الانقسام الفلسطيني يدخل عامه السابع.. تصـدع بالمشروع الوطني وضيـاع بحقوق المواطن

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
تصادف اليوم 14 حزيران الجاري الذكرى السنوية لوقوع الانقسام الفلسطيني صيف 2007م والذي أدى، بحسب آراء المحللين والكتاب والسياسيين والمواطنين وكل من بقي في عقله شيء من المعرفة ، إلى تصدع المشروع الوطني الفلسطيني .

وباتت الحالة الفلسطينية مع دخول هذا الانقسام عامه السابع مأزومة وأكثر تعقيداً، على اثر ما أخذ (الانقسام) من دماء الفلسطينيين ومن سمعتهم واقتصادهم ونسيجهم الاجتماعي ومستقبلهم السياسي الشيء الكثير .

ولم يجد الاحتلال الإسرائيلي منذ قيامه باغتصاب أرض فلسطين التاريخية، بيئة أكثر خصوبة من سنوات الانقسام الفلسطيني، فانفرد بالسيطرة على الأرض والحجر والشجر وبلغت وتيرة بناء الاستيطان معدلاتها الأعلى بجانب تهويد مدينة القدس وبناء الحواجز، والابتزاز السياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية ، وتقسم الضفة الغربية وتجزئتها ، والقيام بحربين دمويتين ضد سكان قطاع غزة ، بجانب فرض حصار خانق.

لكن رغم كل ما سبق بقي الانقسام هو سيد الموقف بين القيادة الفلسطينية على مستوى حركتي (فتح وحماس) ، اللتين تحملان مسئولية هذا الوضع بالكامل، مخن ما آلت إليه الحالة الفلسطينية.

ويقول في هذا السياق المحلل السياسي هاني حبيب ، "بعد سنوات من الانقسام الذي بدوره تحول إلى انفصال سياسي بدل من أن يتم إنهاءه من خلال تطبيق المصالحة الفلسطينية ، أصبح الأمر أكثر تعقيداً خلال السنوات التي مضت".

ويضيف حبيب في حديث لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"، "أن إجراءات عديدة تم تطبيقها على الأرض من قبل طرفي الانقسام ساعدت على ترسيخ هذا الانفصال السياسي وباتت قضية المصالحة تعترضها أمور كثيرة وعقبات".

ومن وجهة نظر حبيب فإن بيئة الانقسام أنتجت ظواهر وقوى وفئات جديدة أصبح بالنسبة لها (الانقسام) طبيعة أدبية جعلها تستفيد أكثر من هذا الواقع ولا تتردد في إفشال إي جهود لإتمام المصالحة .

ويكمل حديثه " إن جملة من القوانين الغير شرعية صدرت ممن يحكم قطاع غزة، وفي مقابلها صدرت جملة من المراسيم ممن يحكم في الضفة الغربية غير شرعية في ظل غياب البرلمان الفلسطيني، كل ذلك أدى لترسيخ الانقسام ".

ويعود السبب الحقيقي وراء عدم تطبيق المصالحة الفلسطينية لعدم توفر إرادة حقيقة لكلا من قيادة حركتي (فتح وحماس) ، وارتباط الحالة الفلسطينية بقوى إقليمية والتي تحول في كثير من الأوقات دون تطبيق المصالحة .

والحل الوحيد حسبما يرى المحلل حبيب في ظل عدم توفر الإرادة للحركتين هو تحرك الرأي العام للضغط على طرفي الانقسام، ووضعهم على المحك لتطبيق المصالحة .

ويتفق الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام" المحلية أكرم عطاالله مع المحلل حبيب ، بأن الخطوات التي اتخذت لترسيخ الانقسام كانت أكبر وأكثر من الجهود التي عملت على تطبيق المصالحة ، من خلال تشكيل حكومة في الضفة وحكومة بغزة .

ويضيف عطاالله في حديث لمراسلنا" أن الانقسام أنتج كيانين مستقلين لكل منهما أهدافه وطريقته ومشروعه وارتباطاته الخارجية ، والتي بدون التخلي عنها لن يتم تطبيق المصالحة الفلسطينية والوحدة وإنهاء الانقسام ".

ويعتبر عطاالله ، أن الحركات التي يسميها حديثة العمل الوطني في القضية الفلسطينية أضرت كثيراً بالمشروع الوطني لحداثة عمرها في العمل السياسي وقلت تجاربها .

كما أنه يرى أن الشعب الفلسطيني يعاني أزمة قيادة، "فالقيادة التي لا تستطيع أن تطبق المصالحة من اجل المشروع الوطني، كيف ستكون محل ثقة لدى المواطنين لإنهاء احتلال واسترجاع وطن..؟

وتعم حالة من الإحباط والاستياء الشارع الفلسطيني بسبب عدم تطبيق المصالحة حتى هذا الوقت، فقد عبر الفلسطينيين مراراً عن رفضهم للانقسام ومخلفاته، من خلال سلسلة احتجاجات ومسيرات وفعاليات جمة قاموا بها خلال السنوات الماضية، لكن لم تصل نداءاتهم لقلوب وآذان قيادتي طرفي الانقسام.

ويذكر منها انه مع اندلاع "الثورات العربية" مطلع عام 2011 وفشل خيار المفاوضات مع إسرائيل، ارتفعت مجددا أصوات الشبان الفلسطينيون الذين يطالبوا بإنهاء الانقسام والعودة للوحدة الوطنية. فنظموا حملة من المظاهرات والمسيرات انطلقت في 15 آذار عام 2011 في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة لإنهاء الانقسام ودفعت هذه الاحتجاجات الحركتين (فتح وحماس) إلى توقيع الورقة المصرية الخاصة بالمصالحة في 4/5/2011 م بمشاركة باقي الفصائل، لكن لم يطبق منها شيء على الأرض حتى الآن .

وبهذا الصدد يقول المواطن سامي الهشيم (26عاماً) " لا شك أننا نعيش كارثة الانقسام ، الذي انتج سياسة غير مفهومة على مستوى حكومتي الضفة الغربية وقطاع غزة ، فالأفق السياسي مغلق والوضع الاقتصادي صعب ، وكل الجهود الرامية لإنهاء الانقسام تفشل ".

ويضيف لمراسلنا " يجب عدم السكوت على حالة الانقسام " مستدركاً بالقول" صحيح أن الناس ملت وسئمت المطالبة بتطبيق المصالحة لكن يجب ألا نيأس فلا خيار أمامنا إلا إنجاز الوحدة الوطنية ".

المواطن الغزي محمد النفار (28عاماً)، لم يخفي غضبه على أداء قيادة حركتي (فتح وحماس) في ظل الانقسام ويقول " لقد ضاع الوطن وضاعت حقوقنا كمواطنين ولم يمر علينا وضع صعب اكتر من يلى احنا فيه كلو بسبب الانقسام ".

ويتهم النفار "الحكومتان" في الضفة الغربية وقطاع غزة ، بانهما تقومان بتوظيف المواطنين على خلفيتهم الحزبية، مضيفاً " انا عاطل عن العمل ومعي شهادة بكالوريوس منذ خمس سنوات في علم الاجتماع لم أجد وظيفة في حكومة غزة حتى اليوم ".

ويرجع الانقسام الفلسطيني لخلافات نشبت بين حركتي (فتح وحماس)، إثر فوز الأخيرة في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ونشوء أزمة سياسية ارتبطت بعراقيل الانتقال السلمي للسلطة .

وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، بعد اشتباكات دامية مع عناصر فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس منتصف عام 2007، ومنذ ذلك الحين فشلت كل الجهود التي بذلتها وساطات عربية، أبرزها مصر، لانهاء الانقسام الفلسطيني بين الحركتين المتخاصمتين .

تقرير/طارق الزعنون