الآن ..،وقد هدأت نار غضب (التمرد) على استبداد ،وهيمنة (التجرد) بفعل تدخل جيش وطني كان يراد له أن يكون فقط أسد سيرك ..!!
اشكر الله الذي حمى مصر بهية..من مخطط ظلامي خبيث واختصر عليها فترة حضانة طويلة مشابهة الى حد كبير لاعراض سرطان الشام..!!
واذا كان لابد من نظرة موضوعية لما حدث في أسبوع 30 يونيو، فاني أرى ان نرجع معا ،وبسرعة الى 25 يناير قبل عامين..حيث امتطى الإخوان بحنكة ،واقتدار ميدان التحرير، ووصلوا الى ما وصلوا اليه..فاعتقدوا خطأ ،وغرورا أن الأمور دانت لهم.بشعبية تصل الى 64%...ولم يأخذوا العبرة من خطايا نظام مبارك..، بل ساروا على نهجه بالقلم ،والمسطرة وكرروا في سنتين بصورة مكبرة تماما المشهد الذي يجرى في غزة منذ 7سنوات ،بما يؤكد قربى ونمطية الجماعة في التوجه والسلوك..!!
لقد كانوا هم بممارساتهم الانانية ،والمراهقة السياسية أول من أساء للشرعية التي اوصلتهم الى الحكم والتي يتباكون عليها الان..!!فذكروني عن غير قصد باخر امراء بني امية..!!
تنكروا ببساطة لوعود ال100يوم في خطاب النصر!! ، وانشغلوا بالتمكين ..، واهانوا الجيش واستهانوا برغيف العيش، والغاز ،وانقطاع الكهرباء، ،وعزلوا النائب العام ،واستعدوا القضاء ،وامتهنوا الاعلام ،وطاردوا الصحفيين، وتساوقوا مع الأمريكان، بأكثر مما كان..!! وأعطوا للناس إيحاء قويا بأن مصر تدار من مكتب الإرشاد ،وما مرسي إلا صبي معلم في مقهى (هي لله)..!!
تبخر مشروع النهضة العظيم الذي صاحبته ضجة عارمة ،ولم يبق منه إلا اسم ميدان تظاهروا به أمام جامعة القاهرة..
وتقزمت مصر سياسيا ،واقتصاديا ،واجتماعيا تحت ،وزارات ربانية شابة تفتقر الى الخبرة ،ولا مؤهل لها الا الولاء و(السمع والطاعة )..!! فاثارث النقمة ،والنكتة بشكل قياسي، وفي اقل من 4 شهور..!!
صحيح ان مرسي وعشيرته عملوا با فعالهم تحت ضغط معارض من اعتصامات ،وتظاهرات ،وإعلام خاص ،ربما كان هذا وراء أخطاء ماكان يجب ان تقع ، لكن الأخطاء القاتلة أتت نتيجة فكر إخواني مدروس، ومع سبق الإصرار يقضي بالتمكن ،والتفرد، والاخونة في كل مكان ،وخاصة في موقعتي البرلمان الباطل ،و دستور الرئاسة ،وزاد ذلك بشاعة محاصرة المحكمة الدستورية بغوغاء في سابقة لم تحدث حتى في دول الماو ماو وما صاحب ذلك من هدر دم في الاتحادية..!!
الا ان الخطأ الأكثر قتلا للجماعة كان استنزاف مخزون الخطاب الديني بسرعة في منابر ،وقنوات فضائية بمسميات عدة ،ووجوه تحريضية عديدة مثيرة للاستفزاز،والجدل أشبعت المشهد البائس صفعا بفتاوى ، ،وممارسات اساءت للدعوة ،وولدت في الناس الخوف ،والبغض ،والسخرية..!!
لقد وصلت الهرطقة ببعضهم الى ادعاء ان سيدنا جبريل نزل في رابعة العدوية..!! وان مرسي أم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ..!!وان ثمان حمامات خضر نزلت على كتف مرسي مؤكده انه سيعمر فترتين انتخابيتين..!! وكان الاعتقاد ،ولازال راسخا عند الإخوان أنهم أولياء الله من دون عباد الله ،وهنا مكمن العمى السياسي..!! وهذا هو ما جعلهم يبذرون رصيد 85 عاما من التنظيم ،والدعوة في عامين..!!
كنت أنا العبد الفقير مؤمنا ،ولازلت ان تجربة الحكم وتذوق طعم (فالوذج )السلطة من بعد طعم (كرابيج) القلعة !!هو المحك على مصداقية الشعارات الطاهرة..!! وكنت مع ان يأخذ الإخوان فرصتهم كاملة دون إزعاج..!! لكنهم ،والحق يقال لم يستثمروا الفرصة بحق..،بل وأوقعتهم طموحاتهم المستعجلة في الفخ..،فرسبوا بامتياز مع نهاية السنة الأولى من حكم جعل كثيرين يتحسرون على ايام مبارك..
وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير هي استعلاء رموز الحرية ،والعدالة على شباب حركة تمرد ووصفهم ب(الراقصات).، والفلول والردة العميقة.!!،واستصغارهم لتواقيع22مليون..وانهم لن يعدوا ان يكونوا جبهة إنقاذ أخرى في فنجان..!! فمارسوا حملة تخويف ممنهجة ربما لتعويض افلاس خطابهم السياسي التقليدي المكرر..، إلا أن ما بدا للعيان يوم 30 يونيو أذهل الجميع..،فصاروا يلهثون وراء الحدث بالهتاف للشرعية، ومزاد التعداد..!! ليخرج مرسي في النهاية كما خرج مبارك ب (ارحل )والكارت الأحمر..!!
فرحنا ومن حقنا ان نفرح.. لعودة الروح وشروق شمس عبد الناصر التي حاولوا قمعها بغربال..
حزنوا ومن حقهم ان يحزنوا.. لضياع ارث ثقيل من الإسلام السياسي ضحوا في سبيله بالهم والدم
وماذا بعد..؟!!
الإخوان ..يستطيعون من الآن ،وبأدب.. أن يلعنوا ،ويحتجوا، ويتهموا ، وينفسوا ما شاءوا ..!! ويوصفوا الحدث على انه انقلاب.. او انسلاب ..!! ،ولكن الأجدر بهم أن يقفوا مع أنفسهم قليلا..، يحاكموا التجربة بمنطق ناقد هادئ غير متشنج ،ويعرفون مالهم ،وما عليهم .. لأني اعتقد أنهم خسروا ما هو أكثر من الحكم ..لقد خسروا مزيدا من الثقة الشعبية..!! رغم المبالغة في التغني بالشرعية وستبدي لنا الأيام ان كنا على جهل ،أو خطأ..
وآمل أن يكون درس (مصر) عبرة لآخرين ،وفرصة لإصلاح الزمان ،والمكان،والتغيير قبل فوات الأوان..!!
في النهاية.. استنكر، وبشدة كانسان أولا ،وكوطني عروبي ثانيا .. اعتقال أي إخواني ،أو سلفي إلا إذا كان على ذمة قضية ،وأي إغلاق لأي فضائية الا اذا كانت فتنوية تحريضية تلوح بالعبوات المفخخة عن بعد..!!،
وكما استنكرت قبلا حرق أي مقر للجماعة التي لا احبها ولا اقبل اخطائها وخطاياها ،ولكن احترم حقها كمفردة لها ثقلها في الشعب المصري..، و لا اخجل من موقف يعارض مايتنافى ،والقيم الانسانية،فحرية التعبير حق أصيل لكل إنسان أو جماعة كفله القانون ،وهي مقياس شرعية أي نظام..!!
ان بامكان الاخوان ترتيب انفسهم والعودة في ثوب سلمي جديد..وربما يساعدهم في ذلك مدى تراكم الممارسات الخاطئة المتوقعة وعدم استيعاب الدرس جيدا من الحكام الجدد..!! والشعب في الميادين وصناديق الانتخاب لن ترحم احدا
اللهم لا شماتة..اللهم لا شماتة
حماك الله يا مصر..يا بهية .. يا أم طرحة ،وجلابية..
فأنت على الدوام.. في خاطري ،وفي فمي.. احبك من كل روحي ودمي..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت