....... أم الأسير كريم يونس عميد الأسرى ابن عارة في المثلث رحلت،وهي تمني نفسها بأن تقر عينيها برؤيته وضمه إلى صدرها قبل ان تغادر الى دار الحق،وكذلك هي ام الأسير المقدسي ياسين أبو خضير من شعفاط بالقدس،وزوجة الأسير وليد دقة من باقة الغربية في الداخل الفلسطيني،ما زالت تنظر زوجها وتحلم بحفل زفافهما وغيرهن/م من امهات وأباء أسرانا الأبطال في سجون الإحتلال من أسرى القدس والداخل الفلسطيني- 48 - ،هؤلاء الأسرى هم ضحايا اوسلو بإمتياز،الذين تخلى عنهم المفاوض الفلسطيني طواعية،حيث رضخ لشروط الإحتلال بإعتبارهم اسرائيليين لكونهم في الداخل الفلسطيني يحملون الجنسية الإسرائيلية قسراً،وفي القدس يحملون الهوية الإسرائيلية قسراً ايضاً.
هؤلاء لم يجري إطلاق سراحهم في دفعات الإفراجات الخاصة بإتفاق اوسلو أو من خلال ما يسميه الإحتلال ببوادر حسن النية،وحتى في صفقة الوفاء للأحرار الأخيرة،اسيرات شعبنا الفلسطيني من الداخل الفلسطيني- 48 -،لم يطلق سراحهن.
أتذكر يا رفيقي ياسين أبو خضير،عندما كنا في سجن عسقلان في 2001،وكنا في غرفة 22 نلعب الدمينو،عندما توقفت عن اللعب،واخذت تحكي لي بمرارة كيف ان الكثير من الأنظمة في العالم سقطت وتغيرت قياداتها،والعديد من القادة العرب والعالمين رحلوا،وانت ما زلت في السجن،والمقطع الأكثر تأثيراً في حديثك،عندما قلت لي كيف أنك في اكثر من مرة،نادى السجن على كل الساكنين من المناضلين في غرفتك للإفراج عنهم من خلال إتفاقيات أوسلو،ولتبقي انت وحيداً في الغرفة،وكذلك حال إخوتك ورفاقك من أسرى الداخل والقدس،ولتقول لي قولوا للسلطة ولفصائلنا،كما قال نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني للعرب أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان والمقاومة في تموز 2006 "والله إننا عرب أقحاح"،قولوا لهم إننا مناضلون،وهم جاؤوا على اكتافنا ونضالاتنا وتضحياتنا،إننا لسنا بحشاشين ولا سارقين ولا مغتصبين،قولوا لهم إننا فلسطينيين أقحاح وجوهر البرنامج الوطني الفلسطيني وأساس هذا الصراع(اللاجئين والقدس)،وانت تعرف كم مرة ضغط علينا الإحتلال،لكي نتبرأ من فصائلنا وقيادتنا،ولكننا كنا نعض على نواجذنا ونقبض على مبادئنا كالقابض على الجمر،ولم نفقد لا البوصلة ولا الإتجاه،ولكن لا نخفيكم سراً بأننا بدانا نفقد الثقة بكم سلطة وفصائل،فمن غير المعقول ومن العار عليكم،تركنا في سجون الإحتلال واكياسه الحجرية،لكي نتحول من شهداء مع وقف التنفيذ إلى شهداء فعليين،فنحن من طول المدة خلف القضبان وفي عتمه غرف السجن ورطوبه جدرانه وعفنه،وكل إجراءات قمع السجان،وما يرافقها من ذل ومهانة لنا ولأهلنا ولعائلتنا،نخرت الأمراض أجسادنا،وأصبحت أجساد البعض منا مجمعاً لأمراض مزمنة،يتلذذ السجان على معانياتنا وألآمنا،حتى ان البعض منا تمنا لو انه إستشهد،ولم يسبب هذه المعاناة لأهله وأسرته.
أه يا رفيقي صالح أبو مخ،وانت قد نخر مرض السكري جسدك،وجلب لك العديد من الأمراض الأخرى،عندما قلت لي في سجن شطه في 2002،وانت تدخل عامك الإعتقالي السابع عشر،في ذروة حالة إنفعال وقهر وسخط،فليقطعوا عضوي الذكري،ويجعلوني اتنفس هواء الحرية،فنحن رفيقي اوسلو كان وبالاً ودماراً علينا،دمر الكثير من قيمنا الإعتقالية،وجعل اليأس والإحباط وحالة فقدان الثقة تتسرب الى داخلنا.
نحن يا رفيق لا نريد ان نحملك فوق طاقتك،ولكن أوسلو خذلنا وقياداتنا خذلتنا،فنحن لم يطلق سراحنا لا في إفراجات اوسلو ولا بما يسمى بوادر حسن النية ولا حتى صفقات التبادل،نعاني خذلاناً مستمراً فلا تغضب،كنا نعيش على أمل ان يطلق سراحنا،في صفقات تبادل،نخرج فيها مكللين بأكاليل الغار،رافعين رؤوسنا كأبطال حررتهم مقاومتهم،وتقام لنا أعراس النصر،ومع إنسداد هذا الأفق قلنا لا بأس في هذا الزمن الرديء والمرحلة الحراشية،لو خرجنا في عمليات الإفراجات المرتبطة بالمفاوضات،ولكن حتى من خلال هذه النافذة لم يجري إطلاق سراحنا.
ونفس المعاناة والألم والسخط،عبر عنها عميد الأسرى المناضل كريم يونس في رسالة وجهها قبل عامين للجنة المركزية لحركة فتح ،وانا اتخيل أخي ورفيق دربي المناضل كريم يونس في ساحة النزهة"الفورة" وهو الإنسان المعروف بهدوئه وطول باله وبرودة أعصابه وصبره ،عندما يفقد أعصابه وينفجر كالبركان الثائر والبحر الهائج،كم يختزن من الألم والقهر والسخط في داخله،ليفيض ويطفح به الكيل،ويمطر القيادة بسيل من التساؤلات المشروعة والتي لم تجب عليها حتى اللحظة الراهنة من طراز"الى متى سيبقى هذا الوفاء باتجاه واحد؟ومن بعد ذلك تزداد أسئلة كريم حدة وقساوة فتجد أن كريم فقد أعصابه وخرج عن طوره،وليشن على القيادة هجوماً ونقداً لاذعاً وغير مسبوق،ولكنه مشروع ومبرر عندما يقول للقيادة""والى متى سيبقى هذا الوفاء لقيادة لا تعرف الوفاء ونلمس تجاهلها ونسيانها وإهمالها؟ ومن ثم يتوجه للقيادة ممثلة باللجنة المركزية والمجلس الثوري والقائد العام بالقول"أليس من حقنا أن نتساءل بعد عشرين عاماً من المفاوضات الفاشلة والعبثية والاتفاقيات الزائفة،لماذا تم نسيان الأسرى؟ولماذا تم الدوس على آلامهم ومعاناتهم"؟
أسرانا من القدس والداخل الفلسطيني من عمداء وجنرالات صبر،انتم جزء صميمي من هذه الحركة الأسيرة،وانتم أحد ركائزها ودعائمها الهامة والأساسية،وانتم حفظة وصونة مشروعنا الوطني،إستمروا في الصمود والثبات ودق جدران الخزان،فموعدكم مع فجر الحرية قادم لا محالة،من حقكم ان تعروا وتفضحوا كل من خذلكم او تآمر عليكم،ولكن أبقوا كما انتم مناضلين أشداء.