نحن نقف اليوم امام موضوع له أهميّة بالغة ، وهو الواقع التي تعيشه مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية حيث تعاني حالة الانهيار وهذا بكل تأكيد سيؤثر في حقيقته إلى انهيار الكيان المعنوي للشعب الفلسطيني , وكل ذلك يعود الى عدم تعزيز الشراكة الوطنية الحقيقية اضافة الى حالة ترهل هذه المؤسسات وعدم تحسين أدائها في خدمة الشعب الفلسطيني، لما تمثله من موقع وطني جامع ، وهذا يتطلب تجديد واقع المؤسسات الفلسطينية التي يجب على القيادة الفلسطينية أن يحظى بأولوية اهتماماتها.
إن تطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية اصبح مطلب هام وحيوي للشعب الفلسطيني ، وهذا يستدعي تطوير وتعزيز دور الاتحادات الشعبية الفلسطينية ، وخاصة الإتحاد العام للعمال الفلسطينيين ، والهلال الاحمر الفلسطيني ، والاتحاد العام لطلبة فلسطين ، الإتحاد العام للصحفيين والكتاب الفلسطينيين ، الإتحاد العام للمرأة الفلسطينية ، الإتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين ، والإتحادات الرياضية والكشفية والشبيبة وغيرها من الإتحادات الفلسطينيه ، اضافة الى دائرة الشؤون الاجتماعية التي ترعى الخدمات الاجتماعية الواجب تقديمها لجماهير الشعب العربي الفلسطيني في جميع أماكن تجمعاته، والإشراف على رعاية أسر شهداء وجرحى الثورة الفلسطينية من خلال تخصيص الاعتمادات المالية من رواتب ومساعدات شهرية، اضافة الى دعم المشاريع التي تعنى بالشؤون الاجتماعية للمرأة الفلسطينية، والاعتناء بالتجمعات الفلسطينية المحتاجة
وفي هذا الاطار ان اللجان الشعبية الفلسطينية هي اللجان التي تهتم بالشأن الاجتماعي للمخيمات حيث كان الهدف من وراء تشكيلها خلق جسم سياسي تمثيلي للاجئين باعتبار أن هذا الجسم موجود فعلاً ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، بمقدار ما كان هدفها يتمحور بالمحافظة علي جوهر قضية اللاجئين بالدفاع عن حق العودة ، وهذا اللجان يغيب اليوم عنها عقد المؤتمرات الشعبية التي من خلالها تبقي عيون اللاجئين مفتوحة باتجاه البوصله الحقيقية في نضالهم من اجل حق العودة إلي ديارهم وممتلكاتهم ، والتعويض أيضاً عما أصابهم من ضرر طوال فترة اللجوء والحرمان ، وهذا يتطلب التأكيد على الشراكة الوطنية في اللجان الشعبية بشكل جدي وحقيقي وانتخاب مممثليها من قبل الشعب ، وبذل كل ما هو ممكن لتنسيق عملها وتطوير دورها ، وحتى تتمكن من مواصلة نضاله في صيانة وتحصين واقع المخيمات على مستوى الخدمات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي يجب أن يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون ، وخاصة الخدمات الطبية والصحية التي لم تتوفر في المستوصفات والعيادات ،مما يضطرهم إلى طلب العون من الجمعيات الأهلية وحتى إلى التسول في بعض الأحيان من اجل الحصول على العناية الطبية بسبب عدم توفر الامكانيات اللازمة في الهلال الاحمر الفلسطيني ، اضافة الى تقليص الاونروا لخدماتها ، حيث أصبحت الخدمات والرعاية الصحية في أدنى مستوياتها.
ان الفلسطينيين الذين قدموا التضحيات من الشهداء والأسرى عبر عمر الثورة الثورة الفلسطينية يقفون بارتباك حقيقي ودهشة ما بعدها دهشة، وهم يرون ان البعض من القيادات يذخر الاموال ويعالج في افخم المستشفيات ويرتدي أرقى الأزياء ويشتري افخم الشقق والفيلات ، اضافة انه يحمل جنسية اخرى وهو ليس بحاجة الى شيئ ، بينما المناضلين الذين قدموا اغلى ما يملكون لا يحصلون على رتبة ولا مساعدة ، بل يأتي تقيمهم بدرجات متفاوتة من قبل الادارة المركزية ، وحتى ان اعتمادهم ليس بالتاريخ الذي انتموا اليه بالثورة، حيث اصبح المناضل الفلسطيني والعربي الذي قدم الغالي والنفيس لهذه الثورة امام حسرة تخنقه وهو يسأل لماذا وصلت الثورة الى هذا الحد ، فاين العدالة، واين مكافحة الفساد ، ولماذا لم يسأل البعض عن ارصدته المالية ، ومن اين لك هذا.
ان منظمة التحرير الفلسطينية ، باعتبارها حركة تحرر وطني، تضع استراتيجيات مواجهة ونضال، تشترك فيه أوسع الفئات الاجتماعية، من اجل حماية المشروع الوطني الفلسطيني، من حيث كونه مشروعا تحرريا، يهدف إلى إنهاء الاحتلال، ويتضمن حق العودة، وتقرير المصير، بالإضافة إلى الدفاع عن الحقوق الفردية والجماعية للشعب الفلسطيني في فلسطين وفي الشتات.
لهذا نقف امام التحدي الكبير الذي لا بد من تحقيقه، من خلال إيجاد الأدوات القادرة على إعادة البناء، والتركيز على جوهر العمل الديمقراطي بما يضمن الوقوف امام ما تعانيه مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والعمل من اجل توفير الشراكة السياسيه والعمل على تسوية اوضاع المناضلين في فصائل الثورة ، وتوفير الفرص والخدمات، والعمل من اجل تعزيز حرية التعبير، وحرية وسائل الإعلام.
ان غياب الشباب الفلسطيني عن الحضور، واقتصار المشاركة، على ممثلي الفصائل والجمعيات الأهلية العاملة في الوسط الفلسطيني، يؤكد ان البعض يتجاهل غياب الصوت الثالث المستقل، الذي يحمل موقفا مغايرا للقوى والفصائل الفلسطينية والجمعيات الاهلية ، وهذا ينطلب منا الوقوف امام معرفة رأي الشباب فيه، والبناء عليه، ليس من قبل المراكز الابحاث فحسب، بل من قبل القادة السياسيين، وصانعي السياسات، والاستماع الواعي إلى الأسباب التي تمنعهم من المشاركة السياسية ، ثم تحديد مسؤولية على من تقع عملية تهميشهم، وبالتالي غيابهم، والبحث في الوسائل التي تضمن المشاركة، إذا اردنا أن نبني مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية حقا وان لا يكون اللون الواحد المسيطر عليها ، أو نرمم ما يجب ترميمه، ونصنع مستقبلا أفضل لفلسطين، وللفلسطينيين، أينما وجدوا.
ان منظمة التحرير الفلسطينية عبرت عن الهوية الوطنية الفلسطينية التي كانت معرضة للتبديد، و أخرجت الشعب الفلسطيني من حالة اللجوء والوصاية واليأس والإحباط وجعلت القضية الفلسطينية قضية شعب يناضل من اجل الحرية والاستقلال والعودة .
ان الحفاظ على المنجزات الوطنية وأبراز دور منظمة التحرير الفلسطينية، دون المحسوبيات الذي يسعى البعض اليه بهدف الوصول إلى المراكز القيادية ، يهدد بتدمير طموحات ومصالح الشعب الفلسطيني ، فتطوير المنظمة يكون عبر تفعيل وتطوير عمل مؤسساتها وليس عبر هدمها ، حتى تستمر في دورها الحقيقي في تمثيل الشعب الفلسطيني .