أنا أحب العسكر، ولتلك الجباه السمراء ، ولازلت احن للعسكر ويغريني منظر " الفوتيك " ، ويعجبني " الطابور الصباحي " ، ولي قصة مع "القايش" ، فقد عدل مسيري ذات مرة عندما أنعوج ومرة صفعني عريف الفصيل لان فمي مفتوح للضحك في الطابور بعدها تعلمت للأدب عنوان وللكلمة مكان حتي للفتوى بيان. فهنا تعلمت لا مكان إلا للرجال وتعلمت من هم أعداء الوطن ومن هم أعداء أنفسهم ومن هم أعداء الله .وفي وقت الاستراحة كنا نسمع . حنا كبار البلد وحنا كراسيها وحنا رماح القنا إلي تعكزت فيها وش علمك بالمراجل يا ردي الحيل وش علمك بالمراجل والمشي بالليل ..؟؟ لعل التاريخ يعيد نفسه.
فكان للعسكري طقوس يمارسها ، لا تنتهي عند النهوض من مطلع الفجر وقبل سماع إيعاز " انهض" ثابت كل الناس امنع الكلام وعند تفقد " الهندام " كل لحظة ، وتعديل "البوريه " ، وحرق " البويه " على " البصطار " ، وحلاقة الوجه يومياً ، وشد الظهر عند المسير ، وسماع أول نداء إلي الأمام سر " يسار يمين " فأول طقس للعسكري هو العشق ، وأول أولوية لديه لن يكون إلا للوطن وللشعار" "الله الوطن بالآمر".
فالعسكري لا يعرف الصالات المكيفة ، ولا الغرف المغلقة ، فهو يختنق فيها ولا يتكيف أبدا مع الطاولات وما يجري تحتها ، هو معتاد على الميدان ، وأظنه لا يستطيع العيش إلا تحت الشمس ، وبحكم العشق يمكنه المراوغة والتحنك والمساومة والفداء ، وبحكم الجاهزية ، يمكنه التسلق على العمدان والجدران ، والزحف من تحت الأسلاك الشائكة ، أو القفز من فوق اللهب والنيران ، وفي المعركة قد يتعدى خطوط العدو وكل خطوطه الأمامية ، الخط الوحيد الذي لا يمكنه تخطيه ، هو خط الوطن ، أساسا هم حراس الخط وعاشقيه ، وهنا نقف قليلاً علي خط الوطن فهناك من يبحثون علي حرية هذا الوطن ويعتبرونه خط احمر وهناك يبحثون عن حُورية علي أجساد حماة هذا الوطن ويروه خط مشاة . فعندما يقول القائد العام لقوات الثورة ثابت يقف كل العسكر لآن هذا القائد يري ما لا يراه العسكر لان القائد يري الدم خط احمر وعلي العساكر حراسته الا إن يصبح الدم خط مشاة هنا تنقلب المفاهيم وتنقلب الأعراف فنسينا أن 76% من شهداء الوطن كانو من العسكر وان جميع من اغتالهم العدو هم من العسكر وان من قال تعالى فيهم :- ) من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديل( إلا انه كلما هاجت بي الذكرى لوعا وحنينا خندقا عشنا به سنينا وسنينا ذكريات كلما مرت تبكين العيون وتذر الدمع أشواقا وحبا ما بقينا فهذه هي الدنيا لقاء وفراق يعترينا حسبنا انا على الحق وللحق دعينا فالآن تبدل الحال إلي حال.
فإلى الطيبين ... الى "حماة الوطن " ، وأصحاب صفحات الدين فيه والي الباحثين علي حُوريات علي أجساد العسكر ، والى الزنود السمر والجباه الحرة ، و نار البارود ، الى المرابطين في الواجب ، والمعاقبون في " القطعات " ، الى المتعبون في كل شي إلا عن الواجب ، ورصاص الميم 16 . ونعنع الشاي ومرامية الصحاري وعطرها .ان خير من علمنا حب الوطن، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو المعلم الأول، علمنا صلوات الله وسلامه عليه بأن حب الوطن من الإيمان، ولا خير فيمن لا يحب وطنه، وجميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، ولكن الأجمل أن يحيى من أجل هذا الوطن. لا من اجل شيخ ولا أمير قبيلة ولا ملك نعم حب الوطن من الإيمان وعلينا أن نعرف قيمة وطننا وكيف نرسخ حبه في قلوب أبنائه علينا أن نتعلم كما تعلمنا كيف نعبر عن حبنا لهذا الوطن بأسلوب حضاري.فأنا مطمئن ... فكلما تتعبني السياسة ، وألمح عسكرياً تربى على حب الوطن وحماية مشروعة وعاش لبناء مؤسسات وطنه يقوم بتعديل " البوريه " على رأسه ، أرتاح ، وأيقن بأن وطنا حملته القلوب ، وحضنته العيون ، وسرح جدائله العسكر فوق المتون ، سيبقى بألف خير .ويجب أن نثبت كما ثبتنا في خنادق الكفاح الطويل الذي هو اكبر من عمر من يتحدث عن العسكر فلا نبدل ولا نتبدل ولو اجتمعت علينا ملوك الشرق والغرب والإنس والجن بحول الله وقوته
د.هشام صدقي ابويونس
عضو الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت