عودة إلى سفر تكوين أوسلو (2-3)

بقلم: طلال الشريف

في الجزء الأول (1-3) تحدثنا عن الأداة النضالية المناسبة لبرنامج منظمة التحرير الفلسطينية السلمي وخلصنا إلى أن الانتفاضة الشعبية السلمية وليست المقاومة هي التي أتت بأوسلو وأوسلو هو الذي أتى بهم للحكم إلى هنا كنا نسير في الطريق الصحيح ، والحكم والصراع عليه والتسلح هو الذي دمر الشعب الفلسطيني وقضيته، وهنا بدأ الخطأ فاتركوا الحكم وعودوا لانتفاضة شعبية سلمية ليس لركوبها للوصول للسلطة من جديد والتكرار الذي لا يعلم الشطار ، ولكن لإجبار اسرائيل والعالم من جديد للرضوخ لحقنا في اقامة دولتنا الحرة والديمقراطية.
في هذا الجزء الثاني(2-3) نتحدث عن منظمة التحرير الفلسطينية في سياق العنوان "عودة إلى سفر تكوين أوسلو" وما دمنا لم ننجز النتائج المتوخاه من المرحلة الانتقالية والتي من المفترض أن م.ت.ف هي الاطار الجبهوي لقيادة الشعب الفلسطيني والهيئة التمثيلية الأوسع لتمثيل الفلسطينيين عبر المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية وهي المرجعية الحقيقية والوحيدة للسلطة ذات الوظيفة الادارية للمناطق المحررة من فلسطين حسب بنود اتفاق أوسلو وأن رئيس السلطة هو بمثابة مدير عام العمليات على الأرض والمسئول أمام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وإن تشرف بتسميته رئيسا وكان على اللجنة التنفيذية مبكرا أن تدرك الخلل والهيمنة المتوقعة والتفرد الذي ظهر جليا في الجمع بين منصبي رئاسة السلطة ورئاسة اللجنة التنفيذية والذي كان له الأثر المدمر لدور اللجنة التنفيذية التي من المفترض أنها قيادة الشعب الفلسطيني ومرجعية السلطة مما أحدث تماهي خطير بين المنظمة ورئاسة السلطة وأكثر من التماهي هو التراجع لدور الهيئة القيادية العليا للشعب الفلسطيني لصالح رئاسة السلطة المؤقتة مما أحدث الخلل الأكبر في مسيرة الشعب الفلسطيني ما بعد دخول اتفاق أوسلو حيز التنفيذ وكان على الفلسطينيين ألا يوافقوا على أن يكون رئيس اللجنة التنفيذية هو رئيس السلطة لتمكين م.ت.ف من الدور المرجعي للسلطة الذي هو دور اللجنة التنفيذية، ولو كان رئيس السلطة ليس عضوا باللجنة التنفيذية لتغير ايجابيا الكثير من مجريات المرحلة السابقة والحالية، لا بأس أيضا مادامت م.ت.ف هي قيادة جبهوية للشعب الفلسطيني أن يكون رئيس اللجنة التنفيذية هو رئيس "فتح" التيار المركزي في منظمة التحرير ولكن الخطأ المضاعف أن يهبط من يقود فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية لمكانة رئيس السلطة المنصب الذي كان باستطاعة المنظمة تكليف أي شخصية فلسطينية لادارة السلطة المؤقتة لحين انتهاء عملية السلام النهائي ويكون رئيس الدولة هو رئيس، ورئيس منظمة التحرير شخص آخر، ورئيس فتح أو أي حزب قد يجمع بين منصبين بشرط ألا يكونا رئيس السلطة ورئيس اللجنة التنفيذية .
أما قضية منظمة التحرير وحالها البائس وما أدل على الخلل الكبير هي هذه الدرجة التي خضعت فيها م.ت.ف بكل تفاصيلها لرئاسة وعطاءات السلطة وأصبح دورها تشريفي وفي الظل بل والأنكى الدور الاستخدامي من قبل السلطة ورئاستها لها عند اللزوم مما أحدث ضعفا عاما في تصديها لمهماتها الأوسع من مشاكل السلطة وادارتها ما أدى بهتان دورها الحقيقي في وعي الجمهور الفلسطيني فأصبحت مجالا للتندر والمعايرة من القريب والغريب.
نقولها بصوت عال إن مسئولية التطوير والنهوض غير المتحققة إلى الآن ومنذ عقود لهذه المنظمة الكبيرة الشأن في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني تقع على الفتحاويين الذين شكلوا ويشكلون على الدوام وباستحواذ حزبي واضح على هذه المؤسسة وهم من تركوها نهشا للرتابة والفائدة الوظيفية والامتيازات التي أصبحت لا تسمن ولا تغني من جوع سوى التباهي بأن فولان عضو مجلس وطني أو مركزي أو حتى عضو لجنة تنفيذية ناهيك عن تقادم شخصياتها ومسئولياتها وكأنها أطلال لآثار قديمة تآكلت مع الزمن وخضعت لقوانين التعرية والتصحر.
إن اللجنة التنفيذية الهيئة القيادية العليا لمنظمة التحرير هي بمثابة الفريق القومي للشعب الفلسطيني ويجب أن تكون في حالة صحية جيدة ولياقة سياسية كبيرة لخوض نضال الشعب الفلسطيني في كل المحافل ولا يجوز لهذا الفريق القومي ان يضم بين أعضائه إلا أفضل اللاعبين لياقة ونشاطا ومهارات ومن تقل مهاراته يجب استبداله مباشرة بالأفضل منه كفاءة ومهارة وصحة لإحراز أهداف النصر في كل مبارزة يواجهها الشعب الفلسطيني وما أكثرها.
الخلاصة: لا يجب الرضى من شعبنا من الآن فصاعدا بأن يكون رئيس السلطة وهو بمثابة مدير عام العمليات وان سمي رئيسا أن يكون رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية وألا يستمر الجمع بين منصبي رئيس السلطة ورئيس منظمة التحرير وأن تبقى رئاسة المنظمة أكبر حجما ومكانة وتأثيرا من رئاسة السلطة الصغيرة وأن يكون الفريق القومي الفلسطيني في حالة اللياقة البدنية والسياسية وفي حالة تغيير دائم للاعبين الأكفاء الجدد وليست وظائف دائمة لمن سعى إليها وساعدته الشللية الحزبية أو هيمنات المتنفذين حسب ولاءاتهم فهذا الفريق هو أخطر مجموعة من اللاعبين بالشأن الفلسطيني الآني والمستقبلي.
16/10/2013م
تحت نفس العنوان" عودة إلى سفر تكوين أوسلو"
في الجزء الاول (1-3) تحدثت عن الأداة النضالية لبرنامج م.ت.ف ومشروعها الوطني للحل السلمي
في هذا الجزء الثاني (2-3) تحدثت عن م.ت.ف الحامل البشري والمؤسسي للمشروع الوطني
في الجزء الثالث والأخير (3-3) سأتحدث عن المفاوضات جعبة التحصيل وليست الأداة النضالية كما يتصور البعض