المقاطعة في الخارج تنجح وفي الداخل تتأرجح

بقلم: خالد منصور

رسالة إلى المؤتمر الوطني للمقاطعة المنعقد في بيت لحم
...المقاطعة في الخارج تنجح وفي الداخل تتأرجح

وصلتني دعوة عامة لحضور المؤتمر الوطني للمقاطعة في بيت لحم، ورغم أنني منسق للحملة الشعبية للمقاطعة ( وهي ائتلاف تعمل تحت إطاره العديد من الأطر والمؤسسات )-- إلا أنني لم أشرك في التحضير، ولم يطلب مني تقديم خلاصة تجربة العمل في الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية ( واحدة من ابرز الحملات المتواصلة منذ 4 سنوات بدون انقطاع)، والتي نفذت خططا سنوية اشتملت على مئات الأنشطة التعبوية والتثقيفية وعقدت العديد من المؤتمرات المحلية المتخصصة .
وعلى الرغم من ذلك فأنني انظر بايجابية لمجرد عقد المؤتمر، وأتمنى له النجاح في كل أعماله، للخروج بإستراتيجية وطنية وشعبية تعطي دفعة للمقاطعة، باعتبارها سلاح يشهره شعبنا في وجه الاحتلال، وشكل من أشكال المقاومة الشعبية التي اتفق الكل الوطني على أهمية تعزيزها وجعلها نمط حياة لجماهير شعبنا الواقعة تحت الاحتلال.
إن انعقاد المؤتمر في هذا الوقت بالذات.. حيث يشتد هجوم المحتل الإسرائيلي على شعبنا على كل الجبهات، وبمختلف الأشكال من الاستيطان إلى التهويد إلى التطهير العرقي.. وحيث يتحرك وزير الخارجية الأمريكي لتمرير خطة السلام الاقتصادي، قافزا عن الأساس السياسي لقضيتنا، محاولا تقديم رشوة اقتصادية لنا لدفعنا للعودة إلى مسار المفاوضات العبثية، دون تلبية مطالبنا في ( وقف الاستيطان، وإطلاق سراح قدامى الأسرى، والالتزام بمرجعية للمفاوضات أساسها قرارات الشرعية الدولية).. كما وينعقد المؤتمر بعد بضعة أيام من انعقاد مؤتمر دافوس في الأردن على الضفة الشرقية للبحر الميت، والذي كانت ابرز نتائجه إطلاق مبادرة ( كسر الجمود ) من قبل رأسماليين فلسطينيين وإسرائيليين، وهي المبادرة التي صيغت لكسر الصمود الفلسطيني، ولتشكيل جسر تطبيع للعرب وبعض الفلسطينيين مع إسرائيل .. تلك الأجواء التي تعني إعطاء دفعة قوية لحركة التطبيع مع إسرائيل، وهي الحركة الخطيرة المتصادمة مع حركة المقاطعة الفلسطينية والعربية والدولية لإسرائيل، الهادفة لتحويل دولة إسرائيل إلى دولة منبوذة في الأسرة الدولية، عقابا لها على اغتصابها للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ورفضها الانصياع للقرارات الدولية.
ومن المهم هنا الاعتراف بان جهود مقاطعة إسرائيل المتعددة الأشكال والتي تقودها لجنة أل BDS ، قد حققت وتحقق نجاحا وتقدما كبيرا على الصعيد الدولي، وهي تتعزز يوما بعد يوم، وقد ألحقت الضرر بإسرائيل معنويا وماديا .. لكن هذا النجاح لا يواكبه نجاحا مساويا له على الصعيد المحلي الفلسطيني، بل وإنني أود التأكيد أن لجنة أل BDS التي تقود الحملات في الخارج - والتي تستحق الاحترام - لا تبذل نفس الجهود في الداخل، وان عملها في الداخل لا يذكر قياسا بما تفعله في الخارج، وهذا يعود إلى أن مكونات أل BDS في الداخل منشغلة بقضايا ومهام وطنية أخرى، وهي لم تعط الاهتمام الكافي لبناء حملة وطنية تعمل على موضوع المقاطعة في الداخل الفلسطيني، واقتصر عملها على إصدار بيانات واتخاذ مواقف وتنفيذ أنشطة بشكل محدود وموسمي.
وعلى أبواب المؤتمر الوطني للمقاطعة الذي سيعقد في بيت لحم يوم 8/6/2013 وكذلك في جلساته، أرى انه لابد لمن اعد له ووضع برنامج المؤتمر أن يعمل من اجل إعطاء دفعة قوية بل وإحداث اختراق في الجهد الوطني والشعبي المبذول لجعل المقاطعة جزء أصيل في الثقافة الوطنية الفلسطينية، وكي تصبح سلوك عادي وبديهي للإنسان الفلسطيني المقهور والمستلب الحقوق من قبل دولة الاحتلال، ليمارس هذا الإنسان المقاطعة كسلاح يستهدف الإضرار بمصالح العدو، وباعتبارها شكل من إشكال المقاومة الشعبية..
وهذا الاختراق يتأتى من تخليص الجهود من الطابع الموسمي، لتصبح جزء أساسي من برامج النضال لدى القوى السياسية والمؤسسات الأهلية والاتحادات الشعبية، ويتم العمل عليها طوال العام وفي كل الأماكن والظروف.. كما ويجب تخليصها من الطابع الاستعراضي الذي تظهر عليه في أحيان كثيرة .. والخلاصة هنا انه على العاملين على المقاطعة والحاملين لواءها أن تكون أعمالهم أكثر من أقوالهم .. كما ويجب ان تخرج المقاطعة من الصالونات والغرف الضيقة إلى رحاب أوسع، حيث الجماهير في الأسواق والشوارع والمدارس والجامعات والمخيمات الصيفية ودور العبادة، وتوجيه كل الجهود لتوعية وتثقيف وتحريض الجمهور الفلسطيني، ليمارس سلوكا رافضا للاحتلال وكل ما يأتي من الاحتلال..
وعلى صعيد السلطة والحكومة الفلسطينية .. فان على المؤتمر أن يطالب القيادة السياسية للشعب الفلسطيني، وقيادة السلطة الوطنية، بتبني شعار مقاطعة منتجات الاحتلال التي لها بدائل وطنية، باعتبار ذلك شكل من أشكال المقاومة، في إطار المعركة الأوسع الدائرة بين شعبنا والمحتل سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا وعلى كل الصعد، ويجب أن يكون احد أهم توصيات المؤتمر إلغاء بروتوكول باريس الاقتصادي ( ذلك البروتوكول الذي يسمح ويسهل غزو البضائع الإسرائيلية لأسواقنا، الأمر الذي يؤدي إلى تدمير اقتصادنا وإبقائه تابعا ملحقا بالاقتصاد الإسرائيلي )..كما ويجب أن يتم توجيه النقد الكافي لكليهما ( القيادة السياسية والحكومة ) لأنهما قصرا في تنفيذ قرار مقاطعة منتجات المستوطنات الذي صدر عنهما.. ويجب مطالبة الحكومة ببذل أقصى الجهود لمنع دخول منتجات المستوطنات إلى أسواقنا الفلسطينية، ولجعل المقاطعة شاملة دون استثناءات، وعلى الحكومة أن تواجه كافة أشكال التحايل والالتفاف التي يمارسها منتجو البضائع من المستوطنين وكذلك شركائهم من الوسطاء الفلسطينيون..
وفي موضوع مقاطعة الاستيطان .. على المؤتمر أن يناقش بجدية موضوع خلق البدائل للعمل في المستوطنات، حتى يمكن إطلاق شعار مقاطعة العمل في المستوطنات على طريق تجفيفها .. وهي مهمة يجب أن تحملها كل من الحكومة الفلسطينية والقطاعين الخاص والأهلي.
وعلى المؤتمران يتوجه للقطاع الخاص الفلسطيني لرفض حالة التطبيع التي تهدف إليها مبادرة ( كسر الجمود )، واتخاذ موقف واضح وحازم ضد كل اللقاءات والمشاريع المشتركة مع الإسرائيليين... كما وعلى القطاع الخاص دعم جهود المقاطعة الاقتصادية لأنه المستفيد المباشر من المقاطعة كما وعليه الاهتمام بتحسين جودة المنتجات الوطنية وتقديمها للمستهلك الفلسطيني بجودة وأسعار منافسة .

خالد منصور
منسق الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية
مخيم الفارعة – نابلس – فلسطين
7/6/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت