طلبة التوجيهي يشكرون شركة الكهرباء في قطاع غزة !!!

بقلم: النائب أحمد أبو هولي


لم يعد الموطنون يصدقون أي حديث أو تصريح لأي مسؤول في شركة توزيع الكهرباء أو سلطة الطاقة والتي اعتادوا أن يطلقوها لطمأنتهم عند بداية كل موسم ، ولقد طفح الكيل لدى المواطنين والذين يتم أخذهم كرهائن في بيوتهم ، حيث تُشل الحركة وتتوقف مظاهر الحياة بمجرد إنقطاع التيار الكهربائي وفي أحسن الأحوال وإذا كانوا محظوظين تصل ساعات القطع إلى ثماني ساعات متواصلة .
أكثر من ست سنوات مضت والأزمة في تصاعد مستمر ولا بوادر تشي بحل قريب لهذه الأزمة وهذه المعاناة التي يعاني منها المواطنون ، ولكن على ما يبدو فليس هناك أي أمل بالتغيير ، فمسؤولي شركة الكهرباء وسلطة الطاقة قد استمرؤوا أسلوب شق ونهب الجيوب ولطم الخدود والبكاء الكذوب للتهرب من مسؤولياتهم ، فمشكلة الكهرباء لم يتم معالجتها منذ الوهلة الأولى بالطريقة الصحيحة والمُثلى بل كانت الأفكار والخطط توضع لإدارة الأزمة وليس حلها ، وعليه فقد ظلت الأزمة تتفاقم دون أن يكون هناك أي جديد أو على أقل تقدير مكاشفة حقيقية وشفافة مع الناس ووضعهم في صورة الجهود المبذولة لتغيير هذا الواقع المرير ، وذلك بدلاً من أسلوب تشتيت الجهود في أمور جانبية ومعارك وهمية تصطنعها شركة الكهرباء وسلطة الطاقة في غزة لذر الرماد في العيون والتغطية على عجزها المهني والإداري .
إن غياب الرؤى والسياسات التي كان ينبغي اتخاذها إزاء مسألة كهذه فاقم من هذه الأزمة وألقى بظلال ثقيلة على المواطنين تراه في محياهم وفي قسمات وجوههم وفي تعليقاتهم .. وإن وجدت بعض المعالجات فهي تكاد تكون بسيطة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب الذي يلبي احتياجات الناس من هذه الخدمة ، والتي يدفع المواطنون مبالغ مالية مقابلها كما يدفع ثمن الإنقطاعات المستمرة وسوء الخدمة الناتج أًصلاً عن سوء إدارة هذا الملف من قبل مسؤولي الشركة وسلطة الطاقة في غزة لأن الفشل في التخطيط يقود إلى التخطيط للفشل .
إن ما دفعني لطرق هذا الموضوع الحيوي والهام وجعلني أكتب مهموماً ومجروحاً ذلك المنظر الذي رأيته بأم عيني لوالد أحد الطلبة في الثانوية العامة وهو يهرول بحثاُ عن الوقود المفقود ، يفتش في المحطات عن البنزين فلا يجده ، فلا يجد أمامه من وسيلة إلا لطرق الأبواب لطلب البنزين من الجيران حتى يتمكن من تشغيل المولد لأبنه .
ولعل أكثر ما يثير السخرية والتعجب ما أتحفتنا وأسعدتنا به شركة الكهرباء من تشغيل للمولد الثالث ، و إطفاء كل من المولد الأول والثاني ، وليعذرني كل من يعرفني ويعرف عني جديتي في تناول المواضيع الهامة على هذه السخرية في هذا الموضوع الهام ولكن .... شر البلية ما يضحك ، فقد توقعنا أن يطرء تحسن ولو طفيف على الكهرباء في ظل الوعودات التي أطُلقت والتصريحات التي صدرت ، و في ظل تقديم أولادنا وفلذات أكبادنا لإمتحانات التوجيهي وما تمثله هذه اللحظة المصيرية -والتي عايشناها ونعرف المعاناة والضغط النفسي الذي يكون واقعاً -من علامة فارقة في مستقبل أولادنا الذين هم أمل وإشراقة المستقبل .
إنني وإن أتحدث عن الأزمة التي يخلفها إنقطاع التيار الكهربائي لا أغفل عن الحديث عن الأضرار الفادحة التي لحقت بالمواطنين والناجمة عن إنقطاعه ، فعائلات بأكملها قد إحترقت في أبشع ميتة يمكن أن يتخيلها إنسان ، كما أدى إنقطاع الكهرباء المتكرر في نهاية المطاف إلى حرق وإتلاف الأجهزة الكهربائية للناس بدون أن يتم تعويضهم أو حتى تقديم الإعتذار لهم ... فلا عزاء للمواطن المسكين الذي يتجرع مرارة ما يحدث بصمت رهيب ومخيف .. فإذا كان الحال هكذا فهل من إعادة النظر لكل ما يحدث في هذا الواقع..؟!!!
إنني إزاء هذا الإهمال والتخبط وسوء الإدارة البادي للعيان والذي لا يحتاج لكثير من الذكاء لتلمس آثاره ، أدعو لمحاسبة المسؤولين عن إدارة هذا الملف وعدم تقديم أي نوع من الحماية لهم تحت حجج ومبررات الإنقسام البغيض ، كما أجدد الدعوة إلى تشكيل هيئة وطنية مهنية أكاديمية أو فصائلية ، سموها ما شئتم للإشراف على إدارة شركة الكهرباء ، وذلك لإخراج هذا الملف من دائرة السجال والمزايدات الحزبية وفي سبيل نزع الشماعة التي يعلق عليها المسؤولون فشلهم في إدارة هذا الملف طوال السنوات السابقة ، على أن تعمل اللجنة على تأمين كل ما يلزم من أجل استمرار تقديم الخدمة على أوسع نطاق ممكن ، وبما يضمن مشاركة الجميع في تحمل المسؤولية ، حتى نساهم في تخفيف الواقع الصعب الذي يعيشه المواطنون ، وحتى نضمن لهم عيشة كريمة في ظل عدو يريد أن يجعل من دمائنا له وليمة .

اللهم قد بلغت ... اللهم فأشهد

بقلم : الدكتور أحمد أبو هولي " النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح "

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت