أسباب ومسببات ضبابية وتضارب المواقف من عقد مؤتمر جنيف 2 بالشأن السوري

بقلم: علي ابوحبله

يبدوا أن حلفاء أمريكا الإقليميين يحاولون وضع العراقيل أمام إمكانية عقد مؤتمر جنيف 2 ، خاصة وان هذه الدول تستشعر خسارتها وفقدانها لثقلها الدولي والإقليمي نتيجة خسرانها للحرب على سوريا ، بعض الدول الاقليميه على رأسها السعودية وهي تستشعر بإمكانية خسرانها لموقعها الإقليمي بفعل خسارتها للحرب على سوريا ، حيث أقدم البعض على اتخاذ خطوات تصعيديه ضد سياسة الرئيس الأمريكي اوباما ، المملكة العربية السعودية بخطوة غير مسبوقة برفضها لعضوية مجلس الأمن الغير دائمة مبررة ذلك باحتجاجها على السياسة الامريكيه الخارجية المتسمة بمكيالين حسب تعبير بيان الخارجية السعودية وموقف أمريكا من القضية السورية وإحجامها عن توجيه الضربة العسكرية ضد سوريا مما دفع الأمير بندر بن سلطان للتصريح عبر ألصحافه الامريكيه أن رغبة السعودية بتقليص تعاونها مع أمريكا ومن توثيق تحالفاتها مع دول أخرى دون التنسيق مع المخابرات الامريكيه بخصوص تسليح المجموعات المسلحة نتيجة مواقفها من ألازمه السورية ، وان هناك امتعاض سعودي من عملية التقارب من إيران ، هناك رغبة سعوديه تركية قطريه لجهة وضع العراقيل أمام انعقاد مؤتمر جنيف 2 ، وذلك بهدف الإبقاء على الصراع على سوريا واستمرار أعمال القتال مما يعرض الشعب السوري لاستمرارية القتل والمعاناة ويتفاقم حجم المعاناة في حال استمرت أعمال القتل والتدمير للبنى التحتية السورية ، حلفاء أمريكا سارعوا لأجل عقد مؤتمر لما يسمى أصدقاء سوريا ضمن محاولات التغلب على مظاهر الانقسام والتفكك الذي تعاني منه المعارضة السورية حيث فشلت لغاية الآن جميع الجهود الدولية والاقليميه لتوحيد المعارضة السورية لتضم وفد واحد لمؤتمر جنيف 2.

 

لقد أيقنت تلك الدول حجم مخاطر ومخاسر ما تتعرض له مصالحهما في المنطقة بفعل الانقسام في المعارضة السورية وتفاقم الخلافات في صفوفها ، وان انتصار القوى الاسلاميه المتشددة على قوى الاعتدال داخل المعارضة السورية يشكل إحراج للقوى الداعمة لهذه المعارضة ، وأصبح بحكم اليقين عدم تمكن الائتلاف السوري ليصبح الممثل الوحيد للمعارضة السورية ، إن عقد مؤتمر ما يسمى أصدقاء سوريا في العاصمة البريطانية لندن الذي ضم احد عشر بلدا عربيا وغربيا من مجموعة ما يسمى أصدقاء سوريا.

 

في هذا الاجتماع الذي استمر يوما واحدا وعقد في قصر لانكستر القريب من قصر باكنغهام ، هذا الاجتماع يأتي استكمالا للقاءات باريس وقد ضم الاجتماع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا وتركيا والسعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن ، وقد تمثلت المعارضة عبر رئيس الائتلاف السوري احمد الجربا ، وقد ظهر الخلاف جليا في صفوف الائتلاف السوري ، في حين أن الائتلاف الوطني السوري ابلغ عزمه عن المشاركة في مؤتمر جنيف 2 فان المجلس الوطني السوري الذي يعتبر ابرز مكونات الائتلاف المعارض أشار إلى معارضته للمؤتمر والمشاركة فيه ، تسعى الدول الحاضنة للمعارضة السورية حتى مطلع تشرين الثاني نوفمبر لحل الخلافات في صفوف المعارضة أملا في توحيدها وتوحيد صفوفها لعقد مؤتمر جنيف 2 خلال الشهر نفسه.

 

وقد شدد هيج في كلمته أمام المؤتمر بالقول نلتقي لتشجيعهم على تبني موقف موحد وتشجيعهم على المضي قدما بمحادثات السلام في جنيف لتفادي حمام الدم والتحدث كسوريين بحسب قوله ، أما المتحدث باسم الخارجية الفرنسية أكد من جهته أن الهدف من اجتماع لندن الثلاثاء هو التحدث بشكل أكثر تفصيلا بشان معايير انتقاليه حقيقية في سوريا والتي لا يمكن فيها للرئيس بشار الأسد لعب أي دور ، هذا ويؤكد رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا أن أي عملية انتقاليه تتطلب أولا وقف المعارك في حين تطالب المعارضة السورية المتمثلة في الائتلاف السوري بإدراج بند تنحي الرئيس بشار الأسد على جدول الأعمال.

 

 هذه المواقف والاشتراطات تتعارض مع ما تم التوصل إليه من توافق بين أمريكا وروسيا بشان عقد مؤتمر جنيف بدون شروط مسبقة وبدون التعرض أصلا لوضعية الرئيس السوري بشار الأسد ودون أي ذكر لموضوع ترشحه من عدمه ، هذا الاتفاق الروسي الأمريكي جعل الولايات المتحدة الامريكيه تعيش التناقض في مواقفها وتصريحاتها لأجل إرضاء حلفائها ، وتصريحات جون كيري تعبر عن حقيقة الضبابية والتناقض الذي عليه السياسة الخارجية الامريكيه مما يفقدها لمصداقيتها ، وهذا ما دفع الرئيس السوري بشار الأسد عبر قناة الميادين وفي اللقاء الصحفي الذي جمعه مع غسان بن جدو ليعلن عن رغبته في الترشح للرئاسة السورية في الانتخابات المقبلة معربا عن ذلك بأنها قناعته الشخصية وهي مشروطة في قبول الشعب السوري من عدمه لهذا الترشح.

 

 هذا الموقف جاء ليبدد حقيقية تلك الاشتراطات للمعارضة السورية وتعارضها مع جوهر وحقيقة التوافق الذي تم التوصل إليه بين الأمريكيين والروس ، وردا على سؤال عما إذا كان مؤتمر جنيف -2 سينعقد أجاب الرئيس الأسد لا يوجد موعد ولا يوجد عوامل تساعد على انعقاده إلا إذا أردنا أن ينجح ، ومما يؤكد التضارب في المواقف ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعد لقائه وزير الخارجية القطري خالد بن محمد آل عطيه ، لا اعرف احد يعتقد أن المعارضة ستوافق على أن يشارك بشار الأسد في الحكومة وأضاف لقد قصف سكان بلاده وسممهم بالغاز كيف يمكن لهذا الرجل شرعيا أن يطالب بالرئاسة مستقبلا ، إن التحضيرات لمؤتمر جنيف تأتي بعد صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يقضي بتفكيك الترسانة الكيمائية بعد موافقة الحكومة السورية على ذلك وانضمامها لمعاهدة حظر انتشار السلاح الكيماوي ، وقد عزز هذا التطور التوافق الأمريكي الروسي.

 

إن الصراع بين المعارضة السورية يدفع المعارضة السورية وخاصة تلك المنضوية تحت الأجنحة المختلفة لدول الإقليم مما يحول دون اتفاق المعارضة السورية تبعا لولائها ولمصالح من تتبع من تلك الدول الاقليميه ، التي تعمل من اجل الحيلولة دون انعقاد مؤتمر جنيف ، وان هذه الدول تسعى لإيجاد المبررات والعراقيل التي تحول دون انعقاد مؤتمر جنيف ، إن الاختلاف في الرؤى والتوجهات بين معارضة الداخل والخارج يحول دون التوصل لاتفاق يوحد المعارضة خاصة بين قوى الائتلاف السوري وهيئة التنسيق التي ترفض الانضواء تحت مظلة الائتلاف ، إن قوى الائتلاف السوري وهي ترفع من سقف مطالبها التي تطالب بشرط عدم ترشح الرئيس الدكتور بشار الأسد تدرك أنها لا تملك الاراده الشعبية ولا قوة التأثير الشعبي في تحقيق مطالبها وهي في هذا تبقي على تضارب مواقفها بتضارب مشغليها ، أمريكا التي تقف موقف لا تحسد عليه بفعل مواقفها مما تسبب في تلك التصريحات والمواقف الضبابية ضمن محاولات إرضاء للأطراف التابعة والموالية في مواقفها وسياستها لأمريكا.

 

إن ضبابية وتضارب المواقف من عقد مؤتمر جنيف قد تحول دون انعقاد لمؤتمر جنيف 2 ، وان أي انعقاد لمؤتمر جنيف 2 لن ينعقد بالشروط الامريكيه ولا بالشروط البريطانية الفرنسية ، وان الدول التابعة والمنفذة للسياسة الامريكيه الغربية وهي تحاول وضع العصا في دواليب انعقاد مؤتمر جنيف ضمن مسعى تحسين شروط انعقاد المؤتمر بما يضمن تحقيق مصالح تلك الدول التي وجدت نفسها في حاله تخسر لمصالحها ولثقلها الإقليمي بفعل تغير القوى على الأرض مما يدفعها لمحاولات تصعيد الصراع على سوريا ومحصلة ذلك هو خسران تلك الدول لمصالحها بنتيجة التوافق الأمريكي الروسي ومبدأ القبول لدى أمريكا لإعادة اقتسام مناطق النفوذ والمصالح بينهما.

 

إن ضبابية وتضارب التصريحات إن هي إلا نتيجة الإرباك الذي أصبحت عليه السياسة الامريكيه الغربية في ظل ثوابت السياسة الروسية والصينية التي تمضي قدما نحو تجسيد مصالحها ضمن سياسة التغير في موازين القوى الاقليميه والدولية