الأزمات الموسمية ما بين حكومتي الضفة والقطاع


الأبيض لم يعد أبيض ولا الأسود أسوداً كما يروج له، والوقوف في المنطقة الرمادية لا يعني بالمطلق الخوف من السلطان أو غياب البرهان، فالأراضي الفلسطينية و منذ عدة سنوات تعيش أسوء محطات حياتها، نظراً لحجم الأزمة بين الطرفين (غزة، ورام الله)، وعندما تواصل المتابعة ستكتشف أن الأزمات تتكرر كل عام بنفس العناوين وتقريباً في نفس الأوقات، نبدأ مما نحن فيه الان، فهذه الأيام " عشر ذي الحجة" التي هي خير أيام الزمان، تبرز فيها كل عام، الخلافات والتراشق الاعلامي بين (الضفة وغزة)، على المكرمة السعودية والحج، ومن يحق لهم الحصول على المكرمة، وكيف يتم توزيعها، وفي تفاصيل هذا العنوان للأسف نعرف أن الحزبية والمحاصصة قناة تشكل ما يقارب من (60%) من قائمة الاسماء بعيداً عن المعايير الواضحة. وما يلفت النظر ويحتاج للاستغراب هو أن أمام هذه الحالة توجد لجنة مشتركة يقال عنها حيادية، فلم أسمع لها صوت ولم اقرأ خبر استقالة لهذه اللجنة أمام الفشل الكبير في تسيير موسم الحج بطريقة هادئة وسلسلة.


وعندما تتجول خلال العام تسمع عن أزمة المحروقات في الصيف حيث تشتد الحرارة، جراء ازدياد الطلب على الكهرباء وتبرز محطة التوليد كعنوان في فضاء الاعلام، وتكال الاتهامات بين (غزة والضفة)، ولم يتمكن المسئولين حتى اللحظة من ايجاد قاعدة لتنظيم هذا الأمر.


وفي مطلع كل عام تسمع عن خلافات في قطاع الصحة بين (غزة والضفة) وزيادة الكميات من الادوية، والتغطية المالية للتحويلات المرضية، ويتداول هذا العنوان بشكل كبير علماً أن المعارف والعلاقات تلعب الدور الأكبر في تسهيل حياة المريض فهناك مرضى حولوا لمستشفى داخل الاراضي المحتلة والى الضفة في غضون (3 ساعات)، ومرضى اخرين مكثوا في انتظار التحويلة مدة (300 ساعة).


ومع بداية العام الدراسي، يصبح معبر رفح عنوان للازمة بين (الضفة وغزة)، وكل طرف يسوق المبررات والاسباب.
ونحن على أبواب نهاية العام وموسم الانطلاقات للتنظيمات سيكون عنوان الازمة القادم ( يسمح او لا يسمح بإقامة فعاليات الانطلاقة هنا وهناك).


ربما هذا التوصيف السريع والذي لا يخفى على أحد، يدفعنا للسؤال الى متى؟ في تقديري أن المسئولين اليوم عاجزين عن ايجاد حل شامل وكامل للأزمات- وهذا الفشل يجب أن يكون مدخل لمناقشة إلى متى ستبقى الحزبية تتحكم في تفاصيل حياتنا، من باب أن من يرتدي النظارة التنظيمية لا يمكنه ايجاد حلول لأنه فاقد للبصر والبصيرة. فهل نحن لدينا الاستعداد أن نقول عن الخطأ خطأ حتى لو تعارض مع رأي " رئيس الشعبة وأمين سر الإقليم، وأعضاء المكتب السياسي"؟؟!!


إن الانتخابات طريق أكثر قانونية وملائمة لكن في حال تعذر علينا. يصبح تشكيل لجنة حيادية تتمتع بالنزاهة والشفافية تعمل على إدارة الوطن أمام هذا الواقع المؤلم هو المخرج والحل؟ و أتفق مع القول: حتى تكون اللجنة مؤثرة وحكمها له وزن، نحن بحاجة كي يغير الكثير من أفراد المجتمع من طريقتهم في قراءة الأشياء، ويدققوا النظر أكثر على المسرح، فهل المواطنين قادرين على استيعاب رأي هذه اللجنة حين تصدر حكماً يتعارض مع آرائهم السياسة والحزبية! كل يوم أقابل أفراد ومواطنين من مشارب سياسية مختلفة ما زالوا متمسكين بمواقفهم وعند مناقشتهم في العناوين يتمعر وجه الواحد منهم إن خالفته، حينها أبتعد عن مناقشته في التفاصيل الدقيقة. وهذا الأمر دفعني للاقتناع بمبدأ يقول: نحن كفلسطينيين لدينا بنك من التسامح والمحبة يفتح ابوابه عندما يتعلق الأمر بما هو ليس فلسطيني، ولكن فيما بيننا شعارنا لا تسامح ولا مغفرة ولا نسيان.


نحن على أبواب عام جديد (2014)، كم نحن بحاجة لمراجعة شاملة وحقيقية للأعوام الماضية نستخلص منها العبر، حتى نبني مجتمع تسود فيه العدالة و المساواة و الكرامة الإنسانية، ونضع حداً لأزماتنا الدائم منها والموسمي.

 

بقلم: باسم أبو جريّ
ناشط في مجال حقوق الإنسان