لم تتوقع دولة "الإحتلال الإسرائيلي" أن يقوم جناح عسكري لحركة مقاومة فلسطينية من نقل الصراع معه إلى داخل أرضه، فإسرائيل على مدى تاريخها الإجرامي منذ تأسيس منظماتها الارهابية(هاشومير والهاجاناه والأرغون)، وقيامها بالمجازر ضد القرى الفلسطينية؛ وحتى بعد انشائها عام 1948م، وتأسيس جيشها الإرهابي كانت دائماً هي المبادرة بالإجرام والهجوم وقتل الابرياء.
فمنذ قيام الحركة الصهيونية بالاجتماع لأول مرة في مؤتمر بازل عام 1897م والاتفاق على انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وهي تقوم بعمليات قتل وتشريد واعتداء على المواطنين خارج حدودها وعلى أرض غير أرضها.
فمنذ حرب النكبة عام 1948م، حتى حرب حجارة السجيل عام 2012م، تكون "دولة إسرائيل"المبادرة بشن عدوانها الغادر وبدون وجه حق على السكان الآمنين، ولكن الاستراتيجية العسكرية الجديدة لرجال المقاومة تغيرت في الآونة الأخيرة وخاصة بعد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في أعظم صفقة تبادل للأسرى على مدار التاريخ الفلسطيني، فالقسام ومن خلفه فصائل المقاومة الفلسطينية فرضت معادلة جديدة في المواجهة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي - ونفق خان يونس أكبر دليل-.
فلو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً وتذكرنا خطاب القسام الاخير الذي فرض فيه استراتيجية مواجهة جديدة مع العدو الصهيوني والذي خالف كل التوقعات، فالبيان كما هو معروف كان من المفترض أن يتناول حجم الخسائر في صفوف العدو وكيفية ادارة المعركة من قبل رجال المقاومة ونسبة النجاح وكمية الفشل؛ ولكن هذه المرة فُرضت معادلة جديدة في آلية إدارة المعركة وظهرت متغيرات جديدة وهي(حصار غزة) والذي اشتد بعد شهر تموز/يوليو الأخير.
فالمقاومة الفلسطينية بذلك ترسل رسائل عدة من وراء ذلك الخطاب وهي على النحو التالي:-
أولاً: رسالة إلى أهل غزة: بأن المقاومة لم تنسى سكان غزة الذي وقف مع المقاومة منذ بداية المحنة بعد فوز حركة حماس في انتخابات 2006م، وفرض الحصار الظالم على كامل قطاع غزة.
ثانياً: رسالة إلى الاشقاء في الشطر الثاني من الوطن: بأن حكومة حماس –حكومة المقاومة-لم تضع في استراتيجيتها التمسك في الحكم وإن كان الهدف منه تحرير كامل التراب الفلسطيني عن طريق احتضان المقاومة وأن السبيل لتحير الارض لا يأتي بالمفاوضات العبثية.
ثالثاً: رسالة الى العدو الصهيوني: بأن المقاومة لم تنسى اسراها وان عودة الارض وتحرير المقدسات لا يأتي إلا بالمقاومة، وان الهدنة التي يحلم بها العدو الصهيوني لا تتحقق بسهولة أي (الهدنة مقابل وقف التصعيد) كما كان يحلم بل (الهدنة مقابل عودة الارض لأصحابها ودحر الاحتلال الى حيث أتى).
رابعاً: رسالة إلى الأشقاء في مصر: بأن المقاومة لم تضع في استراتيجيتها التدخل في الشأن الداخلي المصري وان هدفها هو دحر الاحتلال وتحرير المقدسات وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وأنها لو ارادت ان تتدخل في شأن الدول العربية لفعلت ذلك في سوريا ولبنان وخاصة ان المناخ هناك يساعد على ذلك.
وأخيراً: نذكر بان مقاومة المحتل الغاصب لا تحتاج الى إذن من أحد وأن إعداد المقاومة لإستراتيجيتها الجديدة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني الصابر والمتجذر في ارضه نابع من روح الوطنية التي تتمتع بها القيادة الفلسطينية الحكيمة والتي تدير الحكم في قطاع غزة منذ عام 2006، والتي لا ترضى لشعب غزة العودة بالحصار الى المربع الاول.
رفح في 07/11/2013م
استاذ العلوم السياسية المساعد
جامعتي الأمة وفلسطين
أ.د. كمال محمد الشاعر