كأنه كتب على أبناء شعبنا الفلسطيني المنكوب ، الصابر، المُبتلى ، والمُرابط في شتى بقاع الأرض أن يدفعوا ضريبة فلسطينيتهم ، وانتماءهم لأكثر قضايا العالم والعرب والمسلمين عدالة ومظلومية وقداسة وأهمية وإنسانية ، وللقضية المركزية الرئيسة للأمة الإسلامية والعربية اينما كانوا في فلسطين المحتلة ، مصر ، سوريا، العراق ، في ليبيا العظمى !!، لبنان ، الخليج العربي ، وفي المنافي العربية والأجنبية في شتى بقاع الأرض ، ولكن الثمن الباهظ الذي يدفعه أهلنا وأحبتنا اللاجئون الفلسطينيون في سوريا لا مثيل له ، فالقتل على الهوية يطالهم يوميا بسبب الحرب المجنونة التدميرية الطاحنة ، التي تحولت الى حرب دولية يشنها أكثر من طرف دولي واقليمي ومحلي ضد سوريا الشقيقة عبر أدوات محلية وعربية واقليمية ، واصبحت سوريا موطنا لكل أجهزة وادوات الاستخبارات في العالم ، وحقلا لتجارب الأسلحة المختلفة والقتل ، لأن هذه الحرب لاتستهدف النظام السوري فقط ، إنما تستهدف سوريابكافة مكوناتها ، وبما تمثله سوريا من ثقل مركزي على مستوى التاريخ ، والجغرافيا ، والحضارة ، والموقع ، تستهدف سوريا الدولة ، سوريا الشعب ، سوريا حاضنة المقاومة الفلسطينية واللبنانية ، سوريا الماضي ، الحاضر ، والمستقبل ، سوريا الجغرافيا / سوريا الحضارة والتاريخ / سوريا التعايش المشترك والمسامحة / سوريا المركز والثقل الجيو / سياسي ، والجيو / استراتيجي ، وأصبح الاستهداف المنظم من عصابات القتل والمرتزقة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني المحاصرين من هذه العصابات في مخيمات سوريا ، احدى ابشع أشكال وصور هذه الحرب القذرة ، تنفيذا لأجندة من ارسل هذه العصابات المأجورة من المرتزقة والقتلة الى سوريا العزيزة من شتى بقاع الأرض ، وأصبح أهلنا اللاجئون في سوريا يهربون من الموت بأشكاله المختلفة في سوريا الى الموت برأ أو بحرا ، تفجيرا ، او حرقا أو غرقا ، ومن الموت داخل وعلى أبواب مخيماتهم الصابرة الشامخة ، الى الموت على ايدي عصابات الاتجار بمعاناة البشر ، والغرق في عرض المتوسط ، او في قاع المحيط الهادئ ، ونظرا لأن التضامن العربي والإسلامي هو للأسف في أبشع وأسوأ أشكاله ، فالأشفاء العرب والمسلمون يوصدون أبواب دولهم ومدنهم وحدودهم المصطنعة الوهمية ، ومطاراتهم وموانئهم ومعابرهم الحدودية في وجوه ابناء شعبنا المساكين الهاربين من القهر والعذاب والموت والقتل المنهجي والمنظم لهم في سوريا ، لذلك يضطر هؤلاء الضحايا الأبرياء المضطهدين المظلومين للتعلق بقشة عصابات الاجرام المنظم ، عصابات الاتجار بمعاناة وآلام وعذابات البشرــ وخصوصا الفلسطينيين ــ ، عصابات التآمر على شعبنا وقضيته العادلة ،وحقوقة التاريخية الثابتة والمشروعة ، وفي مقدمتها حق العودة الى وطنهم الذي طردوا منه ،هذه " المافيات الاجرامية المنظمة " التي تقدم لهم أوهام الهجرة الى اوربا او استراليا، فإن نجحوا بالهجرة فالمقصود ابعادهم عن كينونتهم الفلسطينية وانتماءهم لقضيتهم العادلة ، واسقاط حق العودة ، وان لم ينجحوا فيكون هؤلاء المجرمون حققوا احدى أهم الاهداف من وراء مخططاتهم الشيطانية ، ألا وهو قتل المزيد .. والمزيد ... والمزيد من الفلسطينيين ،وهكذا يكون الحل العملي الأقل تكلفة بالحسابات الصهيونية التآمرية لإضاعة واسقاط والغاء حق العودة ، ولقد حدثني صديق فلسطيني عزيز مازال يقيم في احد مخيمات اللجوء في سوريا ، منتظرا للشهادة في كل لحظة مع أفراد أسرته ، وهو الذي فقد بيته بالكامل في مخيم اليرموك ونجا مع اسرته باعجوبة من الموت، ، ان هذه العصابات المجرمة تتقاضي عن كل شخص ممن يرغب بركوب سفن الموت طمعا بالهجرة الى الغرب ( خمسة آلاف دولار ) ، ,اكد لي أن هناك سماسرة كثر ينتشرون في كافة انحاء المخيمات والأراضي السورية ولبنان لحث الفلسطينيين على الهجرة هربا من الموت ، ولم استغرب حينما أكد لي أن غالبية هؤلاء السماسرة هم ممن يقاتلون النظام السوري ويدمرون سوريا ، وأغلب هؤلاء السماسرة ليسوا سوريين !!!!...
ولكن هذا الصديق الغالي وغيره من الأصدقاء والأحباب في سوريا أكدوا لي بفخر وبسالة : ( سنصمد حتى النهاية ، ولن نغادر سوريا الا الى فلسطين او الى القبور ، و نحن مشاريع شهادة .. كنا ومازلنا وسنبقى ..)
والمؤلم في القصة أن حالة العجز الفلسطينية ، وأيضا العربية والإسلامية اتجاه أهلنا اللاجئين المحاصرين الصامدين في مخيمات سوريا وصلت أقصى درجات العجز ، فلم تستطع أيا من الفصائل الفلسطينية أو المؤسسات والجمعيات واللجان والهيئات الخدماتية والإغاثية الوقوف فعليا الى جانبهم ، سواء من بقي منهم في مخيمات اللجوء بسوريا ، او تهجر الى مخيمات لبنان ، ليضيفوا بؤسا فوق بؤس ، خاصة أن أخوتنا في مخيمات اللجوء بلبنان يعيشون حياة لاتليق حتى بالحيوانات ، فما بالك بالبشر ؟؟!!، أو من تمكن من الهجرة الى الدول العربية والاسلامية كمصر، او ليبيا، أو الأردن ،أو العراق ،أو تركيا ، وغيرها من الدول ، اومن تمكن بصعوبة شديدة من العودة الى قطاع غزة ....
انها معاناة تعجز كل كلمات اللغة ومفرداتها عن وصفها ، وانه عجز فلسطيني وعربي واسلامي ، لا تكفي لتبريره آلاف البيانات الفصائلية والسياسية البليغة اللغة ، الفصيحة الكلمات ، والعنترية الموقف ، وهذه المأساة والمعاناة تنذر بما هو أبشع من ذلك بكثير ، ولذك فإنني أرجو أن يعتبر فخامة الرئيس الفلسطيني الأخ محمود عباس هذا المقال المتواضع وهذا النداء بمثابة رسالة مفتوحة موجهة لفخامته برجاء التدخل الفوري لانقاذ أهلنا في المخيمات وخارج المخيمات في سوريا من الموت والضياع وحرب الإبادة المنظمة التي تشن ضدهم ، وأتوجه أيضا الى كافة الفصائل والقوى والتيارات والقيادات الفلسطينية بنفس النداء : انتبهي يامنظمة التحرير الفلسطينية ، انتبهوا يا أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة ، يا أعضاء المجلس المركزي والوطني الفلسطيني ، يا اعضاء المجلس التشريعي المنقسم على نفسه ، انتبهوا ياقادة الفصائل الفلسطينية في الداخل والخارج ، انتبهوا يا رؤساء آلاف اللجان والهيئات والمؤسسات والجمعيات والمراكز الفلسطينية انتبهوا ايها الفلسطينيون اينما كنتم ، انتبهوا يا حكومتي رام الله وغزة ، فإن ما يحدث لأخوتنا اللاجئين في سوريا حرب إبادة صهيونية / أمريكية / غربية منظمة ،و لو أن كل فصيل من الفصائل الفلسطينية تبرع لهؤلاء الأهل والأحباب بتكاليف حفلات انطلاقته التي يحيها في الوطن والشتات ، لتمكنت هذه الفصائل أن تحل لهم عددا لابأس فيه من المشاكل ، ولو أن الفصائل مجتمعة تبرعت بجزء من موازناتها ونفقاتها ونثرياتها لاستطاعت أن تفعل الكثير .. الكثير لأجلهم ، وان دماء وأرواح وعذابات هؤلاء المظلومين الذين يدفعون الى الموت دفعا ، في أعناقنا جميعا ، ومن المفروض أن كارثة استشهاد ما يزيد على مائتي فلسطيني في عرض البحر قبالة سواحل جمهورية / أو جمهوريات / او جماهيرية ليبيا العظمى التي أصبح لها أخيرا خفر سواحل ولديه المقدرة على اطلاق النار على السفن في عرض البحر، مما تسبب في غرق السفينة التي كانت تحمل هؤلاء المظلومين الأبرياء من اهلنا ، الهاربين من الموت في سوريا الى الموت في عرض وقاع البحر المتوسط ، يجب أن تجعلنا هذه الكارثة الإنسانية والمصيبة الوطنية أن نتوقف أمامها طويلا ، وأن نعمل على إيقاظ الضمير الفلسطيني الجمعي والفردي والفصائلي ، دون تصريحات عنترية ، وخطابات انشائية ، ومواقف كلامية ، وأن نضع ( خطة طوارئ واغاثة انسانية ، أخلاقية ووطنية متكاملة ) لكيفية مساعدة أهلنا في سوريا ، ومساعدة كل من تهجر منها الى الداخل الفلسطيني او الدول العربية والاسلامية ، او الدول الغربية ، ونحن كفلسطينيين في الوطن والشتات ودول اللجوء المختلفة والهجرة والاغتراب ، وبجهدنا الجماعي ، حتى لو لم يساعدنا أحد من العرب والمسلمين نستطيع أن نقدم لهم الكثير الكثير فيا لو أردنا واتفقنا على ذلك ، فهل نملك الارادة لنفعل ، أم أن بيانات النعي ، والادانة والاستنكار، والاحتجاج ، والمناشدة ، وخطابات الكلمات واللغة الخشبية والإنشائية ، والمفردات المتكررة ، ستجعلنا نقتنع ونشعر براحة الضمير ، أننا قد قمنا بواجبنا الوطني / الانساني / الأخلاقي / الإسلامي / العربي / الفلسطيني ، اتجاه الجرائم المنهجية المنظمة بالقتل العمد والإبادة لعائلات فلسطينية بأكملها في عرض البحر، او داخل مخيماتهم في سوريا ؟؟؟
ونكون بهكذا بيانات عنترية عبقرية ، ومواقف انشائية ، واحتجاجات عرمرمية ، قد وضعنا حدا نهائيا ، لقتل وذبح ، وتشتيت ، وتمزيق ، ومعاناة وعذابات وحصارات اهلنا في سوريا ، ولكل من يفكر بالتلاعب بمصير وأرواح الأبرياء من هؤلاء البائسين الذين يفرون من الموت في سوريا ، الى الموت غرقا في قاع البحر ؟؟؟؟
أيها الفلسطينيون أينما كنتم ، في الوطن ، أم في مخيمات المنافي والشتات ، أم في السجون الشقيقة ، ام في عرض البحر ، وتيه المحيطات ، أيها الفلسطينيون القابضون على جمر الإرادة ، والتحدي ، القابضون على المستحيل ، التائهون في الفيافي والبحار والمحيطات ، وفي الصحاري العربية وغير العربية ، في المدن الكبيرة ، والمخيمات التي نصبوها لكم فخاخا وسجونا على الحدود ، أيها الفلسطينيون المعذبون المتألمون النازفون دما وحزنا وقهرا وعذابات لاتنتهي ، إن دم كل فلسطيني قتل في سوريا هو في عنق كل مسئول عربي و اسلامي و إقليمي ودولي شارك في مؤامرة تفتيت سوريا وتدميرها حفاظا على أمن واستقرار وتفوق الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا وحقنا ووطننا ، وكذلك هو في عنق كل فصيل ، وكل مسئول فلسطيني لم يتحرك من أجل انقاذ أرواح أهلنا وشعبنا وأخوتنا وأخواتنا وأمهاتنا وبناتنا وأبنائنا وأحبابنا في سوريا ومخيماتها ، ووضع حد لمؤامرة القتل المنهجي المنظم والمتواصل ، وكذلك مؤامرة التهجير المنظمة لهم ، لأن القتلة أرادوا من وراء ذلك وضعهم أمام خيارين لا ثالت لهما ، اما القتل في سوريا ، او الهجرة نحو الغرب ، لملاقاة المصير المحتوم ، إما غربة حتى الأبد وتدمير الكينونة الفلسطينية والنسيج الفلسطيني ، أو القتل غرقا ، فالخيار واحد القتل أو القتل ، والفارق الوحيد ، هو حرية اختيار وسيلة القتل !!!
وان ما يحدث لأهلنا في سوريا هو برسم الضمير الدولي الغائب دوما ، وبرسم المنظمات الدولية ، برسم الغرب والولايات المتحدة ، والعدو الصهيوني ، برسم بعضا من المحيط والاسلامي والاقليمي بسوريا ، خاصة أن المؤامرة الدولية / الغربية / الصهيونية / الإقليمية على سوريا ، هي بالأساس مؤامرة على فلسطين ، وبسبب فلسطين ،والقضية الفلسطينية ، وضد حاضر ومستقبل فلسطين ..
لذلك فقد بات من المهم والمصيري أن يدفعنا هذا الأمر على المستوى الفلسطيني للتوحد ، وتحقيق المصالحة الشاملة ، وطي صفحة الإنقسام الأسود ، وأن نضع جميعا أيدينا في ايدي بعضنا ، من اجل انقاذ أهلنا في سوريا ، وانقاذ قضيتنا الفلسطينية من الضياع ، خصوصا أننا نمر في أصعب وأسوأ حالة سياسية فلسطينية ، وتحديات وتهديدات العدو لنا وللمسجد الآقصى المبارك ولحقوقنا التاريخية والمشروعة ، ولثوابتنا الوطنية تزداد كل لحظة .
ـــ ولا نملك في الختام إلا أن نترحم على الأرواح الطاهرة البريئة التي أزهقت ، وأن نسأل الله العلي القدير أن يتغمدها برحمته الوارفة ، , وان يسكنهم فسيح جناته ، ونسأله تعالى أن يكون سندا وعونا لأهلنا وأخوتنا في سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة ، وكل أماكن الشتات الفلسطيني ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وانا لله وانا إليه راجعون ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[email protected]