رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، يلقي خطبة عصماء جديدة في يوم الجمعة "المقدس" بالنسبة للأمم الإسلامية، ومن الدوحة كما هي معظم خطبه.
في خطبته كما في سابقات كثيرة مثلها، ومن أماكن مختلفة، شن القرضاوي هجوما جديدا على سيد المقاومة السيد حسن نصر الله، وحزبه المقاوم، بالإضافة إلى روسيا وإيران، ولم يتردد "فضيلة الشيخ في وصف الطائفة العلوية بأقذع الأوصاف حيث قال بأنهم "أكفر من اليهود والنصارى".
وفي سياق هجومه الذي لا نرى انه مبررا، لم يتوان عن نبش قبر زعيم عربي خالد كان أحد عناوين مرحلته، وزعيما عالميا تهابه الأمم وتحسب له ألف حساب، حيث صب"صاحب الفضيلة" أحقاده على الزعيم العربي القومي جمال عبد الناصر، وحاول "تبهيت" تجربته في الوحدة مع سوريا، معتبرا ان فشل الوحدة كان بمثابة الحرية والاستقلال للقطر السوري.
التركيز من قبل القرضاوي على حزب الله وسيد المقاومة، يتساوق ويتزامن مع كتابات وتقارير وتحليلات سياسية وغير سياسية، ومحاولات تشويه غير مسبوقة
لحزب المقاومة اللبناني الذي استطاع بفضل إيمانه وتمسكه بعقيدته وإرادته القتالية أن يحرج دولة الكيان ويوقع بها ضربات موجعة لم تتعود على تلقيها خلال حروبها المتتالية مع أنظمة الردة والخنوع والهزائم العربية.
السؤال المطروح في ظل هذه الهجمات المتتالية للقرضاوي على حزب الله وسيد المقاومة هو، هل يكون هذا الهجوم انتقاما لما حققه سيد المقاومة من توازن للرعب مع دولة الكيان وهذا ما لم يعجب الكثير من تلك الانظمة التي وقفت خلال حرب تموز ضد حزب الله ومع دولة الكيان؟.
وهل يمكن فهم تكفير الطائفة العلوية بهذا الشكل الفج وكذلك الحديث عن اليهود والنصارى "أصحاب الكتاب" سوى انه محاولة لتعميق الجرح والإيغال بالدماء السورية واللبنانية، وإشعال فتنة طائفية ومذهبية في لبنان، من خلال تأجيج النعرات، وصب الزيت على النار؟.
هل القصير أقدس من قدس الأقداس، بحيث يقوم القرضاوي بدعوة أمم الإسلام للتوجه إليها لمقاتلة حزب الله، ولماذا لم يقم الشيخ "الورع التقي" بتوجيه دعوة مماثلة من اجل القدس التي تغتصب يوميا ويستباح لحمها "المقدس" يوميا منذ ما يقارب خمسة من العقود، ولماذا لم يكن "شيخ شيوخ" السنة، بهذه الهمة العالية وبهذا الاستعداد ليذهب إلى ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين على مدار سنوات اغتصابها "الليلي" وهي تستغيث وا إسلاماه وا عرباه؟.
الحديث الآن عن تجربة الوحدة بين مصر وسوريا، لا نجد له أي مبرر ولا مسوغ سوى الرغبة في تشويه أي محاولة أو حتى أي تفكير بالوحدة، وهو حديث لا يعبر سوى عن حقد دفين في صدور الإسلاميين الذي تآمروا كما تآمرت قوى الاستعمار والعدوان على تجربة الوحدة وعلى الزعيم الخالد عبد الناصر.
ترى ما هي علاقة التجربة الوحدوية بين سوريا ومصر وبين ما يجري في سوريا، سوى حقد أعمى البصر والبصيرة لكل من ارتبط بالغرب وترعرع على أيديهم وعاش في كنفهم وتساوق مع سياساتهم، ولم يكن سوى "دمية" في مخططاتهم.
أما ابن تيمية الأب الروحي لحركة الوهابيين والسلفيين،واستحضار فكره التكفيري في مثل هذه الظروف، فهو ليس سوى استحضار لإعمال شيطانية لا يمكن فهمها إلا من خلال تشجيع الفكر الوهابي التكفيري الذي يخرج معظم المسلمين من الملة.
هل أصبح الحزب العربي اللبناني وهو الحزب الوحيد المقاوم حزبا للشيطان، وأصبح الفكر السلفي الوهابي التكفيري هو من على العرب والمسلمين اتباعه من اجل تحرير فلسطين، كيف تأتي الجرأة لرجل كالقرضاوي بتكفير الشيعة وبوصف حزب الله المنتصر بإذن الله بأنه حزب الشيطان، ترى من هو الحزب الإلهي الذي يريد القرضاوي الترويج له وانه يضم بين صفوفه جند الله على الأرض. هل هم أولئك الذين يمارسون البغاء باسم الدين وتحت ستار "الجهاد"، أم أولئك الذين يتسابقون على نيل رضا الغرب "الكافر" والمطالبة بتسليحهم من اجل المزيد من التدمير والدمار لسوريا وشعبها؟.
واذا كان نظام سوريا لم يطلق طلقة على دولة الكيان، ونحن نتفق مع ذلك، فهلا دلنا الشيخ "الجليل" على الحزب أو النظام "الرباني" الذي لا ينام ليله وهو يطلق النار على هذا الكيان بحيث أشبعه تقتيلا وتدميرا، هل هي الأحزاب التكفيرية التي يريدنا القرضاوي ان نتبع. وهل أصبح السيد مشعل الذي عليه الاعتراف بأفضال لبنان وسوريا وحزب الله عليه هو "المشعل" و"المنارة" التي علينا الاقتداء بها والاسترشاد بهديها، بعد ان "لملم أغراضه" ونام قرير العين مجاورا للقرضاوي في مكان إقامته بدوحة العيديد والسيلية. هذا ما لم نتمناه للسيد خالد مشعل.
إذا كان عناصر حزب الله أتوا إلى القصير من اجل قتل أهلها كما يقول الشيخ، ترى لماذا أتى الصهاينة إلى فلسطين، هل من اجل تعليم أبنائها أم مداعبتهم، ولم أتى هؤلاء إلى القدس، أمن أجل تعمير الأقصى ومداواة أهل القدس ورفع مستوى المعيشة في هذه المدينة الطاهرة. لماذا لم يأت الرجل على ذكر القدس بهذه الحماسة غير المسبوقة، أين القدس في خطب القرضاوي، أين دولة الاغتصاب في فلسطين من كل هذا التحريض، أين أهداف الحركة الصهيونية وشذاذ الآفاق في دولة الاحتلال. لماذا يغيب هذا كله عن الخطب العصماء للقرضاوي؟.
من جديد، نعتقد بأن على القرضاوي ان يتق الله في أهل سوريا، وأن يكف عن التحريض والبعد عن الأحقاد، وان يدعو إلى وقف القتال الذي لم يعد يميز بين علوي وسني ومسيحي وعربي وكردي وتركماني، وان تكون خطبه دعوات للحفاظ على سوريا وشعب سوريا، لا ان تكون دعوات للتحريض والتكفير، لان سوريا بحاجة إلى رجال عقلاء حكماء يدعون إلى نبذ العنف ولحروب، لا إلى تحريض على الكراهية والقتل والمزيد من الدماء.
1-6-2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت