التنسيق الإسرائيلي الإثيوبي حول مياه النيل كان منذ زمن وعهد الإمبراطور الإثيوبي هيلاسيلاسى حيث استغلت إسرائيل تقاربها مع هيلاسيلاسى وقامت بتوظيف علاقتها من اجل تهديد مصر من زاوية المياه لان 85 % من احتياجات مصر المائية تنبع من إثيوبيا ، حيث بلغت حصة مصر من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب ، ارتفعت إلى 70 مليار متر مكعب عام 2000 ما شكل عجزا مائيا بمقدار 14.5 مليار متر مكعب ، أما السودان فحصتها 18.5 مليار متر مكعب وتهدف السودان إلى زيادة مساحة ألرقعه الزراعية من 4.5 مليون فدان إلى 9 مليون فدان وهذا يحتاج إلى 14 .8 مليار متر مكعب وبذلك يكون العجز المائي عند مصر والسودان 38 مليار متر مكعب من المياه ، وهذه الكميه لا يمكن تدبيرها إلا بعد الانتهاء من مشروعات أعالي النيل التي تتولاها مصر والسودان معا : تلعب إسرائيل من خلال علاقاتها بإثيوبيا والدول الافريقيه في حوض نهر النيل دورا تحريضيا ضد مصر والسودان بحجة أنهما تستهلكان كميات كبيره من المياه دون الحاجة إليهما وهذا على حساب الدول الأخرى ، وفي ضوء التحريض هذا سيطرت شركات امريكيه وإسرائيليه على معظم المشاريع المائية في المنطقة ، وتولت الأبحاث العلمية الخاصة بموارد المياه ، كان للعلاقات الاثيوبيه الاسرائيليه تأثيره في تهجير أعداد كبيره من يهود الفلاشا ، كما قامت إسرائيل بإنشاء ثلاث سدود مائية كجزء من برنامج أمثل يستهدف بناء 26 سدا على النيل الأزرق لري 400 ألف هكتار وإنتاج 38 مليار كيلوا واط ساعة من الكهرباء وهذه المشاريع تحرم مصر من 5 مليار متر مكعب من المياه ، كما قامت إسرائيل ببناء سد على منشأ احد فروع النيل الأزرق الذي يمد النيل من المياه ويهدف السد لحجز نصف مليار متر مكعب من المياه مقابل قيام إثيوبيا بتسهيلات لإسرائيل في جزيرة دهلك وفاتيما 75 % لإقامة قواعد عسكريه فيها ، تحولت إسرائيل بعدها إلى اريتريا لقربها من باب المندب ، وكان لإسرائيل دور في دفع إثيوبيا لرفع دعاوى إعادة توزيع مياه نهر النيل وفق مبدأ عدالة التوزيع ، كما أن إثيوبيا لغاية الآن لم تشترك في مجموعة الاندجوا الخاصة بالاستفادة من مياه نهر النيل ، إن الأطماع الاسرائيليه في مياه النيل ليست وليدة الظروف الحالية وإنما تعود إلى عام 1903 عندما مارست الحركة الصهيونية ضغوط على الحكومة البريطانية صاحبة السيادة على مصر في ذلك الوقت لإرسال بعثه فنيه لإجراء دراسات حول إمكانية تحويل مياه النيل إلى شبه جزيرة سيناء لتطويرها وبناء المستعمرات فيها ثم جر هذه المياه إلى منطقة صحراء النقب لتوطين اليهود وفي عرض آخر على السلطات البريطانية تأجير شبه جزيرة سيناء لمدة 99 عاما إلا أن الحكومة المصرية رفضت بشدة الضغوط في حينه ، احتلت المياه موقع هام في الفكر الاستراتيجي الصهيوني منذ بدء التفكير في اغتصاب فلسطين وقد استند الفكر الصهيوني إلى ادعاءات دينيه وتاريخيه باطله ناتجة عن اعتقادها بما جاء في التوراة ، كل موقع تدوسه بطون هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات والى البحر الكبير أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى من البركة ولبنان نحو المغيب يكون تخمكم ( 1 ) ولاعتقادها أن الحدود المثالية لدولة إسرائيل من النيل إلى الفرات كما ورد في التوراة وبناء على هذه الادعاءات قامت الحركة الصهيونية بإيفاد الخبراء واللجان العلمية خلال القرن التاسع عشر لدراسة الموارد المائية في فلسطين ومدى الاستفادة من مياه نهر الأردن لتوليد الطاقة الكهربائية بسبب انخفاض البحر الميت عن البحر المتوسط ، وقد قام بهذه الدراسات خبراء فرنسيون وأمريكيون عام 1850 ومن بينهم هريس احد مؤسسي الحركة الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر ، والجمعية البريطانية عام 1875 التي أوصت بإمكانية إسكان خمسة ملايين مهاجر يهودي في فلسطين ، إلا أن أهمية المياه في الفكر الصهيوني أخذت تتبلور بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 حيث صرح تيودور هرتزل بقوله في انعقاد المؤتمر : أننا وضعنا في ( هذا المؤتمر أسس ألدوله اليهودية بحدودها الشمالية التي تمتد إلى نهر الليطاني ، وفي عام 1903 حاولت الدوائر الصهيونية الاتصال بالحكومة البريطانية لإرسال البعثات الفنية لإجراء الدراسات حول إمكانية سحب جزء من مياه نهر النيل إلى سيناء ، ومن ثم جر هذه المياه إلى النقب لتطوير وبناء المستوطنات اليهودية ، في عام 1919 كان من أهم القرارات التي اتخذها المؤتمر الصهيوني العالمي الذي عقد بمدينة بازل بسويسرا ، يجب تذكير عصبة الأمم انه لا بد من إدخال المياه الضرورية للري والقوة الكهربائية ضمن الحدود وتشمل نهر الليطاني وثلوج جبل الشيخ ، وقد مارست الدوائر الصهيونية ضغوطا كبيرة على المجتمعين لجعل حدود فلسطين تضم منابع نهر الأردن ونهر الليطاني وسهل حوران ، لجعل حدود فلسطين تضم منابع نهر الأردن ونهر الليطاني وسهل حوران ، في مؤتمر الصلح في باريس 1919 في سوريا إلا أن هذه المطالب قوبلت بالرفض خصوصا من الفرنسيين الذين وضعوا سوريا ولبنان تحت انتدابهم ، في عام 1941 قال بن غوريون علينا أن نتذكر بأنه لا بد أن تكون مياه نهر الليطاني ضمن حدود ألدوله اليهودية لعدم قدرتها على البقاء ، ما يؤكد أن المياه قد وقفت على قمة المخططات لإنشاء ألدوله اليهودية ، لان قضية المياه ترتبط بقضية الوجود الصهيوني نفسه ، كما يتضح أن الاهتمام الصهيوني انصب بشكل كبير على المناطق المتاخمة للحدود الشمالية لفلسطين ، لان معظم مصادر المياه التي تغذي فلسطين تنبع من كل من سوريا ولبنان ، حيث يقع نهر الليطاني في الأراضي اللبنانية والذي تذهب مياهه في البحر على حد تعبير بيغن عندما غزت لبنان عام 1982 لذلك بذلت الحركة الصهيونية جهودا كبيره لتوسيع الحدود الشمالية للاستحواذ على منابع المياه ، وقد أكد ذلك العديد من الزعماء الصهيونيين أمثال حاييم وايزمان في رسالته بتاريخ 30/10 / 1920 إلى لويد جورج رئيس الوزراء البريطاني ، حيث أشار إلى أن مياه نهر الأردن واليرموك لا تفي بحاجة إسرائيل كما اقترح هربرت صموئيل أول اليهودية ونهر الليطاني يمكنه أن يسد هذا العجز ويؤمن المياه لري الجليل ، مندوب سامي بريطاني على فلسطين وهو يهودي جعل الحدود الشمالية لفلسطين تتوغل داخل لبنان ليمتد من الضفة الشمالية لنهر الليطاني حتى أقصى ينابيع نهر الأردن قرب راشيا ، ولتحقيق أهدافها فقد عملت الدوائر الصهيونية على إرسال العديد من البعثات خلال فترة الانتداب البريطاني إلى فلسطين لإجراء عمليات مسح للمصادر المائية واقتراح المشاريع المائية لتشجيع الاستيطان اليهودي فوضعت المشروع تلو المشروع ومنها مشروع روتنبرغ عام 1927 ومشروع ايونيدس عام 1938 ومشروع لاودرملك ومشروع هيز 1948 ، إن إسرائيل قد وضعت في أولوياتها في كيفية الاستحواذ على مياه المنطقة وان الأطماع الاسرائيليه في مياه نهر النيل ما زالت ماثلة في أذهانها ومخططاتها رغم أن معاهدة السلام المصرية الاسرائيليه لم تتطرق إلى مسالة المياه ، إلا أن إسرائيل تتطلع إلى جر كميات من مياه نهر النيل لتصل إلى 800 مليون متر مكعب ،وهذه الكميه تعادل 1%من تصريف مياه النيل ، وفي نظر إسرائيل فان هذه الكميه لا تعني الشئ الكثير لمصر بحسب التعبير الإسرائيلي في حين تعني الكثير لإسرائيل ، علما بان الكميه التي تسمح بها مصر للذهاب هدرا إلى البحر اكبر بكثير ، إلا أن إسرائيل في وجهة نظرها هذه ، نسيت أن هذه الكميه على حساب الشواطئ المصرية ، تذهب لأسباب فنيه منها لمعادلة ملوحة المياه ،ومنع مياه البحر من التقدم وتطمع إسرائيل في جر المياه عبر قناة تمر أسفل قناة السويس وهذه الكميه يمكنها ري 216 مليون دونم في النقب ما يمكنها من استيعاب ملايين المهاجرين اليهود ، إن مشروع سد النهضة هو استغلال إثيوبيا للانقسام الحاصل في صفوف الشعب المصري لتنفيذ المخطط الإسرائيلي لإنشاء سد النهضة ، وان سد النهضات يهدد الأمن المائي والقومي لمصر ، إن إثيوبيا تسعى لإنشاء السد بسعة تخزينية ليس بهدف إنتاج الكهرباء فقط كما تزعم إثيوبيا ، وإنما الهدف الرئيسي من بناء السد هو ألزراعه ، خاصة وان السعة التخزينية لإنتاج الكهرباء في حدود 6 إلى 12 مليار متر مكعب ، إن إثيوبيا وقد استغلت تراجع الدور الإقليمي لمصر في المنطقة لتحل مكانها لتحقيق مصالح الكيان الإسرائيلي وأمريكا في القارة الافريقيه للسيطرة على الخامات الزراعية والموارد الطبيعية ، إن سد النهضة هو ضمن محاولات إجبار مصر على توصيل مياه النيل لإسرائيل بإرادتها أو عن طريق عمل سدود ضخمه في إثيوبيا وتحويل مجرى النيل الأزرق لقطع شريان الحياة عن مصر وتوصيل مياه النيل إلى إسرائيل عن طريق أنبوب يمر بالبحر الأحمر وهذه هي احد السيناريوهات أو المشروعات التي وضعتها إسرائيل منذ 20 عاما تمهيدا لإضعاف مصر وإجبارها على قبول فكرة تقسيم مصر إلى أربع دويلات تبدأ بفصل سيناء عن مصر ، إن لإسرائيل دور وان كان بشكل غير مباشر من اجل العمل على تحويل مياه نهر النيل من القاهرة لإسرائيل وهذا ما تثبته الوثائق الاسرائيليه القديمة وأطماعها وصراعها من اجل المياه ، وان إسرائيل تلجأ اليوم لحصار دول المنبع وان أمريكا تسعى لإعادة رسم الخريطة الدولية في القارة الافريقيه وفق مصالحها ألاستراتجيه وبما يخدم مصالح إسرائيل ، إن مصر اليوم مطالبه بتوحيد صفوفها وان تضع في سلم أولوياتها كيفية مواجهة إسرائيل ومخططها الهادف لإخضاع مصر لمشيئتها ومصالحها ، إن مصر تملك من الأوراق والإمكانيات ما يمكنها من مواجهة المخطط الإسرائيلي بما يضمن وقف المخطط الإثيوبي الإسرائيلي الأمريكي الهادف للإضرار في مصر ومصالحها المائية والمس بأمنها القومي المائي والزراعي ضمن محاولات إخضاعها لتزويد إسرائيل بمياه نهر النيل
إعداد وتقرير المحامي علي ابوحبله
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت