اتفاق جنيف حول النووي الإيراني - خسرت إسرائيل وربح أعداؤها !!!

بقلم: السيد بركة

منذ سقوط الشاه وانتصار الإسلام في طهران-12/فبراير/1979م وإيران محل جدل ونقاش متعاظمان على مدار الساعة ، حول طبيعة الدور الايرانى الجديد من حيث الوجهه والاصطفاف ، وهل هذا الدور في المحصلة سيصب لصالح العرب والمسلمين كما كانت شعارات الثورة تبشر ،لا بل لصالح المستضعفين في الأرض وفي العالم ، أم هذا الدور الجديد سيكون على حساب العرب والمسلمين ومن ثم بالضرورة يصب في مصلحة إسرائيل وأمريكا ؟!

إن المراقب بموضوعية يستطيع أن يسجل لإيران أن علاقتها مع أمريكا على مدار مايزيد عن ثلاثة عقود  بدأت باحتلال السفارة الأمريكية في طهران باعتبارها وكرا للتجسس واحتجاز الرهائن لمدة444يومآ وختمت بالعقوبات الاقتصادية التي كان رفعها تدريجيا جزءا أساسيا من اتفاق جنيف2013م الأخير ،مرورا بالطبع بحرب العراق ضد إيران لمدة ثماني سنوات بالوكالة عن الأمريكان وحلفائهم في المنطقة .

أما إسرائيل فإيران الإسلام التي منحت سفارة إسرائيل لفلسطين ووضعت إمكاناتها لتملأ الفراغ الذي تركته مصر كامب ديفيد ، علاوة على تبنيها لخيار المقاومة ضد إسرائيل في لبنان وفلسطين ، ومن ثم ارتبطت كافة الانتصارات الحقيقية التي أنجزت ضد إسرائيل بهذا الدعم والتبني والاحتضان .

بدءا من الانسحاب الجزئي من جنوب لبنان عام 1985م مرورا بانتفاضة الحجارة 1987 م ، وانسحاب إسرائيل أو بالأحرى فرارها من لبنان في 25/5/2000م ، وتفجير انتفاضة الأقصى في 28/9/2000م ، وانسحاب إسرائيل أحادى الجانب من قطاع غزة أيار 2005م إلى انتصار تموز العظيم 2006م وليس انتهاء بمعركة الفرقان2008م وحجارة السجيل2013م .

كل هذا الصمود والانجازات في لبنان وفلسطين ما كانت لتكون كما كانت عليه لولا إرادة المقاومة لدى الفلسطينيين واللبنانيين واحتضان ودعم وتبنى الجمهورية الإسلامية للمقاومة في لبنان وفلسطين

أما بالنسبة لعلاقة إيران بخصوم كل من إسرائيل وأمريكا فمن الواضح لأي مراقب أن إيران طورت علاقات ممتازة ومتنامية سياسية واقتصادية مع أغلب دول أمريكا اللاتينية ، وأغلب دول أسيا ، وحرصت طوال الوقت على علاقات مميزة مع الصين وروسيا ، بمعنى آخر كانت من أهم الروافد والروافع السياسية الإقليمية والعالمية لصالح إضعاف قطبية أمريكا والذهاب إلى ما يمكن تسميته بتوازن الأقطاب بدلا من سياسة القطب الواحد ، ولعل المغالبة على أرض سوريا والمغالبة حول النووي الايرانى أبرز شاهدين على تراجع فكرة القطب الواحد لصالح توازن الأقطاب .

بعد هذه المقدمة نستطيع أن نقدم  جردة حساب لمن يمتلك عقلا وليس لديه عقدة الدونية تجاه الكبار وتجاه الأقوياء :-

1- إيران التي وقعت اتفاق حنيف مع 5+1(أي مجلس الأمن وهم أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين) والواحد هي ألمانيا ، هي إيران التي كانت أمريكا تعتبرها محور ( محور الشر )

إذن إيران لم تنكسر ، ولم يسقط نظامها السياسي ، ولا يزال الشعب الايرانى سيد نفسه وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في سياسة بلده .

2- لازالت الديمقراطية الإيرانية تسير بانتظام نحو مزيد من تراكم التجارب والخبرات ، وبالتالي تزداد رسوخا وتطورا رغم كل التدخلات الخارجية المحمومة .

3- لا زالت إيران أهم حليف لفلسطين وللمقاومة من جهة وأبغض عدو لإسرائيل وعملائها من جهة أخرى .

4- لازالت إيران ملهمة لكثير من أحرار العالم من خلال ثباتها وانتصارها على كل محاولات إجهاض تجربتها التحررية الرائدة التي أثبتت أن الإرادة الحرة للشعوب لا يمكن لقوة على وجه الأرض أن تقهرها خصوصا إذا وجدت هذه الإرادة  القيادة المستنيرة والمخلصة لهوية الشعوب وتطلعاتها المصيرية

5- أخيرا نستطيع أن نسجل لإيران انتصارا اقليميآ ودوليا من خلال اتفاق جنيف الأخير2013م ، لأنها وبعد معركة عالمية مفتوحة على مدار ما يزيد من ثلاثة عقود من الزمن ، وخصوصا العقد الأخير الذي كان محوره النووي الايرانى ، استطاعت وبفضل دبلوماسية ( صانع السجاد) الذي لاينقطع نفسه ، ولا ينفذ صبره ، أن تنتزع اعترافا ومكانة دوليتين بحجمها وبنفوذها وبمشروعية تطلعاتها وأنها بعد هذه المغالبة والمكاسرة والتحدي غير المسبوق الذي وقفت فيه شامخة أمام القوى العالمية العظمى وهى 5+1 ، وأجبرتها على احترام إرادتها وحقها المشروع في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية وبالتالي أن توقع معها على اتفاق تاريخي ، أطلق عليه نتنياهو أنه خطآ تاريخي وعبرت دبلوماسية إسرائيل وإعلامها أن إيران حققت كل ما تريد دون أن تتنازل عن شي حتى قال نتنياهو :"أن العالم بات أكثر خطورة في ظل الاتفاق" وعلق أحدهم قائلا ( لقد أكلت إسرائيل السمك الفاسد وطردت من المدينة ) لذلك يمكن إيجاز ما نود الوصول إليه كخلاصة في النقاط التالية :-

أ-  أصبح لدينا بدلا من (5+1) (5+2) وهذا ما ستثبته الأيام بإذن الله اى 5+ ألمانيا وإيران .

ب- خسرت إسرائيل وربح أعداؤها بامتياز .

ج- نحن أمام توازن الأقطاب وليس سياسة القطب الواحد .

د- على العرب والمسلمين والأحرار في العالم أن ينظروا بإيجابية لهذا الاتفاق ولمكانة إيران حتى تكون كما كانت عونا لهم ويكونوا عونا لها لاستكمال مراحل هذه المغالبة والمكاسرة التي يؤمل أن تسجل لصالح السلام والأمن العالميين على حساب تجار السلاح والدم والحروب وعلى رأسهم اسرائيل .

هـ - أخيرا آمل أن يخرج العرب من عقدة الدونية وعقدة الأجنبي ويتحلوا بالعقلانية والبصيرة والشجاعة ويفتحوا  صفحة جديدة مع إيران قائمة على الندية الكريمة والتعاون الأخوي بحكم الأخوة والجوار حتى لا يسجل التاريخ أنهم وضعوا كل قمحهم في طاحونة الأعداء وتحديدا طاحونة إسرائيل

 وأخيرا هنيئا لدبلوماسية وسيكولوجية صانع السجاد.

 

السيد بركة

غزة فلسطين