أسباب وأبعاد الصراع في طرابلس وانعكاسه على المعادلة اللبنانية

بقلم: علي ابوحبله

على لبنان أن ينأى بنفسه عن ألازمه السورية ، وان سياسة الناي بالنفس تتطلب موقف فعلي وجدي من كافة القوى الرسمية والحزبية ، الناي بالنفس التي يدعي بعض اللبنانيين التزامها وخاصة الموقف الرسمي هي سياسة لفظيه وابعد ما تكون عن واقع ما يعايشه لبنان بنتيجة انعكاس ألازمه السورية على المكون اللبناني ، فريق الرابع عشر من آذار منغمس في أحداث سوريا وهو يشكل حاضنه للمجموعات المسلحة السورية وغير السورية وتصريحات قادة الرابع عشر من آذار جميعها تدعوا للتدخل العسكري الخارجي في الشأن السوري ولا يخفى على احد دور عقاب صقر في دعمه للمجموعات المسلحة عبر تركيا وموقف قيادات قوى الرابع عشر من آذار وتصريحاتهم المناوئة لسوريا ، كما أن قوى الثامن من آذار لا تخفي تعاطفها وتعاضدها ووقوفها إلى جانب ألدوله السورية ورفضها لأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية السورية وان حزب يشارك إلى جانب الجيش السوري في مواجهة المجموعات المسلحة ضمن مبررات حماية المقاومة وخطوط الإمداد للمقاومة وحماية اللبنانيين في البقاع اللبناني وبعض المناطق السورية مما تعرضوا ويتعرضون له من استهداف من قبل المجموعات المسلحة ، شكل تدخل حزب الله في معركة القصير ارتباك للدول الداعمة للمجموعات المسلحة ضد ألدوله السورية ، مما دفع بالسعودية وقطر وتركيا لشن هجومها وغضبها على حزب الله ودفع السعودية لاستصدار قرار من خلال مجلس التعاون الخليجي لمقاطعة حزب الله واعتباره منظمة إرهابيه ، ضمن المعادلة الاقليميه للصراع الذي تشهده سوريا وضمن ما تشهده العلاقة السعودية الامريكيه من توتر نتيجة ما اتخذته أمريكا من موقف أدى للتوافق مع روسيا لعقد مؤتمر جنيف 2 وعزوف إدارة اوباما عن توجيه ضربه عسكريه لسوريا بفعل الاتفاق على تدمير السلاح الكيماوي السوري وانضمام سوريا لمعاهدة حظر انتشار السلاح الكيماوي ، هذا الموقف الأمريكي تجاه ما تشهده سوريا من تحولات تقود إلى عقد مؤتمر جنيف2 ضمن مسعى أمريكي روسي لحل ألازمه السورية عبر الحوار مع استتبع ذلك من موقف أمريكي يدفع باتجاه الحوار مع إيران ، الامر الذي اعتبرته السعودية موقفا عدائيا يطال مصالحها الاقليميه ، إن لبنان يدفع ضريبة تلك المواقف حيث أن بعض القوى تدفع باتجاه تصعيد الأحداث الامنيه في لبنان ضمن محاولات العمل من اجل عرقلة عقد مؤتمر جنيف 2 أو على الأقل تأجيل انعقاد المؤتمر لغايات تحقيق مصالح إقليميه تؤدي لتغيير الواقع على الأرض السورية في ظل ما يحققه الجيش العربي السوري من تقدم حيث تخسر المعارضة المسلحة أمام تقدم الجيش العربي السوري ما يؤدي إلى أن تخسر القوى الداعمة للمجموعات المسلحة لثقلها ووجودها الإقليمي وهذا ما يدفع بهذه القوى لإشعال جبهة طرابلس اللبنانية ، مصادر معنية بالوضع اللبناني تعرب عن توجسها من أن تكون دورة الاشتباكات الجديدة في طرابلس انعكاس لاحتقانات إقليميه متصاعدة تحكم الوضع في لبنان وتشكل طرابلس المنطقة الامنيه الجاهزة في أي لحظة لإشعالها وهناك ما يثير الريبة حول اندلاع الموجة الجديدة من العنف عقب اكتشاف مفجري المسجدين في المدينة ، وتكاثر الكلام عن معركة محتمله في القلمون في سوريا امتدادا إلى الحدود اللبنانية من جهة أخرى ، الاشتباكات المتجددة في مدينة طرابلس شمالي لبنان تطرح تساؤلات عن المدى الذي أصبحت فيه الساحة اللبنانية وتحديدا طرابلس ساحة صراع إقليمي ، يبدوا أن الجولة الاخيره من موجات العنف شملت أجزاء واسعة من طرابلس ويبدوا أن هناك استعصاء من قبل الجيش اللبناني بالسيطرة عليها وان هناك فشل في تنفيذ ألخطه الامنيه نتيجة تلك المعادلات والصراعات التي لم تعد تخفى على احد ، وهذا ما يؤكد بوجود مخطط يستهدف طرابلس ، يبدوا بحسب محللين وسياسيين لبنانيين أن الأوضاع في لبنان تتجه نحو مزيد من الاحتقان بالترافق مع ما يجري من مستجدات في سوريا حيث يتخوف اللبنانيين من تحول طرابلس كقاعدة للمتشددين وخاصة القاعدة وجبهة ألنصره وفتح الإسلام وقوى أخرى ، وهناك مراجع لبنانيه تؤكد بوجود عناصر من الجيش السوري الحر في مناطق معروفه بلبنان وبأعداد كبيره ، إن وجود هكذا عناصر ومن قوى مختلفة حيث يتخوف اللبنانيين من استدراج إقليمي ودولي ليصبح لبنان ساحة صراع تبدأ من طرابلس وتدهم بيروت العاصمة ، وما يتخوف منه اللبنانيين أن يصبح لبنان مسرح صراع دولي شبيه بالحالة العراقية والافغانيه واليمنية وغيرها مما يشهده العالم العربي والإسلامي ،لا شك أن أحداث طرابلس مرتبطة بحقيقة ما يجري في سوريا ، وان هناك تخوف حقيقي لان يصبح لبنان ساحة صراع دولي وإقليمي ضمن عملية التغيير في موازين القوى ، لا شك أن هناك من يدفع بهذا الصراع ليعم لبنان ضمن عملية إعادة خلط الأوراق بعد تيقن بعض دول الإقليم لخسارتها المحققة في عملية الصراع على سوريا ، على لبنان واللبنانيين التنبه لخطورة ما يحاك ضد لبنان خاصة وان هناك من يحاول أن يجعل من لبنان قاعدة وحاضنه لبعض القوى ضمن محاولات التغيير في موازين القوى لتحسين شروط التفاوض وهذا بحد ذاته لن يحقق للبنانيين جميعا أية منفعة وفائدة من هذه المحاولات ، ولا بد للبنانيين جميعا أن يدفعوا عن أنفسهم من مغبة إغراقهم بصراع قد يبدأ ولا ينتهي وهذا ما يتطلب بإبعاد لبنان عن هذا الصراع الذي يدفع البعض بلبنان ليكون ضحيته وتضحية لمصالح لا تخدم سوى أولئك الذين يدفعون بلبنان للوقوع في شرك الفتنه ، إن أسباب ومسببات الصراع في طرابلس واضحة ومعادلتها لا لبس فيها ولا بد من تفويت ألفرصه على أعداء لبنان لان يقع لبنان بهذه الفتنه وتجنيبه للمؤامرة التي أصبحت تستهدفه وتستهدف جميع مكوناته ضمن محاولة إعادة خلط الأوراق.