ما زالت الحملة الإعلامية المصرية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على وتيرتها ، بل ازدادت وتوسعت لتشمل قطاعات هامة من كبار المثقفين والكتاب ، الذين أصبحوا على قناعة كبيرة بدور غزة فيما يدور في مصر ، ما يهدد بشكل جدي طبيعة العلاقة التاريخية بين الشعبين ، وهذا يظهر تماما من متابعة القنوات الفضائية المصرية على اختلاف ألوانها وأطيافها باستثناء القنوات التي تميل أو تتبع التيار الإسلامي السياسي بالطبع ، وهو نفس التيار الذي ثارت ضده جموع الشعب المصري، حيث خرج نحو 30 مليون مصري قائلين لا لحكم الإخوان المسلمين ، هذا شأن داخلي مصري والمفروض أن لا علاقة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بهذا الأمر ، فمصر أيا كان على رأس سد ة الحكم فيها تبقى مصر الأخت والشقيقة الكبرى لفلسطين ،
أقول هذا الكلام وأنا أتابع محطات التلفاز المصرية، واستمع إلى التحليلات والآراء ، ولا تكاد تمر حلقة من حلقات هذا النقاش حول ما يدور في الساحة المصرية إلا وتكون غزة حاضرة ، واشعر بالأسف الشديد لأنني وأنا أتابع في احد المرات مرت في ذاكرتي خاطرتان تبينان عمق العلاقة التي تربط بين فلسطينيي غزة والشعب المصري ، كنت فتى لا يتجاوز عمري الخمسة عشر عاما، ونحن على أبواب حرب عام 1967 ، وحدث أن اتخذت قيادة الجيش المصري وجيش التحرير الفلسطيني مساحة من الأرض فارغة لا تبعد كثيرا عن منزلنا وجعلتها موقعا عسكريا على عجل ، هنا أتذكر كيف كان أفراد الجيش المصري وجيش التحرير يعملون في تشكيلات واحدة لا تستطيع التفريق بينهما فقط هي اللكنة المصرية التي كنا نعرف منها أن هذا الجندي مصري ، وكان أبناء المنطقة شبابها وشيوخها يرحبون دائما بالجنود المصريين ونشأت علاقات صداقة بينهما ، وبعد الحرب، نكتشف استشهاد العديد من الجنود المصريين والفلسطينيين في نفس الموقع بمعنى امتزج الدم الفلسطيني بالدم المصري على ارض غزة كما امتزج في كل أنحاء القطاع ومن قبل على ارض فلسطين التاريخية ,
الخاطرة الثانية قبل نحو ثلاث سنوات فاز المنتخب المصري لكرة القدم بكاس الأمم الإفريقية ، فما أطلق الحكم صافرته، حتى انطلقت جموع الشباب الفلسطيني في قطاع غزة تجوب شوارع القطاع رافعة الأعلام المصرية فرحا وابتهاجا بالفوز المصري، وكان كاس الأمم الإفريقية ربحت بها غزة ، وبين هاتين الحادثتين وقبلها أحداث كثيرة ، وأتساءل مرة أخرى هل هذه الروابط إلى زوال ، انه أمر غير معقول .
لا بد من العمل على الوقف السريع لهذه الحملات الإعلامية المصرية ضد القطاع وشعبه ، ونتمنى من وسائل الإعلام والكتاب والمثقفين المصريين تحري الدقة عند نقل الخبر والتحليل ، كل ما نسمعه عن مصادر الأخبار ، أن مصادر أمنية مصرية ذكرت كذا وكذا ، أو ذكرت الصحيفة كذا أن وان ، كل ذلك دون إعلان بيان رسمي مصري حول الموضوع ، ودون إبراز صور من يعملون ضد مصر ، ودون نشرا لوسائل المستخدمة ، هذا بالإضافة إلى الخلط دون التمييز بين أفراد الشعب الفلسطيني ، فلماذا يؤخذ سكان قطاع غزة جميعهم بجريرة الغير ، إن من يعمل من أبناء قطاع غزة ضد مصر فهو في الحقيقة يعمل ضد فلسطين وبالتالي فانه لا يمثل شعبنا الذي يكن لمصر كل محبة وتقدير .
لماذا يتم التركيز على الفلسطيني ، ومن الذي له مصلحة في ذلك وانا لا استبعد الدور الإسرائيلي عن طريق أعوانها وعملائها في المنطقة ، لان الفلسطيني طورد في العراق وفي ليبيا وفي لبنان وفي سوريا ، وجاء دور الفلسطيني في مصر ، تريد إسرائيل إشغال المنطقة بالفلسطينيين من جهة، والتخلص من تبعات قضيتهم العادلة مستخدمة ممارسات نفر من الفلسطينيين ، لا يهمهم فلسطين ولا شعبها واستطاعت منظمات الجهاديين العالمية استقطابهم ، مع العلم انه من المعروف أن جميع الفصائل والتنظيمات الجهادي الدولية تضم العديد من الجنسيات ، مصريين وسوريين وليبين ومغرب عربي ، وخليجيين وفلسطينيين ، هؤلاء لا يمثلن بلدانهم ولا يعملون من اجلها أنهم يعملون من أجنداتهم وأجندات الفصائل التي ينتمون إليها وتراهم منتشرين في كل أنحاء العالم ، ونجدهم موجودين في كل ناطق التوتر في العالم ، ومعظمهم مطلوب للعدالة في بلدانهم .
فلماذا مرة أخرى يؤخذ الشعب بجريرتهم .
مصر حكومة وشعبا وجيشا بكل تشكيلاته تعرف غزة جيدة وأخال أن المخابرات المصرية تعرف كل صغيرة وكبيرة عن غزة وشعبها ، واعتقد أن نفير يوم 4/ يناير 2013 عندما خرج نحو مليون مواطن في ذكرى انطلاقة فتح كان اكبر استفتاء على رفض الواقع الذي يعيشه قطاع غزة ، فلا تظلموا هذا الشعب أكثر مما ظلم .
لا يقتصر الأمر على الإعلام المصري في هذه المسالة ، بل هناك دور للإعلام الفلسطيني والإعلاميين والكتاب والمفكرين الفلسطينيين أن لا يقفوا موقف المتفرج ، وضرورة التحرك السريع لوأد الفتنة بين الشعبين ، وبوسائل متعددة إعلامية مباشرة وحوارية واتصالات مع الجانب المصري فالكثير من أبناء قطاع غزة من الكتاب والمفكرين تربطهم علاقات جيدة مع اقرأنهم المصريين فلماذا لا تستغل لهذا الموقف .
أيضا قيادتنا الفلسطينية بدئا من الرئاسة، عليها التحرك بشكل جدي وعليها بإصدار البيانات واضحة بعدم مسئولية الشعب الفلسطيني الأبي الحر عما يجري في مصر ، مع دعمنا الكامل لمصر وشعبها ، واعتبار أن كل من يعمل ضد مصر هو خارج عن الصف الوطني ، ومن حق مصر اتخاذ كافة الإجراءات بحقه .
أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
13/7/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت