هي فلسطين التي كلما حاولوا تغييبها من زقاق في حارة فتفاجئهم لتظهر وتعلو من ميدان تـُشـع منه وتتجمع فيه عديد الشوارع والدروب بإطلالة أكثر إشراقاً !!!
هي فلسطين التي كلما حاولوا الانحراف بأنظار وأفعال شعوب العالم عنها فتفاجئهم لتسطع كالشمس تصحح الاتجاه للناظرين ؛ وتفضح التحريف !!!
هل هي إرادة السماء ؟؟؟ أم هي بركة الأرض التي بارك الله حولها ؟؟؟ أم هي مشهد جديد من المشاهد المتتابعة لأسطورة الفينيق ؟؟؟ أم هي الاستنطاق للمثل الدارج بأن لفلسطين جـُرّة تَجرجر كل من يكيد لها ؟؟؟
وفي البداية لا نريد أن نـُحمل محمد عساف وأسرته غير ما يعرفون أنهم يستطيعون حمله ؛ ولا نريد أن نحسب محمد عساف وأسرته على مكان غير المكان الذي قرروا أن يحسبوا أنفسهم عليه ... ولكن طبيعة الأمور ومفاجآتها في بعض الأحيان تفرض أشياءً لا بـدّ من توصيفها والتنبيه إليها !!!
محمد عساف ... هذا الولد الذي سمعناه طفلاً يشدّ أزرنا بصوته وهو يصدح بــ (شـدّي حيلك يا بلـد) عندما كانت الطائرات والدبابات الصهيونية تنشر القتل والدم والدمار في كل حارة وشارع على وجه الوطن ؛ وسمعناه فتىً يشدّ الفؤاد والأنظار لأطفالنا وشبابنا لفلسطين قبلنا نحن المسنيين وهو يصدح بــ ( علّي الكوفية علّي ولولح فيها ) ... فيؤكد القيمة والتراث وعمق الانتماء للمعانى في هذا الرمز ؛ وليُذكر المتطاولين عليه باستحالة التزوير والتشويه لواحد من الأسماء التي تـُعرف بها فلسطين ؛ والهوية لكل مناضل من أجل قضية عادلة ... وها نحن نسمعه اليوم شاباً يصدح لفلسطين وللحياة بصوت يـردُّ الروح ليس إلى ابناء شعبه الذين شاركوه ويشاركوه الأمـل والألـم ... بل إلى أولئك الذين أرادوا لأمتنا أن تنشغل بكل شيء وبأي شيء ... إلا ما يبقي الأنظار والقلوب وخالص الأعمال متجهة إلى فلسطين التي لا يستقيم جمال الحياة قبل رفع الظلم الواقع عليها وعلى أهلها !!!
محمد عساف ... وفي هذا البرنامج ARAB IDOL الذي عجز مصمموه عن إعطائه اسما عربياً ( محبوب العرب أو معشوق العرب ) يقف مع ثُـلة من الشباب والصبايا وخصوصاً أبناء الأكناف لبيت المقدس ... فيعيدون وبعفوية معاني الحب للحياة مرتبطاً ومعتزاً بحب الوطن بعد سنين من التجريف لكل ما يربطنا بأوطاننا ... وبعد أن كادوا يجعلون من أغنية تائهة ( بحبك يا حمـار ) بديلاً من بحبـك يا وطـن ... وبعد أن كادوا يجعلون من التغنج في كلمات الــ ( داد و مام ) بديلاً لـلرجولة في عميق الانتماء لــ ( يمـّا و يابـا ) !!!
محمد عساف ... وهو يصدح صفع تـوحـد الوهم لورثة المستعمرين الأوائل للبلاد التي سمّوها بأمريكا لتزوير حقيقتها وحقيقة أهلها مع الوهم لورثة الناجين من محرقة زعموا بأنها كانت لهم فقط وجاؤوا إلينا مجتمعين لتزوير حقيقتنا أرضاً وشعباً ؛ وتطبيق خبرات من حرقوهم في صناعة محرقة لنا ولأرضنا تاريخاً واشجاراً وهوية ؛ ولحقيقة وجودنا الأسبق والمستمر على أرضنا الفلسطينية التي كانت تسمى فلسطين ... فصارت تسمى فلسطين ؛ ولن تسمى إلا فلسطين حتى يوم الدين !!!
محمد عساف ... وهو يصدح صفع وبصوت واحد كل أولئك الذين أقاموا أمامه الحواجز كي لا يمر ... صفعهم في بيوتهم وبأيدي أبنائهم ... فهل يستطيع قادة المغارة في غزة والمنشغلين هذه الأيام باكتشافهم المبهر لمقياس منسوب الرجولة ... هل باستطاعتهم أن ينكروا أن أبناءهم وربما هم أنفسهم وزوجاتهم يتسللون مساء الخميس والجمعة والسبت ليشاهدوا محمد عساف يصدح لكل حبة رمل في فلسطين ويعد لجنة الحكام والحضور بلقاء في فلسطين والقدس !!!
محمد عساف ... وهو يصدح صفع وبصوت واحد كل أولئك الذين أقاموا الأسوار أمام أبناء شعبه كي لا يتواصلوا ويتراحموا ... فهل يستطيع القادة وغلاة المستوطنين في الكيان الصهيوني أن ينكروا أن شاشات التلفاز داخل تلك الأسوار وخارجها وفي كل مخيمات الشتات وطوال ساعات المساء من أيام الخميس والجمعة والسبت لا يـُرى عليها إلا محمد عساف وصحبه يغنون للوطن وللحياة ... ولا يـُسمع كلمة واحدة للمشاهدين غير كلمات الشوق للوطن !!!
محمد عساف ... وهو يصدح صفع بصوته وصوت الحضور والمشاهدين كل أولئك القادة وغلاة المستوطنين في الكيان الصهيوني والمنشغلين بضبط المتخابرين مع رام الله الذين أقاموا أسوار الكراهية والأحقاد أمام أبنائهم كي لا تتفتح عيونهم على الحقيقة ... فهل يستطيعون إنكار أن الكثير من أبنائهم يتسللون مساء أيام الخميس والجمعة وحتى السبت لمشاهدة البرنامج فيستمعون لمحمد عساف يـُذكّرهـم بالحقيقة التي أريد لهم أن لا يروها ... فيكبر السـؤال فيهم عن قادم الأيام !!!
شـكراً لمخرج البرنامج الذي استطاع بهذا الإبداع المبهر أن يجذب هذا الكم الهائل من المشاهدين فكأنه أعادهم قلباً وطريقاً وهدفاً إلى فلسطين في زمن يريد البعض أن يجعل قلوب الأمة وطريقها وأهدافها في أماكن أخرى ؛ وشكراً للجنة الحكـّام التي غالباً ما فضحتهم العفوية وفطرتهم للبوح بمـدى حبهم وتعاطفهم مع فلسطين رغم قيود المنتج وصاحب الامتياز لهذا البرنامج ؛ وشكراً لكل من ساهم في جعل هذا البرنامج أكثر انتشاراً فتدخل فلسطين ويدخل محمـد عسـاف ليس في كل بيوتنا فقـط ... ولكن في كل بيوتهم أيضـاً !!!
وأخيراً بقيـت بضع كلمات خلاصتها :
إن محمد عساف ... وهو يصدح إنما يـُخبرنا بأن نبتـة جديدة تخرج إلى الحياة من قلب الـرمـاد لحريـق كبير أشعلوه في بلادنا العربية وسموه زوراً بالربيع العربي ... نبتـة تصدح مبشرة بنبتات أخرى بدأت تنمو الآن مع شباب تمـرد في مصر الكنانة وتونس الخضراء ... و ... و ... و لتصنـع الربيع الحقيقي الذي ينتظره العرب والمسلمين والمزين بأكاليل الورود والأزهار من البساتين الفلسطينية والتي إن لم يعـد إليها ربيعها وحريتها من الغزو الصهيوني يبقى كل ادّعـاءٍ بربيع في بلاد العرب والمسلمين قـُصاصة كاذبة تحت أقدام أطفال فلسطين الصامدين على أرضها والمستبسلين في حواري وشوارع القدس دفاعاً عنها وعن أقصاها وقيامتها !!!
إن محمد عساف ... وهو يصدح بمـا يصـدح نعرف أن النظام الرسمي العربي سيضع القيود والسدود وسَيُلْحِق به وبأغاني الوطن ما ألحقه بكل الأغاني الوطنية لكل من سبقوه ممن غنّوا للأوطان ومجّدوا لبطولات المدافعين عنها وعن قضاياها العادلة من أناشيد وأغاني ( الله أكبر فوق كيد المعتدي ؛ و وطني حبيبي ؛ و فـدائي ؛ و أحلف بسماها وبترابها ؛ وغيرها ؛ وغيرها ) ، ولكننا نعرف أيضاً أن شباب وأطفال هذا الجيل يمتلكون الطريقة والوسيلة لإيصالها لنـا وللشعوب !!!
نعرف أن الطبيعة التجارية للبرنامج التي تقوم على تحديد الفائز النهائي اعتمادً على عدد الرسائل النصية المدفوعة القيمة مقدماً ؛ وأن عدد السكان في بلدان المتنافسين وأعداد المتصلين منها قد لا تـُمكـّن محمد عساف بأن يكون الفائز النهائي باللقب ... ولكنه على الأقل سيبقى مع ابن الكنانة أحمد جمال ؛ وابنة الشام فرح يوسف هم الثلاثة الأوائل ... نعرف أنه قد لا يكون الأول ... ولكننا أصبحنا اليوم واثقين بأن محمـد عساف قد قام بإيصال الرسالة لكل من يجب إيصالها إليه ... رسالة تقول لهم :
( لن تستطيعوا تغييـب فلسطين ... ولن تستطيعوا حـرف البوصلة عنها )
شـكراً يا محمـد عسـاف
وخرزة زرقاء من كل بيت فلسطيني لتنظم عقداً على صدرك
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت