يارا التي اكتب عنها هي ليست "يارا اللي جدايلها شقر " التي غنت لها فيروز ، وليست "يارا" ابنة صديقي الشاعر الشعبي تميم سعود الاسدي النصراوية ، وانما هي يارا عباس الصحفية السورية ومراسلة قناة "الاخبارية" السورية ، التي استشهدت وقتلت غدراً وغيلة برصاص عصابات الارهاب الظلامية الغوغائية ، عدوة الحرية والكلمة والحياة والمستقبل والفكر التحرري التقدمي الانساني ، خلال قيامها بواجبها المهني وتغطيتها لاحداث معركة القصير .
لقد قتلوا يارا بدم بارد بهدف اسكات واخراس صوت الحقيقة ، حيث انها كانت تغطي الاحداث وتنقل حقيقة ما يجري على ارض سورية النازفة دون كذب وتزييف وتلفيق .
قتلوها لانهم خشيوا دورها ، ولانها رفضت ان تكون صوتاً مدجناً مأجوراً ، واختارت الوقوف الى جانب النبض الحقيقي للشارع السوري ، في قلب المعركة وفي الخنادق والميادين ووسط المعارك الدامية تحت البنادق .
قتلوها لانها رفضت الخنوع والخضوع ، ورفضت ان تكون مطية ولعبة وورقة خاسرة في صف ودائرة اعداء الامة ، اعداء الوطن ، اعداء سورية ، اعداء المستقبل . ولانها رفضت بأن تكون المراة مسلوبة الارادة والحرية ومكانها المطبخ والفراش وماكنة للانجاب والتفريخ وعنوانا لصحف ومجلات الاثارة والجنس والتعري ونكاح الجهاد .
كانت يارا عباس صوتاً جريئاً شجاعاً متمرداً مسلحاً بالارادة القوية ،تحلت بشخصية قوية واعية واثقة ، وكانت تتحدث بطلاقة وبدون خوف او رهبة ، واختارت حباً وطواعية الميدان وساحة المعركة مكاناً لعملها الصحفي والاعلامي الى جانب صوت البنادق .
يارا شهيدة الوطن والحرية والحقيقة والاعلام الحر المقاوم ، وشهيدة الضمير والحق والأمل بالانتصار على قوى البغي والعمالة والظلام . وهي ليست الشهيدة الاولى ، ولن تكون بالطبع الاخيرة في معارك الدفاع عن الوطن السوري والارض السورية ، ومواجهة الارهاب الذي يستهدف سورية ، شعباً ووطنا وحضارة وتاريخاً وممانعة ومقاومة .
ويارا ليست الصحفية الاولى ايضاً ، التي سقطت قي معارك البطولة والشرف والكلمة ، فقد سبقتها الى درب الشهادة والموت الاعلامية الفلسطينية نعم فارس ، صاحبة الصوت الجميل الدافئ ، التي كانت تعمل في صوت الثورة الفلسطينية بلبنان ، وكانت تمد المقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين بالصمود والتحدي والمعنويات وبث الثقة والتفاؤل والامل في نفوسهم ، واستشهدت خلال معارك بيروت الصمود في ثمانينيات من القرن الماضي. اضافة الى الصحفية العراقية اطوار بهجت السامرائية التي ذبحت في العام 2006 واثار منظر قتلها وذبحها الاشمئزاز والغضب الشعبي ، وغيرهن من صحفيات وصحفيين .
تخطىء قوى وجماعات الارهاب التكفيرية التي تنضوي تحت "جبهة النصرة" اذا كانت تعتقد وتظن ان اغتيال يارا عباس سيغيب ويسكت الحقيقة ، فزملائها الاعلاميين والصحفييين السوريين والعرب الشرفاء والاحرار باقون على عهدها وماضون في انتهاج طريقها ، طريق الصحافة الحرة المقاتلة الرافضة للكبت وتشويه الحقائق ، ولن يكونوا يوما سوطاً بايدي المتآمرين على سورية .
يارا عباس لن تنصفك الكلمات ، لانك اكبر من الكلام ، وطوبى لك فقد كنت وستظلين مثالاُ وقدوة في شجاعة القول والفكر والانتماء والالتزام والعمل الصحفي الحر النزيه والشريف ، والى جنان الخلد .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت