رفح – وكالة قدس نت للأنباء
عمت الفرحة الغامرة منزل الطالبة المتفوقة هالة عمر من سكان محافظة رفح جنوب قطاع غزة، فور تلقيهم خبر تفوقها بالثانوية العامة، وحصدها المرتبة الثانية بالفرع العلمي على مستوى فلسطين والأول على مستوى القطاع بمعدل 99.7%.
وبدا على ملامح وجهة المتفوقة "عمر" الفرحة الغامرة التي ارتسمت كذلك على وجه باقي أفراد العائلة والأقرباء والجيران الذين بدأو يتوافدون فور سماعهم لخبر التفوق على منزلهم، الواقع بمخيم بدر الذي يضم مئات العائلات المهدمة بيوتهم على الحدود المصرية الفلسطينية.
وتصف اللحظات للأولى لاستقبالها الخبر قائلة لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء"،: " تفاجأت باتصال رئيس الوزراء بغزة إسماعيل هنية على هاتف منزلنا وأخبرني بحصولي على المرتبة الأولى على مستوى قطاع غزة والمركز الثاني على مستوى الوطن وقدم لي التهاني والتبريكات".
وللوهلة الأولى لتلقي"عمر" خبر التفوق من هنية لم تصدق على الفور، تاركة سماعة الهاتف وتوجهت لتعانق والدتها قائلة "أنا ناجحة يا ماما.. أنا ناجحة"، ليسارع الوالد ليمسك بسماعة الهاتف ويتحدث مع هنية، ليؤكد له تفوق ابنته ويتقدم لهم بالتبريكات.
معيقات وتحديات
وعلى الرغم من المُعيقات التي واجهتها، من ضيقٍ للمخيم الذي تعيش فيه، والمعاناة التي استمرت لأكثر من "12 سنة" وهي الفترة التي عاشت بها مع عائلتها بالإيجار متنقلين بين الشقق السكنية، في أعقاب هدم منزلهم على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي.
ولم تقف المُعيقات عن هذا الحد بل امتدت لمعيقات قديمة حديثة على معظم سكان القطاع، وهي مشكلة التيار الكهربائي التي كانت تنقطع لساعاتٍ طويلة، مما جعلها تدرس على ضوء الشموع والكشافات اليدوية، التي وفرها لها والديها.
ولم تعتمد "عمر" للوصول لهذا المستوى على القدرات العقلية فقط، بل لمهارات أخرى، أبرزها "متابعة المساقات الدراسية أولاً بأول، تنظيم الوقت ما بين الدارسة والترويح، الارتياح النفسي والجسماني، التركيز والحفظ والفهم ..".
ونجاحها من وسط المعاناة وضيق الشقة التي تعيش بها وسط المخيم المكتظ بالسكان، خرجت متحدية لتلك المعاناة التي رسم ملامحها الاحتلال، بتهجيرهم قسرًا داخل الوطن مُنذ الصغر لنيل من قدراتهم العقلية ويجعلهم يفكرون فقط بالحالة التي أصبحوا عليها، لكنها كسرت ذاك المخطط بتفوقها.
نصائح وإهداء
وتوجهت "عمر" بالتهنئة من زملائها المتفوقين، وبالنصح بالجد والاجتهاد لأن أمامهم ما زال مشوار طويل من العلم والعطاء، وتمنت لمن لم يحالفه الحظ بالتوفيق والنجاح، أن يجتهد ويثابر حتى يتفوق بالأعوام القادمة ويحلق بقطار المتفوقين من زملائه.
وأهدت نجاحها لوالديها وأهلها وصديقاتها والطواقم التدريسية في مدرسة القادسية الثانوية للبنات برفح بشكل عام، وخصصت إهدائاتها لأرواح الشهداء والأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي, متمنية لهم الفرج وأن يلتم الشمل الفلسطيني بتحقق الوحدة بين شطري الوطن.
وتعيش "عمر" الحافظة لكتاب الله عز وجل، والمتفوقة مُنذ نعومة أظافرها، بعائلة مثقفة معظم أشقائها يحصدون علامات فوق الـ 95 % بالمراحل الدراسية المختلفة.
فرحة الأهل
أما والدة المتفوقة فوضعت يداها على فمها وهي تبتسم من شدة الفرحة، وملأت المنزل بالزغاريد والتهليل والتكبير لحظة سماعها خبر إعلان نتيجة ابنتها، وخرت ساجدة شكرا لله أن وفقها قائلة: "أشعر بالفرح والسرور لأن الله استجاب لدعائي ولم يضيع جهود ابنتي التي حفظت القرآن الكريم في مدة لا تتجاوز شهرين منذ ثلاث سنوات ".
وتضيف "كنت أخشى على ابنتي رغم ثقي العالية بها، فعدما عادت في آخر يوم من تقديم امتحاناتها باكية تشكو فقدانها لعلامة واحدة في مبحث الأحياء, لأنها لا تريد أن تفوتها فرصة دراسة الطب".
وتوضح الوالدة إلى أن ابنتها تميل منذ صغرها نحو الثقافة العلمية, إضافة إلى حصولها على المركز الأول منذ الصف الأول حتى وصولها إلى التوجيهي، متمنية لها التوفيق والنجاح بالتخصص الذي تميل له وهو دارسة الطب بالجامعة الإسلامية.
أما الوالد، فاختلطت مشاعره وهو يتحدث لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" قائلاً: "كنا ننتظر على أحر من الجمر النتيجة، حتى تلقينا مكالمة رئيس الوزراء التي أدخلت علينا الفرح والسعادة التي لن ننساها أبدًا باتصاله وبالخبر اليقين الذي طل علينا به".
ويضيف الوالد "طوال عمرها كانت هالة مميزة ومجتهدة وملتزمة بالدين وربنا أكرمها، حتى أنها بكت عندما شعرت بنقصان علامة عليها بمادة بالأحياء"، متمنيًا لابنته التوفيق والنجاح بحياتها الدراسية ولباقي الطلبة المتفوقين، شاكرًا كل من ساهم بإنجاح العملية الدراسية هذا العام.