دخلت المفاوضات مرحلتها الدقيقة حسب التصريحات الأخيرة وفتحت الملفات الدقيقة في الصراع بعد أن قامت إسرائيل بإطلاق الدفعة الأولي من الأسري الفلسطينيين من اسري ما قبل اسلوا والذين, لكني مازلت اعتقد أن إسرائيل غير جادة في تفاوضها وغير راغبة في الوصول إلى سلام عادل ينهي الصراع إلى الأبد , لأنها غير جادة في بناء جسور الثقة بينها وبين الفلسطينيين التي دمرتها إجراءات إسرائيل العنصرية والاحتلالية على مدار سنوات و مازالت تبحث عن أي جسور لتدمرها , فإذا ما كانت تريد بناء جسور ثقة حقيقية لكانت أطلقت سراح المائة و أربع اسري من الأسري القدامى وجدولت التفاوض على من تبقي, لذا فان إسرائيل لن تسارع في الوصول بالمفاوضات إلى النصف الاخير من المفاوضات مرحلة إنهاء بعض الملفات وستبقي تدول حول محاور معينة دون التركيز في محور واحد وكلما حاول الفلسطينيين أن يجروا المفاوضين الإسرائيليين لعمق محور ما فأنهم يربطوا هذا المحور بمحاور أخري وبالتالي تضيع إمكانية الاتفاق النهائي على ملف ما والانتقال للأخر وقد تبقي المفاوضات بهذا الأسلوب حتى انقضاء التسعة أشهر دون تقدم حقيقي يتم إحرازه باتجاه أي ملف من ملفات الصراع .
بعد أن أطلقت إسرائيل الدفعة الأولى من الأسري القدامى كبادرة حسن نية مزعومة من إسرائيل , وتمت قراءة حيثيات ومعطيات كل حالة من حالات الأسري فإن المجموعة الأولى من الأسري المحررين مازالت لا توفر قناعة للجمهور الفلسطيني نحو جدية إسرائيل في التفاوض الحقيقي ,ولا جديتها في إنهاء ملف الأسري القدامى دفعة واحدة ولا ملف الأسري بكامل عددهم بالسجون الإسرائيلية ,وخاصة أن إسرائيل اختارت أوقات ما بعد منتصف الليل لإطلاق سراحهم حتى يحرم الفلسطينيين من الاحتفال بهم و بحريتهم,وهذه رسالة للفلسطينيين بان باقي الأسري أمامهم تل من التعقيدات ليروا النور ,وهذا بالفعل تلاعب وعدم جدية وعدم قناعة من قبل إسرائيل بإنهاء ملفات الصراع ومنها ملف الأسري, كل هذه الأساليب لا تصب في صالح إسرائيل ولا في صالح المفاوضات ولا في صالح مسيرة السلام بالمنطقة لان الأسري أن لم يتم تحريرهم بالمفاوضات سوف يلقي بتبعات خطيرة على طبيعة الصراع و التعامل مع المحتل في ضوء هذا الموضوع , وهنا لابد وان نسجل أن المفاوض الفلسطيني كسب خطوة للأمام و ولو أنها صغيرة عندما أصر على إطلاق الأسري قبل بدء عملية التفاوض بغض النظر عن قلة عدهم.
القادم في المفاوضات معقد وبالغ الصعوبة وهو ليس شكلا من أشكال الجلوس على طاولة التفاوض وتناول الأخبار وتبادل الابتسامات , وإنما خوض معركة صعبة وحامية الوطيس خسائرها بالآلاف من الأرواح دون مبالغة , و مكاسبها هنا قضايا كبري ثبت الفلسطينيين على موقفهم تجاهها أزمانا طويلة بالرغم من الإغراءات الكبيرة التي كانت تقدم مع كل محاولة تفاوض جديدة, قد نكون في موقف لا نحسد عليه من التفاوض بعد استمرار الاستيطان وبعد تفرد إسرائيل باختيار آليات إطلاق سراح الأسري المتفق عليهم, وبالرغم من ذلك فان هناك العديد من عوامل القوة التي يمكن أن نهز من خلالها أعصاب المفاوض الإسرائيلي ونضعف بيناته ونسقط طموحه التفاوضي ومن خلال هذا نسجل انتصارا حقيقيا , فما زالت قضية الأسري على بادئها ومازالت الحدود تحتاج إلى الإصرار على رسم الحدود ما قبل العام 1967 وبالتحديد حدود الهدنة التي أقرتها قرارات الأمم المتحدة و مجلس الأمن في قرار 181 لكي يقنع الإسرائيليين ويقبلوا بحدود الدولة الفلسطينية على أساس حدود العام 1967 ,وهناك القدس التي يريدها العالم أن تكون مدينة دولية ومدينة لجميع الديانات لكنها في الحقيقة عاصمة الدولة الفلسطينية ودونها لا يمكن أن يحل الصراع , وهناك عقدة التفاوض حول اللاجئين وعودتهم وآليات العودة , فلماذا لا يعود اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم حتى لو بقوا تحت حكم الإسرائيليين وداخل الدولة الإسرائيلية مثلما تريد إسرائيل إبقاء بعض المستوطنات تحت سيادة الدولة الفلسطينية .
لا يبدو من وقائع التفاوض وطريقة تعامل إسرائيل مع قائمة الأسري الأولى ,واستمرار الاستيطان أن إسرائيل تفاوض بجديه ويبدو أنها بالفعل تلاعب الفلسطينيين فقط وتستدرجهم لإمكانية استنزاف كل طاقاتهم التفاوضية دون الوصول إلى نتائج ضامنة لحل بعض القضايا الكبرى والبدء بتطبيق مشروع الدولتين عن قناعة وسعي حقيقي من أجل السلام الشامل , ولكي نوقف تلاعب إسرائيل في العملية التفاوضية بات هاما على كل طواقم المفاوضات دراسة الحالة النفسية للمفاوضين الإسرائيليين كل على حده ومعرفة تاريخهم السياسي والأمني في دولة إسرائيل وحتى جمع معلومات هامة عن عائلاتهم وسكناهم وما يحبون وما يكرهون و الأهم رصد أسلوب كل واحد منهم في التفاوض وبالتالي العمل بالتوازي والتمام وبما يساويه من أساليب من قبل المفاوض الفلسطيني فان كان التنقل بين المحاور والقضايا أسلوبا إسرائيليا على الفلسطينيين أن يتبعوا نفس الأسلوب دون الاهتمام بانجاز ملفات معينة بدافع الوقت والتلهف على الحل لان النهاية تقول أن أي حلول نهائية للصراع هي في صالح إسرائيل .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت