تشير الاحداث الميدانية التي استجدت على قطاع غزة مؤخرا بعد اكتشاف الاحتلال الاسرائيلي نفق يتبع للمقاومة الفلسطينية ، بارتفاع وتيرة التوغلات الاسرائيلية على الحدود مع قطاع غزة ، فيما يرافق ذلك تحريض اعلامي واسع ضد المقاومة الفلسطينية ، ودخل جهاز "الشاباك" على الخط من خلال تحريض المواطنين الغزيين عبر الاتصال على ارقام هواتفهم الشخصية ، والطلب منهم الابلاغ عن اماكن تواجد الانفاق التي تتبع للمقاومة وعدم التعاون مع حركة حماس ، كما يواصل الاحتلال تشديد الحصار واعادت استنساخه من جديد بقيامه بمنع دخول مواد البناء للقطاع .
هاني حبيب المحلل والكاتب السياسي يرى، ان "اسرائيل سوف تلجأ الى عمليات عسكرية محدودة ومتفرقة في قطاع غزة وعمليات اغتيالات للمقاومين ، بغيت ترك القطاع في حالة غير مستقرة ، وستكتفي بالتحريض الاعلامي على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية ، دون ان تدخل في عملية واسعة بالقطاع ."
لن تدخل في عملية واسعة..
ويوضح حبيب في حديث لـ " وكالة قدس نت للأنباء " ، " ان اسرائيل لن تدخل في عملية واسعة ضد قطاع غزة ، نتيجة الانشغال الدولي في ملفات اخري، منها الملف الايراني والسوري " ، ويعتقد حبيب ، بانه في هذه الآونة بالذات ليس في مصلحة إسرائيل توجيه عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة .
ويشير حبيب " الى ان تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد قطاع غزة ، من شأنه ان يعيد ترتيب الملفات الأمنية بالمنطقة ويضع غزة تحت الضوء ، وهذا ليس في مصلحة اسرائيل ، لكن اسرائيل تدرك ان حالة الهدوء مع قطاع غزة لا يعني هدوء مطلق ، وتعلم ان المقاومة الفلسطينية تقوم بعملية تطوير لنفسها بالاعداد والتجهيز ".
الجدير بالذكر ان توغلات قوات الاحتلال ارتفعت وتيرتها على حدود قطاع غزة ، منذ ان تم اكتشاف النفق الذي يتبع للمقاومة الفلسطينية ، وقد افاد شهود عيان صباح اليوم ، لمراسل " وكالة قدس نت للأنباء " ، ان عدداً من الجيبات العسكرية الإسرائيلية مصحوبة بدبابات وجرافات توغلوا داخل أراضي المواطنين، الواقعة شرق منقطة دير البلح وسط القطاع مع اطلاق نار كثيف صوب منازل وممتلكات المواطنين، دون ان يبلغ عن وقوع اصابات..
عملية اغتيالات محدودة..
من جانبه يرى القارئ السياسي اسعد ابو شرخ ، ان اسرائيل تقوم بحملة نفسية واعلامية واسعة ، داخليا وخارجيا ، لتستميل بعض القلوب الضعيفة للتعامل معها لتضيق على قطاع غزة وتخوف الناس من عملية عسكرية ضد القطاع .
ويقول ابو شرخ في حديث لـ "وكالة قدس نت للأنباء " ، " انا لا اعتقد ان الظروف الدولية تسمح بعدوان واسع ضد القطاع ، لكن اسرائيل ستواصل عملية التحريض ، ويمكن ان تقوم بعملية اغتيالات محدودة اذا استطاعت ان تتعرف على هوية من قاموا بحفر نفق المقاومة الذي تم اكتشافه ".
وتابع " اسرائيل باتت تحسب الف حساب، قبل القيام بأي عمل عسكري ضد القطاع ، وتتجنب اي رد من المقاومة الفلسطينية التي اثبتت في حرب الايام الثمانية الاخيرة ، انها قادرة ان تصيب اهداف اسرائيلية في عمق الاحتلال ".
واضاف " منذ تلك الحرب ، اثبتت المقاومة ان لديها إعداد وتجهيز حار ، ولديها بنك معلومات واستخبارات جيدة ، وسلاح جيد ، وتعد نفسها على جميع المستويات بما يمكنها من توجه ضربات موجعة للاحتلال ، وان تجعل الشعب الفلسطيني دائما يلتف حولها ".
وفي اطار عملية التحريض التي يقوم بها الاحتلال ، لجأ الاحتلال قبل يومين ، بالاتصال على أرقام الهواتف والجوالات في قطاع غزة من رقم خاص ، حيث مارس التحريض على المقاومة الفلسطينية خاصة على خلفية النفق الأخير الذي تم كشفه شرق خان يونس جنوب القطاع.
ويوكد فلسطينيون تلقيهم مكالمات تبث رسالة إسرائيلية مسجلة تحرض على حركة حماس بعد اكتشاف نفق المقاومة الأخير في خان يونس.
وتقول رسالة جيش الاحتلال: "إلى سكان قطاع غزة: جيش الدفاع يحذركم من الانصياع لأوامر حماس الإرهابية والاقتراب منهم، واعلموا أن حركة حماس تنفق ملايين الدولارات على الأنفاق التي تؤدي إلى أعمال عدائية وإرهابية على دولة إسرائيل، ابتعدوا عنهم واعلموا أن هذه الأموال من حقكم وكان يجب أن تنفق في مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة. هذه الأموال من حق سكان قطاع غزة الأبرياء العزل والتي تقودهم حماس إلى المجهول. قيادة جيش الدفاع الإسرائيلي".
توافق اسرائيلي مصري..
بدوره اعتبر كمال علاونة المحلل السياسي ، ان "هناك توافق اسرائيلي مصري بدعم من الولايات المتحدة الامريكية ، بتوجيه ضربة عسكرية محدودة لقطاع غزة ، وتأتى هذه الضربة بسبب نقمة المستوطنين الإسرائيليين بعد اكتشاف نفق المقاومة الذي يصل من قطاع غزة الى مستوطنة العين الثالثة القريبة من القطاع" .
واضاف علاونة في حديث لـ "وكالة قدس نت للأنباء " ، ان الضربة العسكرية المحدودة يمكن ان تقتصر على ضربات جوية ومن البحر لأماكن اقتصادية وحيوية داخل قطاع غزة وتدمير للبنية التحتية للمقاومة الفلسطينية ، والهدف انتزاع حالت الرعب والغضب التي يعيشها المستوطنين ، بعد الفشل الامني والهزيمة النفسية التي اصابت الاحتلال بعد اكتشاف النفق ."
واردف قائلا " هناك حالة تهويل وتحريض اعلامي من قبل اسرائيل بخصوص اكتشاف النفق الذي يعد فشل امني لجيش الاحتلال ، وهذا يعطي اشارة ان الاحتلال يجهز لعملية عسكرية محدودة ضد القطاع ".
وتابع علاونة " هناك حالة من الاعداد والتجهيز تعيشها المقاومة الفلسطينية ، وتجهيز بنك معلومات اسرائيلية لضربها بحال تعرض قطاع غزة لاعتداء ، والمقاومة اثبتت وجودها وقدرتها على الرد في حرب الايام الثمانية الاخيرة ، وتعمل وفق استراتيجية توازن الرعب ".
جاهزية المقاومة للرد..
كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس التي تبنت رسميا المسؤولية عن حفر النفق المكشف شرق خان يونس اكدت على لسان الناطق الاعلامي باسمها جاهزية المقاومة والقسام للرد على اي عدوان اسرائيلي ضد قطاع غزة قائلا " نطمئن شعبنا أننا في حالة دائمة من الاستعداد والجهاد ".
وقال ابو عبيدة في حديث لإذاعة "صوت الأقصى" المحلية, أن "كتائب القسام هي من حفرت النفق, وهي صاحبة اليد في ذلك وتعمل بكل جهدها فوق وتحت الأرض لأنها في معركة متواصلة مع الاحتلال ولن تتوقف إلا بتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني".
وجدد أبو عبيدة عهد كتائب القسام, بالثبات على مبادئها والتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني والأسرى في سجون الاحتلال, وعدم إلقاء السلاح حتى تحريرهم, مشيرا إلى أن "أسر الجنود هو الطريق الوحيد الذي أثبت نجاحته مع الاحتلال".
وشدد أبو عبيدة على قدرة المقاومة الفلسطينية "تحقيق المفاجآت وضرب العدو من حيث لا يتوقع, وهذا ما أثبتته المقاومة"، وقال" كتائب القسام تخوض حرب من نوع خاص مع الاحتلال, تتبلور بها التكتيكات من حيث العداد والعدة, وتختلف من مرحلة لأخرى, والكتائب تطور دوما من إمكانياتها وقدراتها, بحيث تُفاجئ الاحتلال".
وحول تكتيك كتائب القسام في معركتها مع الاحتلال, أكد أن الكتائب, تعمل انطلاقا من مصالح الشعب الفلسطيني, مضيفاً:" تتم إدارة المعركة مع الاحتلال وفقاً لمصالح الشعب الفلسطيني, والشعوب الطامحة للحرية, قادرة على بذل الكثير, والمقاومة لديها نفس طويل للصمود حتى النصر".
وكان جيش الاحتلال الاسرائيلي ، قد اعلن قبل ما يقارب الاسبوعين اكتشاف نفق للمقاومة شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ويصل إلى كيبوتس "العين الثالثة" داخل اسرائيل.
وعلى اثر ذلك قال وزير الجيش الاسرائيلي موشيه يعلون في بيان ان " اكتشاف النفق اتاح منع محاولات لإيذاء مدنيين اسرائيليين يعيشون قرب الحدود"، محملا حركة حماس المسؤولية حفر هذا النفق " مضيفا " امرت نهاية الاسبوع بوقف نقل مواد البناء لقطاع غزة ".
فيما توعد افيخاي أدرعي المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بالقول " سوف نواصل نشاطاتنا الحازمة لإلحاق الضرر بالبنية التحتية لحماس والتي تهدد امن دولة اسرائيل."
ويذكر ان اخر عملية عسكرية قام بها الاحتلال الاسرائيلي ضد قطاع غزة في 14 نوفمبر 2012م ،اطلق عليها (عامود السحاب ) والتي بدأت باغتيال أحمد الجعبري رئيس اركان كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس ، وردت عليها الفصائل الفلسطينية بعملية (حجارة السجيل)، واستمرت العملية العسكرية لمدة ثمانية ايام متواصلة .