يبقى التساؤل مشروعاً حول استثمارات الشركات الصينية؟

بقلم: سلام الربضي

فصل من فصول العولمة يدور حالياً في أفريقيا، ويكتب هذا الفصل الصينيون المتواجدون في مختلف أنحاء أفريقيا. والاستثمارات الصينية وسّعت نطاق أعمالها وتسللت إلى حياة القارة الأفريقية اليومية. واستراتيجية الشركات الصينية، لا تخرج عن الأهداف الاستراتيجية التي تعتمدها الدولة الصينية. حيث تعمل الحكومة على تشجيع الشركات، على تأمين مدخلات حيوية، مثل الموارد الخام للاقتصاد. والدولة الصينية تملك أو تدير معظم الشركات الصينية العاملة في القارة. وتلك الاستثمارات تعبّر عن بعد نظر الدولة الصينية، في تحقيق أهداف بعيدة المدى. فحجم التجاره بين الصين وأفريقيا يزداد بوتيرة مرتفعة جداًً، ويبلغ عدد الشركات الصينية على الأراضي الأفريقية ما يقارب 900 شركة، ويبلغ عدد الصينيين في أفريقيا ما يقارب المليون نسمة، وهم أكبر جالية أجنبية في القارة. إذ إن عمل الشركات الصينية واستراتيجيتها لا يخرجان عن إطار الخيار السياسي للحكومة الصينية، القائم على إيجاد شركات عبر وطنية تستطيع أن تجعل من الصين قوة اقتصادية عالمية.


وبالتالي، هنالك تنافس أوروبي أميركي صيني داخل أفريقيا، وهنالك قلق أوروبي من زيادة قوة الصين الاقتصادية في القارة السمراء. فالنفوذ الصيني في أفريقيا يثير تساؤلات ومخاوف عند الأوروبيين، حيث إن المؤسسات والشركات الصينية باتت تملك مؤهلات وامتيازات لمنافسة الشركات الأمريكية والأوروبية في عدة مجالات. وقد دعا الاتحاد الأوروبي الصين إلى حوار ثلاثي مع أفريقيا يخدم مصالحهما المشتركة، لتجاوز النظرة التقليدية وتفادي المواجهة في مجالات التنمية واستغلال الموارد الخام في القارة السمراء. ولهذه الغاية عقد في بروكسيل في صيف 2007 مؤتمر نظّمته المفوضيّة الأوروبية تحت عنوان"شركاء ومتنافسون" غايته أن لا يكون التنافس بين الشركات الصينية والأوروبية على حساب أفريقيا .

فالاستثمارات الصينية في أفريقيا، تدخل ضمن الرؤيه الاستراتيجية للدولة الصينية. وهذه الاستثمارات لا تخرج عن حيّز المنافسة بين الصين والمجموعة الأوروبية والولايات المتحدة، ولعل النفوذ الاستثماري الصيني في القارة الأفريقية هو بمثابة زلزال جيوسياسي، وإنجاز من إنجازات العولمة، قلب الموازين العالمية الاقتصادية والسياسية.


ولكن، يبقى التساؤل مشروعاً حول الاستثمارات التي تقوم بها الشركات الصينية؟

هل هذه الاستثمارات تدخل في إطار التعاون وتبادل المصالح أم تدخل في إطار السيطرة؟ وعندما يتعهد الرئيس الصيني برفع الاستثمارات الصينية في أمريكا اللاتينية إلى100 مليار خلال السنوات العشر القادمة، في أي إطار تدخل هذه الاستثمارات؟ هل تدخل في الإطار الاقتصادي أم تأخذ أبعاداً سياسية؟ وردود الفعل الأمريكية والأوروبية على تنامي النفوذ الاستثماري الصيني في أفريقيا، ما هي أبعادها وكيف يمكن مقاربتها؟؟ وفتح كثير من الدول أبوابها أمام الاستثمارات الصينية بشروط أسهل مما يتم مع الشركات الغربية، أين يمكن تبويبه في خانة التعاون؟ أم في خانة السيطرة؟ وكيف يمكن التعامل مع جدلية غض نظر مفكري وحقوقي دول العالم النامي، عن تجاوزات الشركات عبر الوطنية الصينية لحقوق الإنسان في أفريقيا ؟؟؟؟

فهل نحن أمام مقاربة أيديولوجية أم يجب أن تكون هناك مقاربه علمية، ومعايير واضحة قائمة على مصلحة الإنسان وتنميته عند تقييم أي استثمار، سواء كان مصدر هذا الاستثمار شركة من الدول النامية أو من الدول المتقدمة؟ وسواء كانت الشركة مملوكة من قبل الدول أو كانت للقطاع الخاص؟

إذاً، لا يمكننا تجاهل البعد السياسي والاستراتيجي في الانتقادات الأوروبية والأمريكية لاستثمارات الشركات الصينية في أفريقيا . وإذا كانت محاولة الأوروبيين انتقاد الاستثمارات الصينية في أفريقيا من زاوية إغفال تلك الاستثمارات لقضايا الفساد ومكافحتها، وإلى كيفية تدعيم التنمية المستدامة.

ولكن، هذا الواقع يجب أن لا يحجب عن أعيننا، كيف أصبح مفهوم التنمية المستدامة، يكتسب "مطاطية عجائبية" حيث بات يصلح، لأن يُحشى بكل ما هبَّ ودبَّ من المشكلات التي تعاني منها البشرية والكرة الأرضية، سواء من حيث الأخطار التي تهدد البيئة من تلوث وتصحّر، أو من حيث مظاهر البؤس التي كانت ولا تزال رفيق البشرية، من فقر وأوبئة وسؤ تغذية. مما يفتح الباب على مصراعيه، لطرح إشكالية مفهوم التنمية المستدامة واستغلالة من قبل الدول الصناعية المتقدمة؟؟؟

www.salamalrabadi.blogspot.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت