46 عاماً على النكسة والهزيمة العربية..!

بقلم: شاكر فريد حسن


في الخامس من حزيران سجل التاريخ المعاصر مرور 46 عاماً على نكسة حزيران أو حرب الأيام الستة ، التي نتج عنها احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وسيناء المصرية . ومنذ ذلك الحين عانى شعبنا الآلام واقسى الوان وصنوف القمع والارهاب ، التي مارستها سلطات الاحتلال بهدف تكريس وتخليد الاحتلال والقضاء على مقوماته القومية وتصفية حقوقه الوطنية .
وقد تمثلت وتجسمت معالم ممارسات السحق والقمع والتنكيل والارهاب الاحتلالي في صور بشعة واشكال رهيبة ، من خلال تكثيف اعمال الاستيطان الكوليونالي وبناء البؤر الاستيطانية سعياً لتغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي والاجتماعي والاقتصادي في الضفة والقطاع ، واستغلال الايدي العاملة الفلسطينية الرخيصة في العمل الاسود لتطوير الاقتصاد الاسرائيلي ، ومنع التنظيمات السياسية واللجوء الى اعتقال المناضلين والمقاتلين الفلسطينيين ومحاولة اغتيال رؤساء البلديات الوطنيين المنتخبين (بسام الشكعة ، كريم خلف، فهدالقواسمي ، وحيد الحمداللـه ) وانشاء ما يسمى بـ"روابط القرى" لتكون بديلاً لهم . وكذلك استخدام اشرس انواع العنف لضرب الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية الفلسطينية التي اندلعت في المناطق المحتلة استنكاراً ورفضاً لسياسة واعمال القمع والتنكيل والقمع والبطش والسحق التي تعاني منها .
هذا ناهيك عن محاولات نشر العدمية القومية وحظر كتب الثقافة الوطنية والانسانية التقدمية ، وانتهاج سياسة الكبت والارهاب الفكري ضد المثقفين والمبدعين الفلسطينيين بغية اسكاتهم واخراس اصواتهم وكسر اقلامهم ، وفرض الرقابة العسكرية الشديدة على الابداع الوطني والثوري الفلسطيني والمجلات الثقافية والفكرية والصحف اليومية والاسبوعية الفلسطينية وافراغها من عناصرها الرئيسية والجوهرية . علاوة على اغلاق الجامعات الفلسطينية وعرقلة نهوضها العلمي وتقييد نشاطها، وخاصة جامعة بير زيت .
ورغم النكسة والهزيمة التي حلت بشعوبنا واوطاننا العربية الا ان جماهير شعبنا الفلسطيني لم تستسلم ونهضت من ركام الهزيمة ، فكانت الثورة والمقاومة الفلسطينية المصباح والمشعل الذي اضاء ظلام النكسة . وخاضت هذه الجماهير، التي التفت حول منظمة التحرير الفلسطينية ، المعارك الكفاحية البطولية دفاعاً عن الحق الفلسطيني المشروع ، فسجلت الانتصارات وتصدت ببسالة وصلابة لمشروع "كامب ديفيد" التصفوي ولمعاهدة الاستسلام التي ابرمها نظام انور السادات مع الكيان الاسرائيلي ، ووقفت ضد مخطط ومؤامرة "الادارة الذاتية " ومشروع ريغن الهادفين الى تكريس الاحتلال والاستيطان وتصفية الحقوق الفلسطينية . ويحق للحركة القومية العربية الفلسطينية ان تفاخر بانها افشلت هذه المؤامرة الامبريالية الاستعمارية والصهيونية والرجعية عندما تفجرت انتفاضة الحجر والمقلاع ، التي اكدت تمسك شعبنا بحقوقه القومية واصراره على تصفية وانهاء الاحتلال واقامة دولته الوطنية المستقلة .
وقد حققت الانتفاضة الفلسطينية العديد من المكاسب السياسية بتصدر القضية الفلسطينية للموقف ، وتفاقم التأكيد العالمي للنضال الفلسطيني التحرري ، واعتراف العالم بحقوق الفلسطينيين وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد . وكل ذلك ادى بالتالي الى توقيع اتفاق اوسلو بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني . ولكن رغم قيام السلطة الوطنية الفلسطينية وتوقيع اتفاقية السلام بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، الا ان السلام لم يتحقق ولم يترجم على ارض الواقع وظل يراوح مكانه ، وذلك نتيجة التعنت والرفض الاسرائيلي وتصلب مواقفه بخصوص الحل النهائي ما ادى الى تعثر المفاوضات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني . وها هو كيري يبذل جهوداً قصوى من اجل اعادتهما الى طاولة المفاوضات واستئناف الحوار .
لقد مرت 46 عاماً على الحرب العدوانية الاسرائيلية والمعاناة الفلسطينية مستمرة ومتواصلة ، ولا تزال المخططات والمشاريع والمؤامرات التصفوية ،التي تستهدف تبديد حقوق شعبنا وفي مقدمتها حق العودة، تتعمق وتتزايد يوماً بعد يوم .
ان استمرار حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو في نهجها العدواني التوسعي الكارثي ضد شعبنا الاعزل لا يجلب الامن والاستقرار في المنطقة ،بل يعيق فرص التقدم باتجاه التفاوض السياسي ، ويدفع بالمنطقة الى الدمار الشامل وسقوط المزيد من القتلى والضحايا .
ان الهدف الوحيد امام شعبنا الفسطيني يتمثل بالخلاص من الاحتلال البغيض وضمان حق العودة وتحقيق الاستقلال واقامة الدولة المستقلة ، وهذا الامر يتطلب ويستدعي الكف عن المماطلة والتسويف والتعجيل في انجاز وتطبيق اتفاق المصالحة الوطنية بين حركتي "حماس " و"فتح" وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية ، الضمان الاكيد والرد الوحيد على التحديات الراهنة ، والمشاريع والمؤامرات الاستعمارية الدنيئة الساعية الى تصفية القضية الفلسطينية وحرمان شعبنا من حقوقه .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت