ابوعلي شاهين ... ايها الفارس النبيل كيف رحلت وتركتنا ؟

بقلم: محمد ابو سمره

أبوعلي شاهين ...
أيها الفارس النبيل ، والمعلِم الحبيب كيف رحلت وتركتنا ؟؟؟
ومن سيشعل لنا قناديل الأمل والثورة والفرح التي إنطفأت برحيلك ؟!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــ كيف يمكن لي أن أمتلك بعضا من الشجاعة والجرأة في رثاء أبي وأستاذي ومعلمي وقائدي وصديقي وحبيبي ؟؟؟؟ بينما أمطار الحزن تغطي الوجه ...
ــ وكيف يستطيع القلم ان يكتب الحروف والكلمات رثاءً لواحدٍ من أروع وأعظم القادة الفلسطينيين والفتحاويين والثوريين الذين عرفتهم طيلة حياتي ، وهو بالنسبة لي يأتي في المكانة التالية مباشرة للزعيم الخالد ياسر عرفات ، وأمير الشهداء أبوجهاد الوزير ، والقائد المميز الشهيد أبو المنذر صبحي أبوكرش ، فكيف يستطيع قلمي رثاء هذا القائد الجميل ؟؟
ـــ رغم ايماني المطلق بالله العلي العظيم ، وايماني المطلق بالقضاء والقدر ، وبأن الموت حق على كل انسان ، بل وعلى كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى ، وأن الأجل محتوم ، وأننا جميعا على موعد ما مع الرحيل عن وجه هذه الدنيا الفانية ، إلا أنني كما لوكنت طفلا تعلق كثيرا بوالده المحبوب ، لايريد عقلي الباطن أن يصدق أن اباعلي المحبوب والرائع والمتألق والمبدع والمشاكس والمتمرد والثائر والعنيد وصاحب الحضور القوي والمؤثر رحل عن هذه الدنيا ،كما كان عقلي الباطن يرفض من قبل مسألة رحيل القائد الرمز والزعيم الخالد ياسر عرفات ، ولقد رحل أبوعمار ، وهاهومن بعده يلحق به أبوعلي شاهين ويتركنا نغوص في ظلمات المرحلة الأشد تعقيدا وصعوبة وآلمًا واسىً وفرقةً وشرزمةً ، ولا نملك أمام هذا البحر الهائج من الحزن والآسى ، الا أن نقول ما امرنا به الله تعالى ورسوله الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند وقوع المصائب : إنا لله وإنا اليه راجعون .... وحسبنا الله ونعم الوكيل
معذرة أيها الأحباب .... معذرة ....
فأبو علي شاهين بالنسبة لي ليس مجرد قائد او زعيم او مفكر او فيلسوف او والد وصديق وحبيب ، إنه بالنسبة لي كل شيئ جميل في حياتي ، إنه الأمل ، والتفاؤل ، انه المستقبل والحاضر والماضي ، انه الثورة والغد المصنوع بتضحياتنا العظيمة ، انه الحلم الجميل والرغبة المستمرة في الانتصار ، انه الثورة المستمرة ، انه بالنسبة كل شيئ .. كل شيئ ... وهذه الكلمات التي أكتبها هنا ، ليست كلكل الكلمات التي إعتدت كتابتها من الحبر والألم ، ولا اكتب هذه الكلمات من حبر خالص ، انما هي كلمات أكتبها من دم ودموع وحبر وألم وحزن ووجع لا ولن ينتهي !!!
وكل من عرف أبوعلي شاهين عن قرب ، او كل ن اقترب منه ولو قليلا يدرك كم هي المصيبة قاسية وصعبة برحيله وفقدانه ، فلقد رحل عنا الرجل / القائد / الإنسان / الثائر / الأب / الزعيم / الحر الأبي /الأخ الأكبر الحنون / الصديق الصدوق / المفكر / الفيلسوف /الرائع / الصادق / الطاهر/ النقي / المتواضع / الطيب / البسيط / المحبوب / الذي اعتاد دوما على قول كلمة الحق في وجه الجميع ، وأمام الجميع ، وعن الجميع ، ولأجل الجميع ، حتى لو ادى ذلك الى أي نتيجة مهما كانت قاسية وصعبة على المستوى الشخصي .. إنه أبوعلي شاهين الشهيد ، ابن الشهيد ، ابن الشهيد ، ابن عائلة الشهداء ( حيث استشهد أبوه القائد القسامي ، وأعمامه الفدائيون الثوار الستة في معارك أعوام 1967,1956,194 )......
رحل شيخ الثوار والمناضلين والفدائيين والأحرار أبوعلي شاهين .....
رحل فيلسوف الثورة ومنظِرها وحكيمها ...
رحل القائد العنيد ، الصلب ، القوي ، الحنون ... الذي علمَنا الكثير .. الكثير في حياتنا ، وبقدر ماكان قائدا لنا في حياتنا العامة وعملنا السياسي والتنظيمي والنضالي ، كان أبا لنا في حياتنا الخاصة ، حتى أولادنا واطفالنا الصغاريعرفهم واحدا واحدا بالإسم والعمر ، ويسألنا عنهم دوما ، واذكر كيف نادي ابني الصغر كريم (10سنوات ) بإسمه يوم ذهب معي رفقة بعض الأخوة لزيارته في العناية المركزة بمستشفى القدس .. وقال له أهلا كريم ..!!! علما أنه لم يره منذ عام 2007 ، ورغم مرضه الشديد وألمه الصعب فسألني عن أولادي المغتربين ودراساتهم الجامعية ، سألني عنهم واحدا .. واحدا ..
رحل صاحب الوجه الصبوح والإبتسامة الجميلة ، وهو يقول بملء الصوت لقادة فتح وحماس وكافة الفصائل ، وللجماهير الفتحاوية و الفلسطينية التي أحبته دوما :
( إن ألم الانقسام أشد وطأة علي من آلام المرض وأوجاعه )....
علما أن ابا علي كان يعاني من آلام وأوجاع لا تحتملها الجبال ، ومن المهم أن نشير هنا الى اللفتة الطيبة الرائعة التي قام بها الشيخ اسماعيل هنية ( نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، ورئيس حكومة غزة ) ومعه وزير الصحة بحكومة غزة د.مفيد المخللاتي، وعدد من مسئولي حماس وحكومتها ، حيث زار رفقة هذا الوفد رفيع المستوى المرحوم ابوعلي شاهين أثناء مكوثه في قسم العناية المركزة بمستشفى القدس التابع للهلال الاحمر الفلسطيني في غزة ، وكان لهذه اللفتة الطيبة الأثر الكبير لدى ابوعلي وأسرته الصابرة ، والجماهير الفتحاوية وغير الفتحاوية المحبة له ...
وللحق لم يبق مسئولا فصائليا او شخصية اعتبارية أو شخصية مستقلة الا وزارت ابو علي في المستشفى بغزة أورام الله أو بالقاهرة خلال فترة مرضه ، او في بيته اثر عودته الى غزة عشية الاحتفالية الكبرى في ذكرى انطلاقة حركة فتح والثورة الفلسطينية مطلع العام الحالي ، وبقي بيته منذ عودته الى غزة حتى دخوله المستشفى خلية من النحل يستقبل على مدار اليوم كل القادة والمسئولين والمثقفين والكوادر والنشطاء من كافة الاتجاهات والقوى السياسية والفصائل ، فهذا الرجل / الموسوعة ــ أن اتفقت أو اختلفت معه فكريا وسياسيا ــ لا تملك إلا ان تحترمه ، وكان اروع ما يميز شخصيته ، أنه كان اكثر ما يكون احتراما لمن يخالفه الرأي والفكر والموقف ، فهو كان يمتلك من الشجاعة مالا يمتلكها الكثيرون غيره للدفاع عن موقفه وأفكاره وتوجهاته السياسية والتنظيمية ، وهو عنيد في الحق الذي يعتقد أنه حقا ، ورغم أنه تبوأ مناصب هامة جدا في حركة فتح ، و م . ت . ف ، والسلطة الوطنية الفلسطينية ، إلا أنه عاش ورحل عن الدنيا ، وهو أشد ما يكون معارضة لاتفاقيات أوسلو ، وهو الرجل الذي بقي عاشقا للكفاح المسلح والبندقية والمقاومة الصادقة حتى النَفَسْ الأخير من حياته ، ويدافع عن هذا الخيار كخيار استراتيجي وأساسي يجب الا يسقط من حسابات جميع الفلسطينيين ، هذا بالرغم من عدم رفضه للأشكال الأخرى من الكفاح الشعبي والمقاومة الشعبية ، ولكنه أيضا كان على قناعة ان المفاوضات مع العدو لن تصل بنا الى اية نتيجة ، وأن العدو يعمل من خلال المفاوضات الى كسب الوقت من اجل فرض الوقائع على الارض بحيث لايبقى شيئ يتم التفاوض عليه ، وكان يعتبر المفاوضات إضاعة للوقت والجهد والأرض ، وكان أبوعلي الثائر المتمرد عاشقا للبندقية ايما عشق ، وكان من القيادات الفلسطينية / الفتحاوية / الوطنية / الثورية التي حافظت على ان ألاَ تخطئ البندقية اتجاهها ، والا يخطئ الفدائيون والثوار قبلتهم ووجهتم وبوصلتهم ، فالبندقية في عقيدته القتالية / الثورية / الوطنية التي شارك في صياغتها بدمه ,واجمل سنوات عمره وعذاباته وتضحياته الفذة ، يجب ان تبقى موجه فقط نحو صدر العدو ، وشارك مع امير الشهداء ، والزعيم الخالد ياسر عرفات وابويوسف النجار ، وابوعلي إياد ، وكمال عدوان ، وصلاح خلف ، وسعد صايل ، وعبد الرازق المجايدة ، ومفكر الثورة خالد الحسن ، وغيرهم من القادة المؤسسين بدمائهم وفكرهم الخالد ومواقفهم الأصيلة في صياغة العقيدة العسكرية الفلسطينية ، وعقيدة المقاومة والقتال الفلسطينية ، وحافظوا دوما على ( شرف السلاح ، وطهارته ، وحقن الدم الفلسطيني والعربي ) ....
أبوعلي كان عاشقا لأمير الشهداء أبوجهاد ، وللزعيم الخالد ياسر عرفات ، وللقادة والزعماء الأطهار الأنقياء والثوار المميزين ابويوسف النجار وابوعلي اياد وابو المنذر صبحي ابوكرش ،وكمال عدوان وغيرهم ، عشقه للبندقية والكفاح المسلح واستمرارية الثورة ، وفي نفس السياق أشهد ويشهد له غيري كثيرون ، وبشكل مؤكد ، وعن قرب أنه كان يحب ويحترم الشهيد القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بسبب مواقفه المبدئية والثورية وقيادته للمقاومة البطولية للأخوة في حركة حماس ، وأشهد له أنه كان اشد مايكون حبا وتقدير وصداقة للقائد الشهيد المهندس اسماعيل ابو شنب ، وكان يعتبره رمزا من رموز الوفاق والوحدة الوطنية الفلسطينية ، وبنفس الوقت كان يحترم الكثيرين من قادة حركة حماس ، وكذلك الجهاد الاسلامي ، والجبهة الشعبية وغيرها من الفصائل الفلسطينية ، وكذلك كان يحب ويحترم حزب الله والمقاومة الاسلامية في لبنان والعديد من قادة الحزب والمقاومة بسبب ماقاموا به من مقاومة وعمليات استشهادية نوعية ضد العدو الصهيوني ،وتحريرهم للجنوب اللبناني المحتل واطلاقهم سراح جميع السرى اللبنانيين ومعهم عدد كبير من السرى الفلسطينيين من سجون العدو ، وكانت تربطه علاقات ود واحترام وتواصل مع العديد من قادة حركات التحرر العربية والعالمية ، اضافة الى قادة الأحزاب اللبنانية والمصرية والعديد من الاحزاب والقوى العربية . وكان يشكل قاسما مشتركا بين الكثير من القوى الثورية ، وحركات التحرر على المستوى الفلسطيني والعربي والعالمي ، وكان له اصدقاء ثوريين ومناضلين ومكافحين من اجل الحرية والاستقلال والكرامة الانسانية في شتى بقاع الأرض .
هكذا كان وهو حياً أبوعلي شاهين ، وهكذا هو وهو شهيد ، اذ أصبح بيت عزاءه محطة لقاء لكافة القوى والفصائل والشخصيات والتيارات الفلسطينية ، حتى تلك المتنازعة والمختلفة والمتخاصمة فيما بينها ومع غيرها ، وقد امَ بيت عزاءه أهم قيادات وكودار ونشطاء حركة فتح في قطاع غزة ، وأهم قادة حركة حماس وحكومتها والكثير من كوادرها ونشطاءها ، وأعضاء المجلس التشريعي ، وقادة جميع الفصائل الفلسطينية ، والقوى والتيارات والمؤسسات والجمعيات ، والوجهاء والمخاتير والشخصيات الاعتبارية ، والرسمية والشعبية ،عدا عن النشطاء السياسيين والحقوقيين ، والأكاديميين ، والكوادر من مختلف القوى والفصائل الفلسطينية ، وأقيم لأبوعلي شاهين بيوتاً عديدة للعزاء في العديد من المدن والمحافظات الفلسطينية كالخليل التي تعرفه ويعرفها وعاش مقاتلا ومطاردا فيها ويعشقها وتعشقه ، والتي له من الأحباب والأصدقاء والتلاميذ مالايقل عنه في غزة ، ورام الله ، وجنين ، وطولكرم وقلقيلية ، كما أقيم له بيوت عزاء أخري في أبوظبي والاردن ومصر ولبنان والجزائر ,واوسلو ، وألمانيا ....
وبرحيل هذا القائد الفذ / المتميز/ المقاتل / الشرس / المشاكس ، تكون فلسطين خسرت قائدا قل نظيره ولايتكرر.. وكان هذا الرجل / القائد / الفارس / الفيلسوف / المنظِر / المفكر / المقاتل / العنيد / المكافح / الثائر/ المتمرد ، مدرسة خاصة في تحمل الالام والأوجاع وقسوتها ، فهو الذي علمنا في سجون الاحتلال منذ كنا أشبالا صغارا الى أن اصبحنا قادة ، أن نشطب من قاموس لغتنا ، وكلماتنا ، ومصطلحاتنا ومن حياتنا ، ورحلة كفاحنا ونضالنا كلمة .. ( آه) ....
علمَنَا بصموده الأسطوري الملحمي ، كيف ننتصر على آلام الجسد ، دون أن نجعل عدونا الصهيوني المجرم يفرح بسماع كلمة ... ( آه) .. أو يستطيع الانتصار على الروح والعقل والوعي ..
إنه هو الذي كان يردد دوما مقولته المشهورة التي اصبحت شعار لكل احرار العالم وثواره :
سيظل عدوي يتحسر لسماع كلمة .. ( آه ) مني ... ولن يسمعها ....
وفعلا رحل أبوعلي شاهين ، ولم يفلح العدو الصهيوني ، وكل اعوانه في المنطقة العربية وغير العربية في انتزاع كلمة ( آه ) منه ، بل إنه منذ بدايات مرضه واشتداده عليه ، لم يقبل أن يعالج في أي مستشفى من مستشفيات الاحتلال الصهيوني ... وبقي في رام الله صامداً ،متحدياً للمرض والالم، واجرى فحوصات في المانيا لتشخيص حالته ، ثم بعد عودته الى غزة مطلع العام الحالي وبعد تدهور حالته أدخل الى مستشفى القدس بغزة ، ثم ذهب الى مصر للعلاج بمستشفى وادي النيل ، ومستشفى فلسطين ، ولكن قناعته بأن الأجل المحتوم بات قريبا ، وأن المرض لم يعد له علاجا ، قرر العودة الى غزة ليموت فيها ، ويدفن في رفح التي أحبها وأحبته ، الى جانب أعمامه الشهداء الستة في مقبرة الشهداء شرق رفح .
ــ وبسبب عناده وصلايته وقوته وثورته المستمرة ، واستمرار تمرده ، وعنفوانه ، وبسالته وصموده الأسطوري ، فقد مكث هذا الفدائي العنيد الثائر اثنى عشر عاما في العزل الانفرادي في سجون العدو ، وقاد من زنزانته الانفرادية الحركة الأسيرة داخل سجون العدو ، ولذلك انكسرت ارادة وادارة وآلة قمع السجان الصهيوني أمام صموده الاسطوري ، الذي أصبح أنموذجا وملحمة للصمود الأسطوري للفلسطينيين ، وخصوصا ًفي مواجهتهم للعدو الصهيوني ، وخلال الخمسة عشرعاما التي أمضاها أبوعلي شاهين في زنازين وسجون العدو ، منذ لحظة اعتقاله وهو مطارداً لقوات الاحتلال في جبال الخليل ، حيث كان يقود الخلايا الفدائية ، وحتى الاقراج عنه من سجون الاحتلال سنة 1982 كان هو القائد الأول والرمز الفذ للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال ، وأيضا كان أحد أهم قادة الثورة الفلسطينية وحركة فتح ، حيث واصل دوره القيادي والنضالي من داخل زنازين الاحتلال ، وتمكن من تنظيم آلاف الفدائيين و، مئات الخلايا الفدائية التي عملت في جميع المناطق الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني ،إضافة لإرساله آلاف الشبان من الضفة وقطاع غزة للتدريب في قواعد الفدائيين في الأردن وسوريا ولبنان ، ولاحقا الى ليبيا واليمن والجزائر ، وكانت إدارة سجون الاحتلال وأجهزة مخابراته المجرمه يصنفون أبو علي شاهين : بــ ( السجين الأشد خطورة ) .
وكان أيضا في زنازين العزل أشد خطورة ، وفي مسالخ التعذيب أشد خطورة ، وفي أقسام المعيشة بالسجون الأشد خطورة .. وهكذا على الدوام كان أبوعلي شاهين في السجن وخارج السجن ، وقد عرفته مسالخ التعذيب والزنازين في كافة سجون الاحتلال العلنية والسرية ..من الخليل غزة ، الى عسقلان ، و شطة ، الرملة ، الصرفند ، الجلمة ، نفحة ، وبئر السبع ، وغيرها من السجون السرية التي تنتشر في العديد من المواقع والأماكن في فلسطين المحتلة عام 1948، وكان بعضها أيضا في الشريط اللبناني المحتل ، حتى هزيمة الكيان الصهيوني ، تحت ضربات وعمليات المقاومة الاسلامية في لبنان ، وانسحابه من جنوب لبنان في 25مايو / آيار سنة 2000
هذا وقد مكث أبوعلي قرابة العام ينقلونه من مسلخ الى مسلخ ، ومن سجن الى سجن ، ومن تعذيب الى آخر ، عسى أن ينتزعوا منه إعترافا ، وهو الذي أعتقل مقاتلا ومقاوما بالسلاح ، ولكنهم لم يفلحوا بانتزاع أي اعتراف منه ، تم شبحه أسابيع عديدة ، مورست ضده ابشع أشكال التعذيب ، جربوا معه كل وسائل التعذيب التي مورست مع كافة الأسرى ، ابتكروا اساليب جديدة للتعذيب ، واعتبروه حقل تجارب لهذه الأساليب عسى أن تجدي معه انكساراً واعترافاً ، ولكن هذا الفدائي العنيد ، والثائر العبقري ، لم يجعلهم يفرحوا ، ولو لمدة ثانية واحدة بأي انكسار له أو اعتراف ، تشقق جلد ظهره ، وتشققت قدماه ، وتورم اغلب جسده ، التهب جسمه وامتلأ بالقيح والدمامل والأورام ، ولكنهم لم يفلحوا ولم ينجحوا ، كان كواحد من جبال الخليل الشماء ، فهذا الفدائي إبن الفدائي القسامي علي عبد العزيز شاهين الذي قاد المقاومة الشعبية في بلدته الاصلية " بشِيت " ، وقاوم مع رفاقه حتى الطلقة الأخيرة ، فاستشهد مع رفاقه ، بينا أعمامه الستة كرروا مافعله ابيه في بشيت في معركة رفح حيث خاضوا المقاومة الشرسة وقادوها في عامي 1956 و1967 فاستشهد أعمامه الستة ، حيث يؤويهم قبر جماعي معروف لكل اهالي رفح بمقبرة رفح الشرقيه / مقبرة الشهداء ......
وهذا العجوز المتمرد / الثائر قد تعامل مع المرض والألم بنفس نظرية القتال مع العدو ، ورحل أبوعلي شاهين الحبيب ، ولم يسمع أحد منه كلمة .. ( آه ) .. لم يتأوه هذا الجبل الثوري الفلسطيني ، لم ينكسر هذا العملاق ، لم ينحن او ينكسر ، رحل شامخا كالجبال ، بل لم تجلل وجهه وهو على فراش المرض والموت ، سوى تلك الابتسامة الساحرة التي لم تفارق محياه منذ عرفناه قبل أكثر من اربعين عاما ..
أبوعلي كان يمتلك إرادة صلبة كالفولاذ ، أذكر مثالا بسيطا على ذلك ، يوما كنا معا في مصر ، وكان يتعالج وقتها من التهابات صدرية حادة بسبب الدخان والبايب ( الغليون ) ، فقال له استشاري الأمراض الصدرية اذا أردت أن تعيش وقتا اضافيا عليك بترك الدخان والغليون ، او على الأقل التخفبف منهما الى درجة كبيرة ، فقال له أبوعلي : ( أنا أساسا منذ أستشهد والدي وهو يقود المقاومة دفاعا عن بلدنا بشيت أعيش عمرا إضافيا ، ومنذ اعتقال في سجون الاحتلال ، وأعيش عمرا اضافيا ، ومنذ اطلاق سراح من السجن وأنا أعيش عمرا اضافيا ، وكل ما مضى من عمري هو اضافي ) ، وسأله ابوعلي : ( ولو تركتهما ماذا سيحدث ؟ ) ..
قال له الطبيب : كأنك تعيش عمرا جديد ، وأصارحك إن الرئتين عندك وضعهما صعب جدا ، فقال أبوعلي للاستشاري : ( لقد تركت الدخان والغليون الآن ، وارجو أن تقبل مني الغليون كتذكار ، وألقى بعلبة الدخان في سلة المهملات ) .
فأصاب الطبيب الذهول ، ,قال له : حدثوني كثيرا عنك ، ولكني لم أكن متخيل أنك قوي وتمتلك ارادة صلبة الى هذه الدرجة ، كنت متخيل أنني أواجه مشكلة كبيرة معك لإقناعك بترك الدخان والبايب ، ومنذ ذلك الحين قبل قرابة ثلاث وعشرون عاما ، وابوعلي لم يدخن سيجارة واحدة أو غليون واحد ، بل انه أصبح لايطيق رائحة الدخان ومنع التدخين في مكتبه ، علما أنه كان عاشقا للبايب ، وكان في كل رحلة له الى بلاد العالم يسعد بانتقاء وشراء أنواع مختلفة من البايب التي تصنع في تلك البلاد ، وطبعا هذه الحادثة تجعلنا ندرك حجم ارادته الصلبة ، وقدرته على التعايش مع أي وضع مهما كان صعبا ....
أما نحن أصحاب أبوعلي ، وأحبابه وتلامذته ، وكل الأجيال الرائعة التي تربت على يديه فقد بتنا جميعا برحيله في هذا الزمن الحزين ، الصعب ، المؤلم ، والمنكسر ، بتنا أيتاما ... !!
ــ ترى أين سنجد قائدا وطنيا شموليا يفكر بالكل الفلسطيني ، يزرع فينا الأمل والتفاؤل والعشق الثوري بعد رحيل استاذ الثورية والوطنية ابوعلي شاهين ؟؟؟
والله يا ابا علي لا أجد في اللغة ما يسعفني لرثائك .. فرحيلك يا سيدي موجع مؤلم محزن .. فانت يا اباعلي كنت دوما ( الاسم الحركي / الكودي ) للثورة الفلسطينية وللمقاتلين والفدائيين والثوار ، أنت الاسم السري / العلني لفلسطين وثوارها وفداءيها ...
آه يازمن الحزن والانكسار ..
فهذا موعد رحيل الكبار بدءا من أمير الشهداء أبو جهاد .. ابو اياد ...ابوالمنذر .. السيد عباس الموسوي ، جورج حبش ، أبوعلي مصطفى ، الدكتور أحمد صدقي الدجاني ، الشيخ أحمد ياسين ، الدكتور ابراهيم المقادمة ، الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ، المهندس اسماعيل أبوشنب ثم مصيبتنا الكبرى برحيل رمز الشعب والثورة وفلسطين أبو عمار .. الحاج عماد مغنية ..اللواء محمد رزق ابوعبدو ، الفريق أول عبد الرازق المجايدة ..( وغيرهم كثير فالقائمة تطول من الأسماء العظيمة لشعبنا ومقاومته البطولية من كافة الفصائل ، وكذلك المقاومة التوأم للمقاومة الفلسطينية ، المقاومة اللبنانية ) ....
وها هو ابوعلي يرحل تاركا وراءه جيشا من الأجيال الثورية التي زرع في ثناياها الأمل والتفاؤل والإصرار والقوة ، والحلم الجميل بأن النصر قادم .. قادم بإذن الله .
رحل المعلم وكان مصرا أن النصر قادم ، وهوالذي كان دائما يردد مقولته المشهورة :
( ما وجد المشروع الصهيوني الا لكي ينهزم ) ..
أبوعلي نحن على الموعد يا استاذي ومعلمي ..
اللقاء قريب ...وكلنا ثقة بالله أنه مهما طال الزمن فالنصر قادم ، ويوما ما بإذن الله سندخل الى بيت المقدس وساحات المسجد الآقصى فاتحين منتصرين ، سنعود الى حيفا ويافا وعكا وبشيت والمجدل وصفد والكرمل ، وكل شبر في فلسطين ، وسنبقى نقاوم ونناضل حتى تتحقق نبوءتك ، ونبوءة الختيار / الزعيم الخالد ابوعمار بدحر المشروع الصهيوني وكسره ، عهدا أباعلي ان نواصل السير نحو ( الحلم المستحيل ، والأمل الجميل ) وأن نحقق هذا الحلم ، وان نستعيد كل شبر من أرضنا ، ومن حقنا المقدس في فلسطين المباركة ..
**********
أبوعلي شاهين مهيبا في حضوره ..
مهيبا في سجنه ..
و مهيبا في قتاله ضد العدوالصهيوني. ..
مهيبا في ابعاده وارتحاله بين المنافي الشقيقة والبعيدة !!!!...
ومهيباً أيضا في زنازين الأشقاء بعد إبعاده !!! ...
أولئك الأشقاء الذين ضبطوه بالجرم المشهود !!! ينظم الخلايا الفدائية ويدربها ويسلحها ويقودها بنفسه ، ويتسلل معها ، مخترقا وإياهم الحدود العربية والأسلاك الشائكة زاحفا مع خلاياه الفدائية نحو فلسطين لقتال العدو الصهيوني ....
تخيلوا أبوعلي شاهين الذي شارف على الخمسين من عمره في ثمانينات القرن الماضي لاينظم الفدائيين ويسلحهم ويدربهم ويرسلهم وحدهم ، بل يتقدم صفوفهم ويخترق بهم حدود سايس بيكو نحو فلسطين ، فيعتقل في مصر ، ويعتقل في الأردن ، ويعتقل في ليبيا ، ويحاول مرة ومرة ومرات التسلل مع خلايا الفدائيين الى فلسطين المحتلة ، ولكن أجهزة الأمن العربية كانت له بالمرصاد ..
وفي الزنازين الشقيقة القريبة والبعيدة ، أثار دهشة الجلادين والمحققين والسجانين ، كما أثار دهشة جلادي وزبانية الاحتلال من قبل ، ورغم انه كان في الخمسينات من عمره ، إلا أنه كان ايضا أسطورة وملحمة للصمود في الزنازين العربية ومسالخ تعذيبها .....
وفي كل مكان أودولة عربية أبعد اليه من فلسطين المحتلة أحدث ثورة لدرجة جعلت نظامها يحسب له ألف حساب ، ويقرر هو الآخر ـ كما الاحتلال الصهيوني تماما ـ إبعاده عن أراضيه ... والتهمة نفس التهمة !!! مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين الغالية ؟؟ !!
أبعدته سلطات الاحتلال الى الأردن سنة 1985، فلم تستطع الأردن ومليكها الراحل الحسين بن طلال تحمل وجوده فوق ارضها ، فاعتقلته أجهزة مخابراتها العتيدة عدة اشهر ، لاقى خلالها أصنافا عديدة من العذاب ، ثم أبعدته الى العراق ، ومن هناك كلفه الزعيم الراحل ياسر عرفات وأمير الشهداء خليل الوزير بالذهاب الى لبنان ، وقيادة حركة فتح وقوات الثورة الفلسطينية فيها ،وتم تعينه أمينا لسر الساحة اللبنانية ، فمكث فيها حتى عام 1987 حتى قرر الرئيس الراحل ياسر عرفات ـ بناء على ضغوط شديدة من الدولة اللبنانية ، ومن النظام السوري الذي لم يستطع تحمل وجوده في الساحة اللبنانية ، نقله الى تونس ومنها الى العراق ثانية ، ثم تونس ، وأثناء وجود ابوعلي في لبنان أعاد بناء حركة فتح ، وقوات الثورة الفلسطينية من جديد ، ورغم ما تعرضت له م . ت . ف وحركة فتح والثورة الفلسطينية في لبنان من مؤامرات كبيرة بدأت بالاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة ضد قوعد الفدائيين في لبنان منذ عام 1967 ، وحتى الاجتياح والاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان سنة1976و 1978 ، واقامة الحزام الأمني الصهيوني في الشريط اللبناني الجنوبي المحتل ، ثم الاجتياح الاسرائيلي للبنان صيف 1982الذي أدى الى رحيل الجزء الأكبر من قوات الثورة الفلسطينية ، وقيادة م . ت . ف الى ست دول عربية ، ثم حركة الانشقاق عن حركة فتح التي قادها العقيد ابوموسى وأبوخالد العملة ، وثم حصارقوات الثورة الفلسطينية في طرابلس شمال لبنان ، ومعركة طرابلس التي شنها ابوموسى وأحمد جبريل ضد قوات م . ت . ف والثورة الفلسطينية سنة 1983 مما أدى الى رحيل قوات الثورة الفلسطينية ، وقيادة المنظمة من جديد ، ثم حصار وحروب المخيمات الظالمة التي شنتها حركة أمل اللبنانية سنة 1985 واستمرت حتى نهاية 1988 ، ورغم انتهاء الحرب ضد المخيمات الفلسطينية في لبنان بسبب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة 1987 وابعاد العشرات من قادة الانتفاضة الى لبنان ( وكنت في الفوج الأول لهؤلاء المبعدين ) ، إلا أن حصار المخيمات الفلسطينية في لبنان استمر منذ ذلك الحين وحتى الآن بأشكال مختلفة ، وأكثر المخيمات حصار هي مخيمات الجنوب ...
ولقد تغير مسار حروب المخيمات عند انتقال أبوعلي شاهين الى لبنان ، حيث اصبح القائد الفعلي للقوات الفلسطينية .. وقاد بنفسه مع رفاق السلاح وخصوصا الشهيد اللواء عبد المعطي السبعاوي ، اللواءعلاء الأفندي ، الشهيد اللواء وأمين الكايد وأشقائه ، وعلى وجه الخصوص منهم اللواء جمال الكايد ، الذي كان في ذلك الوقت برتبة نقيب ، واللواء منير المقدح ، وجمال سليمان ، والشهيد اللواء كمال مدحت ، وغيرهم العديد من القيادات العسكرية والفدائية ، وهذه المعركة هي التي حسمت بعد ذلك مسار حرب المخيمات ، وهي ( معركة مغدوشة ) ، وهي القرية اللبنانية التي تقع أعلى الجبل المطل على مخيم عين الحلوة ، وقد حقق المقاتلون الفلسطينيون بقيادة ابي علي شاهين ومن معه من القادة العسكريين لفتح وقوات الثورة الفلسطينية نصرا نوعيا في تلك المعركة التي سقط فيها عددا كبيرا من الشهداء والجرحى الفلسطينيين ......
ورغم كل ماسبق سرده ـ وهو قليل .. قليل جدا ـ عن ابي علي شاهين
لم تبدله أو تغيره المراكز والمواقع والمناصب ، وبقي صوفيا / زاهدا / فقيرا ، لم يمتلك من حطام الدنيا شيئا يجعله يتغير أو يتبدل ، لم يتغير في السجن ، ولم يتغير خارج السجن ، لم يتغير عندما أصر الراحل ابوعمار على تعيينه وزيرا للتموين والاقتصاد الوطني ، ليكون أمينا على لقمة الناس ورغيف عيشهم واقتصادهم الوطني في ظل مرحلة من اصعب المراحل واعقدها على المستوى الفلسطيني ،مثلما كان أمينا على الثورة الفلسطينية ، ووضع الوزير / الثائر ضوابط وأنظمة وقوانين للوزارتين ، وتقدم بمشاريع قوانين تم اقرارها من المجلس التشريعي الفلسطيني ، مازالت حتى اللحظة هي المعتمدة والمعمول بها لدى حكومتي قطاع غزة والضفة الغربية .....
وخاض معاركا شرسة ضد الغش والاحتكار والغلاء والتزوير ، في الوقت الذي بقي فيه نصيرا للمظلومين ، ولايحتاج أي مواطن لموعد مسبق للقائه ، فباب مكتبه وبيته كان مفتوحا لكل الناس ، وهو الوزير الفلسطيني الوحيد الذي كان يقود سيارته في غزة والضفة والاردن ومصر بنفسه ، يتنقل دون حراسة ، ودون مرافقين ، ولايسمح لأحد أن ينايديه بـ ( معالي الوزير ) ، وكان بمزاح مرير يقول يكفي أنه توجد على أرضنا ( معاليه أدوميم ) ، وهي المستعمرة المشهورة المقامة على جزء عزيز من أراضي وجبال نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة .....
وكان هو الوزير الفلسطيني الوحيد الذي يعطي حراس منزله من الشرطة اجازة مفتوحة ( هي كانت حراسة مفروضة عليه بموجب قوانين السلطة الوطنية الفلسطينية ، حيث يتم تخصيص حراسة شرطية ثابتة لكل وزير على منزله ومكتبه ) ، وكان يقول بكل تواضع وثقة : ( انني مسلَح بحب الناس لي ، والحماية من الله ، ومن ثم من أبناء شعبنا الذين أحبهم ويحبونني ) .. وأيضا كان هو الوزير الوحيد الذي يراه الناس البسطاء في اسواقهم الشعبية في الضفة والقطاع يشتري حاجياته بنفسه ، ويتوقف بسيارته لاي شخص يشير اليه راغبا في التحدث معه ، وكان الجميع يجدوه في كل التظاهرات والاعتصامات والمناسبات ، في افراح الناس / وبيوت العزاء . .زولو أن جارا له في رفح أوغزة أصابه الحزن بفقدان عزيز عليه ، تجد ابوعلي افنسان يشارك جاره في اقامة بيت العزاء واستقبال المعزين له ، اما لأو كنت سعيد الحظ ودعاك الوزير ابوعلي شاهين للإفطار او الغداء او العشاء في بيته ، او مكتبه فلت تفوز معه بأكثر من تناول الفول والفلافل ، أو الجبن واللبنة والحمص وماشابه ،أو ما اعدته الخالة ام علي من طعامها الطيب ، وهي سيدة بيت رائعة ، وزوجة وأم عظيمة ، ومناضلة ايضا لها تاريخها العريق ، وتجد ابوعلي هو الذي يقدم لك الطعام بنفسه ويضع الآواني على الطاولة ، وهو الذي يعد القهوة او الشاي بنفسه لك وللضيوف ، وهو الذي يخدم ضيوفه بنفسه ، هكذا كان ابوعلي على الدوام في غزة بعد اطلاق سراحه ، وفي الاردن ولبنان والعراق وتونس والجزائر ومصر ، وبعد عودته الى غزة ، وهو كريك وحميم جدا في استقباله لضيوفه ، وكان له احباب كثر اينما ذهب اوسافر ، من كوبا الى المغرب ، فمصر ، حتى اندونيسيا والفلبين الى فيتنام ، تجد له احبابا واصدقاء في اوربا وافريقيا واسيا ، وعندما كان يحاف الحظ احدنا فيصحب ابوعلي في رحلة الى احدى البلاد ، كنا نفاجأ من حجم أصدقاء ومعارف وأحباب أبو علي في هذه البلد ، كن ابوعلي واسع المعرفة بالبلدان والناس ، وكان يعرف اغلب البلدان التي زرناها معا، أو التي تلك البلدان التي كنا نلتقي فيها ، كما لو كان واحدا من سكانها .ز لقد كان ثائرا حرا، ومناضلا عنيدا ، وانسانا متواضعا ، كان أقرب مايكون للزعيم الخالد ياسر عرفات ، وكان توأم أمير الشهداء خليل الوزير ، وعندما تستمع الى حديثه تشعر أنك حقا في حضرة خليل الوزير ، ولكن باسلوب وطريقة ولغة وشخصية ابوعلي شاهين ... أبوعلي الذي لايتكرر أبدا .. أبدا..
*******
وكان ابوعلي شاهين الثائر النبيل / المتمرد / الناسك / الفيلسوف / المفكر / المربي / القائد / المقاتل العنيد..
مهيبا عند عودته ..
مهيبا في حضوره وغيابه ..
وفي مرضه مهيبا ..
اما في موته واستشهاده فهو الأكثر مهابة وحضورا من كثيرمن الآحياء !!
مهيبا أبوعلي في موته ورحيله الأبدي ، وجنازته التي امتدت من مخيم تل السلطان حتى المقبرة الشرقية في رفح ، على مسافة عدة كيلومترات ......
وكان أيضا مهيبا في بيت عزائه الذي إجتمع فيه الجميع ، الجميع ، ولم يغب عنه أحد ...
آه يا أبا علي ايها الشيخ النبيل الثائر ...
آه يا ابا علي .. ايها المتمرد القوي العنيد .. الذي لم يعرف الياس أبدا !!
ايها المتفائل دوما ...!!
آه يا أبوعلي هل حقا رحلت ؟؟؟
لقد رحلت أيها الحبيب دون أن تكشف لنا سر ابتسامتك الساحرة وتفاؤلك الدائم ؟!!
هل حقا رحلت ... ؟؟
أكاد لا أصدق !!!!
وهل رَحَلَت عنا مع رحيلك روح الأمل والتفاؤل والاصرار على الانتصار ...؟؟؟
اعذرني سيدي .. وليعذرني كل احبابك .. اكاد لا أصدق أنك رحلت .. !!
أكاد لا أصدق أنك رحلت ...!!!
أنت أيها الفارس النبيل ، الذي على مثلك تبكي الرجال والفرسان والثوار والأمهات والثكالى ...
وعلى مثلك ابوعلي فلتبك البواكي ....
******
افتقدناك ايها الحبيب ، ونبكيك بدمنا قبل دموعنا ...
وليت الفراق لايطول كثيرا ، لعلنا نلحق بك عن قريب ...
سلام عليك سيدي ومعلمي وقائدي وصديقي وحبيبي ....
سلام عليك ايها الفدائي العنيد الذي لم توجد في مصطلحات لغته وفلسفته وكلماته ومواقفة مكانا لـ ( الخوف ) أو ( الانكسار ) .... أو ( التردد ) .. أو ( العجز ) .. او ( الفشل ) ..
أبوعلي عهدا ..
عهد الرجال .. الرجال
أن نكمل المشوار حتى هزيمة المشروع الصهيوني ، مهما كان ظلام الليل حالكا ، ورغم أن التشاؤم عنوان المرحلة ... لكن الأمل بالله كبير ... وشعبنا المعطاء الذي اعتاد العطاء والتضحية لن يتوقف عن العناد والثورة والتضحيات ، سنواصل المشوار يا ابا علي مهما طالت الطريق ، وموعدنا هناك ..هناك امام ضريح معلمنا ورمز عزتنا وثورتنا ، وقائد مجدنا .... رفيق دربك ، الزعيم الخالد ياسر عرفات ..
موعدنا هناك لنحمل ثراه وتابوته المرصع بالمجد على اكتافنا فندخل زاحفين بالنصر المؤزر الى القدس والمسجد الآقصى المبارك ...
اقترب الموعد كثيرا ..
اقترب النصر ..
ولابد لهذا الشعب العظيم أن يتوحد من جديد تحت راية الاسلام وفلسطين وبدماء الثوار والمقاتلين والفاتحين للقدس ولأبواب المجد والعزة والانتصار ..
معذرة سيدي ابوعلي .....
لقد علمتنا الحب والعشق ، كما علمتنا القتال ...
آه من وجع رحيلك ياشيخ الثوار والمقاتلين ..... فلقد كسرت ظهرنا برحيلك ... ولانملك الا أن نقول ما أنرنا به الله ( سبحانه وتعالى ) ، وما علمنا إياه حبيبنا المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند وقوع المصائب ، واية مصيبة / عظيمة هذه التي حلت بنا برحيك أبي علي
إنا لله وانا اليه راجعون ..... وحسبنا الله ونعم الوكيل ...

د.محمد أبوسمره
سياسي ، مؤرخ وخبير استراتيجي
ــ رئيس الحركة الإسلامية الوطنية في فلسطين ( الوسط )
ومركز القدس للدراسات والإعلام والنشر ( القدس نيوز )
غزة ـ فلسطين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت