كنت سأكتب عن الأضحية في العيد، ودلالتها المعنوية، والعلاقة بين الأضحية في العيد وبين تضحية الأسرى الفلسطينيين بسنوات عمرهم في السجون الإسرائيلية، وكنت سأناشد في مقالي علماء المسلمين في قطاع غزة بأن يجتهدوا في الرأي، بحيث يوائموا بين وضع الناس المعيشي وطريقتهم المتعبة في التضحية، والتي تقوم على اشتراك كل سبعة في عجل، يتقاسمون حصص اللحم، قبل أن يقوموا بتوزيعه على الأرحام والفقراء، ومن ثم تخزين بعضه في الثلاجات لعدة أسابيع، رغم خطر انقطاع الكهرباء، واحتمال فساد اللحم.
إن الحالة الاقتصادية التي تميز سكان غزة عن بقية أرض المسلمين لتفرض على العلماء الاجتهاد في شان الأضحية، والتفتيش عن بدائل لا تنقص الشعائر حقها.
لقد توقفت عن الاسترسال في موضوع الأضحية في العيد، عندما قرأت خبراً في صحيفة معاريف يتحدث عن غضب اليهود، واحتراقهم على شرفهم الذي أريق في إحدى فنادق مدينة رام الله، واستنكارهم لممارسة الشباب الفلسطيني الجنس مع الشابات اليهوديات.
غضب اليهود على شرف اليهوديات اللائي سكرن، بعد أن شربن الجعة الفلسطينية، فضاع شرفهن اليهودي بين الرقص والطرب في أحضان الشباب الفلسطيني المتلهف لغزو اليهود، والانتصار عليهم، ولو في ساحات شرب الجعة.
والجِعَةُ لمن لا يعرفها من العرب والمسلمين هي البيرة: وهي مشروب كحولي، يشرب في أي وقت، ويعتبر من أشهر وأقدم المشروبات الكحولية في العالم، وثالث أكثر المشروبات استهلاكا بعد الماء والشاي.
لقد اجتمع الفلسطينيون المغتصبون مع اليهود الغاصبين في حفلة طرب ورقص حول كأس من الجعة، ولما سكر معظمهم سياسياً، جرت مياه الجنس في العروق، لتقدم الدليل على التعايش السلمي، والارتياح النفسي القائم على طاولة المفاوضات، وتقدم البينة العملية على أن السلام الاقتصادي الذي يطرحه نتانياهو قد وجد طريقه المفتوحة إلى قلب المفاوض الفلسطيني، الذي ترعى سلطته كل أشكال التعايش.
وللتأكيد على نجاح فكرة السلام الاقتصادي بين اليهود وبعض الفلسطينيين في الضفة الغربية، فقد تزايد عدد الفلسطينيين الذي يعملون في سوق العمل الإسرائيلي حتى وصل إلى سبعين ألف عامل، 70 ألف شاب فلسطيني يتنقلون بين المصانع وورش العمل الإسرائيلية، وهذا العدد يذكرنا بمن كان يعمل في إسرائيل قبل انتفاضة الأقصى سنة 2000.
إن غضب اليهود المتدينين من حزب شاس على شرف اليهوديات الذي طعنه الفلسطينيون في مهرجان رام الله الثالث لشرب البيرة "اكتوبر فست"، ليرجع بذاكرة الفلسطينيين إلى ما بعد هزيمة سنة 67، حين سحق جيش الدفاع الإسرائيلي قادة الجيوش العربية، وقتها نجحت بعض العاهرات اليهوديات في جذب الشباب العربي الفلسطيني لممارسة الجنس معهن على قارعة الطريق الساحلي، وذلك من خلال ارتداء ملابس المجندات اليهوديات، فكان العربي يزهو بنفسه، ويفتخر، وهو ينتقم لشرف الجيوش العربية المهزومة.
في لحظة صفاء روحي؛ قال الدكتور كمال الأسطل: لقد صدقت الثورة الفلسطينية حين رفعت شعار: ومن نصر إلى نصر، وإنها لثورة حتى النصر. فالذي كانت تقصده الثورة الفلسطينية بالنصر؛ هو الوصول إلى حي النصر في مدينة غزة، وقد وصلت فعلاً إلى حي النصر بعد التوقيع على اتفاقية اوسلو سنة 1994.