المواطنة الوطنية هي سر خلود الشعوب في أوطانها

بقلم: أكرم أبو عمرو


بعيدا عن تعريفات علماء الاجتماع والسياسة والقانون لمصطلحي المواطنة والوطنية ، ببساطة فإننا نرى المواطنة هو تمتع الفرد الذي يقيم في مكان ما والمسمى بالوطن ، تربطه روابط دماء الآباء والأجداد الذين سبقوه في العيش على هذا المكان بكافة حقوقه المادية والمعنوية ، من مأكل وملبس ومسكن وحرية تنقل وحرية تعبير ومشاركة في الحكم بأي شكل من الأشكال المعروفة اجتماعيا وسياسيا ، اى بمعنى تمتعه بحياة حرة كريمة تليق بمواطن هذا المكان صغيرا كان أو كبيرا ، حقوق يضمنها المجتمع بتركيبته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي ورثها وقام بتطويرها عبر العصور ، وإذا كان للفرد حقوقا على مجتمعة وفي وطنه فإن عليه واجباته تجاه هذا الوطن ، واجبه أن يعمل بكل جد واجتهاد لبناء وتطوير مجتمعه ، واجبه الحرص على تلقي العلم والمعرفة وأسباب التنمية والتقدم ، واجبه المحافظة على نظم وتقاليد مجتمعه ، واجبه أن يحافظ على مكتسبات وانجازات وممتلكات مجتمعه وبلدة ، واجبه العمل على حماية بلدة ومجتمعة من كل مرض اجتماعي ومن كل معتدي ، واجبه حب بلده والغيرة عليه والتضحية بروحة من اجل بقاء ، مجمل هذه الواجبات وغبرها هي الوطنية بعينها أو بمعنى هو الانتماء والولاء لهذا الوطن ، إذن الوطنية والمواطنة لا ينفصمان أبدا وهما القطبيين المتلازمين للبقاء والاستمرار ، وبدهونهما يتحلل المجتمع ويتفسخ ثم ما يلبث بالاندثار .

معادلة ليست صعبة بل يسعى كل مجتمع لكي بسبر طبقا لهذا المعادلة بالشكل الصحيح وها نحن نرى المجتمعات التي تقوم بتطبيق المعادلة تطييقا صحيحا ، قد وصلت إلى درجات متقدمة في التقدم والنمو والاستقرار المجتمعي بكل جوانبه ، حيث وضعت هذه المجتمعات أهدافا ونظما تقوم حتى بأوضاعها للأطفال حتى يشبوا على الأهداف والنظم ، لهذا نرى التقدم والتطور ومستوى المعيشة المرتفع والهدوء والاستقرار والاطمئنان متمسكين يهذه للمستقبل ، فأين نحن في فلسطين عامة وفي قطاع غزة خاصة من هذا .

لمعرفة مكانتنا مما ذكر لا بد من التأكد هل معادلة المواطنة والوطنية تنطبق علينا ، وهل نقوم بتطبيق هذه المعادلة تطبيقا صحيحا ، نقول في البداية نحن مواطنون في هذا البلد ،ولدنا ووجدتا أنفسنا نعيش وإبائنا فيها كما أن قبور أجدادنا الذين عاشوا في هذا البلد قبلنا لا تبعد عنا سوى أمتار قليلة ، يذكرونا دائما بأنكم هنا ستحيون وهنا ستموتون ، تمسكوا بهذه الأرض عبر الزمن رغم الحروب والأزمات التي عصفت بهم عبر الزمن ومن قراءة التاريخ نجدها أي الأزمات كانت أزمات واردة إلينا من خارج الديار توحد الشعب وتصدى لها وهزمها بغض النظر عن طول أو قصر مدتها الزمنية .

بالنظر إلى طبيعة حياتنا اليومية في بلادنا سنطيع القول أن هناك خللا أصاب معادلة حياتنا ، فمن حيث المواطنة فأصبحنا نفتقد الكثير من مقوماتها وعناصرها ، عندما نجد الاحتكار ، وعندما نجد نمو ظاهر الطبقية ، عندما نفتقد إلى الخدمات الأساسية ، عندما يأكل القوي الضعيف وينهك الغني الفقير ، عندما تنعدم المساواة ويغيب العدل ، عندها تحتفي المواطنة ولا تجد من يحمل صفتها ، كذل عندما يصبح الولاء للحزب ، وعندا يتم العمل وفق أجندات قادمة من الخارج ، عندما نعبث بأمن ومصالح الشعب ، عندما نكون محاطين من الأعداء من كل مكان ، عندما يكون الفرد مهددا تهديدا حقيقا في حياته ومعاشه ، عندما تسير البلاد في طريق لا نهائي من عدم الرؤى والأهداف ، عندما تغيب استراتيجيات البناء والتطوير ونبقى اسري لشعارات ليس لها معنى ، عندها تغيب الوطنية ، ويصبح الانتماء لا معنى له .

أعتقد وربما يعتقد الكثير بان مجتمعنا الفلسطيني أصابه الجمود لدرجة أصبح فيها غير قادرا على الحراك وان تحرك فإنه يتحرك في مكانه دون أن يتقدم ، الأمر الذي أتاح لبكتيريا التحلل التسلل في المجتمع لتعمل عل تفسخه وتحلله ومن ثم اندثاره ، ولننظر إلى فئة الشباب التي تمثل القطاع الأكبر في شعبنا فإن معظمهم سئم الحياة في هذا البلد بعد أن سدت أمامهم جميع المنافذ والأبواب ، حيث انعدم الأمل في حياة حرة كريمة ، ولو تم إجراء استطلاع للرأي الآن لوجدتم أن معظم هؤلاء الشباب يرغبون في المغادرة إلى بلاد الله الواسعة طلبا للعيش والعيش فقط ، لماذا وصل بنا الحال إلى هكذا حال ، أصبحنا اسري لقضايا يومية هي هامة جدا لحياتنا واستمرارنا ، اسري الكهرباء والماء والوقود والتنقل ، ونسينا صراعنا مع من يتربصون بنا وينتظروننا للتسول على أبوابهم لمساومتنا على ما تبقى لنا من كرامة .

اعتقد ما من سبيل للخروج من هذا المأزق وهو مأزق حقيقي ضرورة الحراك ضرورة الخروج من دائرة المكان الذي وقفنا فيه وما زلنا متسمرين عليه ، لا بد من تغيير نهج التفكير ، لا بد من قراءة المتغيرات من حولنا ، للذين راهنوا على ثورات الربيع العربي ها نحن نراها أين تؤول وما هي نتائجها ومن يسعى إليها ومن يدعمها ، لا بد من العودة إلى روح الانتماء لشعبنا ولأرضنا فهي مصدر قوتنا وصمودنا ، لنكون فلسطينيين أولا وفلسطينيين ثانيا نستظل بظل العروبة والإسلام ، لا بد من ثورة حقيقية من كل الفصائل والأطياف ، ندعو إلى وطن واحد وشعب واحد تحت علم واحد وقيادة واحدة ، عندها سوف نجد للحياة طعما وإلى الأهداف جريا وتقدما ، وعندها نكون قد أثبتنا أننا مواطنون وطنيون والوطن يتسع للجميع .


أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين
3/9/2013


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت