن غانتس هدد وتوعد بأن جيشه قادر بمفرده على ضرب إيران ، وبمواجهة أوشن الحرب على مختلف الجبهات ، وهدد لبنان وسورية وغزة.... لم تمر ثماني وأربعون ساعة على هذه التهديدات الوقحة ، حتى سقطت الصواريخ على مدينة إيلات ( أم الرشراش ) المحتلة عام1948 الواقعة أقصى الجنوب الفلسطيني المحتل على خليج العقبة بالبحر الأحمر، دون أن تنجح أبسط القدرات الدفاعية الصهيونية في صد هذا الهجوم ومواجهته ، ولم تطلق صفارات الإنذار في جميع المناطق ، أما منظومة «القبة الحديدية»، التي نصبت في إيلات خصيصاً في أعقاب وصول معلومات عن احتمال إطلاق صواريخ، فلم تعمل، وسقط أحد الصواريخ في منطقة مأهولة.
وعاش الكيان الصهيوني أسبوعا كاملاً في أجواء ( استعراض العضلات ) والاحتفالات بإقامة «الدولة الصهيونية»، ولم تهدأ هذه الاستعراضات والإحتفالات حتى بعد سقوط الصواريخ على إيلات ، إلى أن اتضح أن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل، يحمل في زيارته إلى الكيان الصهيوني صفقة تشتمل على رزمة من الأسلحة النوعية الجديدة لتطيل أكثر، الذراع الطويلة لدولة العدو، لتنتقل «حفلة الاستعراضات»، إلى تحليلات وتخمينات حول أهداف الولايات المتحدة من صفقة الأسلحة وموقف هيجل، من الملفين الإيراني والسوري، وهو المعروف بمواقفه المخالفة للمواقف والرغبات الإسرائيلية في هذه الملفين.وقبل أن يوقع هيغل على صفقة الأسلحة مع وزيرالحرب الصهيوني موشيه يعالون، كان واضحاً للقيادة الصهيونية اليمينية المتطرفة أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن موقفها حول : ( أهمية الاستمرار في المسار الديبلوماسي تجاه الملف النووي الإيراني ) ، رغم أن أول تصريح أطلقه هيغل، فور هبوط طائرته في تل أبيب، أن صفقة الأسلحة مع الكيان الصهيوني : ( رسالة واضحة لطهران أن الخيار العسكري لمنعها من إنتاج قنبلة نووية، لم يسقط ) .
وهذا الموقف تعرفه دولة العدو، ولم يجدد فيه هيغل شيئاً، لكنه أوضح أن بلاده التي تؤكد استمرار دعمها الأمني للكيان الصهيوني ، وجعله الأكثر تفوقاً في المنطقة ، لن تسمح بموقف رئيس أركان جيش العدو غانتس، الذي أعلن فيه أن : جيشه قادر على ضرب إيران بمفرده.
وغانتس وقادة العدو يدركون أن قرار ضربة كهذه، لا يمكن للدولة العبرية أن تتخذه ، كما لا يمكن لجيش العدو أن ينفذه وحده ،ورغم أن غانتس إعتمد في تهديداته لإيران ولبنان وسوريا وحتى لغزة على هدية هيغل لسلاح الجو الصهيوني ، إلا إن الأسلحة التي ستقدمها الولايات المتحدة لن تصل دولة العدو قبل عامين ، ولن يكون بمقدور الدولة الصهيونية أن تتصرف بحرية مطلقة فيها ، وهي جاءت كرشوة من الولايات المتحدة لإسكات الكيان الصهيوني عن صفقات الأسلحة التي ستعقدها الولايات المتحدة مع السعودية والإمارات العربية، التي سبق أن ضغطت الدولة الصهيونية لمنعها، خشية إخلال في توازن القوى.
وصفقة الأسلحة التي وقعها هيغل ويعالون تشمل وسائل قتالية حديثة جداً لا تملكها دول أخرى حليفة للولايات المتحدة. ولا علاقة لها باحتمال توجيه ضربة قريبة لإيران. فطائرات V-22، المعروفة باسم «صقر السمك» وطلبت الدولة الصهيونية أن تتزود بست منها ، هي أيضاً مروحيات قادرة على أن تقلع وأن تهبط في شكل عمودي، من إنتاج مصنع طائرات بوينغ الأميركية ، وستحسن هذه الطائرة قدرات سلاح الجو الصهيوني على العمل من خلال وحدات الكوماندوس في مسافات بعيدة. وإذا قررت أميركا إنتاج عدة طائرات كهذه لصالح الكيان الصهيوني ، فإنها ستصل إليه بعد عامين على الأقل، وكذلك الأمر بالنسبة لطائرات تزويد بالوقود من طراز KC-135) ) ، التي ستساعد سلاح الجو الصهيوني ( في عملياته العدوانية التي ينفذها ) في مسافات بعيدة، فهذه أيضاً ستصل بعد أكثر من سنتين لأنه لم يباشر بعد في إنتاجها.
وفي المقابل ستعقد الولايات المتحدة مع السعودية والامارات العربية المتحدة صفقات تشمل أسلحة لصد منظومات الدفاع الجوي المتطورة التي باعتها روسيا لسورية ، وجهاز رادار متطور لطائرات أف 16 وأف 15، وأوضح القائد السابق لسلاح الجو الأميركي وقائد قوات حلف الشمال الأطلسي، فيليب بريدلاف الهدف الحقيقي من وراء هذه الصفقات مع السعودية والامارات قائلا : ( إن واحداً من تحدياته المركزية سيكون الاستمرار المحتمل للربيع العربي الذي قد يؤثر في عمق إسرائيل الاستراتيجي المتقلص ... ، وإسرائيل قلقة من طموحات إيران الذرية ومن تقديرات أمنية تتعلق بالسلاح الكيماوي والصاروخي الذي تملكه سورية، وانخفاض تأثير الجيش في مصر وتضعضع الاستقرار في سيناء نتيجة ذلك ومن قوة حزب الله) ، ويؤكد بريدلاف أنهم : ( في وزارة الدفاع الأميركية يطمحون إلى أن يضمنوا لإسرائيل التصميم الأميركي على كفالة أمنها )..... وطبعا الكفالة الأميركية لأمن الكيان الصهيوني ، تعني زيادة الدعم والمساعدة العسكرية الأميركية للعدو، الذي يطمح الى منحه مساحة أكبر من الحرية لاستخدامها.
ومن ناحية أخرى اجتمع المجلس الوزاري الصهيوني المصغر "الكابينت"، يوم الأحد الماضي 12/5، في جلسة خاصة لبحث تقليص ميزانية جيش الاحتلال الإسرائيلي لعام 2014، تحت ضغط التظاهرات الاحتجاجية ورفض قيادات الجيش الصهيوني لهذا التقليص ،وحضر الاجتماع قائد الجيش، بيني جانتس، ونائبه، ورئيس قسم التخطيط في الجيش، ومستشار قائد الجيش الاقتصادي، بالإضافة إلى وزيرالحرب موشيه يعالون، وذلك بعد نقاش وبحث طويل في وزارة الحرب حول تقليص الميزانية، والتي ستصل إلى( 4 مليار شيقل ) وعرضت القيادات العسكرية الصهيونية أمام "الكابينت" المخاطر المزعومة التي تتهدد الكيان الصهيوني وجيشه ، في حال تمت هذه التقليصات، في محاولة منهم للضغط على الوزراء لرفضها، وعرضوا أمامهم عدم رفضهم لفكرة التقليص من ناحية المبدأ، وإنما ماذا سيشمل التقليص ، وما يستطيع الجيش الصهيوني الاستغناء عنه في ظل مخاطر عديدة ( مزعومة ) تتهدد الكيان الصهيوني ،وشهدت مدينة تل أبيب المحتلة السبت الماضي 11/5، تظاهرات شارك فيها 12 ألف متظاهر، وكان لهذه التظاهرات تأثيراً كبيراً على سياسة التقليص التي يتبناها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، ووزير ماليته اليميني المتطرف يائير لبيد، وساهمت في إعادة التفكير مجددا في مشروع الميزانية والتقليص المقترح ، وأيضا تظاهر مجموعة كبيرة من الصهاينة أمام بيت وزير الطاقة الصهيوني سلفان شالوم، احتجاجا على مخطط تصدير الغاز، الذي يجني أرباحه أصحاب رؤوس الأموال، وشهد بحث تقليص الميزانية العسكرية خلافات حادة داخل المؤسستين السياسية والعسكرية ، وكانت خطة الجيش متعددة السنوات، للتدريبات والاستعدادات، في صلب المواضيع التي بحثها اجتماع المجلس الوزاري المصَغَر، وعقدت حكومة العد والاثنين 13/5 جلستها الأسبوعية، وكان في صلب مواضيعها إلى جانب تقليصات الميزانية العسكرية، التطورات الأمنية في المنطقة، وزيارة نتانياهو إلى الصين، وزيارته إلى روسيا الأربعاء 15/5، للبحث في صفقة الأسلحة بين روسيا وسوريا، التي تشمل صواريخ وأسلحة متطورة، وسعى رئيس حكومة العدو إلى إحباطها.... وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انه تحدث مع نتنياهو حول الوضع في المنطقة ، وخصوصا الوضع في سوريا ، وعرض نتنياهو على بوتين مناقشة :( سبل إشاعة الاستقرار في المنطقة ، لإحلال المزيد من الأمن والمزيد من الطمأنينة فيها ) ،وأضاف قائلا : ( هذا هام بالنسبة لنا ، فنحن نعيش هناك ، لكننا نعرف أيضا انها هامة بالنسبة لكم أيضا ، وبوسعنا التفكير في كيفية احلال الاستقرار فيها وجعلها أكثر أمنا) ، وحاول نتنياهو خلال هذه الزيارة العاجلة لروسيا اقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم تسليم أنظمة صواريخ ( ارض-جو اس-300 ) المتطورة الى دمشق ، خصوصا أن هذه الصواريخ الروسية المتطورة تستطيع اعتراض طائرات ، او صواريخ موجهة في الجو ، وشبيهة بصواريخ ( باتريوت الاميركية ) ، وتؤكد وسائل الإعلام الصهيونية أن نصب مثل هذا النظام من الدفاعات الجوية سيعقِد اي مشروع للولايات المتحدة او حلفائها لشن ضربات جوية ضد النظام السوري ، او اقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا ، او التدخل لتفكيك الأسلحة الكيميائية ، او فرض طوق امان حولها ، واكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان : ( موسكو في المراحل الاخيرة لتسليم صواريخ دفاع جوي لسوريا ) ، بينما حذر وزير الخارجية الاميركي من تزويد سوريا بهذه الصواريخ معتبرا ان : ( ذلك يشكل عاملا محتملا لزعزعة استقرار المنطقة ) ، وقالت صحيفة( كومرسانت ) الروسية ان: ( الرئيس الروسي اكد لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي زار روسيا ايضا ، لاجراء محادثات حول سوريا ان الصواريخ ستسلم فعلا لدمشق ) ،وأوضح بوريس دولغوف ( المحلل في المعهد الروسي للدراسات الشرقية ):( في منطق الامور وبعد عدة ضربات لسلاح الجو الاسرائيلي في سوريا، سيواجه نتانياهو صعوبة في ردع الرئيس الروسي عن تسليم اسلحة دفاعية)،أما الخبيرالروسي فيكتور كريمينيوك من ( معهد الولايات المتحدة كندا في موسكو ) فقد قال :( ان بنيامين نتانياهو بإثارته مسألة الصواريخ يحذر بصورة غير مباشرة من ان اسرائيل ستدمر هذه الصواريخ اس-300 عندما سيتم تسليمها ويبدأ جمعها ) ، أما الخبير الروسي ايغور كوروتشينكو من ( مركز دراسات السوق العالمي للاسلحة )فقد أوضح : (ان التساؤل لمعرفة ما اذا كانت روسيا ستنفذ عقدها لتسليم (الشحنة) يبقى مفتوحا ) ، وهذه الصفقة ابرمت في العام 2010 لتسليم اربع بطاريات صواريخ اس 300 وتشمل ست منصات اطلاق و144 صاروخا يصل مداها الى مئتي كلم، بقيمة 900 مليون دولار) .
وعلى الصعيد الداخلي للدولة الصهيونية والمشاكل العديدة التي تعاني منها ، فقدأعلن بنيامين نتانياهو أن التقليصات في ميزانية الأمن ستصل إلى ( 3 مليار شيكل ) ، بدلا من ( 4 مليار شيكل ) .وقال إن : ( الجيش وضباطه وجنوده وسلاحه حيويون لأمن إسرائيل، سواء في الدفاع أم في الهجوم ، والجيش بحاجة إلى "قبة حديدية" أخرى، والتقليص يسمح بتحقيق هذه الأهداف ) ، وقد صادقت حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية المتطرفة ، على الميزانية بعد نقاش طويل وعاصف استمر حتى ساعات الليل، وصادقت أيضا على "ميزانية الدولة وقانون التسويات" للعام القادم ، وكانت لجنة المالية في نهاية كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي 2012صادقت على زيادة( 1.6 مليار) شيكل لميزانية الأمن، وفي حينه جرى تقليص (740 مليون شيكل ) من الميزانية العادية المدنية. وخلال العام 2012، تمت المصادقة على زيادة ميزانية الأمن بـ ( 4 مليار شيكل)، وقالت هافا غلؤون رئيسة حزب "ميرتس" المعارض ، وعضو الكنيست الصهيوني أن : [نتانياهو و وزارة المالية الصهيونية ، خضعا لتهديدات الأجهزة الأمنية والعسكرية الصهيونية ، التي تسحب ( عشرات المليارات من الشواكل ) سنويا من الميزانية دون أي رقابة] وأكدت أن : [ المطلوب إجراء تقليص أكبر في ميزانية الأمن ، لأنه يجري سنويا تحويل ( عشرات المليارات من الشواكل إلى الأجهزة الأمنية) ، بما يزيد عن الميزانية السنوية الأصلية المخصصة لها بقرابة ( عشرة مليار شيكل سنويا) ، وكل ذلك يتم بدون أية رقابة ، ودون مباحثات استراتيجية بشأن سلم الأولويات ، ودون رقابة حقيقية من قبل الكنيست أو وزارة المالية ] .
وكانت المناقشات بشأن (ميزانية الأمن والجيش الصهيوني ) قد إستمرت لأكثر من ساعتين قبل عرضها على حكومة العدو ، بين نتانياهو ووزير الحرب موشي يعالون ووزير المالية يئير لبيد الذي أراد تقليص ( 4 مليار شيكل ) ، ولكن قادة الأجهزة الأمنية والجيش طالبوا بزيادة ( 2-3 مليار شيكل ) ، زاعمين أن : [هناك تهديدات قد تضاعفت من كافة الحدود ومن دول بعيدة أيضا ( المقصود هنا طبعا إيران ) ] ، معتبرين أن : [ التقليص في الميزانية سيمس بجاهزية الجيش ] ، بينما أكد وزير المالية ، ومعه رئيس شعبة الميزانية في الوزارة ومسؤولون آخرون ، أن : [ وزارة الحرب الصهيونية حصلت في السنوات الأخيرة على زيادة كبيرة جدا في الميزانية، وسجلت في العام الماضي 2012 ما يقارب ( 60.5 مليار شيكل ) ] ، وقرر وزير المالية الصهيوني ( يائير لبيد) إجراء تقليص حاد في ميزانية وزارة الداخلية خاصة فيما يتعلق بـ ( محاربة ظاهرة المتسللين والمقيمين بشكل غير قانوني ) ، والتي وصلت إلى ( 300 مليون شيكل ) سنوياً ، نظرا لما شهدته ميزانية دولة العدو لعامي 2013-2014م من تقليصات كبيرة ، والتي ستمس بشكل ملحوظ بمنشآت الاعتقال التي تم إنشاؤها في النقب المحتل ، وستمس ميزانية شرطة الهجرة الصهيونية ، والمكلفة بمحاربة مثل تلك الظواهر ، وجاء قرار تقليص الميزانية في عدة وزارات صهيونية ، بعدما تم العثور على أموال زائدة في الميزانية العامة ، وحتى لا يصيب التقليص المزمع إجراءه القضايا الرئيسة الهامة ، وخصوصا الشأن الاجتماعي، وأكد أحد المسئولين في وزارة المالية أنه : ( لن تحدث كارثة لو قلصنا في ميزانية محاربة ظاهرة التسلل ) ، و عارض وزير الداخلية الصهيوني "جدعون ساعر" اقتراح تقليص ميزانية محاربة ظاهرة التسلل وبشدة، وقال: ( إن ظاهرة التسلل مشكلة حقيقية تحتاج لحل فوري وجاد، ولا يجب وقف الحرب ضدها في الوقت الذي بدأت تؤتي بثمارها ) ، وقررت وزارة المالية الصهيونية أيضا تجميد تعيين الموظفين في القطاع العام خلال الأعوام القادمة ، وعدم قبول موظفين جدد في الأماكن الشاغرة ، الأمر الذي يكشف حجم الأزمة المالية والاقتصادية لدى العدو الصهيوني .
وفيما يتعلق بالملف السوري والتطورات اليومية الخطيرة نتاج الأحداث الدموية المؤسفة في سوريا ، فقد حذر شلومو بروم، الرئيس السابق لـ ( وحدة التنظيم الاستراتيجي في جيش العدو ) ، والذي يعمل حالياً باحثاً كبيراً في ( معهد أبحاث الأمن القومي ) ، من أي تدخل صهيوني في سورية وأكد: [ إن إسرائيل لا تملك قدرة حقيقية للتأثير على ما يجري داخل سورية. وسيؤدي تدخلها إلى نتائج معاكسة لما ترغب فيه. وقد تنشأ أوضاع تجبر إسرائيل على التدخل، كالهجوم الذي أعلن أنه استهدف قافلة لنقل منظومات سلاح مخلة للتوازن، إلى حزب الله في لبنان، وحوادث متكررة من إطلاق النار، غير مقصود، نحو الجولان المحتل بسبب فقدان النظام والسيطرة على مناطق في الجولان ] ، وكشف بروم أن : [ هذا التهديد بدأ ينعكس على أرض الواقع بين عناصر الأمم المتحدة، المشرفة على اتفاقية حماية الحدود والفصل بين الكيان الصهيوني وسورية. وبدأت بعض هذه الوحدات بالمغادرة ، ومن المتوقع أن تنهار القوة الدولية تماماً ] . وأكد هذا الخبير الصهيوني أن الدولة الصهيونية : [ يمكن أن تجد نفسها في واقع مختلف تماماً عن ذاك الذي اعتادت عليه منذ عام1974، وهضبة الجولان قد تصبح قاعدة للهجمات من جهات جهادية وفلسطينية متطرفة، وحذر من أبعاد استمرار القتال في سورية ومخاطره على المصلحة الإسرائيلية ] ، وطالب القيادة الصهيونية بــ : [ دعم خطوات من شأنها وضع حد للأزمة السورية، ودعم جهات خارجية ، ورفع الحظر عن تزويد العناصر المعتدلة بالأسلحة ] . وأكد بروم أن : [ البدائل لتحطيم التعادل حسب مستوى التصعيد هي إزالة الحظر الغربي على توريد السلاح للثوار، وإقامة مناطق حظر طيران على الجيش السوري وتدخل جوي في مساعدة الثوار]، ويضيف قائلا: [ سطحياً يبدو أن إزالة الحظر على إرسال السلاح هي الإمكانية الأقل إشكالية من بين الإمكانيات المتوقعة، رغم الحجج المضادة كسقوط السلاح في أيدي جهات إسلامية متطرفة، لأنه لا توجد قدرة جيدة على التمييز بين الجماعات المختلفة من الثوار والسيطرة على الهدف النهائي للسلاح ] ، وأكد بروم أن : [ المتطرفين الإسلاميين في سوريا يحصلون على السلاح من دول الخليج ، ولا يوجد للجهات الأخرى مصادر تموين منتظم للسلاح ] . وكشف كذلك أنه : [ مع الوقت تتراكم معلومات أفضل عن المجموعات المختلفة ، ومع جهد استخباري مناسب يمكن الوصول إلى صورة أفضل ] ، وعارض بروم برأيه من يقول أن : [ رفع الحظرعن توريد السلاح للمتمردين سيعطي روسيا، إيران ، وربما أيضاً دول أخرى ذريعة لزيادة إرساليات السلاح إلى نظام الأسد، وهكذا ستتم المساهمة في تصعيد القتال ،وهذه الدول لن تكون بحاجة إلى ذرائع أخرى لتوريد السلاح للنظام السوري، ومعقول أكثر بأن توريد السلاح النوعي ، مثل السلاح المضاد للدبابات والمضاد للطائرات، مما يضر في مجالات تفوق قوات النظام، كفيل بأن يغير في شكل جوهري علاقات القوى الحالي ].
وفي تطور نوعي له علاقة بسياق الأحداث المتوقعة بالمنطقة ، وكرسالة ذات مغزي وجهتها الولايات المتحدة اتجاه روسيا من جهة ، ومن جهة اخرى اتجاه ايران وحزب الله وسوريا وحلفاءهم ، وكنوع من التطمين للدول العربية المتحالفة مع اميركا ، ولتعزيز قوة الردع العسكرية للعدو الصهيوني ، بعدما استطاعت المقاومتان اللبنانية والفلسطينية كسر شوكته وقدراته على الردع العسكري ، وهزيمته في لبنان وقطاع غزة ، فقد حلقت مؤخرا طائرات استراتيجية من طراز 'إف - 22' أميركية الصنع فوق البحر الأبيض المتوسط ، وعلى علو شاهق فوق فلسطين المحتلة ، ولبنان والأردن ، ثم عادت إلى حاملة طائرات الأميركية المتواجدة بشكل شبه دائم في عرض البحر المتوسط ، وهذه هي الطائرة الأميركية الحربية الوحيدة ، التي تستطيع ضرب أي هدف بعيد المدى، وتستطيع الوصول اليه بسرعة تفوق سرعة الصوت بمرتين ونصف ، ويمكنها الوصول إلى إيران وأفغانستان بسهولة والعودة الى حاملة الطائرات في عرض البحر المتوسط ، او قاعدة إنطلاقها من فلسطين المحتلة ، وحول إمكانية امكانية إختراق هذه الطائرة للأجواء الإيرانية ، وأكدت مصادر بالجيش الأمريكي أنه ليس هناك صواريخ تستطيع اللحاق بها؛ لأنها تعطل كل الصواريخ التي تتجه نحوها، بالإضافة إلى أن الرادار لا يلتقطها ،ورفضت الولايات المتحدة تسليم بريطانيا هذه الطائرة ، أو إعطائها لأي دولة في حلف الناتو ، و الدولة الوحيدة التي ستستلمها من الولايات المتحدة هي الكيان الصهيوني ، وسيقدم الجيش الأمريكي 40 طائرة من هذا الطراز للعدو الإسرائيلي مجانًا !!، ويبلغ ثمن هذه الطائرات( 13 مليار دولار) ، وفي ظل هذا التطور الخطير ورداً على الرسالة الأميركية بدأ طيارو( معهد أبحاث الطيران ) في مدينة جوكوفسكي القريبة من العاصمة الروسية موسكو، إجراء ( تمارين معركة جوية ) على أحدث مقاتلة روسية طراز'سو-35 أس'؛ التي تضاهي المقاتلة'إف - 22' الأمريكية ، وبهذا تقول روسيا للولايات المتحدة وللعدو الصهيوني ، بشكل عملي : ( الرسالة وصلت ، ولن نسمح لهذه الطائرة بإختراق الأجواء الإيرانية ، أو توجيه أية ضربة للبرنامج النووي الإيراني ، او اية أهداف داخل الأراضي الإيرانية ) .
ويأتي هذا الدعم العسكري والتكنولوجي الأميركي النوعي للعدو الإسرائيلي ، في الوقت الذي تعيش فيه دولة العدو مشاكل داخلية كبيرة ، ويسير مجتمعها المتناقض بمكوناته نحو التفكك والتمزق تدريجيا ، وتشهد دولة العدو هجرة عكسية للعلماء ورجال الأعمال والعقول العلمية ، وفي هذا السياق ، أعرب فيه وزير التعليم الصهيوني "شاي بيرون" عن قلقه من ( هروب العقوب الاسرائيلية للعمل في الخارج ) ، داعياً ( الى توفير مواد مناسبة لتطوير وتربية الثروة البشرية ) ، وكشف عن انتقال رجل الاعمال اليهودي الصهيوني المعروف "عيدان عوفر" للعمل في لندن، بسبب الظروف الضريبية المناسبة هناك. وقال: ( يزعجني انتقال رجال المال وهروب العقول من إسرائيل ،ويزعجني تقليص إمكانيات التطوير وتنمية الأبحاث، وتأكل المكانة الجماهيرية لرجال الفكر والعلم )،وبينت دراسة أجريت بالتعاون بين وزارة الصحة الصهيونية والدائرة المركزية للإحصاء في الكيان الصهيوني :[ أن 11% من الأطباء الإسرائيليين يعيشون ويعملون خارج البلاد) ، وكشفت الدراسة أنه في ( العام 2008 كان هناك 3,580 طبيباً، ممن يحمل تراخيص عمل بالخارج لمدة سنة على الأقل ) ،وأشارت الدراسة إلى ( أن 32% من الأطباء يعملون برواتب شهرية وكمستقلين، و 62% يعلمون برواتب شهرية فقط، والباقي (6%) يعملون كمستقلين فقط ، ومعدل الدخل السنوي للطبيب الذي يعمل براتب شهري وصل في العام 2008 إلى 275 ألف شيكل سنويا (ما يقارب 22.9 ألف شيكل شهريا ) ، أما الطبيب الذي يعمل كأجير وكمستقل يصل راتبه إلى 351 ألف شيكل سنويا (29.3 ألف شيكل شهريا)، وهناك فجوة بين متوسط الأجور للأطباء وبين متوسط الأجور للطبيبات، و يقل الدخل السنوي للطبيبات مقارنة بالأطباء بنسبة تتراوح ما بين 29% إلى 36% ، والطبيب المختص يحصل على زيادة في دخله السنوي تتراوح ما بين 127 إلى 202 آلف شيكل، ويقدر دخل الطبيب المختص (وليس الطبيبة) بـ 442 ألف شيكل سنويا،ما يعادل 37 ألف شيكل شهريا. ] ، وفي ظل الهروب شبه المنظم والمستمر للعقول والعلماء ورجال الأعمال الصهاينة ،وغيرهم من الشرائح المختلفة بالكيان الصهيوني الى خارج فلسطين المحتلة ، تقوم ( الوكالة اليهودية ) التي تعنى بتهجير اليهود من العالم ونقلهم للاستعمار والاستيطان في فلسطين المحتلة ، بنشاط محموم لتعويض النقص الديمغرافي الذي تسببه الهجرة اليهودية المعاكسة ، و تبذل منذ فترة قريبة جهودا كبيرة لتهجير مجموعة من ( الهنود الحمر !! ) الذين يقطنون على ضفاف نهر الامازون ، الى فلسطين المحتلة ، بزعم انهم من ( اصول يهودية !! ) ، ومن المتوقع وصول مجموعة جديدة مكونة من مئة شخص يقطنون حالياً مدينة "ايكيتوس" النائية التي تقع في منطقة من الأدغال على ضفاف نهر الأمازون في المقطع الذي يخترق جمهورية "بيرو" في امريكا اللاتينية، وزعمت وسائل الإعلام الصهيونية : ( انهم جزء من جالية يهودية "فريدة" يعود أصلها الى أواخر القرن التاسع عشر !) ، ويشتغل هؤلاء باستخراج وتجارة المطاط المربحة ، وتروج وسائل إعلام العدو أن: ( أفراد هذه المجموعة من الهنود الحمر بقوا محافظين على طابعهم وعقيدتهم اليهودية، واقترنوا لاحقا بنساء محليات من قبائل الهنود الحمر، أهل المنطقة، وطغت التقاليد وانماط الحياة الهندية عليهم ) ، وتواصل زعهما قائلة : ( قبل عشرات السنوات تم الاتصال بين أبناء هذه الجالية ومنظمات دينية يهودية، اجتهدت في تهجيرهم الى "فلسطين المحتلة ، ووصلت اول مجموعة صغيرة منهم في سنوات التسعين، ثم تبعتها مجموعة قبل 12 عاما ، وجاءت مجموعة اخرى مكونة من 250 فرداً ، وتستعد مجموعة اخرى مكونة من مائة شخص للهجرة ) الى فلسطين المحتلة ، للمشاركة في المشروع الاستيطاني الاستعماري الصهيوني ، وزعم مسؤول في الوكالة اليهودية، ان افراد هذه المجموعة يحملون المستندات التي تؤكد كونهم "يهود كاملين" ، وصادّقت "الوكالة" على مجيئهم ، بانتظار مصادقة وزارة الداخلية الصهيونية اشترطت اجراءات اضافية "مكملة" ولا يٌستبعد التصديق نهائياً على قدومهم بعد استكمال الاجراءات.
وفي ظل انتشار الفساد بأشكال ومستويات مختلفة داخل الكيان الصهيوني ، وخصوصا لدى الحاخامات والمعاهد الدينية والمتدينين الصهاينة المتطرفين ، تضطر الجهات الحكومية للتظاهر بمكافحة هذا الفساد المزاعم الشكلية بمكافحته ، ولذلك طالبت وحدة التحقيقات المختصة في قضايا الفساد في الشرطة الصهيونية ، بإحالة حاخام مدينة حيفا المحتلة الرئيسي "شلومو شلوش" للمحاكمة، بسبب تورطه بعدد من قضايا الفساد والاحتيال ، وتتهم الشرطة الصهيونية الحاخام " شلوش" بالعديد من تهم الفساد ، من بينها ممارسة الابتزاز ، وتعيين مقربين له في مناصب، والاحتيال وإصدار بطاقات تحليل طعام غير قانونية مقابل مبالغ مالية ، وبدأت هذه القضية عندما نُشر تقرير مراقب الدولة في عام 2008، وأشار فيه إلى تورط الحاخام بعدد من قضايا الفساد، وبعد اصدار التقرير قُدمت شكوى ضد الحاخام للشرطة ، وبعد عامين من الشكوى صادق المستشار القانوني لحكومة العدو على التحقيق مع الحاخام، وتم التحقيق مع الحاخام ، وعدد من مساعديه ، وبعض العاملين في المجلس الديني في حيفا عدة مرات في السنوات الأخير، ولكن حتى اللحظة لم يتم تقديم لوائح اتهام بحقهم !!!.
وفي الختام ، برأي المتواضع أنه يمكن للفلسطينيين أصحاب الشأن الأول لو توحدوا ، ومعهم العرب والمسلمين لو اتفقوا وتكاملوا أن يفعلوا الكثير .. الكثير للتعجيل بانهيار الدولة الصهيونية ، فهذه ( الدولة الصنيعة واللقيطة ) فالتفتت والتشرذم والإنقسام الإسلامي / العربي / الفلسطيني ، وإستمرار عوامل التجزئة في صفوف الأمة الواحدة ، هي أحد أهم عوامل استمرار وجود وعربدة الكيان الصهيوني ، وعلوِه وإفساده ...
ولكننا على موعد من الله سبحانه وتعالى بالنصر والتمكين ، وبالتأكيد أن للنصر والتمكين شروطا عدة ، وعلينا أن نعمل على تحقيق وانجاز شروط النصر، لنستحق الحصول على مكافاة ( النصر الله) .
مصداقا لقوله تعالى : [ إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ]..
د.محمد ابو سمره
مؤرخ وخبير استراتيجي
رئيس مركز القدس للدراسات والاعلام والنشر ( القدس نيوز )
غزة ـ فلسطين
البريد الآليكتروني / [email protected]
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت